القيادة تقرر التوجه إلى مجلس الأمن لحماية الأقصى.. والأردن يستدعي سفيره في إسرائيل
ليفني تحذر من تحوّل الصراع لـ”نزاع ديني” مع العالم الإسلامي.. وغالؤون تدعو لكبح وزراء اليمين
مقتل ضابط إسرائيلي في “حادث” دهس بالقدس.. والاحتلال يعدم السائق بدم بارد
القدس المحتلة – رام الله – عمان – الحياة الجديدة – وكالات- اشعل الانفلات الاسرائيلي المتمثل برئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزراء اليمين، الأوضاع في القدس رغم التحذيرات الفلسطينية والعربية والدولية من نتائج هذه السياسة التي قد تجعل الحريق تمتد إلى المنطقة بأكملها. وسارع نتنياهو وبعض وزرائه امس إلى التحريض ضد الرئيس محمود عباس، عقب مقتل شرطي من “حرس الحدود” الاسرائيلي بعد ان صدمت سيارة يقودها مواطن من مخيم شعفاط عددا من المارة الاسرائيليين في القدس، بينما اندلعت صدامات صباح امس في باحة المسجد الاقصى الذي يتعرض بشكل يومي للتدنيس من قبل يهود متطرفين يقودهم وزراء وأعضاء كنيست.
وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، إن القيادة الفلسطينية قررت التوجه إلى مجلس الأمن فوراً ضد التصعيد الاسرائيلي في المسجد الاقصى المبارك، وبدأت اتصالات سريعة بهذا الشأن. وأضاف أبو ردينة في تصريح صحفي، أن “الحكومة الإسرائيلية وبسابق إصرار وضمن خطة ممنهجة تواصل انتهاكاتها لحرمة المسجد الأقصى المبارك، وتدفع بالمستوطنين لاقتحام المسجد منتهكة كل الأعراف والشرعية الدولية والإجماع الدولي، ما يؤكد أننا أمام حكومة تريد تصعيد الأمور من أجل تقسيم المسجد الأقصى، الأمر الذي حذرنا مراراً بأن ذلك خط أحمر سيؤدي إلى أوضاع لا يمكن السكوت عليها داخلياً وإقليمياً، وسيدفع بالأمة العربية والإسلامية وأحرار العالم إلى اتخاذ مواقف وقرارات خطيرة“.
وبدأ اول تحرك عربي من قبل المملكة الاردنية التي استدعت سفيرها من تل أبيب. وقالت وكالة الانباء الاردنية الرسمية ان “رئيس الوزراء عبد الله النسور أوعز الى وزير الخارجية ناصر جودة، استدعاء السفير الاردني في تل ابيب للتشاور، احتجاجا على التصعيد الاسرائيلي المتزايد وغير المسبوق في الحرم القدسي الشريف، والانتهاكات الاسرائيلية المتكررة للقدس”. واضافت: “كما اوعز رئيس الوزراء الى وزير الخارجية، بتقديم شكوى فورية الى مجلس الأمن الدولي، ازاء الاعتداءات الإسرائيلية على الحرم القدسي الشريف“.
وحسب الوكالة، فإن “البعثة الاردنية لدى الامم المتحدة باشرت، وبإيعاز من وزير الخارجية، باتخاذ الاجراءات الدبلوماسية اللازمة لتقديم الشكوى الى مجلس الأمن الدولي“.
وفي الجانب الاسرائيلي، قال المتحدث باسم وزير الخارجية ايمانويل نحشون “نأسف للقرار الأردني الذي لا يسهم في تهدئة الأجواء، بل على العكس”. واضاف في بيان “نأمل من الاردن ان يدين العنف الذي يتم بايعاز من رام الله وبادارتها وقتل الابرياء نتيجة لذلك“.
وقال وزير الدولة الاردني لشؤون الاعلام، الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني ان “الاردن وبحكم الوصاية على المقدسات الاسلامية في القدس والرعاية الهاشمية لها، فان جميع الخيارات القانونية والدبلوماسية مفتوحة أمامه للرد على الانتهاكات الاسرائيلية للمسجد الاقصى“.
واضاف: “تابعنا منذ الصباح (امس) الانتهاكات الاسرائيلية للحرم الشريف واقتحام 200 عنصر أمن و154 مستوطنا اسرائيليا واعضاء من الكنيست للحرم القدسي الشريف”. وحسب المومني، فان “الاردن طور خطة متكاملة للوقوف بوجه الانتهاكات الاسرائيلية تجاه المقدسات في القدس الشريف”، دون اعطاء المزيد من التفاصيل حول فحوى هذه الخطة.
