جبهة النضال الشعبي الفلسطيني حزب وطني ديمقراطي يناضل إلى جانب مختلف فصائل الحركة الوطنية الفلسطينية، في الوطن والشتات من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره بنفسه وممارسة سيادته على أرضه وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
تأسست الجبهة في 15/7/1967 اثر حرب حزيران واحتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة وأجزاء أخرى من الوطن العربي “الجولان وسيناء”. ومن ابرز مؤسسيها قيادات مناضلة من أبناء فلسطين لا سيما من مدينة القدس عاشوا في مواجهة الاحتلال الصهيوني وشاركوا في مسيرة الشعب النضالية خلال سنوات عديدة منهم: د. صبحي غوشة والشهيد فايز حمدان (الرائد خالد) والشهيد خليل سفيان (أبو الحكم).
بدأ نشاط الجبهة باتصالات سرية لجمع أكبر عدد ممكن من المناضلين المستعدين لخوض معركة النضال الشعبي المسلح إلى جانب النضال السياسي وقد تشكلت المجموعات الأولى في القدس وعدد من مدن الضفة الغربية ثم امتدت لتصل إلى الأرض المحتلة عام 1948.
اقتصرت نشاطات الجبهة في البداية على المقاومة الشعبية السلمية للاحتلال ومقاومته حيث أصدرت أول منشور لها في 15 تموز عام 1967، تضمن دعوة الجماهير لرفض الاحتلال ومقاومته والتحريض على الإضراب والتظاهرات ومقاطعة الاحتلال وفي الوقت نفسه أخذت الجبهة تدرب أعضاؤها على المقاومة المسلحة وجمع المعلومات عن العدو وتخطط لضربه وتعمل على توفير السلاح استعدادا لبدء الكفاح المسلح.
بدأت الجبهة بعملياتها المسلحة ضد الاحتلال بتاريخ 24/12/1967، في بداية عام 1968 بدأت بتشكيل خلايا ومراكز تدريب في الأردن وبزيادة نموها أصبح لها قواعد عسكرية ومراكز للتدريب وميليشيات شعبية في مخيمات اللاجئين والمدن الأردنية وعددا من الأقطار العربية.
تنتشر الجبهة بشكل واسع بين تجمعات شعبنا الفلسطيني في فلسطين وفي الشتات وفي العديد من الأقطار العربية- الأردن- العراق- سوريا- لبنان- ليبيا- الجزائر- اليمن- الخليج العربي- وفي عدد من دول العالم.
ترى الجبهة استنادا إلى الخبرات التي أفرزها الصراع العربي والفلسطيني الإسرائيلي على مدار قرابة أكثر من ستون عاما، وإدراكا منها لطبيعة موازين القوى الإقليمية والدولية التي شهدت تحولات جذرية في السنوات القليلة الماضية، وإن الأهداف التي تصدت الحركة الوطنية الفلسطينية لإنجازها منذ وعد بلفور والمتمثلة في تحقيق الكيانية الفلسطينية وتحرير فلسطين من الغزوة الصهيونية الاستيطانية وإقامة الدولة الديمقراطية على كامل التراب الوطني الفلسطيني شكلت النبراس الهادي للوطنيين الفلسطينيين في كفاحهم، والبوصلة التي أرشدت خطاهم في المنعطفات الاضطرارية، لتمكينهم في ظل هذه التحولات من النضال بكافة الوسائل المشروعة والداعية للحفاظ على الحقوق الوطنية المشروعة بالعودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وإدراكا من جبهة النضال الشعبي الفلسطيني
لطبيعة المرحلة التي تمر بها القضية الفلسطينية باعتبارها مرحلة تتداخل فيها مهام التحرر الوطني والنضال من أجل الحرية والاستقلال حيث تصطف الغالبية العظمى من أبناء الشعب الفلسطيني بمختلف طبقاته الاجتماعية خلف شعار إنهاء الاحتلال وتحقيق الاستقلال السياسي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، مع النضال الاجتماعي والديمقراطي وبناء أسس الدولة الفلسطينية المستقلة.
انطلاقا من إيمان الجبهة بأن الوحدة الوطنية الفلسطينية
شرط أساسي من شروط استمرار الثورة وإنجاز التحرر والانتصار فلقد شاركت الجبهة في المؤسسات الوحدوية الفلسطينية، حيث شاركت في المجلس الوطني الفلسطيني في دورته السادسة المنعقدة في القاهرة في 1-6/9/1969 وكان عضو المجلس الوطني الأستاذ بهجت أبو غربية ممثلا لها. وعضواً في اللجنة التنفيذية للمنظمة ، كما شاركت في قيادة الكفاح المسلح والقيادة الموحدة واللجنة المركزية واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وجمدت عضويتها في مؤسسات م.ت.ف بالفترة الواقعة ما بين 1974-1979 بسبب الخلافات التي برزت في الساحة الفلسطينية حول البرنامج المرحلي والمعروف ببرنامج النقاط العشرة ، حيث شكلت مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وجبهة التحرير العربية “جبهة القوى الفلسطينية ” الرافضة للحلول الاستسلامية والتي عرفت ” بجبهة الرفض ” ، واستأنفت الجبهة مشاركتها في أطر ومؤسسات م.ت.ف بعد مشاركتها في أعمال دورة المجـلـس الوطـني التي انعقدت في دمشق 15-23/12/1979 ، بعد الاتفاق على برنامج سياسي جديد يخدم أهداف المرحلة .وعليه فإن جبهة النضال الشعبي الفلسطيني تناضل
من أجل تعميق شكل ومضمون الوحدة الوطنية الفلسطينية على أسس جبهوية ديمقراطية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني والمعبرة عن شخصيته وهويته الوطنية المستقلة وقائدة نضاله الوطني من أجل تحقيق أهدافه وحقوقه الوطنية بما فيها حقه في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس .
