بقلم: عاموس هرئيل/ بيان حماس أمس بشأن الموافقة على عرض الوسطاء لصفقة تبادل المخطوفين فاجأ نتنياهو.
في الأيام الأخيرة وصلت المفاوضات حول الصفقة إلى أزمة خطيرة. وحتى أنه أمس طلب الجيش الإسرائيلي من حوالى 100 ألف من السكان الفلسطينيين إخلاء بيوتهم التي توجد في شرق رفح، ما ظهر وكأنه إعداد لاقتحام المدينة.
لكن عندها حدث انقلاب في موقف حماس التي أبلغت مصر وقطر عن موافقتها على الصفقة.
هذه الصفقة يمكن أن تشمل في المرحلة الأولى إطلاق سراح 33 من بين الـ 132 مخطوفاً الذين تحتجزهم حماس مقابل وقف إطلاق النار وإطلاق سراح مئات السجناء الفلسطينيين. ومن أجل ذلك فإنه مطلوب بالطبع موافقة إسرائيل أيضاً.
علامة الاستفهام الكبيرة تتعلق بطبيعة وقف إطلاق النار. منذ بضعة أشهر والعائق الرئيس أمام الصفقة يتعلق بطلب حماس أن تشمل انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي إضافة إلى وقف مطلق للحرب.
حماس أيضاً طلبت مؤخراً أن يشمل الاتفاق ضمانات من قبل الولايات المتحدة، بالأساس إزاء التصريحات المتكررة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو حول نيته أمر الجيش باحتلال رفح.
في المستوى السياسي في إسرائيل قالوا أمس إنه ربما أن المصريين والأميركيين قد توصلوا إلى تفاهمات مع حماس من وراء ظهر إسرائيل، مع تحديث الاقتراح المصري الذي ردت عليه إسرائيل بالإيجاب قبل أسبوعين.
بعد ساعات على بيان حماس أعلن مكتب نتنياهو عن إرسال طاقم عمل إلى دول الوساطة لإجراء المفاوضات، وفي الوقت نفسه بدأ الجيش الإسرائيلي في العمل في شرق رفح.
هذا يظهر كإشارة أولية من ناحية نتنياهو حول نيته رفض الاقتراح، بعد الرد الإيجابي من قبل حماس (الذي حتى الآن لا نعرف ما هي طبيعته).
فقط قبل يومين قال رئيس الحكومة والمتحدثون بلسانه إن وسائل الإعلام الإسرائيلية تلقي عليه تهمة لا أساس لها حول إفشال المفاوضات، في حين أن الجمود، حسب قوله، كله هو ذنب حماس.
الآن يبدو أنه مرة أخرى سيقدم رداً سلبياً. هذه الخطوة سيتم تبريرها بادعاءات كثيرة حول الحاجة إلى ضمان هزيمة حماس، وادعاءات مشكوك فيها حول خداع الأميركيين (تجاه الإدارة نفسها التي في الشهر الماضي قدمت له مساعدات أمنية خاصة بمبلغ 14 مليار دولار).
عملياً، سيكون لذلك سبب رئيس واحد وهو خوف نتنياهو من تفكك حكومته وفقدان قاعدته في اليمين.
في نهاية المطاف يبدو أن دول الوساطة عملت وفقاً لتعريف دورها. فهي عرضت على حماس اقتراحاً سبق لإسرائيل الموافقة عليه، مع بعض التغييرات.
لا يوجد هنا قبول مواقف من أحد الطرفين، بل اقتراح وسط آخر كلاسيكي، ما زال مرهوناً بموافقة إسرائيل.
وكما قلنا فإن احتمالية حدوث انعطافة في المفاوضات ما زالت ضعيفة. لكن ربما أن رؤساء حماس في الرد الإيجابي قد نجحوا في دق إسفين بين إسرائيل والولايات المتحدة.
عائلات المخطوفين طلبت أمس من نتنياهو الموافقة على عرض مصر إزاء رد حماس والبدء في إعادة المخطوفين إلى البيت.
وقد بقي حتى الآن أن نرى كيف سيرد وزراء المعسكر الرسمي في كابينيت الحرب، بني غانتس وغادي ايزنكوت، على تغيير موقف حماس وعلى الرد السلبي لنتنياهو الذي يلوح في الأفق.
توجد أهمية كبيرة، أخلاقية وإنسانية، لإعادة المخطوفين. لكن من الأفضل عدم إيهام النفس. فالموافقة على الصفقة الآن لن تشير إلى أي نجاح لإسرائيل أو تراجع لحماس، بل الاعتراف بحدود القوة.
ليس بالصدفة أنه أمس خرج الآلاف إلى الشوارع في رفح وإلى الأنقاض في خان يونس للاحتفال إزاء الأنباء عن الوقف المحتمل لإطلاق النار.
من الواضح أن الاحتفالات تمثل الرغبة الحقيقية لسكان القطاع في تقليص المعاناة التي تسببها لهم الحرب. لكن في الأساس يجب الفهم بأن الفلسطينيين لن يعتبروا هذا الاتفاق خسارة، بل نجاحاً.
أكثر من أهمية سجناء حماس الذين سيتم إطلاق سراحهم، فإنه مهم لها الإبقاء على حكمها في القطاع وعلى وحدته الجغرافية.
