لكن ومع كل أسف، ذلك الجمال أمسى مسروقا بطبيعته الخلابة ومياهه على شحها وضعفها، وأصبح حرام على المواطن الفلسطيني الوصول لها والتمتع بها إلا للحظات يسرقها من الزمان بغياب السارقين من مستوطني “مسكيوت” المقامة في الجهة الشرقية من “واد المالح”.
بعد سنوات من التنكيل التي شهدته منطقة وادي المالح والتجمعات البدوية المنتشرة فيها، والتضييق على المواطنين والرعاة، استكمل المستوطنون سيطرتهم على نبع عين الحلوة، وقاموا بترميم المكان وصنع بركة تجميع للمياه.
و المياه التي يسرقها المستوطن الغريب، محروم منها أصحاب الأرض من المزارعين ومربي المواشي في تجمعي عين الحلوة وأم الجمال، ومحرومون من الاستفادة من مياهها المنسابة من
بين الجبال.
ويواصل المستوطنون بذل كل جهد مستطاع في سبيل تغيير الطابع التاريخي لنبع مياه عين الحلوة، من خلال تسييج المنطقة تحت حراسة قوات الاحتلال الإسرائيلي، والذي يوجّه تهديدات
مستمرة للمزارعين بطردهم من منطقة النبع التي يدّعي المستوطنون أنها ملك لهم، والتي تقع على مسافة نحو 500 مترا على السياج المحيط بالمستوطنة.
وعين الحلوة هي خربة فلسطينية دمرت عام 1967، ولها عدة مسميات منها أم الجمال، ومنطقة بيوض.
ويقع نبع عين الحلوة على رأس وادي بين سلسلة من الجبال في الأغوار الشمالية، وتبعد عن مستوطنة ” مسكيوت” ما يقارب 500 متر، ويعيش حولها نحو 45 عائلة فلسطينية، ويشرب منها نحو 1000 من الأبقار و5000 رأس من الأغنام.
ويقوم المستوطنون بحفر آبار جوفية، وبسحب مياه النبع نحو البؤر الاستيطانية العشوائية التي أقاموها على أراضي المواطنين خلال السنوات الماضية.
وكانت تنتشر في الأغوار الشمالية العشرات من ينابيع المياه العذبة والمالحة والينابيع الحارة العلاجية، والتي جف أغلبها بسبب إقدام الاحتلال على حفر الآبار الجوفية.
ونبع عين الحلوة واحد من المياه العذبة، التي استغلها المواطنون لأغراض الاستخدام المنزلي والري الزراعي وسقاية قطعان مواشيهم.
ومنذ نكسة 1967 وحتى اليوم استولى الاحتلال على الغالبية الساحقة من الموارد المائية في الأغوار، مما أثر على نبع عين الحلوة وجفّ بشكل كبير، وأصبحت المياه فيه شحيحة ليتم
استخدامها في توفير مياه الشرب للثروة الحيوانية، والتي تعد مصدر دخل العائلات هناك.
وخلال آذار الماضي قام المستوطنين بأعمال ترميم في نبع عين الحلوة، وأقام مستوطنون متنزها صغيرا في محيط النبع تمهيدا للاستيلاء عليه، ومنعوا المواطن الفلسطيني من الاقتراب من النبع.
وتحت حماية قوات الاحتلال وبأوامر عسكرية صادرة عنه، حررت المخالفات للرعاة، وسلمت قوات الاحتلال عددا من الرعاة مخالفات بحجة اجتياز الأبقار والمواشي الشارع باتجاه عين الحلوة.
وينحدر سكان خربة عين الحلوة البالغ عددهم ما يقارب 140 نسمة بالأصل من بلدة طمون في محافظة طوباس، وطبيعة عملهم في تربية الأغنام ويعيشون في المنطقة ويعتمدون بشكل أساسي على تربية أغنامهم والتي تعد الحرفة الوحيدة والأساسية لديهم.
ووفقا لإحصائيات، يشار إلى أن الأغوار الشمالية تقع ضمن الحوض المائي الشرقي الأكبر في فلسطين، ورغم ذلك يسيطر الاحتلال على 85% من مياهها، فيما يتحكم الفلسطينيون ب 15% المتبقية، ويزداد معدل استهلاك المستوطن القاطن في الأغوار الشمالية ثمانية أضعاف ما يستهلكه المواطن الذي يقطن في أماكن أخرى.
وحول طبيعة نبع عين حلوة وأهميتها، فقد اشتهر مند القدم في العهد الروماني القديم بأنه مورد مائي مهم للمنطقة وأسهم في إنعاش القطاع الزراعي على مساحة تزيد عن 8000 دونم، في
حين أصبح النبع اليوم وبفعل الاستيطان لا ينعش سوى ذاته والمنطقة التي حولت لمنتزه.