غزة / يناشد سكان المنطقة الشمالية من قطاع غزة ، الجهات المعنية ، لوضع حد للسرقات والتعديات التي باتت ظاهرة ومنتشرة منذ فترة ، ولم ترحم أيادي السارقين كراسي المعاقين ولا أنابيب الغاز ولا الدراجات الهوائية ، وكثير من رواتها ضحايا في طابور الانتظار يتساءلون عن أسباب انتشار السرقة في هذه المنطقة بالذات .
أحمد حكيم الدين يقول لـ (أمد) :” السرقات باتت تشكل قلقاً كبيراً على سكان بيت لاهيا ومعسكر جباليا خاصة والمنطقة الشمالية عموماً ، والسبب يعود الى قلة الدخل عند الناس وحالة الفقر الرهيب التي اصابتهم والناتجة عن قلة العمل ، واشتداد وقع الحصار، ولا عزاء للأمنين في باقي مناطق قطاع غزة ، فالكل سيكتوي من نار السرقة إن كان سيفها الجوع والفقر ، وعن دور شرطة غزة فلا معلومات لدي عن أسباب عدم معالجتها لهذه الظاهرة المنتشرة بشراسة”.
اما رجب البرعي فلا يكاد يصدق ما يسمعه من حكايات يومية عن سرقات وقعت لمحلات ومعدات لجيرانه فيقول لـ (أمد) :” في يوم واحد وقع بمنطقة تل الزعتر اربعة سرقات لمحلات بقالة وورشة ألمنيوم ومخزن أعلاف ، والجاني مجهول ، وهذا الأمر اصبح مسموعاً بكثرة في الأونة الأخيرة ، وعن أسبابه فهو تقليد زنيم ولا أصل من أصول شعبنا الفلسطيني ، بل فعله ذميم وكان نادراً ومقتصراً على فئة معروفة للجميع في المجتمع ، فئة متهالكة وفاسدة تهاجم الأمنين وتسطوا على ارزاقهم من أجل قطعة حشيش أو مادة مخدر ، ولكن ما يجري اليوم لا يمكن ضبطه وحصره بهذه الفئة ، بل كثرة السرقات ونوعية المسروقات تدلل على أن السارقين غير محترفين ولا متمرسين ، بمغلبها بل يفعلون ذلك من أجل لقمة عيش ، فمن يسرق “برميل” وضع أمام المنزل من أجل القمامة ليس بسارق ممتهن السرقة ، ومن يخاطر بكسر نافذة شقة ويدخلها في الظهيرة ليسرق ما في الثلاجة وربطة الخبز وكيس لحفاضات الاطفال وعلبة حليب ليس بسارق متمكن ، ومن يدخل سوق الخضار بجلبية وسترة كلها جيوب مخفية ، ليضع فيها بخفة من كل صنف ونوع حبة خضار أو فاكهة ليس بسارق معتمد المهنة بل الجوع أوصله لهذه الحيلة والحالة ، أوضاع الناس ليست بخير ومن يقبض راتباً يشتكي فما حال من لا راتب له ، والشئون الاجتماعية بالقطارة ووكالة الغوث فاتحة ايديها وبتشحد وبتشتكي ، وما خفي كان أعظم”.
في أحدث وأغرب قصة سرقة قد سمعتها الأذان ما ورد لـ (أمد) من رجل إسعاف في مدينة غزة ، عندما قال :” امرأة في الثلاثين من عمرها اتصلت على وحدة أسعاف خانيونس ، طلبت النجدة لأنها بحالة ولادة ، وعندما وصلها المسعفون ، دهشوا مما شاهدوا فالمرأة لا تظهر عليها علامات الولادة ، ولا معاناة امرأة كانت قبل دقائق تلد ، وأن الطفل المرمي أمامها ليس ابن ساعة او ساعتين أو حتى يوم أو يومين بل هو أبن اسبوع وأكثر وبان لهم ذلك من صرته التي نشفت ، فما كان من رجال الإسعاف إلا أن يتصلوا بشرطة المدينة ، ليتحققوا من الحالة ، وعند استجواب المرأة في قسم الشرطة تبين أنها سرقت الطفل من مستشفى الشفاء بمدينة غزة وفرت به الى خانيونس ، واستدعت الاسعاف لتثبت الولادة ومن ثم تستخراج أوراق رسمية له …!!!”.
قصة أخرى عاشتها المنطقة الوسطى لقطاع غزة وتحديداً مخيم البريج ، فمن قريب استيقظت الأم على صراخ أولادها وهم يستغيثون ، فما أن وصلت اليهم حتى وجدت ملثماً ومسلحاً بسكين فوق رؤوسهم ، وعندما طلبت منه ترك الأولاد طلب منها ما تملكه من مال ، وإلا قتل واحدا منهم ، فما كان من المرأة إلا أن تخلع خاتماً امتهرته في أصبعها واقسمت له أن لا شيء في بيتها سواه ونصف كيس من الطحين إن أراد أخذه ، ووعدت أن يخرج بسلام دون أن تصرخ أو تستغيث ، فكان لها ما طلبت وأخذ خاتمها وترك لها الطحين ، وتقول المرأة :” الغريب في أمر اللص أنه استحلفني بالله أن اسامحه ، لأن ما فعله ليس إلا من أجل لقمة العيش ، فبكيت وسامحته …!!!”
غزة بمدنها الخمس المرمية للبحر غرباً وللسياج شرقاً ولمعبرين مغلقين إلا نادراً شمالا وجنوباً ، حالها بات لا يحتمل ورزقها أقل مما يغيث ساكنيها ، وعونها واجب أنساني قد لا تغتفر ذنوب من يتجاهلونها اليوم ..”
امد