عودة الفلسطينيين الذين نزحوا من سوريا هي مسألة أيام»، هكذا صرّح السفير الفلسطيني لدى بيروت أشرف دبور منذ أكثر من أسبوع، معلناً بداية النهاية في مسألة النزوح الفلسطيني من مخيمات سوريا إلى مخيمات لبنان.
لكن الوضع الميداني لا يبدو منسجماً مع التصريح هذا، في ظل استمرار المعارك المتقطعة التي تشهدها العاصمة دمشق، ومخيم اليرموك تحديداً. الأزمة الإنسانية ما زالت حاضرة.
فشهدت الفترة الأخيرة تفاقماً في عدد الفلسطينيين من سوريا، ومعها معاناة النزوح. في بيروت، أظهرت أعمال الإغاثة التي قامت بها «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين- الأونروا» أن نحو 3300 فلسطيني من سوريا يقيمون في مخيمات بيروت وجوارها، منهم من وصل في الأيام الماضية. أما اللجان الشعبية الفلسطينية في بيروت، فقد أحصت 915 أسرة فلسطينية في بيروت، موزعة على الشكل الآتي: مخيم برج البراجنة 470 اسرة، وشاتيلا 340 أسرة، ومار الياس 105 اسر.
لا تنسيق
تزامناً مع اللقاءات والاتصالات السياسية بين الجهات اللبنانية والدولية المعنية، تكثفت جهود الإغاثة في الأيام الماضية لاستيعاب تداعيات الأزمة على النازحين ريثما تتم العودة. وقد ساعدت نداءات الاستغاثة التي أُطلقت إعلامياً وديبلوماسيا في الاستجابة بنسبة عشرة في المئة فقط من التمويل اللازم الذي طلبته «الأونروا»، وفق هدى السمرة المتحدثة باسم الوكالة. فتسارعت نسبياً وتيرة المساعدات التي قدمتها مختلف المنظمات الحكومية الدولية وغير الحكومية.
فقد باشرت «الأونروا» خلال الأسبوع الفائت أول نشاطات الإغاثة في مخيمات فلسطينية عدة على امتداد الأراضي اللبنانية، من خلال توزيع مساعدات مالية بقيمة ستين ألف ل.ل. للفرد الواحد، ولمرة واحدة فقط، بالإضافة إلى «بونات» غذائية بقيمة 25 دولاراً للفرد. في بيروت، شملت المساعدات 3300 فرد.
كذلك، قدمت «اللجنة الدولية للصليب الأحمر» خلال الفترة نفسها بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات محلية مئتي حصة عينية في مخيم برج البراجنة ومئة في مخيم شاتيلا، تحتوي على حرامات وأدوات مطبخية ومواد تنظيف. وبالتالي، لم تشمل التوزيعات جميع الاسر في بيروت بسبب غياب التمويل الكافي.
من جهتها، وزعت «المساعدات الشعبية النرويجية» شنط مدرسية وحصص غذائية على مدارس «الأونروا» في مخيمي برج البراجنة ومخيم شاتيلا وفي بعض المدارس الرسمية مستهدفةً بذلك اللاجئين الفلسطينيين والسوريين على حدّ سواء.
وبالرغم من تكثيف المساعي الدولية في الآونة الأخيرة لمساعدة النازحين الفلسطينيين من سوريا، ما زال عمل المنظمات الدولية يفتقر إلى التنسيق المنهجي والعمل المركزي، على الرغم من الاجتماعات الدورية (والاستثنائية) التي تعقدها «الأونروا» مع المنظمات الدولية والجمعيات المعنية والفصائل الفلسطينية. تؤكد لنا مسؤولة الإغاثة في «المساعدات الشعبية النرويجية» أمل عقل، أنه «للأسف جهود التنسيق لم ترقََ بعد إلى مستوى اعتماد لوائح موحدة للنازحين وتحديد من سيقوم بماذا ميدانياً». وتضيف ان «بعض المنظمات الدولية تعتمد لوائح «الأونروا»، نحن فضلنا لوائح اللجان الشعبية الفلسطينية لأسباب لوجستية»، معترفةً بأن غياب اللوائح الموحدة يؤدي أحياناً إلى سوء توزيع المساعدات. إلا أن السمرة أكدّت أن «العمل جارٍ حالياً على توحيد لوائح «الأونروا» و«اللجان الشعبية الفلسطينية» فور انتهاء عمليات توزيع المساعدات المالية و«البونات».
دون المستوى المطلوب
المشهد الميداني في المخيمات ما زال مثقلاً بهموم «اللاجئين الجدد» ومعاناتهم المستمرة. وإن كانت المساعي الأخيرة قد ساعدت في تلبية بعض حاجاتهم الأساسية، إلا ان العديد منهم ما زال يعاني من مشكلة تأمين القوت اليومي إلى إيجاد المسكن ودفع بدل الخدمات الصحية التي لا توفرها «الأونروا».
«الأمر لا يتوقف على تأمين السكر والرز فحسب، كما يعتقد البعض»، يقول أمين السر للجان الشعبية الفلسطينية في بيروت أحمد مصطفى، مؤكداً أن «المساعدات ما زالت دون المستوى المطلوب. فهناك أزمة السكن والصحة والتعليم التي همّشت مساعي الإغاثة».
كذلك، أعلن المسؤول السياسي لـ«حماس» في بيروت رأفت مرة أن الأزمة ما زالت تتفاقم مع ازدياد عدد الوافدين من سوريا.
جهود الإغاثة لبّت جزءاً من الحاجات الملحة في الأسبوع الثاني من كارثة اليرموك، إلا ان المنظمات الدولية المعنية والجهات المانحة تبدو كأنها تتعاطى مع نزوح فلسطينيي سوريا على أنها مسألة أيام قليلة. وذلك من دون وضع خطة بديلة تأخذ بعين الاعتبار إمكان استمرار الخطر على حياة النازحين في حال عودتهم إلى ديارهم.
كارول كرباج – السفير اللبنانية.