القاهرة / يوسف ندا «شخصية ظلت بعيدة عن الأضواء، ووسائل الإعلام حتى يوم 7 نوفمبر 2001 عندما تحدث عنه الرئيس الأمريكى جورج دبليو بوش الابن ووصفه بأنه أحد داعمى الإرهاب فى العالم، وأنه قام بتمويل أحداث 11 سبتمبر»، هكذا استهل شارل فؤاد المصرى كتابه «الأب الروحى» فى حديثه عن يوسف ندا أحد أبرز ممولى جماعة الإخوان المسلمين.
النشأة
■ ولد فى الإسكندرية عام 1931.
■ انتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين عام 1947.
■ اعُتقل مع عدد من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين بعد اتهامهم بمحاولة اغتيال جمال عبد الناصر فى ميدان المنشية بالإسكندرية فى أكتوبر عام 1954، قضى ما يقرب من عامين فى السجن وأُفرج عنه فى أبريل عام 1956.
■ بدأ نشاطه التجارى بعد خروجه من المعتقل، وأنهى دراسته الجامعية من كلية الزراعة جامعة الإسكندرية.
■ وفى أغسطس عام 1960 قرر ندا الهجرة من مصر، فذهب بداية إلى ليبيا ومنها إلى النمسا، حيث بدأ نشاطه التجارى يتوسع بين البلدين، حتى لُقِّب فى نهاية الستينيات بأنه ملك الأسمنت فى منطقة البحر المتوسط.
■ تمكن ندا من الهرب من ليبيا حينما اندلعت ثورة الفاتح فى سبتمبر عام 1969 ثم انتقل للإقامة فى كامبيونا الإيطالية التى تقع داخل الحدود السويسرية، وما زال يقيم بها إلى الآن، حيث يسكن فى قصر فخم يطل على بحيرة مدينة «لوجانو».
■ يوسف ندا يحمل الجنسية الإيطالية، وحصل على الجنسية التونسية فى الستينيات.
انضمامه إلى جماعة الإخوان المسلمين
على الرغم مما قيل عن قصة انضمام يوسف ندا سواء ما وثقته حوارات صحفية أو تليفزيونية أجريت مع الرجل أو ما وثقته تقارير أجهزة الاستخبارات الأمريكية، فإن تلك القصة يظل يشوبها كثير من الغموض، ولا يعلم أحد مدى صحتها، لكن فى النهاية تظل الرواية التى اعتمد عليها أغلب التقارير الإعلامية والبحثية هى ما قالها الرجل على لسانه.
وفيها يروى يوسف ندا قصة انضمامه إلى جماعة الإخوان المسلمين، وهو فى سن السابعة عشرة عام 1948، التى حدثت بالمصادفة مع مشادة جرت فى شارع مصطفى كامل بالإسكندرية، حينما تحولت المشادة إلى معركة بين عائلتين احتدمت فى لحظة تدخل فيها مجموعة من الأفراد يرتدون ثياب الكشافة بدؤوا فى فض المعركة واصطحاب أطرافها إلى داخل أحد «شعب» الإخوان المسلمين، حيث سأل ندا أين نحن؟ فعلم أنه موجود فى أحد مقرات جماعة الإخوان المسلمين.
وهنا بدأ تجنيده، وبعدها بأيام قلائل انضم إلى إحدى المحاضرات التى نظمها أفراد من الجماعة، بدؤوا فى إعطائه كتبا يقرؤها، وبدا يتعرف عليهم أكثر وأكثر، حتى بدأ الأمر فى التصاعد، ليصير الرجل واحدا من أبرز رجال الجماعة، وبعدها بعقود أكبر ممولا لها والأكثر نفوذا وتأثيرا لدى التنظيم الدولى للجماعة.
تأسيس الإمبراطورية المالية الكبرى
حينما سافر إلى النمسا بدأ ندا يخطو خطواته الأولى نحو عالم المال والأعمال، حيث بدأ فى صناعة الجبن وتسويقه فى أوساط الطلبة العرب الموجودين فى مدينة «جراتس» فى النمسا ثم تصديرها إلى عدد من الدول العربية بعد ذلك.
