بيت لحم/ كشفت وزارة الخارجية البريطانية عن نيتها مراجعة إسرائيل حول معاملة المؤسسة العسكرية للأطفال الفلسطينيين خلال الاعتقال والتحقيق عقب تلقيها تقريرا أعده طاقم من كبار الشخصيات القانونية البريطانية، بتمويل من وزارة الخارجية، والذي كشف النقاب عن ممارسات تنم عن “انعدام الضمير” على حد تعبير صحيفة الإندبندت البريطانية، مثل تعصيب العينين وتقييد الأرجل بالسلاسل الحديدية.
ويفيد التحقيق الذي يعتبر الأول من نوعه، والذي أجراه تسعة من كبار الشخصيات القانونية البريطانيين أن أطفالا فلسطينيين في سن مبكرة قد تصل 12 عاما يسحبون من فراشهم عند متصف الليل، وتربط أيديهم خلف ظهورهم، وتعصب أعينهم، ويجبرون على أن يجثوا على ركبهم أو أن يستلقوا على وجوههم داخل المركبات العسكرية الإسرائيلية.
يضيف التقرير أن ظروف اعتقال أطفال الضفة الغربية قد تصل إلى حد التعذيب، ومن بين هذه الظروف العزل الانفرادي، وعدم السماح لوالديهم بزيارتهم. كما أن الأطفال في بعض الأحيان يحرمون من النوم، ويتعرضون للشتائم أو الإيذاء الجسدي، ويجبرون على التوقيع على اعترافات لا يستطيعون قراءتها.
وقد أفاد فريق البحث الذي ترأسه القاضي المتقاعد ستيفن سيدلي أنهم سمعوا “أن كل طفل فلسطيني ينظر إليه على أن لديه النواة ليصبح إرهابيا.”
ويخلص التقرير إلى وجود انتهاكات متكررة لاتفاقية الأمم المتحدة الدولية لحقوق الطفل والتي تمنع المعاملة الفظة، وغير الإنسانية، والمهينة بحق الأطفال.
يقول غريغ ديفيس المحامي المتخصص في حقوق الإنسان، وأحد المشاركين في التحقيق: “بينما نحن جالسون في المحكمة نشاهد جلسة تمهيدية، إذا بطفل يبدو صغير السن، أو بالأحرى ولد يؤتى به مرتديا زيا بني اللون وسلاسل الحديد في قدميه. كان المشهد صدمة لنا، وكان وجودنا بناءً على دعوة تلقيناها للتواجد في المحاكم العسكرية لسماع أقوال قضاة متمرسين.” وفي ذات السياق يقول التقرير: “في حال احتجاز الأطفال بصورة روتينية لفترات ليست بالقصيرة في العزل الإنفرادي قد ينظر إلى ذلك على أنه تعذيب.”
بدورها نقلت صحيفة الإندبندنت عن وزارة الخارجية البريطانية قولها الليلة الماضية: “إن الحكومة البريطانية ومنذ زمن بعيد قلقة بشأن المعاملة التي يتلقاها الأطفال الفلسطينيون خلال اعتقالهم من قبل إسرائيل، ولذلك قررنا أن نقدم التمويل لإعداد هذا التقرير المستقل. وفي الوقت الذي نعترف بأن السلطات الإسرائيلية قد اتخذت بعض الخطوات الإيجابية، إلاّ أننا نؤكد على الكثير مما جاء في التقرير من أمور تدعو للقلق، وسوف نواصل الضغط من أجل مزيد من التحسينات.”
وبعيدا عن محاولة إثبات صحة ادعاءات الأطفال الفلسطينيين حول تعرضهم لمعاملة وحشية، وهو ما نفته السلطات الإسرائيلية، أشار طاقم المحامين البريطانيين إلى التفاوت في المعاملة القانونية للأطفال الفلسطينيين ونظرائهم الإسرائيليين.
الأطفال الإسرائيليون يلتقون بمحاميهم خلال 48 ساعة، ولا يجوز أن يسجنوا إذا كانت أعمارهم تقل عن 14 عاما. أما الفلسطينيون فيسمح بسجنهم ثلاثة اشهر في سن 12 سنة دون الحصول على من يمثلهم قانونيا. وقد أشار التقرير إلى أن 500-700 طفل فلسطيني يعتقلون سنويا في إسرائيل.
كما أشار التقرير البريطاني إلى أن الأطفال الفلسطينيين يعتقلون دون أن يتمكن والداهم من زيارتهم وذلك نتيجة عدم حصولهم على تصاريح للدخول إلى إسرائيل، وهو ما وصفته ماريانا هيلديارد إحدى المشاركات في التحقيق بأنه شيء فظيع.
وفيما يتعلق بالتحسينات التي أجرتها السلطات الإسرائيلية في هذا الشأن، ذكر التقرير أن المحامين الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء اعتبروا تلك التحسينات مجرد كلام وليس تغييرات حقيقية.