الايام -بديعة زيدان:في ردة فعل تلقائية، زغرد الروائي الأرتيري حجي جابر، عند إبلاغه بأن تصريح زيارته إلى فلسطين صدر، وأن ترتيبات هذه الزيارة للمشاركة في فعاليات ملتقى فلسطين الأول للرواية العربية، وتنظمه وزارة الثقافة، وتنطلق فعالياته اليوم، جارية، لافتاً إلى أنه كان يحدث أصدقاءه في قطر، حيث يقيم، بأن إحساساً قوياً لديه بأن حلمه بزيارة فلسطين سيتحقق، وهو ما كان.
أما الروائي محمود الريماوي، فعبر عن سعادته الغامرة بهذه الزيارة، التي هي الأولى له منذ غادر فلسطين، وبالتحديد بلدته بيت ريما، شمال غربي رام الله، قبل أكثر من خمسين عاماً، هو الذي له حكايات كثيرة مع فلسطين ومشوار نضالاتها في الخارج، كيف لا، وهو من عمل مع الشهيد غسان كنفاني الذي اكتشفه مبدعاً.
ووصل، أمس، الفوج الأول من الروائيين والروائيات العرب والفلسطينيين المقيمين في الخارج، إلى أرض فلسطين، وبالتحديد إلى مدينة رام الله، التي يحتضن المسرح البلدي فيها فعاليات الملتقى، وهم: الروائي الجزائري واسيني الأعرج، والروائي المغربي أحمد المديني، والروائي التونسي الحبيب السالمي، والروائي العراقي زهير الجزائري، والروائية ليلى الأطرش المقيمة في الأردن، والكاتب والأديب د. خالد الحروب المقيم في قطر، وقبلهم بيوم الروائي الفلسطيني ربعي المدهون المقيم في بريطانيا، والروائي أنور حامد المقيم في بريطانيا أيضاً.
وكتبت الروائية السورية مها حسن، وهي من بين ضيوف الملتقى، على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك): أعتقد أن ملتقى الرواية في رام الله سيكون خطوة مهمة لفتح الأبواب بين فلسطينيي الداخل والعالم العربي، متأكدة من كسر تابوهات كثيرة عبر هذه الخطوة (…) قلت لصديقتي في معرض حديثي عن فلسطين: “فلسطين بالنسبة لي الآن سوريا التي ضاعت مني، من يصدق أن هذا البلد المصاب بتاريخ من الوجع .. يعالج وجعي السوري ويرمم ثقوب الفقدان”.
أما الرواية المصرية منى الشيمي فكتبت فور استقلالها الطائرة من القاهرة أنها متوجهة إلى “فلسطين الحرّة” .. وقالت: أشعر بشعور غريب، فهي رحلة ليست كغيرها .. رحلة أقرب إلى الحج .. “قلبي يزغرد”.
من جهته عبّر الروائي الأردني من أصول فلسطينية، جمال ناجي، عن دهشته فور إخباره بصدور تصريح زيارة فلسطين .. وقال “هذا خبر رائع، بل أكثر من رائع .. كدت أفقد الأمل، ولكن ها هو الحلم يتحقق”.
واستهجن الروائي الجزائري واسيني الأعرج وصف زيارته وعشرات الروائيين العرب إلى فلسطين التي تحتضن عرساً ثقافياً ووطنياً (ملتقى فلسطين الأول للرواية العربية) بالتطبيع، وقال في تصريحات صحافية: مشاركتي تدخل في سياق التزام نشأ فيّ منذ طفولتي الأولى. لا أريد أن أخونها كيفما كان الحال، طفولتي صنعتني.. أن أحضر أعراس فلسطين ومآتمها مهما كانت المسافات الثقيلة، والظروف الفاصلة. وليس ملتقى فلسطين للرواية إلا واحدا من هذه الأفراح المشتركة.
وأضاف: في فلسطين لا يوجد فقط الموت، يوجد أيضا أناس يحلمون بالحرية والعصافير والخير والخبز والفرح والإنسان. لا أهتم بعدها كثيرا بما يمكن أن يقال. لا يُحاسب من يحب أرضه. ومن حاسبه فهو يكره تلك الأرض التي تسرق يوميا.. التطبيع؟ ليكن. لهم تطبيعهم كما يصفونه وينتشون به وراء الكذبة الكبرى، ولي شوقي وحبي. أعرف كما يعرفون، أن التطبيع أن تسير وفق شهوة القاتل، أن تقبل بعزلة أرض الملائكة والأنبياء، وبرميها في جهنم النسيان، وقتلها في الصمت الخبيث.
وختم: لي فلسطيني التي كبرت في حضن ذاكرتها التي لا تموت أبدا.. أتحمل بؤس المعابر وقسوتها، وخبث الذي يتفرس أشواقي، لأني أعرف سلفا أني بمجرد وصولي سأنسى الغبار، ولن تبقى في قلبي إلا رائحة التربة الأولى وعطر فلسطين، وتكبر فيّ رغبة أخرى للحياة وفتح البوابات الثقيلة مع ملايين الأيدي لتدخل الشمس الممنوعة.
وكان وزير الثقافة د. إيهاب بسيسو، رفض وصف زيارة المبدعين العرب إلى فلسطين وشعبها بالتطبيع، مشدداً على أن في زيارتهم هذه كسر للعزلة والحصار الذين يحاول الاحتلال تكريسه بعزلنا عن عمقنا العربي .. إنهم في فلسطين ليشاركوننا يومياتنا، وهواءنا، وماءنا، والزيت والزيتون والزعتر، وليطلعون عن واقعنا كما هو، ما بين سياسات الاحتلال العنصرية، ومقاومتنا بشتى الطرق، ومنها الثقافة لتعزيز صمود أبناء شعبنا على أرضه، مثمنا تلبية المبدعين والمبدعات العرب “للقدوم إلى فلسطين والمشاركة في الملتقى الذي يجسد مقولة الثقافة مقاومة”.
لكل من وطئت قدمه من العرب والفلسطينيين المقيمين خارجها، للمشاركة في الحدث الثقافي الأبرز هذه الأيام، وللتضامن مع الأسرى المضربين عن الطعام في معركة الحرية والكرامة، حكايته الخاصة، ومشاعره الكبيرة تجاه فلسطين وأهلها الطيبين، الذين لسان حالهم يقول “قلوبنا وبيوتنا مفتوحة لكم، فأهلاً وسهلاً بكم في فلسطين العربية رغم أنف الاحتلال”.
مشاعر جيّاشة تجتاح زوار فلسطين من الروائيين والروائيات العرب
Leave a comment