رام الله /كشف محمد حمدان، مدير عام الادارة العامة للمنح والارباح والرسوم والايرادات الاخرى في وزارة المالية، عن تجاوزات اسرائيلية لبنود بروتوكول باريس الاقتصادي المتعلقة برسوم المغادرين عبر معبر الكرامة، ورفع هذا المبلغ بشكل احادي الجانب ليصل الى قرابة 41 دولارا اميركيا، في حين ان المبلغ المحدد في البروتوكول هو 26 دولارا اميركيا فقط.
وقال حمدان، في لقاء خاص بـ»حياة وسوق»، ان اسرائيل تمارس القرصنة للاموال الفلسطينية التي يتم جمعها من المسافرين على المعبر، موضحا ان المبلغ المستحق للجانب الفلسطيني عن الفترة الواقعة ما بين كانون الثاني 2008 ولغاية اذار 2012 تصل الى 161 مليونا و228 ألفا و921 شيقلا.
وكشف حمدان عن وجود دراسة لالغاء العمل بما يعرف بـ«ساحة عبدو» لنقل الحقائب، واتاحة السفر لأمتعة المواطنين مباشرة من الصالة الاسرائيلية في معبر الكرامة الى الجانب الاردني بعد اكتشاف ان وضع الحقائب في هذا الساحة جاء في اطار تقاسم شركتين عاملتين لأجرة نقل الحقائب وليس لاسباب أمنية اسرائيلية.
وأكد حمدان ان فرض مبلغ اضافي بقيمة اربعة شواقل على رسم المغادرة المحدد من قبل الاسرائيليين، لم يتم بقانون او نظام، كما ان «الايرادات المالية المتعلقة بهذا الأمر لم تحول للخزينة العامة»، الامر الذي يؤشر الى اشكالية حقيقية في كيفية جمع هذه الأموال وما هي أوجه صرفها ومن المسؤول عنها.
وفي ما يلي نص المقابلة:
اثيرت مؤخرا قضية الايرادات المالية لهيئة المعابر والحدود، فما هي القصة؟
بداية، أرى ان هناك خلطا بين الادارة العامة لهيئة المعابر والحدود وبين الايرادات المالية للمعابر والحدود، فالايرادات المالية الخاصة بالمعابر مرتبطة بتطبيق بروتوكول باريس الاقتصادي، ويجب ان نتحلى بالوعي في استخدام المصطلحات خاصة ان هذه الاتفاقية جرى التوقيع عليها تحت شعار «take it or leave it»، وبالتالي فان المفاوض الفلسطيني لم يشارك في وضع أي بند من بنودها، لذلك فان كل ما ورد في هذا البروتوكول مجحف بحقنا وعلى حسابنا لمصلحة اسرائيل.
لكن رغم الاجحاف الذي تتحدث عنه، فان هناك قصورا فلسطينيا في الاستفادة من هذه الاتفاقية، فهل تتفق مع ذلك؟
لا نريد اعفاء الجانب الفلسطيني بقدر ما نريد الحديث عن حقائق، والحقائق تؤكد عدم وجود قصور فلسطيني بقدر ان هناك قرصنة اسرائيلية من خلال اتخاذ القرارات بشكل احادي من جانب اسرائيل، وفيما يخص ايرادات المعابر فاننا نطالب اسرائيل بتطبيق البنود الواردة في برتوكول باريس الاقتصادي خاصة الجزئية الخاصة في القسم (ج) المتعلقة بتنظيم عملية مغادرة المسافرين عبر معبر الكرامة والرسوم التي يجب ان تدفع والمحددة في هذا البرتوكول بـ(26) دولارا للمسافر الواحد، تمنع زيادتها ويمكن تعديلها حسب سعر صرف الدولار مرة كل ثلاثة اشهر.
وهذا المبلغ محدد ويجب دفعه من قبل المغادرين باستثناء من تقل اعمارهم عن عامين او الرتب العسكرية والمدنية العليا وفئة الدبلوماسيين، وبالتالي فاننا نسعى لتغيير مضمون هذا البروتوكول البغيض. وكانت هناك تعليمات واضحة من الرئيس محمود عباس بادخال التغييرات المطلوبة كل حسب اختصاصه، ونحن طالبنا بانجاز هذه التعديلات على البروتوكول لكن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو رفض فتح البرتوكول.
