بعث الرئيس شي جين بينغ برسائل تهنئة إلى اجتماعات الأمم المتحدة لإحياء اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني منذ 11 عاما، وما تعليقكم على دعم الصين لحل القضايا الفلسطينية؟
اننا على ثقة كبيرة بالمواقف الصينية التاريخية والثابتة تجاه الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، ودائماً كانت المواقف الصينية داعمة ومساندة لعدالة القضية الفلسطينية والنضال الوطني الفلسطيني على طريق الحرية والاستقلال وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
مواقف الرئيس شي جين بينغ مواقف متقدمة على المستوى الدولي، حيث طرح أكثر من مبادرة حول القضية الفلسطينية وآخرها الرؤية الصينية ذات النقاط الثلاثة لحل القضية الفلسطينية والتي لاقت ترحيباً فلسطينياً كبيراً على المستويين الرسمي والشعبي.
لقد أرسل الزعيم الصيني رسالة تهنئة الى اجتماعات الأمم المتحدة لإحياء اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني منذ توليه زمام القيادة في بكين، وهذا تعبير عن موقفه المبدئي الراسخ مع عدالة القضية الفلسطينية وما تمثله في الضمير العالمي والإنساني وهو ما يعكس مواقف الصين المستمرة وعلى كافة المستويات في دعم الحقوق الوطنية العادلة والمشروعة للشعب الفلسطيني، حيث عبر الرئيس الصيني في مرات عديدة مواقف جمهورية الصين الشعبية الى جانب قرارات الشرعية الدولية والتمسك بها لحل القضية الفلسطينية وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولتهم المستقلة على حدود الرابع من حزيزان 1967 .
ووفق هذه المواقف ما زالت الصين تتمسك برؤيتها ومبادرتها لحل الصراع في المنطقة، بالاستناد الى القرارات الدولية والدعوة لمؤتمر دولي لتحقيق السلام العادل والشامل والمتوازن، ومن هذا المنطق تكمن ثقتها الكبيرة بمواقف الصين المساندة لقضيتنا العادلة، ونؤكد على أهمية الدور الصيني المتنامي في العملية السياسية والجهود المبذولة في هذا السياق وبخاصة بعد النجاح الصيني الكبير في حلحلة بعض الملفات والقضايا العالقة والتي كان من أبرزها انهاء التجاذبات السعودية الإيرانية وغيرها من القضايا والتي نؤكد من جديد أهميتها وحيويتها لتحقيق الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة.
نتطلع الى دور صيني أكثر حضوراً وفعالية للتأثير على القرار الدولي لدعم القضية الفلسطينية والتوجه لعقد مؤتمر للسلام على أساس المرجعيات الدولية وبما ينهي الهيمنة الأمريكية والاستفراد الأمريكي، حيث اثبتت المرحلة الماضية الانحياز الأمريكي لدولة الاحتلال والشراكة المكتملة مع إسرائيل في حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في قطاع غزة وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة عموماً.
– في قمة الفيديو الخاصة التي عقدها قادة البريكس حول القضية الفلسطينية الإسرائيلية مؤخرًا، ألقى الرئيس شي جين بينغ أيضًا خطابًا مهمًا، ركز على تطور الوضع الفلسطيني الإسرائيلي والقضايا البارزة، وتفسيرات متعمقة لاصطفاف الصين الواضح، وتوجيه جميع الأطراف المشاركة في القمة للاجتماع معًا في القمة. ما تعليقك على خطاب الرئيس شي؟
لقد أكد الزعيم الصيني أنه لا يمكن أن يتحقق السلام والاستقرار الدائمان في الشرق الأوسط دون حل عادل للقضية الفلسطينية، وأن المخرج الأساسي لكسر دوامة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يكمن في تنفيذ (حل الدولتين) واستعادة الحقوق الفلسطينية الوطنية المشروعة وإقامة دولة فلسطين المستقلة، مجدداً دعوة الصين إلى عقد مؤتمر دولي للسلام في أسرع وقت ممكن لبلورة توافق دولي بشأن إحلال السلام والدفع بإيجاد حل شامل وعادل ودائم للقضية الفلسطينية.