تسترشد جبهة النضال الشعبي الفلسطيني في تحليلها للواقع الملموس بالمنهج الجدلي
الذي يستمد مقوماته من الفكر الاشتراكي العلمي ومن الاتجاهات الفكرية العقلانية في الحضارة العربية والفكر الإنساني ، مع التأكيد على أن الموروث الثقافي العربي يشكل إطارا مرجعيا للهوية الثقافية للشعب الفلسطيني ويسمح بتعميق النزعات الفكرية الداعية لسيادة مبدأ العقل والعقلانية وقيم العدل والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
تقيم جبهة النضال الشعبي الفلسطيني تنظيمها وبنائها الداخلي على أسس الديمقراطية
التي تحكم وتنظم علاقاتها الداخلية مما يتيح المجال للمبادرة والإبداع ولتعددية الآراء وحرية النقاش والتعبير عن الرأي والانتقاد في حدود الأطر التنظيمية، وذلك ضمانة لعدم إصابة الحزب بالجمود الفكري والعقائدي والابتعاد عن نبض الجماهير وتفادي كافة أشكال التكلس والتسلط البيروقراطي، كما ترى أن احتكام الأغلبية والأقلية إلى البرنامج السياسي والنظام الداخلي وقرارات المؤتمر العام والهيئات المركزية يشكل ضمان لتحقيق الحيوية التنظيمية وتفادي الخلل في علاقاتها الداخلية، ومع الجماهير الذي كانت صيغة المركزية الديمقراطية تكرسه بداعي الحفاظ على وحدة التنظيم التي لا تتحقق في الواقع إلا بالاحتكام إلى المواثيق التنظيمية الأساسية استنادا إلى الاقتراع الديمقراطي الحر والسماح للأقلية بالتعبير عن رأيها وممارسة النقد والنقد الذاتي.
وفي إطار تعزيز وترسيخ ممارستها للديمقراطية الداخلية عقدت الجبهة منذ انطلاقتها كونفرنسيين وتسعة مؤتمرات عامة.كذلك ترى الجبهة أن القوى الديمقراطية الفلسطينية
مدعوة لبذل جهودها وفتح باب الحوار لتتمكن من إرساء دعائم وحدة حقيقية وفاعلة في إطار حزب لليسار الديمقراطي الفلسطيني على أرضية الانفتاح والتعددية الفكرية والتجديد الديمقراطي والمراجعة النقدية الشاملة في سبيل إنجاز الحقوق الوطنية لشعبنا وصيانة وتعميق وحدته الوطنية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية والدفاع عن مكتسابته في دولة فلسطين والشتات.
وفيما يتعلق بالدولة الفلسطينية المستقلة
فإن جبهة النضال الشعبي الفلسطيني ترى أن الصيغة السياسية المنسجمة مع التجربة الكفاحية للحركة الوطنية الفلسطينية والتي تستجيب لطموحات الشعب الفلسطيني ، هي قيام نظام سياسي برلماني يقوم على أساس التعددية السياسية والحزبية وانتقال السلطة والتداول عليها بشكل سلمي وديمقراطي ومع مبدأ الفصل ما بين السلطات الثلاث التشريعية، والقضائية، والتنفيذية وضمان حقوق جميع المواطنين التي يكفلها الدستور بما فيها حرية التعبير والتجمع والتنظيم السياسي والنقابي ، بصرف النظر عن العرق أو الجنس أو الدين، والعمل على إقامة مجتمع فلسطيني تسوده مبادىء العدالة والمساواة على أسس اشتراكية ديمقراطية منسجمة مع الواقع الاقتصادي والحضاري التاريخي الموروث لشعبنا.
وانطلاقا من حقيقية العلاقة الجدلية بين البعدين الوطني والقومي للقضية الفلسطينية
فإن جبهة النضال الشعبي الفلسطيني تؤمن بضرورة إعادة النظر في العلاقة بين فصائل الحركة الوطنية الفلسطينية وحركة التحرر الوطني العربية لاستخلاص الدروس الكفاحية وتفادي أخطاء الماضي وتعميق العلاقة المصيرية معها من أجل الحرية والديمقراطية والتقدم الاجتماعي والاقتصادي ، وفي هذا السياق فإن هناك خصوصية تاريخية تميز العلاقة بين الشعبين الأردني والفلسطيني مما يتطلب الحرص على الروابط الخاصة بين الشعبين على أساس وحدة الهدف وما يحقق طموحات وآمال الشعبين في الوحدة وفق الاختيار الطوعي والحر لكل منهما
كما تؤكد الجبهة على أهمية تعزيز التضامن العربي من أجل صيانة الحقوق العربية والفلسطينية وتفعيل دور الجامعة العربية والمؤسسات والهيئات المنبثقة عنها في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية.
