غزة– الحياة الجديدة- أكرم اللوح- على وقع أنغام العود، وترانيم الأغاني الوطنية الفلسطينية، تجمع أكثر من 25 فنانا تشكيليا في قاعة المركز الثقافي الفرنسي في مدينة غزة، لإحياء حلم مطار غزة الدولي، ليستنهضوا أحلام وآمال آلاف الشباب في قطاع غزة، والذين يعانون من إجراءات السفر المعقدة عبر المعابر والليالي الطويلة التي يقضونها للتنقل إما للدراسة أو للعلاج أو زيارة أقربائهم.
تقول خولة فارس العشي إحدى الفنانات المشاركات في المعرض:” لقد كانت فكرة هذا المعرض ناتجة عن نقاش بسيط بين شابين، الأول كان يخبر زميله بأن والده كان أحد العاملين في مطار غزة الدولي قبل تدميره، ولكن ردة فعل الثاني المستغربة بوجود مطار في قطاع غزة، كان الدافع وراء إنشاء هذا المعرض”. وبدأ بناء مطار غزة الدولي في نهاية شهر يناير من عام 1996، عندما قرر الرئيس الراحل ياسر عرفات وضع حجر الأساس لهذا الصرح الوطني، وتم افتتاحه في عام 1998، ليقع على مساحة 2350 دونما، ويقع في محافظة رفح جنوب قطاع غزة.
وتوضح العشي أن العمل في إنجاز هذا المعرض مر بعدة فترات زمنية كانت أولاها زيارة ميدانية لكثير من الفنانين التشكيليين لأرضية المطار، قائلة:” زرنا المكان مرتين، وعندما دخلنا أرضية المطار لم نكن نتوقع ما شاهدناه من دمار وركام، كنا نأمل برؤية صالة استقبال المسافرين، ومدرجات المطار، وشعرنا حينها بأن أحلامنا فعلا هي التي أصبحت ركاما”.
تضيف العشي: “زرنا المطار مرتين واستمعنا لشهادات مواطنين عملوا في الخطوط الجوية الفلسطينية، وعرفنا كيف كان المطار وآلية عمله، وأيقنا بأن أحلامنا التي نعيشها الآن، كانت فعلا حقيقة في السابق، ونأمل أن نُعيد إحياء هذا الحلم من جديد”.
يحتوي المعرض على 35 لوحة فنية وعشرة أعمال تركيبية، عبرت جميعها عن مشاعر مختلفة ممزوجة بالغضب والطموح والآمال والآلام نتيجة ضياع هذا الحلم، الذي جسدته السلطة الوطنية الفلسطينية واقعا لأجيال عايشته وتمكنت من مغادرة وطنها بكرامة وعز.
وصمم المطار بشكل يمكنه من استقبال الطائرات الضخمة من نوع بوينج 747، ويشتمل على صالة رئيسية مساحتها أربعة آلاف متر مربع، تستوعب أكثر من 750 ألف مسافر في عام الواحد مع إمكانية التوسعة، وقد صممت المنشآت كلوحة معمارية وفق الطراز العربي الإسلامي المستوحى من أبنية القدس القديمة.
وتختم العشي حديثها قائلة: “لوحاتي حملت غضبا كبيرا على ضياع هذا الحلم، فكانت ثلاث لوحات متصلة، حتى أنني مزقت إحدى اللوحات المكتملة، وذلك لحجم الألم الذي ملأني خلال رؤيتي لمشاهد دمار هذا المعلم الوطني.
الفنانة التشكيلية مي الشاعر شاركت في معرض مطار غزة الدولي من خلال عمل تركيبي، يتكون من قاعدة لعبة شطرنج اعتبرتها بمثابة أرضية للمطار، ومحاطة بأسلاك صفراء اللون للدلالة على الجريمة التي ارتكبت بحق شعبنا في تدمير الاحتلال لهذا المطار”.
وتضمن العمل التركيبي أيضا مجسما لطائرة تربض على أرضية المطار، وبرج مراقبة يشبه علبة سجائر تعبيرا عن حالة الترف واللامبالاة للمجرمين الذين اتخذوا قرارا بقصف وتدمير المطار..
وتتمنى العشي والشاعر بأن يأتي اليوم الذي نشهد فيه إعادة بناء مطار غزة الدولي والذي يسمى الآن مطار الشهيد ياسر عرفات، لتصبح أحلام آلاف الشباب حقيقة، ويملكون حرية التنقل والسفر والانفتاح على العالم الخارجي.