ونحن نقول انه رغم اجحاف هذا البرتوكول فاننا نطالب اسرائيل بتطبيقه اولا والالتزام بتحصيل 26 دولارا من كل مسافر على ان تعدل هذه القيمة كل ثلاثة أشهر مرة واحدة حسب سعر صرف الدولار وكل ذلك يجب ان يتم من خلال اللجنة الفلسطينية – الاسرائيلية المشتركة التي لم تجتمع للأسف لغاية الآن ما اتاح لاسرائيل مصادرة القرار في هذا الموضوع لوحدها دون الرجوع لأية جهة فلسطينية.
لكن من الواضح ان هناك مضاعفة لهذه الرسوم، فمن المسؤول عن رفعها؟
الجانب الاسرائيلي هو الذي رفع الرسوم لتصل الى 152 شيقلا، حيث اصبح المسافر يدفع (41.3 دولار) بدلا من دفع 26 دولارا، وحسب نص البروتوكول فان هذا المبلغ يجب ان يوزع مناصفة بين الجانبين (13 دولارا للجانب الفلسطيني و13 دولارا للجانب الاسرائيلي) مع خصم دولار واحد لصالح الجانب الاسرائيلي ليصبح المبلغ 12 دولارا للجانب الفلسطيني و14 دولارا للجانب الاسرائيلي مع أهمية تعديله كل ثلاثة أشهر وأهمية ان تحول اسرائيل هذه الاموال شهريا، لكن ما يحصل هو ان اسرائيل ترفع السعر بشكل احادي الجانب، كما انها تقوم بتحويل 12 دولارا عن كل مسافر وتخصم من هذا المبلغ مصاريف الأكل والنظافة ليصبح مجموع ما تحوله عن كل مسافر 10.5 دولار تقريبا !
ماذا تقصد بمصاريف الأكل والنظافة؟
المقصود بها نظافة المعبر ومصاريف كل العاملين في الصالة الاسرائيلية، رغم ان الاتفاق لم ينص على ذلك حيث تخصم اسرائيل (1-1.5 دولار) عن كل مسافر بطريقة مزاجية وبالتالي فانها تحول للجانب الفلسطيني من هذا المبلغ (10.5 دولار) عن كل مسافر، في حين تأخذ (30.8 دولار) لخزينتها.
* هذا ينطبق على كل مسافر من حملة الهوية الفلسطينية؟
– الجريمة الكبرى لا تتوقف على تطبيقه على حملة الهوية الفلسطينية بل ان اسرائيل تأخذ 176 شيقلا عن كل مسافر من حملة هوية القدس وعن كل مسافر اجنبي، ورغم ذلك فانها تحول لخزينة السلطة (10.5 دولار) عن كل مسافر.
هل لك ان تعطينا مؤشرات حول حركة المسافرين على معبر الكرامة؟
حركة المسافرين على المعبر متغيرة من سنة الى اخرى، فمثلا لدينا بيانات واضحة لعدد المسافرين لاعوام 2008 و2009 و2010 و2011، والمعلومات التي بحوزتنا تؤشر الى التالي: في 2008 بلغ عدد المسافرين 687.464 مسافرا من حملة الهوية الفلسطينية او الهوية المقدسية، وفي 2009 وصل عدد المسافرين الى 689.531 مسافرا، وفي 2010 وصل عدد المسافرين الى 770.229 مسافرا، وفي 2011 وصل الى 775.259 مسافرا، وحتى شهر 3 من عام 2012 وصل عددهم الى 151.285 مسافرا. وهذا يظهر ازدياد السفر من خلال معبر الكرامة من سنة الى اخرى.
الاموال التي تتم جبايتها هل يتم توريدها للخزينة العامة مباشرة؟
لا يتم تحويلها مباشرة للخزينة العامة، فحسب بروتوكول باريس الاقتصادي فانه يجب ان تحول هذه الاموال الى خزينة السلطة شهريا، لكن ما يحدث هو ان ادارة المعابر تقوم بجبايتها يدويا من خلال الطوابع التي تحصل عليها بمجموعات محددة تدفع نقدا للجانب الاسرائيلي يوميا ويدويا ونحن نقوم بالجباية اليدوية رغم ان الاتفاق ينص على ان تقوم اسرائيل بالجبابة لكن بسبب حرصنا على تسهيل اجراءات سفر ابناء شعبنا فاننا نقوم بالجباية، لكننا في نفس الوقت نطالب بتغيير الآلية المتبعة.