وحينما فشلت عمليات إنتاج منتجات الألبان فى التطور، أنشأ أواصر من العلاقات الاقتصادية القوية فى ليبيا، ونجح فى تأمين وتوفير امتياز تصديرى لمنتجات البناء من فينا، وقد توسعت أعماله فى هذا المجال، ليصبح المورد الأكبر للأسمنت ليس فى ليبيا فقط، لكن فى دول أخرى من بينها السعودية حتى عرف وقتها بملك الأسمنت فى البحر الأبيض المتوسط.
أنشأ بعدها شركة فى السعودية، وفى الرياض حاز على أول رخصة للخرسانات الجاهزة «ندا إنترناشيونال»، ودخل فى شراكة مع فيات الإيطالية وحاز نسبة 51٪ بما أتاح له حق الإدارة.
فى عام 1977 قام بالمشاركة فى تأسيس بنك فيصل، وأصبح عضوا فى مجلس الإدارة.
بدأ بالبحث عن العملاء المؤمنين -كما يقول فى أحد حواراته- «بالفكر الإسلامى» وأن «الربا حرام» من الإسلاميين، وأسس بنكا ضخما عرف ببنك «التقوى»، الذى بفعل شبكة ضخمة مع العلاقات مع الإسلاميين فى عدد الدول أصبح له استثمارات خيالية، وكانت أكثر مناطق الاستثمار تلك فى جنوب شرق آسيا، إضافة إلى صلات ضخمة فى إندونيسيا وماليزيا وتايوان.
يوسف ندا وتمويل الإرهاب الدولى
أسس بنك «التقوى» الذى قدرت ميزانيته بـ162 مليون دولار
يقع بنك «التقوى» فى جزيرة «ناسو» القريبة من البهاما المجاورة للولايات المتحدة الأمريكية، وقام البنك من البداية على صيغة «الأوفشور» فى العمليات الاقتصادية والمصرفية دون مراقبة الجهات الحكومية المختلفة، ويعد البنك أحد المنافذ الاقتصادية لجماعة الإخوان المسلمين، لا سيما أنه حقق أرباحا خيالية دخلت فى الحسابات الخاصة للجماعة دون علم من السلطات المصرية فى عهد الرئيس المخلوع مبارك.
لم يستطع أحد أن يقدر ثروة ندا حتى الآن، نظرا إلى تشعب وتعدد مشاريعه الاقتصادية وعدم وجود تقارير قاطعة تفيد بثروته الحقيقية، لكن ميزانية البنك قدرها المحللون بنحو 162،667،258 دولار أمريكى، وكانت استثمارات البنك تستهدف منطقة جنوب شرق آسيا وإندونيسيا وماليزيا وتايوان، ثم حدثت بعد ذلك هزات اقتصادية لجميع استثمارات البنك فى جميع البلدان عقب انهيار النمور الآسيوية ومنذ ذلك الحين بدأت الحرب الاقتصادية والسياسية ضد يوسف ندا، وخسر ندا ما بين عامى 2001 و2008 من جملة استثماراته الخارجية ما يقدر بنحو 220 مليون دولار.
بنك «التقوى» الذراع المالية الأولى لجماعة الإخوان المسلمين
فى أثناء عمل سعيد رمضان فى ألمانيا وسويسرا عام 1960 تولى رمضان مسؤولية اللجنة المرتبطة ببناء المساجد فى ميونيخ، وكان قد دُعى للمشاركة فى تلك اللجنة عن طريق غالب على همت، سورى المولد، الذى حقق نجاحا ماليا كبيرا فى ألمانيا، رمضان وهمت عملا قريبا، وسافرا إلى رحلات لجمع الأموال وتحويلها فى نهاية المطاف إلى «IGD»، فرع الإخوان المسلمين فى ألمانيا.
