قال لينين حول تقرير المصير ” إننا نطالب بحرية تقرير المصير أي الاستقلال ، بمعنى حرية الانفصال للشعوب المضطهدة ، لا لأننا كنا نحلم بالتجزئة الاقتصادية ولا بنموذج الدول الصغيرة بل على العكس لأننا نرغب في دول كبيرة وفي تقارب الامم وحتى اندماجها ولكن على أرضية ديمقراطية ” .
إن الوعي القومي هو حالة اجتماعية شاملة وهو دائرة طبقية من القيم والثقافة اي ان الطبقات المختلفة في المجتمع الواحد تكون ذات مصالح متباينة ومتعارضة ويبقى الامر متعلقا بمفهوم الامة ومفهوم القومية ، فالأمة هي جماعة ثابتة من الناس تجمعها وحدة اللغة والأرض والثقافة ووحدة الخصائص النفسية كوحدة الآلام والآمال والمصالح الاقتصادية ، أما القومية بحسب ماركس فهي جماعة من الناس تتميز فيما بينها اللغة وسمات الثقافة والطبع وبوعي الانتماء الاثني ، اي هناك ما هو مشترك بين مفهومي الامة والقومية ألا وهو الارض واللغة.
أما مرحلة التحرر القومي نحو الاستقلال تشكل عنصرا هاما في تكوين الوعي الذاتي القومي لدى الشعوب وقد يحدث التلاحم القومي بين الاثنيات المتعددة في مرحلة التحرير ، إن تقارب السمات الثقافية حدث مثلا في اثناء الفتوحات الاسلامية حينما تضامن المسيحيون العرب مع جيش الفتح الاسلامي ضد الروم وكما جرى في تركيا بتلاحم الاكراد والأتراك ضد تدخل الدول الكبرى واليونان في تركيا على اساس من الاخوّة الدينية والأرض المشتركة والوطن المشترك بين الاكراد والأتراك.
وكما جرى من تلاحم بين العرب والأكراد ابان الثورة ضد الاحتلال الفرنسي لسوريا في النصف الاول من القرن الماضي بحيث تلاحم الشعبان وجميع طوائف الشعب السوري في المعارك ضد المحتل والغازي الفرنسي ، إن البرجوازية ترى الامة كوليد للوعي القومي كما تحاول البرجوازية والرأسمالية تصوير الازمة في سوريا الحالية فهي تحاول تغيير مسار الحراك السلمي من اجل الاصلاح في كافة المجالات الى حرب طائفية وإلهاء الشعب السوري في اقتتال اخوي ليصب في نهاية المطاف لتخريب سوريا الوطن.
ان ما يحدث هو محاولة اعداء الشعب السوري الى ابعاد الاساس المادي لنشوء الوعي القومي بينما النظرية المادية ترى بأن الوعي القومي هو نتيجة عوامل مادية ووعي المرء يكمن في الانتماء القومي الذي يضعف لدى الوعي الطبقي ، وبحسب ماركس في نشوء الامة فانه لا يجوز ان ينسب المرء الى نفس الامة أناسا من قومية واحدة ليس لها ارض مشتركة مثلا. ( ماركس – الوعي الذاتي القومي ) ، ويرى ماركس ان الشعب كله يجب ان ينضوي ضمن لواء سلطة واحدة حتى يستحق لقب أمة.
أما لينين فيرى بأن الرأسمالية تشكل الركيزة الاساسية للأمة ومن اركانها الدولة القومية والسوق الداخلية واللغة الواحدة وهو ما يناسب المصالح الرأسمالية ولهذا قال لينين ” كان من المتعذر الانتقال من الاقطاعية الى الرأسمالية بدون الافكار القومية ولينين لا يقصد الايديولوجية القومية بل تلك الافكار التي تذلل الطريق نحو الرأسمالية.
ان لينين يميز بين الايديولوجية القومية البرجوازية المتعصبة والمتسترة على الاستغلال الامبريالي وبين ايديولوجية التحرر القومي التي هي ذات مضمون واقعي وتحرري وطبقي.
اعتقد بأنه لا يجوز الخلط بين الايديولجيتين مطلقا ، إن السمات القومية لكل شعب لا يجب ان تتحول الى سمات من العنصرية والشوفينية بل يجب تطوير تلك السمات نحو الاخوة والتقارب والوحدة .
لينين الذي يعتبر منظر الماركسية في العهد الامبريالي قال ” في كل مجتمع هناك قوميتان، قومية الشرعية البرجوازية وقومية الطبقة العاملة رغم ان الدول القومية كانت مرحلة ضرورية في تطور الرأسمالية التي شوهت المفهوم الواقعي للوعي القومي.لقد رأى ماركس ان الوعي القومي لا يكفي لتكوين أمة ما لم تتوفر الظروف الموضوعية لتشكيل أمة، فهناك ظروف ومصالح اقتصادية قد تدفع الى تبديل الوعي القومي وتغيير ولاء الشعب الى الالتجاء الى أمة أخرى كما يحاول الغرب والامبريالية العالمية بتكالب أنظمة العربان الى رفع وتر الطائفية لما يجري في سوريا. الشعب السوري واعٍ قوميا وثقافيا ولا اعتقد بأنه سينجر وراء شعارات “تحرير” سوريا من العلويين أو غيرهم! الوعي القومي الواقعي هو شرط من شروط تكوين الامة في اتجاه وعي تقدمي وعلمي.