وحذرت وزيرة القضاء الإسرائيلي تسيبي ليفني من أن يتحول الوضع المتأزم في مدينة القدس المحتلة من نزاع قومي مع الفلسطينيين إلى نزاع ديني مع العالم الاسلامي بأسره. وقالت ليفني للإذاعة العامة الإسرائيلية امس “إنه من الضروري العمل بقوة ضد المتظاهرين الفلسطينيين إلى جانب التصرف بحكمة وتجنب الاستفزازات من الجانب الاسرائيلي“.
الا ان زعيمة حزب “ميرتس” الاسرائيلي زهافا غالؤون وبخت حكومة نتنياهو وطالبته بكبح وزراء اليمين الذين يحرضون على العنف والقتل بدم بارد، وذكرت من هؤلاء الوزراء، وزير الاقتصاد نفتالي بينيت ووزير الخارجية افيغدور ليبرمان ووزير الأمن الداخلي اسحاق اهرونوفيتش.
وهؤلاء الوزراء وعلى رأسهم نتنياهو لا يفوتون “فرصة” ليحرضوا ضد الرئيس عباس، فعقب حادث القدس، اتهم نتنياهو، الرئيس عباس وحماس بالوقوف وراء هذا “الهجوم” من خلال “تأليب المشاعر“.
وقال خلال مراسم إحياء ذكرى اغتيال رئيس الحكومة الأسبق إسحق رابين، إن “أمن إسرائيل كان ماثلا دائما في مركز عمل رابين”، وادعى أنه “لا شك لدي في أننا سننتصر في المعركة على القدس، والصراع قد يدوم طويلا ويجب توحيد القوى بين الشعب“.
وكتب وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان في صفحته على “الفيسبوك” أن عملية الدهس هي نتيجة مباشرة للرسالة التي أرسلها الرئيس عباس، إلى عائلة معتز حجازي الذي أطلق النار على يهودا غليك. وكتب أيضا أنه توجه برسالة إلى وزراء خارجية المجتمع الدولي، وكتب فيها أن تحريض الرئيس الفلسطيني هو السبب الذي يكمن خلف العملية التي نفذت اليوم. وأضاف أنه يجب على المجتمع الدولي ألا يصمت على رسالة أبو مازن. وبحسبه فإن “قيادة مثل قيادة السلطة الفلسطينية، التي تمجد وتشجع الإرهاب تجلب المزيد من سفك الدماء“.
من جهته قال وزير الاقتصاد نفتالي بينيت إن “أبو مازن هو سائق مركبة الموت في القدس، والمنفذون هم مبعوثوه”، حسب تعبير بينيت. وبحسبه، فإن على إسرائيل أن تفعل، وأن تقول بصوت عال إن حكومة “فتح- حماس” هي “سلطة إرهابية” ويجب التعامل معها بما يتناسب، حيث “لا توجد قبة حديدية تحمي من سائقي المركبات، ولا يستطيع الإسرائيليون العيش دون ردع أو سيادة في عاصمتهم“.
وكتب وزير البناء والإسكان، أوري أرئيل، في صفحته على الفيسبوك أن “الإرهاب العربي يتواصل في القدس ويتعاظم، ومن لا يحارب الإرهاب وهو صغير فإنه يستدعي العملية القادمة”. وأضاف أن على رئيس الحكومة “أن يغير اتجاهنا، والضرب بيد من حديد ضد كل مظاهر العنف وكسر الإرهاب. يجب تشديد العقوبات على منفذي العمليات وعائلاتهم، فالردع القوي وحده يمنع العملية القادمة”. على حد تعبيره.
ووصف رئيس حركة “شاس”، أرييه درعي، ما يحصل في القدس بأنه انتفاضة. وقال “تحصل انتفاضة في عاصمة إسرائيل، والحكومة تتصرف كالنعامة. يجب على رئيس الحكومة أن يتحمل المسؤولية، ويعمل بكل القوة وكل الوسائل للقضاء على الإرهاب الذي يعربد تحت رعاية وبتشجيع من أبو مازن“.
بدوره، قال وزير الجيش الإسرائيلي موشي يعلون ان “بلاغة الرئيس عباس الخطابية المحرضة مسؤولة عن عملية الدهس”. واضاف “البلاغة التحريضية لابو مازن الذي ينشر من ناحية كلمات الكراهية والكذب ضد دولة إسرائيل ومن الناحية الأخرى يمجد ويعظم الإرهابيين الفلسطينيين الذين يمسون باليهود هي المسؤولة عن سفك الدماء في القدس”، حسب تعبير يعلون. وأضاف “ابو مازن لم ولن يتغير وسيواصل تشوية وتسويد وجه دولة إسرائيل والتحريض عليها وضدها سواء أمام السكان الفلسطينيين او من على مختلف المنصات التي يعتليها في أرجاء العالم لكننا سنقطع دابر الإرهاب في القدس وسنضع أيدينا على منفذيه ومرسليهم“.