وفى أثناء الفترة التى التقى فيها يوسف ندا بغالب همت، كان الأول قد خاض تجارب استثمارية عدة، بدأت بصناعة وتصدير الجبن وتوسعت حتى اشتملت التفوق فى تصدير مواد البناء إلى دول عدة كما أشرنا.
وحينما سعى سعيد رمضان وغالب همت إلى توثيق أواصر العلاقات بأطراف فى ليبيا من أجل توفير التمويل لجماعة الإخوان المسلمين، بدا أن ندا واحد من أهم المداخل لتحقيق ذلك. بعد ثورة الفاتح كان ندا قد ترك ليبيا وقام بسحب استثماراته خارج البلاد، وانتهى به الأمر فى إحدى المدن الإيطالية التى تقع داخل الحدود السويسرية، وهناك توثقت صلته جيدا بغالب همت، الذى طلب منه الانضمام إلى الجمعية الإسلامية فى غرب ألمانيا، وفى عام 1971 انضم ندا إلى الجمعية، وبعدها بسبع سنوات، عين يوسف ندا غالب همت فى مجلس إدارة «ندا إنترناشيونال» فى ليخنشتاين، وهى الشركة التى كانت مركزا للعمليات الاقتصادية مع السعودية.
أصبح القيادات الثلاثة فى الجماعة (همت، وندا، وسعيد رمضان) الأطراف الأساسية لبنك «التقوى»، ولعبوا أيضا دور نقطة الارتكاز والقيادة المالية للجماعة، خصوصا أن الثلاثة ينتمون تنظيميا إلى الجماعة، كذلك فقد كانت تجمعهم رؤية مشتركة لمعارضة نمط الحكم العلمانى، الذى تجسد فى حكم عبد الناصر فى مصر، والشاه فى إيران. وانضم إليهم فى سويسرا ثلاثة من الرجال الذين لعبوا لاحقا دورا كبيرا فى نمو وبناء بنك «التقوى»، وهم: فرانسوا جينود، وأحمد هوبر، وأحمد إدريس نصر الدين. وبمناسبة ذكر فرانسوا جينود فهو كان مصرفيا متورطا فى عملية سميت بـ«الأوديسا»، حيث تم إخفاء ملايين الدولارات اليهودية المسروقة فى حسابات سويسرية، كذلك فقد كان الرجل المدير المالى لأمين الحسينى، المفتى السابق للقدس. أما أحمد نصر الدين، فهو رجل أعمال ومصرفى صومالى، يعمل انطلاقا من إيطاليا، عضو فى جماعة الإخوان المسلمين، أدار بنك «العقيدة»، وأقام علاقات وثيقة بالدوائر السياسية الإيطالية، بنك العقيدة كان على اتصال ببنك «التقوى»، ووفقا لكيفين كوجن فى «تقرير عن الإسلاميين واليمين المتطرف وبنك التقوى» أن قوة رابطة نصر الدين مع بنك «التقوى» وعملياته الأخرى، جعلته يستخدم موظفيه فى العمل فى الشؤون الاقتصادية لنفس العمليات تقريبا. كذلك فقد عمل مع البنك رجل الأعمال السعودى الشهير سليمان عبد العزيز الراجحى، رجل صاحب ثروة قدرتها الـ«فورين بولسى» بـ5.9 مليار دولار.
جميع هؤلاء أصبحوا مؤسسى بنك «التقوى» فى عام 1988، ومقره جزر البهاما كملاذ ضريبى آمن، إضافة إلى عمليات أخرى يجريها فى سويسرا، وإيطاليا، وليخنشتاين. فى بعض النواحى، كان البنك بنظام الحوالات، وهو نظام يفتقد لكثير من التسجيل الرسمى الموجود فى البنوك التقليدية، حيث افتقاد الشكل التقليدى من السجلات ربما يوفر حماية موكلى البنك من الملاحقات القضائية. «التقوى» أيضا أسس مجموعة من الحسابات المقابلة، بما مكنه من الوصول إلى غيره من البنوك فى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، والسماح بتحرك كميات كبيرة من المال من خلال هذا الاتصال مع القليل من خطر الاكتشاف.
