يبدو أن مسلسل اختراق تنظيم الإخوان لكثير من القطاعات الأهلية في السعودية مستمر على قدم وساق، على رغم التوجيهات الرسمية بحظر الجماعة وتصنيفها إرهابية وإقرار سجن أتباعها والمتعاطفين معها والمروجين لأفكارها، ولعل من أبرز المجالات التي «يبيض ويفرّخ» فيها المشروع الإخواني بعض «المدارس الأهلية» التي ينتمي ملاكها فكرياً وعقدياً إلى التنظيم ويضعون لمساتهم بشكل غير مباشر على الأنشطة اللاصفية التي تقدمها في غفلة عن عين الرقيب.
من الغريب حقاً أن تمنح التراخيص لبعض ذوي الميول الإخوانية لفتح مدارس بإمكانها العبث بعقول أطفالنا، وبطريقة تمكن المنحرفين من جمع الأموال لدعم مشاريع الجماعة وخزانتها، وهو أمر يحتاج فعلياً إلى تشكيل لجنة أمنية بالتعاون مع مكتب وزير التربية في شكل مباشر، لمراجعة وضع تلك التراخيص وسحب أي منها إن كانت الشبهات تدور حول مالكها، فعقول أبنائنا ليست مزارع مفتوحة للضالين والمنحرفين يغرسون فيها ما يريدون، وهذه دعوة مني لتدخل فارس التربية أبي بندر الأمير خالد الفيصل الذي يدرك حجم الخطر المتربص بالوطن من هذه النوافذ المفتوحة لكل من هدب ودب، في ظل ضعف الرقابة.
إن البدء في مشروع وطني حقيقي هدفه تصحيح وضع الفوضى الشاملة الذي تعيشه سوق التعليم الأهلي أمر سهل للغاية. المطلوب فقط المبادرة وفتح بوابة إلكترونية لتلقي بلاغات أولياء الأمور حول ما يحدث في مدارس أبنائهم في مختلف مناطق المملكة، على أن تكون تلك البوابة بإشراف لجنة تتمتع بجميع الصلاحيات، وتتشكل من الجهات الأمنية ومكتب وزير التربية بشكل خاص، لتمارس مهامها كعملية إنقاذ تاريخية للتعليم الأهلي في السعودية، مع الحرص على أن تكون بعيدة كل البعد عن الإجراءات البيروقراطية. فبعض أتباع التنظيم من المرتزقة الذين يديرون مشاريع تجارية مختلفة منها ما هو متعلق بالتعليم الأهلي، وتدور الشبهات كذلك حول كونهم متورطين في قضايا غسيل أموال وفساد منظم لمصلحة تنظيمهم يعتقدون بأن معركة الوطنيين معهم انتهت خلال الفترة الماضية في ظل خفوت بقعة الضوء عن التنظيم الشيطاني بعد سقوطه في مصر ومحاصرته بقرارات العقوبات في السعودية، وهذا حلم إبليس في الجنة، فمازال هناك الكثير لغسل الوطن منهم وتضييق الخناق عليهم، من دون أن يشعروا، فخيانتهم للوطن ليست جريمة تسقط بالتقادم، وعليهم أن يتأكدوا أنهم سيدفعون ثمنها مضاعفاً.
ويجدر بي أن أشير هنا إلى أن الحديث عن المدارس الأهلية في هذه المقالة من دون غيرها لا يعني أن هناك قطاعات أهلية أخرى ذات صفات إشرافية على بعض المجالات سلمت من تسلل مرتزقة التنظيم بالتعاون مع بعض الفسدة إليها، وهذا ما أعد بأنني سأعمل على كشفه في مقالات لاحقة لأن «ما خفي أعظم» بكل بساطة واختصار.
الحياة اللندنية