ووصل وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، يتسحاك أهرونوفيتش، ظهر أمس، إلى موقع الدهس الذي وقع في الشيخ جراح في القدس، وامتدح عناصر حرس الحدود الذين أطلقوا النار على إبراهيم العكاري منفذ العملية التي قتل فيها ضابط إسرائيلي وأصيب 13 آخرون.
واعتبر أهرونوفيتش قيام جندي حرس الحدود بقتل العكاري على أنه “عملية صحيحة ومهنية، وأنه هكذا يريد أن تنتهي هذه العمليات”، مضيفا أن منفذي هذه العمليات حكمهم القتل. وأضاف أن هذه العملية لن تكون الأخيرة، رغم انتشار قوات الشرطة بشكل لم يسبق له مثيل في شوارع القدس.
من جهته، قال المفتش العام للشرطة، يوحنان دنينو، إن الشرطة لن تسمح باستمرار مثل هذه العمليات، إلا أنه أضاف أن ذلك يستغرق وقتا، وأن “الأمن لا يمكن تحقيقه في يوم واحد”. وأضاف أنه جرى استقدام 1000 شرطي إلى القدس، وسيتم استقدام المزيد إذا اقتضت الضرورة بهدف استعادة الأمن.
وقال رئيس بلدية الاحتلال في القدس، نير بركات، إن الهدف من هذه العمليات هو دب الخوف في نفوس الإسرائيليين وعرقلة الحياة الاعتيادية، وأنه يجب عدم منح منفذي العمليات هذا الإنجاز.
وكان قتل ضابط من “حرس الحدود” الاسرائيلي وأصيب 15 آخرون وصفت اصابة اثنين منهم بالخطيرة عندما قام المواطن ابراهيم العكاري (38 عاما) الذي يقود مركبة تجارية بصدم مجموعة من حرس الحدود كانوا يقطعون الشارع قبل ان يواصل دهس المارة المتوقفين في محطة قريبة للقطار الخفيف، بحسب الشرطة.
ووقع الحادث بعد ظهر امس في شارع رقم واحد الذي يفصل بين القدس الشرقية المحتلة والقدس الغربية.
وقالت المتحدثة باسم شرطة الاحتلال لوبا سمري انه بعد توقف السيارة “خرج السائق المصاب من السيارة وبدأ بضرب المارة بعصا حديدية”، موضحة ان الشرطة الموجودة في المكان قتلته، وتؤكد الصور التي بثت من مكان الحادث ان المواطن العكاري تعرض لعملية قتل بدم بارد.
وجاء الحادث، بعد قيام شرطة الاحتلال والمستوطنين بتدنيس المسجد الأقصى والاعتداء بشكل وحشي على المصلين.
وقالت سمري ان “عشرات المتظاهرين رشقوا بالحجارة والمفرقعات قوات الامن التي دخلت بعد ذلك جبل الهيكل (الاسم الذي يطلقه اليهود على باحة الاقصى) وصدوا المتظاهرين الى داخل المسجد“.
وحسب رواية الشرطة الاسرائيلية فان المتظاهرين قضوا الليلة داخل المسجد بنية منع زيارة المتطرفين اليهود، وبدأوا بالقاء المفرقعات والحجارة عند فتح باب المغاربة المؤدي الى المسجد والمخصص لادخال الزوار غير المسلمين.
وفي خطوة نادرة، دخلت شرطة الاحتلال “بضعة امتار” داخل المسجد بحسب السمري لازالة بعض الحواجز التي وضعها الشبان الفلسطينيون واغلقت عليهم باب المسجد لفتح المجال امام الزوار.
واكد محافظ القدس عدنان الحسيني أن “هذه اول مرة يقومون فيها بالتغلغل وصولا الى المنبر”. واضاف “الوضع صعب، منعونا من الدخول بينما يتمكن اليهود والسياح من التجول بالراحة. هذا وضع القدس اليوم، وهذه هي الديمقراطية الاسرائيلية“.
واوضح الحسيني انه خلال الاشتباكات فان قنبلة صوت ضربت نقاط الكهرباء داخل المسجد، ما أدى الى اندلاع حريق صغير تمكن الموجودون داخل المسجد من اطفائه.