لكن ما حقيقة تورطه فى فضيحة غسل أموال كبرى؟
هذا ما سنكشف عنه فى حلقة غدا، إضافة إلى تفاصيل أكثر حول البنك والمساهمين فيه، وعلاقة ندا بحركة حماس والشيخ يوسف القرضاوى.
القسم الثاني
حقيقة بنك التقوى وعمليات غسل الأموال
بدا أن بنك التقوى تحت الأعين فى منتصف التسعينيات، حينما بدأت السلطات المصرية تتشكك فى علاقة أحمد نصر الدين بالإرهاب، نصر الدين «قيادى إخوانى من أصل صومالى» كان قد ساعد فى إنشاء مركز ثقافى فى ميلان، بينما كان عدد من وكالات الاستخبارات يؤمن بأن المركز هو موقع للتجنيد والدعم للمجموعات المتطرفة بما فيها القاعدة. وجدير بالذكر هنا أن إمام المركز أنور شعبان كان من أحد أتباع الشيخ عمر عبد الرحمن، الذى ما زال قيد الاعتقال فى السجون الأمريكية.
قسم الاستخبارات العامة والعمليات الداخلية فى إيطاليا، أبلغ المدعى العام السويسرى فى عام 1995 «أن مجموعة ندا تمثل أحد أهم المراكز المالية لجماعة الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية المتطرفة»، وقد جدد القسم مطالبته السلطات السويسرية باتخاذ إجراءات، ذاكرا فى تقرير أن ندا ونصر الدين يمولان عددا من المنظمات الإسلامية من بينها حركة حماس والجماعة الإسلامية الجزائرية المسلحة، والجماعة الإسلامية فى مصر، والمجاهدون الأفغان فى معسكرات بن لادن. وتحت ضغط من السلطات الأردنية والفرنسية والأمريكية التى كانت على إيمان بأن التقوى هو الذراع المالية للإخوان المسلمين، ويساعد فى عمليات غسل أموال من الكويت والإمارات، قام المسؤولون فى البهاما بإلغاء التصاريح الرسمية لبنك التقوى فى البهاما.
تقارير أجهزة الاستخبارات الدولية، والصحفيون الأجانب حول الاتهامات التى وجهت إلى البنك استندت إلى عدة أمور أهمها:
■ على الأقل كان هناك اثنان من أقارب أسامة بن لادن من المساهمين فى البنك، بما فى ذلك أخوة أسامة بن لادن غالب محمد بن لادن، وغالب كان قد قاضى البنك فى عام 1999 فى قضية مثيرة لعلامات الاستفهام، مدعيا أن البنك فشل فى أن يعيد إليه 2.5 مليون دولار يمتلكها فى حساب مضاربة واستثمارات إسلامية.
■ السلطات الأمريكية قامت بمهاجمة مكاتب منظمة تدعى «SAAR»، ومنظمة أخرى تدعى «SAFA»، وقامت بمباشرة تحقيقات حول علاقة تلك المنظمات بتمويل عدد من المنظمات الإسلامية التى تتبنى العنف المسلح وفقا لتقارير الإدارة الأمريكية، مثل حركة «الجهاد الإسلامى»، وحركة «حماس»، وحزب الله وتنظيم القاعدة. ووفقا لدوجلاس فرح، أحد كتاب جريدة «الواشنطن بوست»، وصاحب أبرز المقالات والتحقيقات التى كتبت عن التمويلات التى لها علاقة بالمنظمات الإرهابية وجماعة الإخوان المسلمين، فإنه يقول «المسؤولون الأمريكيون قالوا لاحقا إنهم تعقبوا نحو 20 مليون دولا من SAAR، من خلال بنك التقوى المملوك ليوسف ندا، لكن قيل إن المبلغ الحقيقى ربما يكون أكبر قليلا..» العلاقات بين ندا وقيادات SAAR، عديدة وقوية، نفس درجة علاقاته بقيادات جماعة الإخوان المسلمين.
