انسحاب قوات الاحتلال يكشف عن “زلزال” خلفه القصف والخسائر في القطاع تقدر بـ6 مليارات دولار
الاردن يقدم مشروع قرار حول غزة الى مجلس الامن .. والدول المانحة تجتمع في النرويج مطلع أيلول
القدس المحتلة – عواصم – الحياة الجديدة – انتقلت المعركة منذ صباح امس، من تبادل القصف واطلاق النار بين اسرائيل وقطاع غزة، الى القاهرة بالتفاوض حول المطالب والحقوق الفلسطينية لوقف اطلاق نار طويل المدى، وذلك في ظل تهدئة اتفق عليها الطرفان بوساطة مصرية بدأت منذ الساعة الثامنة من صباح امس وتستمر لمدة 72 ساعة. وكشفت هذه التهدئة عن حجم الدمار والخسائر الاقتصادية التي حلت بالقطاع إثر تعرضه لقصف عدواني على مدار 29 يوما، وتكبدت إسرائيل خسائر بمليارات الدولارات في قطاع السياحة وغيره وتخشى تراجع نموها الاقتصادي الإجمالي هذا العام أيضا.
. من جهته اقترح الاردن على الدول الاعضاء في مجلس الامن الدولي مشروع قرار ينص على رفع الحصار عن قطاع غزة كما يتضمن خطة لاعادة اعمار القطاع.
ونقلت قناة “الميادين” عن مصادر دبلوماسية ان اسرائيل وافقت على أربعة مطالب من الورقة التي قدمها الوفد الفلسطيني الموحد للمصريين لوقف اطلاق النار ورفضت 3 منها. وأوضحت المصادر ان اسرائيل وافقت على وقف عدوانها على قطاع غزة ورفع الحصار، اضافة الى موافقتها على بند الورقة المتعلق بالحق في الصيد البحري لمسافة 12 ميلا، اضافة الى الموافقة الاسرائيلية على بند الورقة المتعلق بالأسرى وهو “الغاء جميع الإجراءات والعقوبات التي فرضتها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية بعد 12 يونيو (حزيران) الماضي (تاريخ اختفاء ثلاثة مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغربية وعثر على جثثهم لاحقا)، بما فيها الإفراج عن الذين اعتقلوا بعد هذا التاريخ”. ولم توضح المصادر ان كانت اسرائيل ستفرج عن الدفعة الرابعة من أسرى ما قبل اتفاق أوسلو (عام 1993). وأشارت الى ان اسرائيل رفضت مبدئيا المطالب المتعلقة بفتح مطار رفح واقامة ميناء بحري.
وتتضمن ورقة الوفد الفلسطيني مطالب عدة من أجل التهدئة في قطاع غزة، وأبرزها الانسحاب الإسرائيلي الفوري من القطاع ووقف إطلاق النار ورفع الحصار. ونصت الورقة على ضمان وقف التوغلات الإسرائيلية والاجتياحات والاغتيالات وقصف البيوت وتحليق الطيران الإسرائيلي في أجواء قطاع غزة.
وإنهاء الحصار المفروض على غزة انطلاقا من تفاهمات نوفمبر (تشرين الثاني) 2012، بما يضمن فتح المعابر وضمان حرية حركة الأفراد والبضائع وحرية إدخال كافة مستلزمات إعادة الإعمار، وفك الحصار الاقتصادي والمالي. كما تضمنت «ضمان التواصل بين الضفة وغزة، وحرية العمل والصيد في المياه الإقليمية في بحر غزة حتى عمق 12 ميلا، وإعادة تشغيل مطار غزة وإنشاء الميناء البحري، وإلغاء ما يسمى المناطق العازلة التي فرضتها إسرائيل على حدود القطاع».