هل يوجد صندوق خاص بهيئة المعابر والحدود؟
لا اعتقد ذلك لان الموظفين في الهيئة يقومون بجمع الاموال وتسليمها للجانب الاسرائيلي.
كيف يتم تحويل مبلغ 10.5 دولار عن كل مسافر لخزينة السلطة الوطنية؟
اسرائيل تحول هذه المبالغ بطريقة مزاجية، وفوجئنا انه لم يتم تحويل مبالغ مالية كبيرة للسلطة وحسب معلوماتنا الدقيقة فانه لغاية 31/12/2007 كان للسلطة مستحقات مالية تصل الى مليونين و515 ألفا و417 شيقلا، وفي 2008 وصل المبلغ الى 26 مليونا و597 الفا و781 شيقلا، وفي عام 2009 كان للسلطة 28 مليونا و240 الف شيقل لم يتم تحويلها عن اعوام 2007 و2008 و2009 ولغاية بداية 2010، وبعد عقد اجتماعات مع الجانب الاسرائيلي وتحويل مبالغ مالية للخزينة العامة بقي لنا لغاية 30/9/2010 مبلغ 15 مليونا و373 الف شيقل.
من أين تنفق هيئة ادارة المعابر والحدود؟
للهيئة موازنة خاصة بها كونها تابعة لمكتب الرئيس، وحتى لو سمح لها بالجباية فانه لا يجوز لها الانفاق مما تجمعه بل يجب ان تورد كل الاموال الى حساب الخزينة العامة ومن ثم تخصص لها موازنة مالية للانفاق.
انت تحدثت عن تعديل آلية الجباية، فما هي الآلية المقترحة؟
من خلال اجتماعاتنا مع الاسرائيليين اكدنا عقم الآلية المتبعة وطالبنا بان نقوم بالجباية ونحول للجانب الاسرائيلي في اول اسبوع من بداية كل شهر، والجانب الاسرائيلي لم يكن لديه مانع وطلبوا فرصة لمخاطبة وزير ماليتهم بهذا الخصوص، كما طالبنا بضرورة اعادة رسوم المغادرة الى 26 دولارا حيث تم تشكيل اللجنة العليا لمتابعة الشؤون المالية الفلسطينية المستحقة لدى الجانب الاسرائيلي برئاسة المفوض العام للايرادات، يوسف الزمر، كما طلبنا من الجانب الاسرائيلي فرز لجان لمتابعة المستحقات المالية لكل الجوانب المترتبطة بالايرادات والفواتير ورغم فرز كل اللجان الا انه لغاية الان لم يحدث تقدم ملموس.
هناك طواقم تعمل على المعابر، من يقوم بتعيينهم؟
هيئة ادارة المعابر والحدود هي التي تتولى الاشراف على تعيينهم ويحصلون على رواتبهم من السلطة الوطنية.
كيف يمكن للجانب الفلسطيني الزام الجانب الاسرائيلي بتطبيق بنود الاتفاقية؟
يجب ان يكون هناك ضغط سياسي ودبلوماسي من الدول المانحة وحراك شعبي وضغط اعلامي من اجل الزام اسرائيل بتطبيق الاتفاقية واعادة رسوم المغادرة الى 26 دولارا والعودة الى تقسيم المبلغ (12 دولارا للجانب الفلسطيني و14 دولارا للجانب الاسرائيلي)، اضافة الى ضمان تحويل المستحقات الفلسطينية للخزينة العامة شهريا، وحسب معلوماتنا فان مجموع الاموال المستحقة للجانب الفلسطيني عن 4 سنوات ماضية تصل الى 161 مليونا و228 الفا و921 شيقلا عن الفترة الواقعة بين 1-1-2008 ولغاية 3 – 2012 .
ماذا بخصوص الفترة الواقعة بين 1995 و2008؟
حقيقة لا توجد لدينا ارقام لاعداد المسافرين عن تلك الفترة الماضية ونحن طالبنا بتزويدنا بهذه المعلومات والبيانات.
