بيروت /هل بات لبنان في دائرة «العين الحمراء» الخليجية بعدما ظل طوال سنوات وسنوات «الطفل المدلل» لدول الخليج التي اعانته على حروبه الكثيرة والطويلة، واحتضنت مئات الالاف من بنيه الذين فروا من هذه الحروب وقبلها من ضيق ذات اليد في أريافه ومدنه الصغيرة؟
جملة تطورات في الايام الاخيرة عكست ضيقا خليجيا من سياسة «بعض الاطراف» اللبنانية تجاه سورية لانها تؤدي بلبنان الى الابتعاد عن سياسة «النأي بالنفس» التي أعلن اعتمادها ازاء الازمة السورية، آخرها رد رئيس وزراء وزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم امس على وزير خارجية لبنان عدنان منصور الذي دعا الى اعادة تفعيل عضوية سورية المعلقة في الجامعة العربية، مشيرا الى فشل الجامعة في حل الازمة السورية.
وقال الشيخ بن جاسم خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة امس ان العرب كانوا يريدون حل الازمة السورية داخل بيتهم الا ان بشار الاسد هو الذي رفض الاستجابة، قائلا ان «بشار اليوم يقصف شعبه بصواريخ سكود».
وجاء ذلك غداة ايفاد دول مجلس التعاون الخليجي الأمين العام للمجلس عبد اللطيف الزياني إلى بيروت لإبلاغ الرئيس ميشال سليمان رسالة حازمة بضرورة «الالتزام قولاً وفعلاً بإعلان بعبدا وسياسة النأي بالنفس عما يجري في سورية».
وكان الزياني قد صرح بعد لقائه الرئيس سليمان مع سفراء المملكة العربية السعودية والكويت والامارات العربية وقطر وسلطنة عمان انه بناء على تكليف من المجلس الوزاري لمجلس التعاون نقل «قلقا بالغا من مواقف لبنان الأخيرة وبعض الأطراف اللبنانيين من الأوضاع في سورية، والتي لا تعكس سياسة النأي بالنفس التي أعلن لبنان التزامه اياها».
واضاف ان «دول مجلس التعاون، من واقع حرصها واهتمامها بلبنان وشعبه الشقيق، تأمل أن يبادر المسؤولون اللبنانيون الى تفادي كل ما من شأنه أن يعرّض أمن واستقرار لبنان للخطر، أو يؤثر على مصالح وسلامة الشعب اللبناني الشقيق».
وكشفت تقارير في بيروت أن لهجة الرسالة التي جملها الزياني «كانت أقوى مما ورد في بيان المكتب الاعلامي في رئاسة الجمهورية، وتضمنت موقفاً صريحاً يتعلق بالمخاطر التي تهدد العلاقات اللبنانية – الخليجية، والمصالح اللبنانية في دول الخليج، بما في ذلك أوضاع نحو نصف مليون لبناني في دول مجلس التعاون الخليجي، تهدد مصالحهم سياسات «حزب الله» والاحزاب والجماعات الموالية لسورية.
في هذا الوقت، هاجم الرئيس السابق للحكومة اللبنانية زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري بعنف حكومة الرئيس نجيب ميقاتي والوزير منصور معتبراً ان دعوة الاخير الى فك تجميد عضوية النظام السوري في الجامعة العربية «هي الخلاصة الحقيقية للدور القبيح الذي تقارب من خلاله الحكومة اللبنانية الاحداث الدموية في سورية».
وسأل الحريري في بيان له: «اين حكومة لبنان من الخطاب الذي ألقاه باسمها وزير الخارجية في اجتماع الجامعة العربية؟ هل نحن امام وزير يتحدث فعلا باسم الجمهورية اللبنانية ورئيسها، باسم الحكومة ورئيسها، ام نحن امام وزير خارجية ايران، او في احسن تقدير امام وزير ينفذ اوامر جهة سياسية تُمسك بزمام الامر الحكومي وتفرض على لبنان مواقف لا وظيفة لها سوى الإساءة لعلاقات لبنان وتعريض المصلحة الوطنية لمخاطر جسيمة؟».
وأضاف: «لقد وجد النظام السوري مَن ينطق باسمه على منبر الجامعة العربية، ووزير خارجية لبنان، تولى تنفيذ هذا التكليف الاسود، الذي يتنافى مع أبسط قواعد التضامن العربي ويطيح كل الادعاءات المتعلقة بسياسة النأي بالنفس».
وفي اطار احتواء تداعيات الاستياء الخليجي، باشر وفد من قوى 14 آذار امس جولة على سفراء دول مجلس التعاون الخليجي في بيروت بدءاً بسفيريْ السعودية علي عواض عسيري والكويت عبد العال القناعي.
وأوضح الوفد، الذي ضم النواب مروان حمادة وجمال الجراح وإيلي ماروني وجوزف معلوف ومسؤول العلاقات الخارجية في حزب «القوات اللبنانية» بيار بو عاصي أنه «ناقش مع السفيرين السعودي والكويتي التطورات على الساحتين اللبنانية والعربية، فندّدنا بتنكر البعض من القوى السياسية اللبنانية لجهود ودعم دول الخليج للبنان على مدى العقود الماضية، ولذلك طلبنا من السفيرين عدم تحميل لبنان واللبنانيين المقيمين والعاملين في دول الخليج مسؤولية التصرفات والمواقف غير المسؤولة التي يقوم بها «حزب الله» ورئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب العماد ميشال عون والمتمثلة بالمشاركة في القتال في سورية والتهجم على الدول التي ساندت لبنان أيام محنته وساهمت في إعادة إعمار لبنان خصوصا بعد حرب يوليو 2006 من دون تمييز طائفي أو مذهبي».
واشار الوفد الى انه بحث مع السفيرين في «زيادة الدعم المادي والإنساني للاجئين السوريين إلى لبنان نظرا لعدم قدرة لبنان على تحمل أعباء هذا النزوح الكبير. كما ناقشنا النتائج السلبية على المستويين السياسي والاقتصادي اللبناني التي جاءت على خلفية تدخل «حزب الله» وحلفائه العسكري في الحرب السورية أو دعمهم للنظام السوري، ما يؤثر على الوجود اللبناني في دول الخليج ويساهم في توتير علاقات لبنان العربية – الدولية».
الرأي الكويتية.