اننا نثمن مواقف الرئيس شي جين بينغ التي عبر عنها في قمة قادة البريكس، حيث عقب على الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة بالقول أن الأولوية القصوى الآن هي وقف إطلاق النار بشكل فوري، ووقف كافة أعمال العنف والهجمات ضد المدنيين، وفتح ممرات إغاثة إنسانية آمنة ومستدامة، وتقديم مزيد من المساعدات الإنسانية للمواطنين في قطاع غزة، ووقف العقاب الجماعي ضدهم مثل التهجير القسري وقطع إمدادات المياه والكهرباء والوقود، وأكد الرفيق شي في ذات الكلمة دعم الدعم الصيني للقرار الذي تم اعتماده في الدورة الاستثنائية الطارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 27 تشرين الأول/أكتوبر الماضي بشأن غزة، داعياً إلى تطبيق ما تضمنه قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2721، الذي تم اعتماده تحت رئاسة الصين بصفتها رئيساً دوريا للمجلس، على أرض الواقع.
لقد كشف الرئيس الصيني بمنتهى الوضوح بأن السبب الجذري لما وصلت إليه الأوضاع في قطاع غزة يرجع إلى تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، مؤكداً أن الصين تبذل جهوداً للدفع بمفاوضات السلام، وأوضح كذلك أنه ومن أجل تخفيف الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، قدمت الصين مساعدات إنسانية عاجلة بقيمة مليوني دولار أمريكي عبر السلطة الوطنية الفلسطينية ووكالات الأمم المتحدة، إضافة إلى مواد إغاثية عاجلة بقيمة 15 مليون يوان صيني تشمل الغذاء والدواء إلى قطاع غزة عبر مصر.
نحن أحوج ما نكون الآن الى مثل هذه المواقف السياسية الشجاعة والحكيمة، وندعو كافة قادة ورؤساء كافة البلدان للاقتداء بالرئيس الصيني، ونحن في جبهة النضال الشعبي الفلسطيني وبما نمتلك من علاقات تاريخية ووثيقة مع الأصدقاء والرفاق في القيادة الصينية وفي الحزب الشيوعي الصيني نرى أن تطور الموقف الصيني له دلالات هامة على الصعيد الدولي وهو تعبير عن مكانة الصينية المتنامية، ولا يسعنا سوى التأكيد والاشادة بهذه المواقف الاستراتيجية التي تعبر عنها الصين اليوم إزاء القضية الفلسطينية وغيرها من القضايا وصولاً لإعادة تصويب التاريخ من جديد ووضع حد للهيمنة الامبريالية الاستعمارية المعادية لحقوق ومنجزات شعوبنا.
– باعتبارها عضواً دائما في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لم تغب الصين أبدا عن تعزيز التسوية السلمية للقضية الفلسطينية. منذ اندلاع الجولة الحالية من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، عززت الصين بنشاط محادثات السلام، وعززت وقف إطلاق النار ووقف القتال، وقدمت المساعدة الإنسانية الطارئة إلى قطاع غزة، وستواصل تقديم المساعدة المادية على أساس احتياجات شعب غزة. . ما هو تقييمك للدور الرئيسي الذي تلعبه الصين في تعزيز السلام الإقليمي؟
الصين ترى أن القضية الفلسطينية القضية المحورية والأساسية ضمن قضايا الشرق الأوسط، وهي القضية الأكثر أهمية بين قضايا المنطقة، ومن ثم فإن هناك حاجة ماسة لكي تنال الاهتمام الدولي المناسب حتى يتم التوصل إلى حل عادل لها، ونعتقد أن الصين لم تكن في أي مرحلة مع تهميش القضية الفلسطينية، وقد عملت دوماً من أجل الدفع لاستئناف مفاوضات السلام وتنفيذ اتفاقيات السلام من جهة، والالتزام بالعدل والعدالة، والصين سبق لها أن قدمت مقترحاً من أربع نقاط لتسوية القضية الفلسطينية في العام 2013 وجوهر هذه المقترحات وأولها يتمثل في إقامة دولة فلسطينية مستقلة وكاملة السيادة على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، باعتبار ذلك حقاً ثابتاً للشعب الفلسطيني، وأساس تسوية القضية الفلسطينية وفق قرارات الأمم المتحدة المرتبطة بالصراع، ومبادرة السلام العربية، ومبدأ الأرض مقابل السلام، وتعزيز الدور الدولي المنوط به توفير الضمانات الضرورية حتى يكون هناك تقدم في المفاوضات، خاصة في ظل الوضع الملح على الأرض، على أن تكون هناك موضوعية وعدالة وبذل ما يلزم من جهود، ولا يمكن إغفال أن الصين كانت قد عينت منذ العام 2002 مبعوثاً خاصاً للسلام في الشرق الأوسط، وفي هذا دلالة على مدى اهتمامها بالقضية الفلسطينية والسلام في المنطقة.