كما وتحرص جبهة النضال الشعبي الفلسطيني على تعزيز أواصر التضامن الكفاحي
بين الشعب الفلسطيني وكافة الشعوب والقوى والدول المحبة للسلم والتحرر والديمقراطية في العالم ، على قاعدة تعزيز وتعميق أشكال التضامن الدولي مع النضال العادل للشعب الفلسطيني، والتضامن مع الاتجاهات والمواقف المعادية للعنصرية والفاشية الجديدة والأطماع التوسعية العدوانية ومساندة الاتجاهات الداعية للاحتكام إلى الشرعية الدولية واحترام حقوق الإنسان والتعاون الدولي لمواجهة أخطار التخلف الاقتصادي والاجتماعي ومكافحة الجوع والأوبئة وكل ما يهدد مصير البشرية ، في سبيل بناء حضارة إنسانية تكفل السلم والمساواة لكافة شعوب العالم.
العملية السياسية:
لقد أحدث الإخلال في ميزان القوى على الصعيد الدولي بعد انهيار المعسكر الاشتراكي والاتحاد السوفيتي الذي كان يمثل الحليف الأكبر للحركة الوطنية الفلسطينية مستجدات سياسية جديدة على الصعيد العالمي، وعلى وجه الخصوص في منطقة الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية.
وأمام هذه المستجدات العاصفة فقد قامت الجبهة بإعادة قراءة الخريطة السياسية مستخلصة الدروس والعبر منها. واعتبرت إن المشاركة في العملية السياسية يعتبر تثبيتا لحضور شعبنا في قلب النظام الدولي الجديد، وحتى لا يكون هذا النظام على حساب شعبنا كما حدث في اتفاقية سايكس – بيكو عند الحرب العالمية الأولى. ومؤتمر يالطا بعد الحرب العالمية الثانية.
لقد قيمت الجبهة العملية السياسية باعتبارها ساحة نضال سياسي تتكامل مع أشكال النضال الأخرى وصولا لتحقيق إنجاز يشكل خطوة على طريق تقرير المصير لشعبنا ويكفل حق العودة وبناء دولته المستقلة، وانطلاقا من هذه الرؤية وبناء على قرارات الكونفرنس الاستثنائي الذي انعقد في تونس بالفترة الواقعة من 15-20/5/1993 صاغت موقفها اتجاه العملية السياسية والانخراط الفعال فيها .
وبعد التوقيع على اتفاقية اوسلو ما بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل سجلت الجبهة العديد من التحفظات على بعض بنود الاتفاقية باعتبارها مجحفة تم فرضها علينا بفعل الاختلال في موازين القوى بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، وهذا ما انسحب على مجمل الاتفاقيات الأخرى، مع التأكيد على انه بالقدر التي شكلت اتفاقية اوسلو إجحافا لصالح إسرائيل ، فقد اعتبرت الجبهة بان الاتفاق مهد الطريق لتجسيد الكيانية الفلسطينية على الأرض الفلسطينية من خلال قيام السلطة الوطنية الفلسطينية .
وانطلاقا من هذا المفهوم فقد شاركت الجبهة في كافة مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية وشاركت بفاعلية في انتخابات المجلس التشريعي كما تسلم د. سمير غوشه الأمين العام للجبهة وزارة العمل كأول كوزير لها لغاية 1998 حيث قدم استقالته ، بسبب خلافات اتصلت بسوء الأداء وتفشي الفساد المحسوبية ، وعدم توفر مناخ من الشفافية والمحاسبة في أجهزة السلطة .
وعادت الجبهة لاستئناف مشاركتها في الحكومات الفلسطينية المتعاقبة باستثناء الحكومات التي شكلتها حركة حماس ، وهي تشارك الآن في الحكومة الفلسطينية وتتولي وزارة العمل عبر مشاركة الأمين العام للجبهة د.احمد مجدلاني .
بعد عودة قيادة الجبهة إلى أرض الوطن قامت الجبهة بمجموعة من الإجراءات التنظيمية الداخلية أدت إلى تطور عمل الجبهة على الصعد السياسية والتنظيمية والنقابية والإعلامية. حيث أوجدت لها مراكز في كل محافظات الوطن في الضفة وغزة ، وأسست كتل نقابية للطلاب والعمال والمرأة والشبيبة والنقابات المهنية للمساهمة في تأطير المجتمع المدني الفلسطيني، وللتعاطي مع المهام المستحدثة بتداخل المهام الوطنية مع المهام الاجتماعية والديمقراطية، إضافة إلى إسهاماتها السياسية والإعلامية حيث تعتبر مجلتها “نضال الشعب” إحدى الدوريات القلائل المنتظمة في داخل الوطن .