تقرير اخباري
غزة – الحياة الجديدة – أكرم اللوح – بدت عليه ملامح العصبية والحزن وهو يخوض نقاشا حادا مع أبنائه السبعة الذين تتراوح أعمارهم بين الـ6 سنوات والـ27 عاما كانوا يعيشون في منزل من طابقين على مساحة 170 مترا شرق مدينة دير البلح وسط قطاع غزة.
المواطن بكر الملاحي (44 عاما) يحاول أن يقنع أبناءه السبعة بالصبر في حديث لم يخل من الحدية تحت خيمة مهترئة تسمح بتسرب أشعة الشمس اليها في صورة قاسية للمواطنين الذين تشردوا خلال العدوان الاسرائيلي وعادوا الى منازلهم فوجدوها أثرا بعد عين.
يقول المواطن الملاحي لـ «الحياة الجديدة» توجهنا الى مدرسة تابعة لوكالة الغوث غرب دير البلح للاقامة بها بعد تهديدنا من قبل قوات الاحتلال بمغادرة المنطقة القريبة من الحدود « منوها الى أنه عاد برفقة عائلته مساء الثلاثاء الماضي بالتزامن مع اعلان التهدئة ولكن كانت الصدمة الكبرى حين وجد منزله عبارة عن كومة من الركام».
ويضيف: «قررنا نصب خيمة للاقامة أنا وأبنائي خلال النهار والعودة الى المدرسة ليلا « وعن سبب الاقامة نهارا والمغادرة ليلا قال: «هناك بعض المؤسسات والجمعيات تفرض علينا الاقامة بجانب منازلنا المدمرة لأخذ احصائيات الأضرار ومشاهدة ما حل بنا من دمار اضافة الى كونها رسالة تحد للعدو الاسرائيلي بأننا باقون على هذه الأرض».
المواطن الملاحي لم يخف تذمره من المشاكل التي تواجهه وأبناؤه من تقصير بعض الجهات في مساعدتهم والتوزيع غير العادل والفوضوي في المساعدات التي تدخل الى قطاع غزة حتى أنه شكك في نزاهة بعض القائمين عليها وامكانية ايصالها لمستحقيها، مطالبا بتشكيل لجنة وطنية عليا ترأسها الحكومة الفلسطينية للاشراف وتوزيع هذه المساعدات».
ودمرت قوات الاحتلال الاسرائيلي ما يقارب الـ60 ألف منزل بين تدمير كلي وجزئي خلال عدوان قاس استمر لمدة 51 يوما راح ضحيته ألفh شهيد واكثر من أحد عشر الف جريح.
ووفقا لاحصائيات وكالة الغوث فقد لجأ الى مدارسها حوالي النصف مليون نازح من المناطق الحدودية الشرقية لقطاع غزة، حيث عاد عدد منهم الى منازلهم عقب اعلان التهدئة فيما بقى الآلاف في المدارس لعدم توفر بديل مناسب بعد هدم منازلهم.
نزار اسعيد (62 عاما) لا يختلف حاله عن جاره الملاحي فكلاهما يقضي نهاره تحت الخيمة لتحميهم من أشعة الشمس ويتوجهان برفقة بعضهما في المساء للمبيت في مدرسة غرب دير البلح لكونها أكثر أمنا وحماية لأطفالهم ونسائهم».
المواطن اسعيد يقول لـ «الحياة الجديدة» انه قضى عشرين عاما برفقة أبنائه الثلاثة المتزوجين في بناء منزله الذي أصبح كومة من التراب في لحظات متمنيا من الحكومة الفلسطينية سرعة ايجاد حل مناسب للعائلات التي دمرت منازلها واسكانهم في أماكن لائقة تحفظ كرامتهم وانسانيتهم».
ولم يخف المواطن أسعيد تذمره من صعوبة العيش في مدارس وكالة الغوث لنقص الكثير من المستلزمات والازدحام اضافة لانتشار بعض الأمراض ونقص الرعاية الأولية.
ويكشف اسعيد عن أن مصدر رزق أبنائه الثلاثة تم غمره أسفل هذا المنزل منوها الى أنهم كانوا يعملون في التجارة وتحتوي «حواصل» المنزل على مخازن المواد الأساسية التي كانوا يوزعونها على المحلات التجارية في أنحاء قطاع غزة مقدرا الخسارة بحوالي 50 ألف دولار أميركي.
وفقد الآلاف من مواطني قطاع غزة مصدر رزقهم الأساسي بسبب العدوان على قطاع غزة فيما بلغت الخسائر الاقتصادية مليارات الدولارات حسب احصائيات أولية لوزارة الزراعة والاقتصاد الفلسطينيتين.