واشنطن – أ ف ب: مع الإعلان عن وقف إطلاق النار في لبنان، يحاول جو بايدن قدر المستطاع إنقاذ سجله الدبلوماسي قبل تسليم الرئاسة الأميركية لدونالد ترامب الذي دأب على اتهامه بإضعاف دور واشنطن على الساحة الدولية.
وأكد الرئيس الأميركي خلال إعلانه التوصل إلى وقف النار في البيت الأبيض الثلاثاء، أن هذه الهدنة التي تحققت بعد جهود قادتها الولايات المتحدة وفرنسا، “تُقرّبنا من الرؤية الاستباقية التي حملتُها طوال فترة ولايتي”، وهي شرق أوسط “مسالم” و”مزدهر”.
ووعد الرئيس الديموقراطي البالغ 82 عاماً، والذي سيحضر مراسم تنصيب منافسه الجمهوري في 20 كانون الثاني، بإعادة إطلاق الجهود من أجل التوصل إلى هدنة في غزة يرافقها إطلاق سراح الرهائن، وللدفع باتجاه تطبيع للعلاقة بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية مصحوبا باتفاقية أمنية بين السعوديين والأميركيين.
وقال بايدن: “أعتقد أن هذا البرنامج يظل ممكنا خلال الفترة المتبقية لنا في السلطة”.
وأكد مدير الأبحاث في “مجموعة صوفان” كولن كلارك أن بايدن، ومن خلال إشادته بالدور الذي أداه لتحقيق الهدنة في لبنان، يحاول “تجميل الواقع البائس”.
ومنح الخبير “تقييما إيجابيا” لطريقة تعامل بايدن ردا على الغزو الروسي لأوكرانيا، لكنه رأى أن سياسته في الشرق الأوسط كانت “كارثية”.
وأوضح أن الرئيس الديموقراطي الذي طُبع مطلع ولايته بالانسحاب الفوضوي لقوات بلاده من أفغانستان، “لم يكن أبدا ضعيفا بقدر ما كان عندما يتفاوض مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو”.
ورأى غاريت مارتن، الأستاذ في الجامعة الأميركية، من ناحيته أن بايدن “سيتجنب إعلان النصر” في الملف اللبناني الذي يعتبره “الأقل أهمية” من بين الجبهات الثلاث النشطة في المنطقة، إلى جانب الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة والتوتر مع إيران.
ويشكل الفوز العريض الذي حققه دونالد ترامب في انتخابات الخامس من تشرين الثاني الرئاسية في حد ذاته صفعة كبيرة لبايدن الذي سبق أن حذّر من الخطورة التي يشكّلها ترامب على الديموقراطية في الولايات المتحدة.
وفي حال نفذ الملياردير الجمهوري البالغ 78 عاما وعوده الانتخابية، فمن شأن ذلك نسف الكثير من إرث بايدن الدبلوماسي.
فقد هدد سلفه وخليفته بإعادة إطلاق الحروب التجارية، بما في ذلك ضد الدول المتحالفة تقليديا مع الولايات المتحدة، والتي سعى جو بايدن جاهدا لتجديد العلاقات القوية معها.
ولوّح ترامب في شباط بعدم ضمان حماية الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي ما لم تخصص ميزانية كافية للدفاع عنها.
من خلال تعيين ماثيو ويتاكر في منصب سفير الولايات المتحدة لدى الناتو في 20 تشرين الثاني ، أكد ترامب أن هذا السياسي الموالي له سوف “يضع أميركا أولا”.
ومع ذلك، فإن توسعة حلف الناتو تشكل بلا شك نجاحا دبلوماسيا يفتخر به بايدن، فضلا عن دعم أوكرانيا الذي قد يشهد تراجعا في عهد الرئيس المستقبلي.
ويدرك بايدن ذلك جيدا، لذا فإنه يعمل منذ الانتخابات وقبل نقل السلطة إلى خلفه على زيادة المساعدات إلى كييف. وقد سمح خصوصا للجيش الأوكراني باستخدام المعدات الأميركية لضرب عمق الأراضي الروسية، وتعرّض لانتقادات من معسكر ترامب لرغبته في إشعال “الحرب العالمية الثالثة”.
وفيما يواجه سجل جو بايدن تهديدا، سيكون من الصعب للغاية على ترامب أيضا أن يفي بالوعود التي قطعها خلال الحملة الانتخابية، ولا سيما تلك المتعلقة بحل الصراع في أوكرانيا بسرعة كبيرة.
وفي ما يتعلق بغزة، أكد ترامب، وهو قطب سابق في مجال العقارات، أيضا أنه قادر على إحلال “السلام”، مشيدا بآفاق التطوير العقاري والسياحي في القطاع الفلسطيني الذي يُعتبر، حسب قوله، “أفضل من موناكو”.
وأشار غاريت مارتن إلى أن “الموروثات الدبلوماسية يمكن تقاسمها”، مضيفاً: “من الآن فصاعداً، (مشاكل بايدن) تصبح مشاكل ترامب”، سواء في الشرق الأوسط أو في أوكرانيا.