يستمر مسلسل اللقاءات الثنائية بين حركتي “فتح” و”حماس” تحت مسميات مختلفة، فحركة “حماس” تراها مناسبة لبحث آليات تنفيذ اتفاق المصالحة الموقع، دون أن تحدد بالضبط ما هي، فهل يكون منها اتفاق الدوحة بنصه أم اتفاق القاهرة بنسخه المتعددة منذ العام 2005 وحتى تاريخه، فيما “فتح” تراها لقاءات لاستكمال ما كان من لقاءات ثنائية.. ولكن كلا الطرفين يؤكدان أنهما من يقرر هل تكون هناك مصالحة أم لا تكون، دون اي اعتبار أو اهتمام لوجود الفصائل الأخرى، مهما كان الإسم أو التاريخ، فكلها سواء، ما يؤكد المقولة الراسخة بأنهما وحدهما طرفي الأزمة الوطنية، يتحملان وزرها السياسي والوطني، ولا يحق لحركة “فتح” وقيادتها لاحقا أن تغضب من هذا التوصيف السياسي الدقيق، بل ولعلها ستبحث يوما عن “حلفاء” فلن تجدهم، ويصيبها ما أصاب “حماس” من انفضاض “الحلفاء” من حولها..
طرفي الأزمة – الكارثة الوطنية يلتقيان للبحث فيما سيبحثون من عناوين، تلك هي المهمة الجوهرية التي أعلنت، وتحاول “حماس” أن تتحدث عن ضرورة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بـ”التوازي”، دون أن تحدد ماهية تلك القضايا التي يمكن تنفيذها فعلا، فيما “فتح” تراها بالتتالي ولم تقف بعد على تلك المتتاليات السياسية، لكن كل منهما يتحدث وفقا لما يعتقد أنه “سلاح الهروب” من تحمل المسؤولية عن تأخير تنفيذ المتفق عليه..
فـ”متوازيات” حماس السياسية التي تتداولها في الآونة الأخيرة تحتاج لتدقيق كي يدرك الشعب ماذا تريد، فهل تعتقد الحركة مثلا أن تعمل لجنة الانتخابات لاستكمال وتحديث السجل الانتخابي في قطاع غزة، مع البدء في مشاورات تشكيل الحكومة الانتقالية بالتوازي مع بحث اللجنة الأمنية العليا مصير الأجهزة الأمنية وتكوينها وعقيدتها ومنظومتها، أم تتوازى مع البحث في قانون الانتخابات التشريعية وموعدها والانتخابات الرئاسية والمجلس الوطني، وهل يمكن اعتبار ملف المصالحة المجتمعية الذي بدأ البحث فيه يوما ما في الضفة والقطاع وانتهى بمجرد طرد موظفي لجنة الانتخابات واغلاق مقرها في غزة، دون سببه وجيه، وهل يمكن أن يكون “التوازي” الحمساوي للمصالحة بين عمل اللجنة وتبييض المعتقلات من المخطوفين قهرا من كلا الطرفين، وهل لحماس ان تكف عن محكامات هزلية تذكرنا بمحاكمات قراقوش لبعض ابناء فتح وآخرهم زكي السكني..
أما “متواليات” حركة “فتح” فلا نعلم بالضبط ما تعني بها، فهل لو وافقت “حماس” على فتح مقر لجنة الانتخابات والسماح لأعضائها العودة لتحديث السجل الانتخابي ستبدأ باعطاء الضوء الأخضر للمشاورات الحكومية، وهل لازالت متمكسة بأن يكون الرئيس عباس هو رئيس الحكومة الانتقالية كما جاء في اتفاق الدوحة المقبور بايد الزهار وفريقه، ام هناك تعديل قادم، وهل يمكن أن تقول لنا “فتح” عبر “متوالياتها” السياسية ما هي الانتخابات التشريعية التي تريدها، هل هي لبرلمان دولة فلسطين أم انتخابات لنظام مجهول الهوية أو نظام “هجين” من “الدولة” و”السلطة”، أم انتخابات وكفى حتى يتم الاتفاق على طبيعة النظام، وهل لنا معرفة طبيعة الانتخابات الرئاسية ايضا، هل هي انتخابات لرئيس الدولة أم رئيس السلطة، وهل لفتح رؤية تتفق مع رؤية حماس لقوات الأمن الوطني بكل تشكيلاتها، وهل لديها رؤية خاصة للتشكيلات المسلحة للفصائل الوطنية كافة، وهل سينحصر وجودها في قطاع غزة لو تم الاتفاق على بقائها أم سيكون جزءا من الواقع الكياني في الضفة الغربية، وهل سيبقى “التنسيق الأمني” سائرا كما هو عليه الحال..
وقبل كل هذا من “متوازيات” و”متتاليات” هل هناك موقف واضح من “حماس” للمتغير الجوهري – التاريخي وهو قبول فلسطين دولة مراقب في الأمم المتحدة، أم أن تلك مسالة غير قابلة للبحث باعتبارها “شأنا داخليا” لا يخص رؤية “حماس” في المصالحة، وان ما تم توقيعه وحده لا مساس به، وإن تجاهلت “حماس” دولة فلسطين كحقيقة سياسية قائمة، فهل لحركة “فتح” ان تواصل البحث عن “متتالياتها” في تنفيذ الاتفاقات السابقة..
خواطر متلاحقة تفرض نفسها كي لا يتجاهلها طرفي الأزمة، إن أرادا أن نصدق أنهما فعلا يبحثان عن سبل تحقيق المصالحة، غيرها نقول لهم كفاكم “مسخرة” أنتم و”متوازياتكم” أو “متتالياتكم”!
ملاحظة: نتنياهو يشعر براحة بال وضمير عشية الانتخابات بفضل “الهدوء غير المسبوق” على الحدود مع قطاع غزة منذ عام 2000، لم يكن الحال كما هوعليه.. لسان حال بيبي: “شكرا حماس”!
تنويها خاص: الحكومة الفلسطينية أحسنت فعلا باعتبار قرية “باب الشمس” هيئة حكم محلي تتبع بلدية القدس الفلسطينية.. خطوة سيكون لها من الأثر السياسي الكبير..شكرا فياض!
أمد الاخباري.