■ «الواشنطن بوست» ذكرت الآتى «من الواضح أن كل المال ليس موجها من أجل تمويل الإرهاب والإسلام الأصولى، وبنفس الدرجة من الوضوح، توفر هذه الشبكات المالية، الوسائل والطرق التى تسهم فى نقل قدر كبير من الأموال السائلة لهذه العمليات»، موضحا أن إحدى العلامات التى تشير إلى انتماء شركة أو مؤسسة إلى أنشطة الإخوان المسلمين، وليست جزءا من ثروة وممتلكات صاحبها، هو تداخل نفس الأشخاص فى إدارة الشركات والمؤسسات المالية وهو تداخل أشرنا إليه فى حلقات سابقة بالرسوم التوضيحية، فعلى سبيل المثال، هناك شبكة مؤسسات الإخوان المسلمين فى ناسو بجزر البهاما، وكلها مسجلة عناوينها، مثل عنوان شركة المحاماة «آرثر هانا وأبناؤه»، حيث انضم عدد من أفراد عائلة هانا إلى مجلس إدارة البنوك والشركات الإخوانية، كما تولت شركة المحاماة المعاملات القانونية لمؤسسات الإخوان، ومثلت الشركات فى عدد من القضايا، كما أن عديدا من مديرى الشركات التى لا تعد ولا تحصى للإخوان، يخدمون كمديرين فى عدة شركات فى نفس الوقت، وفى المقابل، عديد منهم أعضاء فى مجالس إدارة أو مجالس الشريعة لبنك «دى إن إى»، وغيره من المؤسسات المالية المهمة، التى يسيطر عليها الإخوان المسلمون، ووفقا للتقرير، يعتبر ندا ونصر الدين مع عدد من أفراد عائلة أسامة بن لادن، من حملة الأسهم الرئيسيين فى بنك التقوى، إلى جانب عشرات من قادة الإخوان المسلمين، مثل يوسف القرضاوى. أما الجزء الأكثر وضوحًا فى شبكة تمويل الإخوان، فهو بنوك «الأوف شور» فى جزر البهاما، التى خضعت لتحقيقات سريعة بعد أحداث 11 سبتمبر، حيث أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية أن بنكى التقوى وأكيدا الدولى، متورطان فى تمويل عدد من الجماعات الأصولية، من بينها حركة حماس، وجبهة الخلاص الإسلامية، والجماعة الإسلامية المسلحة فى الجزائر، وجماعة النهضة التونسية، إضافة إلى تنظيم القاعدة.
■ كذلك ففى وقت مبكر كشفت المخابرات المركزية الأمريكية أن بنك التقوى وغيره من المؤسسات المالية للإخوان، تم استخدامها ليس فقط من أجل تمويل القاعدة، لكن أيضا لمساعدة المنظمات الإرهابية على استخدام الإنترنت والهواتف المشفرة، وأسهمت فى شحن الأسلحة، وأعلنت وزارة الخزانة نقلا عن مصادر فى أجهزة الاستخبارات، أنه «مع حلول أكتوبر 2000، كان بنك التقوى يوفر خط ائتمان سريا لأحد المساعدين المقربين من أسامة بن لادن، وأنه مع نهاية شهر سبتمبر 2001، حصل أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة، على مساعدات مالية من يوسف ندا».
■ يذكر أن تأسيس بنك التقوى وبنك أكيدا تم فى ناسو على نمط شركات «الأوف شور»، ليكونا بنكين ظاهريا مع عدد قليل من الموظفين، يتولون حراسة أجهزة الكمبيوتر والهواتف، وتتبع البنك إدارة منظمة التقوى التابعة بدورها إلى كيان آخر يملكه ندا فى سويسرا، ويملك ندا حصة الإدارة فى البنك، بينما يشغل نصر الدين منصب المدير، وبنفس الأسلوب، يتبع بنك أكيدا منظمة نصر الدين، الذى يتولى إدارة البنك، بينما يظهر ندا كعضو بمجلس الإدارة، أما الأنشطة البنكية الحقيقية، فتتم من خلال علاقات تبادلية مع بنوك أوروبية.
