غزة / كما “أم أحمد” التي تجهل “تقلبات السياسة” وحملت على ذراعيها طفلها العيي ثم انزوت في البكاء، تملّكت الحيرة سميرة سعدات المجهدة بمرضها العضال وهي تنتظر ، عبثاً، العبور إلى “رفح الأخرى” وراء الجدار…
علّة المشهد في صالة الانتظار بـ”معبر رفح” حيث كانت “أم أحمد” و “سعدات” تزاحمان المئات من الآخرين الذين كانوا يحاولون السفر إلى القاهرة عبر “معبر رفح” دون أن يسمح لهم بتجاوزه، باتت أشبه بـ “لوحة سريالية” يصعب فهمها لدى غالبية المضطرين للسفر من القطاع، سواء لأسباب متصلة بالعلاج من أمراض يتعذر علاجها في غزة، أو لأجل إكمال التعليم واستئناف العمل في اماكن مختلفة من العالم، فيما يتملك السخط المكتوم آلاف الغزيين الذين يتطلعون لإنهاء هذه المأساة الدائمة، مرّة واحدة وإلى الابد .
قالت “أم أحمد” التي بدا على طفلها الإعياء الشديد – قالت للقدس دوت كوم أنها منعت من السفر عبر المعبر بحجة “الرفض الأمني” عدة مرات، رغم أنها ليست على علاقة مع السياسة أبدا، موضحة أنها تحاول و نجلها المريض الوصول عبر القاهرة إلى ألمانيا بغرض علاج النقص في هرمونات النمو الذي يتسبب له بعدم القدرة على الوقوف أو الحركة بصورة طبيعية، فيما أشارت سميرة سعدات ( 49 عاما ) التي جاءت إلى المعبر على متن حافلة صغيرة انطلقت من محطة وقوف قريبة من “مستشفى الشفاء” بأمل الوصول إلى القاهرة للحصول على جرعات علاج محددة تخفف من النوبات القلبية التي تكاد تودي بحياتها – أشارت إلى أنها واحدة من آلاف المرضى في غزة المحاصرة الذين يعانون أمراضا خطيرة كالسرطان أو “الروماتزم الدائم” و ينتظرون تجاوز المعبر دون جدوى .
أضافت الفلسطينية “سعدات” وهي تشرح مأساتها مع “المعبر” أنها أدرجت إسمها ضمن قائمة المسافرين لدى “دائرة التسجيل” في وزارة الداخلية منذ أكثر من 4 أشهر، لكنها منذ أكثر من شهر و”حتى اللحظة” فشلت محاولاتها للسفر، رغم وصولها صالة الانتظار المصرية أكثر من مرة؛ ودون إبداء الاسباب .
من بين مشاهد مؤلمة كثيرة على معبر رفح رصدتها القدس دوت كوم، قال الطالب وليد حسونة أنه يواصل الإنتظار منذ أكثر من شهر، بينما موعد سفره الذي تم تأجيله عدة مرات لـ”إكتفاء السلطات المصرية بعدد من الحافلات كانت تسبق الحافلة التي تقلّه إلى المعبر”، لافتا إلى أنه يحاول الوصول إلى تونس للالتحاق بإحدى جامعاتها بعد حصوله على درجة ممتازة في امتحانات الثانوية العامة لهذا العام، فيما قال المواطن توفيق المقيد أنه “يحاول” منذ أكثر من 4 أسابيع؛ زيارة شقيقه المريض في “دولة شقيقة” .
من جهته، قال مدير دائرة المعابر في غزة ماهر أبو صبحة للقدس دوت كوم أن آلاف المواطنين الفلسطينيين في غزة لا يزالوا ينتظرون أدوارهم في السفر عبر “معبر رفح”، مؤكدا أن دائرة التسجيل التابعة للدائرة تعمل بنظام الطوارئ وتولي اهتماما خاصا بالحالات المرضية الحرجة، لافتا في الوقت ذاته إلى عدم وجود علاقة للمديرية بمنع المواطنين من السفر، بينما لا تزال آلية العمل “بطيئة ودون أي تحسن ملحوظ، سواء على صعيد ساعات عمل المعبر أو سرعة تنقل المسافرين”.
القدس دوت كوم- محمود أبو عواد