وشملت الورقة أيضا إلغاء جميع الإجراءات والعقوبات التي فرضتها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية بعد 12 يونيو (حزيران) الماضي (تاريخ اختطاف ثلاثة مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغربية وعثر على جثثهم لاحقا)، بما فيها الإفراج عن الذين اعتقلوا بعد هذا التاريخ، والدفعة الرابعة من أسرى ما قبل اتفاق أوسلو (عام 1993)، وفتح المؤسسات وإعادة الممتلكات الخاصة والعامة التي صودرت ووقف اعتداءات المستوطنين. وكذلك المباشرة الفورية في إعادة إعمار القطاع من خلال حكومة التوافق الوطني بالتعاون مع الأمم المتحدة ومؤسساتها وإيصال كافة الاحتياجات الإغاثية والإنسانية لأبناء الشعب الفلسطيني في القطاع بما يشمل المواد الغذائية والدوائية والمياه والكهرباء وتوفير ما هو مطلوب لتشغيل محطات الكهرباء بشكل فوري.
كما طالبت الورقة بعقد مؤتمر دولي للدول المانحة برئاسة النرويج ومشاركة أوروبا والدول العربية والولايات المتحدة واليابان وتركيا والدول الإسلامية وروسيا والصين وباقي الدول الأعضاء، بهدف توفير الأموال المطلوبة لإعادة الإعمار وفق برنامج زمني محدد.
وبعد نحو شهر على بدء العدوان، استطاع النازحون في قطاع غزة العودة تفقد منازلهم المدمرة. فيما سحب جيش الاحتلال كل قواته من القطاع. واعلنت وزارة الصحة مساء امس ان “حصيلة الشهداء حتى اللحظة المسجلين لدى الوزارة منذ بدء العدوان الاسرائيلي على غزة قبل شهر هي 1875 شهيدا من بينهم 430 طفلا و243 امراة و79 مسنا“. واضافت الوزارة “ان حصيلة الشهداء من الطواقم الطبية 21 شهيدا اضافة الى 85 جريحا”. وتابعت “ان عدد الجرحى بلغ 9567 من بينهم 2878 طفلا“.
وافاد مصدر رسمي فلسطيني في معبر رفح ان اعضاء من الوفد الفلسطيني المفاوض من غزة غادر امس الى القاهرة للالتحاق بالوفد الفلسطيني الموجود هناك لبحث تثبيت التهدئة. وكان خالد البطش القيادي في حركة الجهاد الاسلامي وعضو الوفد اعلن قبل مغادرته المعبر للصحفيين “لأول مرة نكون موحدين في موقف فلسطيني من اجل وقف العدوان على غزة”. ووصل الوفد الاسرائيلي المفاوض بدوره الى القاهرة.
ومنذ بدء التهدئة عاد الآلاف الى احيائهم لتفقد ان كانت منازلهم ما زالت موجودة او تحولت الى ركام. وفي بيت حانون لم يجد رفعت المصري، الأب لخمسة اطفال، سوى حطام منزله. وقال “لقد عملت 40 عاما لبناء هذا المنزل. لقد دمر بالكامل. لم يبق اي شيء“.
وبحسب وكيل وزارة الاقتصاد تيسير عمر فان قيمة الخسائر المباشرة للعدوان الاسرائيلي تراوح بين 4 و6 مليارات دولار. واشار الى ان الدول المانحة “ستجتمع في النرويج في ايلول المقبل للبحث في تمويل اعادة اعمار غزة“.
ورحبت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) بالتهدئة، معلنة اطلاق نداء طارئ لجمع 187 مليون دولار لتقديم مساعدات طارئة لنحو 250 الف نازح في القطاع.
وقبل دقائق على بدء العمل بالتهدئة تعرضت مناطق مختلفة من قطاع غزة لغارات اسرائيلية فيما سقطت صواريخ اطلقتها المقاومة على نحو عشر مدن اسرائيلية.
من جهته، اعلن الجيش الاسرائيلي انسحابه الكامل من القطاع. وقال الجنرال موتي الموز المتحدث باسم الجيش لاذاعة الجيش الاسرائيلي “كان هناك عدد من القوات في الداخل…ولكنها غادرت بأكملها” من قطاع غزة.