ورغم الأدلة الواضحة والمتكاملة بشأن شبكة الأوف شور التابعة للإخوان المسلمين، التى توفر دعما لمختلف العمليات الإرهابية، فإن الإجراء الوحيد الذى تم اتخاذه ضد هذه المؤسسات المالية، هو تجميد عدد من الشركات المملوكة لندا ونصر الدين، وقد كان هناك القليل من التنسيق من أجل رسم خريطة لتحديد وفهم الشبكة المالية للإخوان المسلمين، باستثناء مشروع حلف شمال الأطلسى، الذى يركز على أنشطة الجماعة فى أوروبا، والساعى لتحديد مختلف الكيانات المرتبطة بها. وكان جزء كبير من أنشطة الإخوان المسلمين، قد تم تأسيسه كشركات «أوف شور»، من خلال صناديق استثمارية محلية فى إمارة ليختنشتاين، الواقعة على الحدود السويسرية النمساوية، حيث لا توجد هناك حاجة لتحديد هوية أصحاب هذه الشركات، ولا توجد أى سجلات عن أنشطة الشركة ومعاملاتها.
وفى 28 يناير 2002، قام ندا بمخالفة حظر السفر المفروض عليه من قبل الأمم المتحدة، وسافر من محل إقامته فى إيطاليا إلى سويسرا، وفادوز عاصمة إمارة ليختنشتاين، وهناك قام بتغيير أسماء عديد من الشركات، وفى نفس الوقت تقدم بطلب لتصفية شركات جديدة، وعين نفسه مسؤولا عن تصفية هذه الشركات، وبالنسبة إلى كيانات «الأوف شور» الجديدة، فلا توجد لها أى سجلات فى إمارة ليختنشتاين.
شركاؤه فى بنك «التقوى»
حَمَلة أسهم بنك «التقوى» هم قيادات من حماس وإخوة بن لادن ويوسف القرضاوى وخمسة من عائلته
■ فى عام 1999 اكتشفت «الأف بى إى» قائمة بـ745 مساهمًا فى بنك التقوى وجاء أبرز هؤلاء:
■ الشيخ يوسف القرضاوى، إضافة إلى خمسة من أفراد عائلته.
■ هدى وإيمان بن لادن، أخوة أسامة بن لادن.
■ أعضاء لم يكشف عن أسمائهم من قيادات حركة حماس.
■ مريم الشيخ بن العزيز المبارك، الأسرة الملكية الكويتية.
■ أعضاء بارزون فى العائلة المالكة بدولة الإمارات العربية المتحدة.
■ جوان كارلوس من إدارة الخزانة الأمريكية فى شهادة قدمت للكونجرس، أقر أن 60 مليون دولار جمعت لحركة حماس ومررت عبر بنك التقوى.
■ مؤسس بنك التقوى قام بتسجيل البنك فى جزر البهاما، وكانت حسابات البنك محمية وفقا لما يعرف بقوانين السرية «Secrecy laws»، وهو ما أمن عمليات التحويل للأموال أو نقلها من هؤلاء الذى يحاولون تعقبها أو التحقيق بشأنها. كذلك فإن الرخصة التى حصل عليها ندا من البهاما أتاحت له فتح حسابات مقابلة فى بنوك مؤسسة بالفعل فى أوروبا وأخرى موجودة فى الولايات المتحدة الأمريكية، مثل سيتى بنك وبنك بنيويورك.
■ وهذه الحسابات المقابلة مكنت بنك التقوى من إجراء عمليات لنقل الأموال حول العالم بسرية تحت غطاء بنك كبير بعيدا عن لفت أنظار المحققين، وهى عمليات غسل أموال كلاسيكية التكنيك أو الطابع، بما يتيح سحب تلك الأموال من خلال فروع البنوك الأخرى التى يتم تأسيس حسابات مقابلة داخلها.