وخروج قوات الجيش الإسرائيلي من الممر، في منتصف عملية إطلاق سراح المخطوفين أو في نهايتها، سيعتبر إنجازاً كبيراً بالنسبة لهذه المنظمة الإرهابية. فحماس وكل القطاع تضرروا بشكل كبير، والأضرار سيتم الشعور بها سنوات كثيرة. لكن إذا انتهت الحرب هكذا فإن هذا بالتأكيد لا يعتبر هزيمة بالنسبة لهم.
رفح ما زالت ضمن الخطة
كل ذلك يحدث في الوقت الذي توجد في الخلفية الخطوات على الأرض في القطاع.
في صباح أمس طلب الجيش الإسرائيلي إخلاء الأحياء والقرى في شرق رفح، في المنطقة القريبة من محور فيلادلفيا ومعبر رفح، على الحدود بين القطاع ومصر.
هذا تهديد عنيف جداً بعد يوم على موت أربعة جنود بنار صواريخ حماس على كرم أبو سالم. لكن حتى الآن هذا لا يعني أن إسرائيل ستقوم باحتلال رفح.
في البداية تم نقل البيانات لمؤسسات دولية ومصر والأردن، وبعد ذلك تم نشر نداءات للسكان بوساطة منشورات تم إلقاؤها من الجو ورسائل قصيرة في الهواتف المحمولة.
تم توجيه هذه البيانات بالأساس إلى سكان المناطق القروية على مداخل رفح. في الساعات التالية تمت مشاهدة مغادرة للمواطنين من المنطقة.
مكتب وزير الدفاع يوآف غالانت نشر أمس صوراً له مع ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي وهو يصادق على خطة عملياتية لمواصلة النشاطات في القطاع.
غالانت أوضح أمس في محادثة مع أبناء عائلات المخطوفين أنه يجب استئناف الضغط العسكري من أجل إجبار حماس على إظهار المرونة في مواقفها.
إسرائيل أعلنت عن توسيع “المنطقة العازلة” في منطقة المواصي، وهي المنطقة الزراعية القريبة من الشاطئ بين خان يونس ورفح، بهدف حث السكان على الانتقال إلى هناك. لكن الفلسطينيين في القطاع والمنظمات الدولية اشتكوا أنه في هذه المنطقة لا توجد على الإطلاق بنى تحتية مناسبة لاستيعاب المزيد من النازحين من رفح.
إضافة إلى التوتر حول الصفقة فإن استمرار الإخلاء القسري للسكان قرب الحدود مع مصر يتوقع أن يثير التوتر بين إسرائيل والولايات المتحدة والنظام المصري.
المصريون يخشون منذ بداية الحرب من كارثة إنسانية ستدفع مئات آلاف الفلسطينيين نحو أراضيهم في شبه جزيرة سيناء.
في بداية الحرب حذروا نتنياهو بعد أن قال بعض الوزراء في وسائل الإعلام عن طرد سكان القطاع إلى شبه جزيرة سيناء.
أي عملية قرب الحدود تحتاج إلى الأخذ في الحسبان التنسيق المسبق مع المصريين، لمنع الاحتكاك المباشر مع الجيش الإسرائيلي.
جهات أميركية رفيعة، بمن في ذلك وزير الدفاع أميركي لويد أوستن، كررت أمس الطلب من إسرائيل الإخلاء الحذر للسكان من رفح إذا كان الجيش الإسرائيلي ينوي العمل هناك. في محادثات مغلقة حذر الأميركيون نتنياهو بشكل فظ أكثر.
أمس جرت محادثة هاتفية بينه وبين الرئيس الأميركي، الذي طلب من نتنياهو إعادة فتح معبر كرم أبو سالم أمام حركة التجارة، الذي تم إغلاقه بعد إطلاق الصواريخ.
طريقة بسيطة
استمرار القتال في القطاع يصعّب التوصل إلى أي اتفاق سياسي يعمل على وقف القتال على الحدود مع لبنان.
الجيش الإسرائيلي يواصل عمليات القتل في كل يوم لأعضاء حزب الله والنشطاء في تنظيمات إرهابية فلسطينية بوساطة هجمات ممنهجة في جنوب لبنان. لكن حزب الله ينجح في كل مرة في التسبب بإصابات في الطرف الإسرائيلي، بالأساس من خلال إطلاق الصواريخ المضادة للدروع والسلاح الأكثر نجاعة لديه مؤخراً، المسيرات المتفجرة.
هذا ما حدث أمس قرب المطلة حيث قتل هناك جنديان في الاحتياط وجندي أصيب إصابة طفيفة.
حزب الله يستخدم بشكل عام طريقة بسيطة لكنها ناجعة جداً. في البداية يتم إجراء طلعة لمسيرات صغيرة لغرض التصوير، التي توثق بشكل دقيق منطقة الحدود والأهداف التي تم التخطيط لمهاجمتها، بعد ذلك يتم إرسال مسيرة هجومية، “انتحارية”، تقوم بمهاجمة الهدف وفقاً للمعلومات الاستخبارية التي تم جمعها.
وحقيقة أن الأمر يتعلق بأدوات صغيرة تطير لمسافة قصيرة نسبياً وارتفاع منخفض، تصعب على الجيش الإسرائيلي تشخيصها وإسقاطها.
في بعض الحالات لا يتم تشغيل صفارات الإنذار قبل ضرب المسيرة.
ومعظم الخسائر لإسرائيل في الفترة الأخيرة في الشمال كانت نتيجة هجمات المسيرات.
وفي الحالات التي لا يتم فيها الحفاظ على الانضباط العملياتي المطلوب في أوساط القوات المدافعة فإن الضرر ربما يكون أكبر.
عن “هآرتس”