مثلت الزيارة الخاطفة لوزير الخارجية الأميركي جون كيري للقاهرة أمس رسالة دعم إلى الرئيس المصري الجديد عبدالفتاح السيسي، إذ تعهد خلالها إنهاء تجميد المساعدات، وربط عودتها إلى معدلاتها الطبيعية بتقدم الحكم الجديد نحو الديموقراطية.
وكان الوزير الأميركي بدأ زيارته السريعة بلقاء نظيره المصري سامح شكري، قبل أن يعقد طاولة مستديرة مع ممثلين عن منظمات مجتمع مدني، ليذهب بعدها إلى قصر الاتحادية الرئاسي حيث التقى السيسي، قبل أن يعقد مع شكري مؤتمراً صحافياً مشتركاً تعهد فيه رفع التجميد عن المساعدات، خصوصاً 10 مروحيات من طراز «أباتشي» قال إنها «ستصل قريباً». لكنه ربط الإفراج عن المساعدات كاملة باتخاذ إجراءات ديموقراطية، مشيراً إلى أن «دافع الضرائب الأميركي يجب أن يكون مقتنعاً بأن الدولارات التي يدفعها تذهب في المسارات الصحيحة، والمعونة الأميركية ضمن هذه المسارات».
وعشية إصدار محكمة جنايات الجيزة حكمها في قضية صحافيي قناة «الجزيرة» القطرية المتهمين بـ «التحريض على العنف ونشر أخبار كاذبة»، دعا الوزير الأميركي إلى احترام حرية الصحافة. ولفت إلى أنه ناقش المسألة مع السيسي، معرباً عن أن الانطباع الذي خرج به هو أن «الرئيس يقدر ملف حقوق الإنسان ويولي تلك الملفات اهتماماً».
وشدد السيسي في بيان على أن «الشعب المصري سيظل يحترم السلطة القضائية ويثق في نزاهتها ولا يتدخل في عملها»، ما أكده أيضاً شكري في معرض تعقيبه على القضية خلال المؤتمر الصحافي الذي شدد فيه على «استقلال السلطة القضائية في مصر، وقدرتها على التعامل بشفافية وحياد تام. وأي متهم لديه فرصة في قضاء عادل».
وحرص بيان رئاسي على الإشارة إلى أن اللقاء الذي جمع السيسي بوزير الخارجية الأميركي واستمر نحو ساعة ونصف الساعة «اتسم بروح إيجابية بناءة». ونقل تأكيد كيري «حرص بلاده على علاقاتها التاريخية المهمة بمصر، وأنها مهتمة بنجاح مصر التي تمثل ربع سكان العالم العربي وحدها، وبكل مالها من مكانة وثقل في العالم العربي، فضلاً عن دورها في إرساء واستقرار السلام في منطقة الشرق الأوسط».
وأعرب كيري عن اهتمام بلاده بـ «دعم مصر على الأصعدة السياسية والاقتصادية كافة، ومع اهتمام موازٍ بأوضاع حقوق الإنسان والحريات المدنية».
ورد السيسي بأن مصر «عازمة على المضي قدماً في استكمال إنجاز استحقاقات خريطة المستقبل، وأنه سيتم إعلان البدء في إجراءات الانتخابات البرلمانية قبل الثامن عشر من الشهر المقبل لبلورة تطلعات وطموحات الشعب المصري التي عبر عنها خلال السنوات الثلاث الماضية في أسرع وقت». وحذر الرئيس من «مغبة عدم تدارك الأوضاع في العديد من دول المنطقة، والتي تنذر بامتدادها إلى دول أخرى في المنطقة، وربما خارجها أيضاً، أخذاً في الاعتبار أن عدداً لا يستهان به من المقاتلين الأجانب منخرطون في الصراعات الدائرة في عدد من دول المنطقة… ويتعين الانتباه لكيفية اعتناق هؤلاء المقاتلين للفكر التكفيري في دولهم الأصلية، مستغلين في شكل سلبي أجواء الحريات التي تتيحها القوانين المعمول بها».
وأشار البيان الرئاسي إلى أن اللقاء تطرق إلى الأوضاع الإقليمية، خصوصاً في العراق وسورية وليبيا، «لاسيما مع التطورات التي يشهدها العراق ودور «داعش» في هذا الصدد.
وحذر السيسي، بحسب البيان، من «ارتباط الصراع الدائر في العراق وسورية وتأثير كل منهما في الآخر، فضلا عن خطورة الأوضاع في ليبيا، ورحب بالعمل على محاصرة الإرهاب في المنطقة من خلال جهد جماعي، مشيراً إلى أن مصر طالما نادت بأهمية تضافر جهود المجتمع الدولي في هذا الشأن». وقال البيان إن الرؤى اتفقت «على أهمية تعزيز التنسيق الأمني بين مصر والولايات المتحدة وعدد من دول المنطقة المعنية من أجل تحقيق استقرار المنطقة والحفاظ على سلامتها الإقليمية وضمان أمن شعوبها».
الحياة اللندنية