■ تأسيس البنك جرى تحديدا فى جزر البهاما كى يكون محميا بقوانين السرية، كذلك فإن البهاما وفقا للتصنيفات الأخيرة لمنظمة الشفافية الدولية فإن البهاما هى واحدة من أكثر مناطق العالم فسادا، تقع فى الخمس وعشرين دولة الأولى على مستوى العالم، حيث انتشار الفساد وغياب الشفافية، ومعروف عن جزر البهاما أنها ظلت عبر سنوات مرتعًا لتأسيس الأنشطة والأعمال غير المشروعة، وتأسيس شركات الأوفشور، التى تكون بعيدة عن الرقابة والمساءلة بحكم انتشار الفساد فى تلك الدولة، خصوصا أن القوانين المصرفية فى البهاما تعزز من سرية كثير من الأعمال غير المشروعة وتجعلها بعيدا عن جهات التحقيق الدولية.
إدارة الخزانة الأمريكية: 60 مليون دولار جمعت لحركة حماس ومررت عبر بنك «التقوى»
مقر البنك كان جزر البهاما المشهورة بالفساد المالى والأعمال المالية غير المشروعة
المخابرات الأمريكية رفضت منح المدعى العام السويسرى تفاصيل ومصادر المعلومات لأسباب سياسية
لكن لماذا فشلت التحقيقات؟
كما أشرنا فى السابق فإن المدعى العام السويسرى قام بتجميد أصول بنك التقوى وممتلكات يوسف ندا وآخرين وفقا لتقارير تلقاها من جهات استخباراتية، وبعد أن أصدر مجلس الأمن قائمة ممولى الإرهاب التى اشتملت على اسم يوسف ندا وآخرين.
بدأ المدعى العام السويسرى فى مخاطبة الجهات المسؤولة رسميا، وكانت خطته تستند إلى أمرين رئيسيين الأول هو تأكيد صحة المعلومات التى قدمتها السلطات الأمريكية والمخابرات الإيطالية، لكن على الصعيد العملى فإن المعلومات التى قدمتها أجهزة الاستخبارات الأمريكية لم تكن كافية، ويرى محللون أن المخابرات الأمريكية رفضت منح المدعى العام السويسرى تفاصيل ومصادر المعلومات لأسباب متعلقة بالسرية، وأسباب أخرى سياسية، أما جزر البهاما بلد المنشأ التى تم تأسيس بنك التقوى بها، فلم تكن على درجة التعاون المطلوب مع السلطات السويسرية، خصوصا إذا عرفنا أنه وفقا للتصنيفات التى تجريها منظمة الشفافية الدولية على مدار السنوات العشر الأخيرة فإن البهاما هى واحدة من أكثر مناطق العالم فسادا، تقع فى الخمس وعشرين دولة الأولى على مستوى العالم، حيث انتشار الفساد وغياب الشفافية، ومعروف عن جزر البهاما أنها ظلت عبر سنوات مرتعا لتأسيس الأنشطة والأعمال غير المشروعة.
■ قضية ميليشيات الأزهر:
فى عام 2007 وبعد عرض ميلشيات الأزهر الشهير شعر مبارك أن الاتفاق الضمنى الذى عقده مع جماعة الإخوان المسلمين يحتاج إلى إعادة صياغة، تقتضى توجيه تهديدا شديد اللهجة لممولى الإخوان، الذى كان من أبرز رجالهم فى الخارج يوسف ندا، وإبراهيم الزيات، وهنا فقد حكمت المحكمة العسكرية أولا: غيابيا بمعاقبة كل من المتهمين الثانى والعشرين: يوسف مصطفى على ندا، والرابع والعشرين على غالب محمود همت، والخامس والعشرين يوسف على يوسف المتعايش وشهرته «يوسف الواعى»، والسابع والعشرين إبراهيم محمد الزيات، بالسجن المشددد لمدة عشر سنوات».
التحرير المصرية