ماذا عن أجرة المواصلات بين الجسرين؟
هناك شركات تحصل على الامتياز عبر عطاءات رسمية، لكن في حقيقة الامر ان اسعار المواصلات مرتفعة ولا بد من خفضها لتخفيف الاعباء المالية عن كاهل المسافرين لانه من غير المعقول ان يدفع المواطن 30 شيقلا جراء السفر وهو يحمل 5 كيلوغرامات من الاغراض، الامر الآخر هو ان هناك بحثا جديا لالغاء ما يسمى بـ»ساحة عبدو» (هي مخصصة لنقل الحقائب بعد الصالة الاسرائيلية الى الطرف الاردني)، لانه طوال الوقت يتم الحديث عن هذا الاجراء على انه اجراء امني اسرائيلي، لكننا اكتشفنا انه ليس لاسرائيل علاقة بالموضوع وانما هو ناتج عن اتفاق بين الشركتين العاملتين من اجل تقاسم اجرة الامتعة والركاب، اضافة الى ان هذه الساحة فيها مشقة مضاعفة على المسافرين وتتعرض فيها بعض الاغراض للتلف او الفقدان، لذلك تتم دراسة موضوع نقل الحقائب مباشرة من استراحة اريحا الى الطرف الاردني مباشرة دون المرور عبر «ساحة عبدو» على ان تتولى الشركتان معالجة هذا الأمر.
*هل تعمل الشركتان وفق نظام فلسطيني؟
دائرة العطاءات في وزارة المالية هي التي لديها الاجابة على هذا الأمر.
لماذا لم يتحرك المستوى السياسي للضغط من اجل معالجة هذا الأمر طيلة هذه الاعوام؟
هذا الموضوع تم بدء الحديث بخصوصه، وفعلا كان مغيبا طيلة الفترة الماضية، وأرى أنه من المهم تحديد الجهة المسؤولة عن ذلك ومساءلتها عن أي تقصير في هذا الموضوع لأنه لم يتم الحديث بخصوصها على الاطلاق منذ عام 1995 ولغاية 2008 ولم يبحث أحد فيه، لذلك لا بد من تحديد الجهة المسؤولة عن ذلك، والآن ومنذ 2009 فان وزارة المالية هي التي تتابع الموضوع بدعم من وكيل الوزارة منى المصري.
* هل يوجد قانون ينظم عمل هيئة ادارة المعابر والحدود؟
الهيئة كما قلت سابقا هي تابعة لمكتب الرئيس ولا يوجد عندي فكرة عن نظام عملها ونحن نختص في الجانب المتعلق بالايرادات.
* هل هناك هيئات اخرى تعمل على تحصيل ايرادات؟
فعلا، هناك مؤسسات وهيئات اخرى لها علاقة بالايرادات ونحن نعمل من اجل وضع نظام واحد تشرف عليه مفوضية الايرادات، ومفوضها العام، والترتيب جار من اجل انجاز هذه الخطوة المهمة.
كم هو مجموع الايرادات المحلية التي تحصلها السلطة من ضرائب الدخل والرسوم والمعاملات؟
المبلغ يصل الى قرابة 100 مليون شيقل شهريا.
ماذا بخصوص الايرادات المالية المتحققة من الكافتيريا ومحال بيع السلع وموقف المركبات في الاستراحة؟
كل هذه المحال يتم عملها بموجب عطاءات على طريقة «الضمان» وكل الايرادات المتحصلة يتم ادخالها لحساب الخزينة العامة، اما بخصوص موقف المركبات فيوجد طاقم متخصص يتولى ادارة هذا الموقف ويقوم بتحويل الاموال الى حساب الخزينة العامة يوميا ونقوم بمطابقة الاموال المتحققة وايصالات الايداع.
وانا اؤكد ان المشكلة الاساسية بالنسبة لموضوع الايرادات مرتبطة بالاساس بالجانب الاسرائيلي الذي يتهرب من تطبيق بنود بروتوكول باريس الاقتصادي ويحول الاموال بمزاجية وتخصم الاموال بطريقة أحادية وتنفق دون الرجوع الينا ما يشكل خرقا اضافيا.
*قبل فترة (حوالي ثلاث سنوات) اثير موضوع زيادة اربعة شواقل فوق السعر المحدد لرسوم المغادرة، ما هي قصة الاربعة شواقل؟
أرى ان هذا المبلغ فرض دون قانون، وحقيقة لا نعرف على أي اساس تم فرضه. ولم يجر تحويل الاموال التي جمعت للخزينة العامة، كما انه تم وقف جمعها، ما يعني انها للاستراحة، وباتت تتحملها السلطة التي تدفعها للبلدية.
ملحق حياة وسوق – منتصر حمدان- جريدة الحياة الجديدة