وكان المتحدث باسم الجيش بيتر ليرنر قال للصحفيين ان “الجيش سينتشر خارج قطاع غزة في مواقع دفاعية (في اسرائيل) فور دخول وقف اطلاق النار حيز التنفيذ”. غير ان المتحدث حذر من ان الجيش سيرد على اي هجوم انطلاقا من قطاع غزة. وقال مسؤولون اسرائيليون إن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو عقد اجتماعا لمجلس الوزراء المصغر المسؤول عن الشؤون الأمنية لبحث آثار القتال.
واقترح الاردن الثلاثاء على الدول الاعضاء في مجلس الامن الدولي مشروع قرار ينص على رفع الحصار عن قطاع غزة كما يتضمن خطة لاعادة اعمار القطاع، وفق دبلوماسيين. وقالت سفيرة الاردن لدى الامم المتحدة دينا قعوار للصحفيين “قدمنا مشروع قرار بالتعاون مع اصدقائنا الفلسطينيين والمجموعة العربية”. والاردن هو الدولة العربية الوحيدة العضو في مجلس الامن الدولي حاليا.
وأملت قعوار في ان تتحول الهدنة التي وافقت عليها اسرائيل وحماس من 72 ساعة الى وقف اطلاق نار دائم كما ان تؤدي الى مفاوضات، وشددت على ضرورة ايجاد خطة طارئة لاعادة اعمار غزة لان “ذلك مهم جدا بالنسبة لنا”. واشارت الى انه تجري مشاورات حول المشروع الاردني على امل التوصل الى نتيجة “خلال يوم او اثنين“.
من جهته اكد سفير بريطانيا لدى الامم المتحدة مارك ليال غرانت تقديم الاردن للمشروع واشار الى انه “ستتم مناقشته خلال يومين او ثلاثة”. ولكنه لفت الى ان “الوضع يتطور بسرعة على الارض” خاصة بعد بدء الهدنة والمفاوضات في القاهرة، ولذلك ربما يجدر تبني “مقاربة مختلفة بعض الشيء“.
واوضح انه بالنسبة لبريطانيا، التي تتراس مجلس الامن الشهر الحالي، يجب الا يقتصر وقف اطلاق النار على العودة الى الوضع كما كان، كما ان المفاوضات يجب ان تتطرق الى قضايا عدة من بينها “القدرة على الوصول الى غزة ودور السلطة الفلسطينية وانعاش الاقتصاد“.
وينص مشروع القرار الاردني على “وقف اطلاق نار دائم” ودعم جهود الوساطة المصرية. ويؤكد ضرورة حماية المدنيين واحترام حصانة منشآت الامم المتحدة. كذلك يطالب “برفع القيود المفروضة من قبل اسرائيل على حركة الاشخاص والسلع” في غزة واعادة فتح المعابر الحدودية بشكل دائم. الى ذلك يطالب المشروع بمساعدة انسانية فورية للفلسطينيين ويدعو الدول الاعضاء في الامم المتحدة الى المساهمة الطارئة في اعادة اعمار القطاع وانعاش اقتصاده.
تعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم الأربعاء “اجتماعا غير رسمي” لأعضائها الـ193 لمناقشة الأوضاع في قطاع غزة. وقال متحدث باسم الأمم المتحدة، إن الاجتماع سيعقد بدعوة من مجموعة الدول العربية. وأضاف أنه خلال هذه الجلسة العامة ستستمع الجمعية العامة إلى إفادات العديد من كبار المسؤولين في الأمم المتحدة، من بينهم المفوضة العليا لحقوق الإنسان نافي بيلاي، ورئيس وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بيار كراهنبول، ومنسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط روبرت سيري، ولن ينتج عنها أي قرار أو تصويت على نص.
ورحبت الولايات المتحدة والامم المتحدة وروسيا باعلان الاتفاق على التهدئة بأمل ان تسمح بالتوصل الى اتفاق وقف اطلاق نار دائم. وقالت جين ساكي المتحدثة باسم الوزارة ان واشنطن ستواصل مساعيها لمساعدة الاطراف على تحقيق “حل دائم تتوفر فيه مقومات الاستمرارية لأجل طويل“.