إن تنامي قوة الصين الشعبية وزيادة تأثيرها ونفوذها الاقتصادي والسياسي على المستوى الدولي من شأنه أن يشكل قوة ارتكاز أساسية للحفاظ على السلم العالمي، ويحفظ التوازنات الدولية باتجاه بناء نظام دولي جديد متعدد الأقطاب بديلاً عن نظام القطب الأوحد، ونحن نرى بأن الأهم من كل هذا وذاك، أن ازدياد قوة الصين من شأنها أن تلعب دوراً فاعلاً ومتزايداً في الشرق الأوسط وبما يضمن المساهمة الفاعلة في دفع عملية السلام وإرسائها على أساس تطبيق قرارات الشرعية الدولية وإنهاء الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والقدس الشرقية عاصمة لها.
من الضرورة أن نشير للدور الصيني الصاعد في عملية التغيير التي لم يشهدها العالم منذ مائة عام والتغييرات الجديدة التي ظهرت في الشرق الأوسط، حيث تستعد الصين لتعزيز التنسيق والتعاون مع فلسطين، لدفع التوصل إلى تسوية شاملة وعادلة ومستدامة للقضية الفلسطينية في وقت مبكر، وإقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية، الأمر سيصبح معلماً هاماً يتابع عمل الماضي ويشق طريق المستقبل في تاريخ العلاقات بين البلدين، وستعمل الصين لاغتنام هذه الفرصة لدفع وتكريس التعاون الودي مع فلسطين في جميع المجالات على نحو شامل.
الرؤية الصينية ذات قيمة سياسية كبيرة فمن خلالها يدعم الجانب الصيني بثبات القضية العادلة للشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه الوطنية المشروعة، وسيقف دوماً إلى جانب الشعب الفلسطيني، ويبذل جهوداً دؤوبة من أجل إيجاد حل شامل وعادل ودائم للقضية الفلسطينية في يوم مبكر؛ ويدعم بثبات إقامة دولة فلسطين المستقلة؛ ويدعم الحفاظ على الوضع التاريخي القائم للمقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس؛ ويدعم حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة؛ ويدعم تعزيز الوحدة الداخلية الفلسطينية؛ ويدعم قيام فلسطين باستئناف مفاوضات السلام مع (إسرائيل) على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وحل الدولتين.
وكنا في جبهة النضال الشعبي الفلسطيني من أوائل المرحبين بالرؤية ذات النقاط الثلاث التي طرحها لحل القضية الفلسطينية، وسلسلة من المبادرات والرؤى التي طرحها الجانب الصيني حول القضية الفلسطينية، وثمنا دائماً وقوف الصين إلى جانب الحق والعدالة في القضية الفلسطينية، وجهودها الحثيثة لدفع عملية السلام، ودعمها المقدم للجانب الفلسطيني لتحسين معيشة الشعب الفلسطيني وتنمية الاقتصاد الفلسطيني، ومساعدتها الإنسانية المقدمة للجانب الفلسطيني، والعمل على حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ونتوقع دوراً قوياً وبارزاً ومتواصلاً للصين في دعم واسناد القضية الفلسطينية، وستكون هذه القضية العادلة كأولوية على أجندة الفعل السياسي والدبلوماسي الصينية، والصين في اعتقادنا لن تدخر جهداً في السعي نحو ابراز وتعزيز رؤيتها لحل القضية الفلسطينية ذو النقاط الثلاث، وهذا يمثل انتصاراً لعدالة ومشروعية النضال الفلسطيني ومكانة القضية الفلسطينية على المسرح الدولي، وعلينا كفلسطينيين التقاط اللحظة التاريخية لبناء علاقات وطيدة ومتطورة مع هذا الحليف الاستراتيجي والصديق الحقيقي المتمثل بجمهورية الصين الشعبية بقيادة الحزب الشيوعي الصيني والعمل على تعزيز القواسم المشترك والانخراط العملي في خطة (الحزام والطريق) وفي مبادرة (الحضارة العالمية) لتكون فلسطين في طليعة الدول والبلدان المؤثرة والفاعلة في بناء مستقبل المصير المشترك للبشرية.