كلما طورت نظام تلقي الشكاوى / الاقتراحات ووضعت آلية لمتابعتها تجد أنك صنعت لنفسك جداراً منيعاً أساسه الناس الذين باتوا يثقون بالنظام والمتابعة والآلية ثقة عالية، هذا ليس اكتشافاً ولا فكرة سقطت كتفاحة نيوتن بل هي نتاج ممارسة، كمواطن، جزء يسير من التجارب.
استطاع عدد أقل من أصابع اليد الواحدة أن يحوز على الثقة، فيما الغالبية العظمى لم تصل إلى درجة الثقة أو علامة النجاح، رغم أن هذا الملف حظي بجوانب تمويلية وتدريبية ومؤتمرات وورش عمل ولقاءات وتكرار تحديث آليات تلقي الشكاوى.
لقد تم تثبيت يافطات (وحدة الشكاوى) وكانت تلك اليافطة باهظة الثمن لسبب بسيط أنها تعني موقعاً على هيكلية المؤسسة وهو على ارتباط مباشر مع رأس هرم المؤسسة وهذه تقوده إلى مدير عام وتشكل له سلم أمان يذهب صوب الفئة العليا دون تدرج يطول أمده، لذلك تصبح الشكاوى مصدر إزعاج وعبئاً لأنها تفسر على أنها (دلع) من مرسل الشكوى وامتداد لنمط ثقافة تلك المدينة بينما في مدن أخرى لا يوجهون شكاوى من هذا النوع، تخيل هذا الانطباع: أين تذهب المؤسسة ورأس هرمها والبلد!.
واستطاعت بعض المؤسسات وخصوصاً بعض البلديات أن تجعل نظام الشكاوى فعالاً وصديقاً للناس، سواء من حيث قنوات تلقي الشكوى المتاحة بالوسائل كافة والأفضل بالنسبة للبلدية هي القنوات التي تيسر دخول الشكوى على النظام عبر الموقع الإلكتروني والبريد الإلكتروني والتطبيق والواتس اب، وبالتالي تنتقل الشكوى إلى جهة الاختصاص التي تقوم بتقديم مطالعتها وردها إلى المحطة النهائية وغالباً للتنفيذ أو للرد بهدف وضع المواطن في الصورة الحقيقية للمسألة.
البلديات مثلاً وليس حصراً التي نجحت في نظامها عززت ثقافة جوهرها المؤسسة والعمل المؤسسي وإلغاء نمط (المختار) الذي يكون وسيطاً وهو غير منتج، تلك الثقافة تقودك كمواطن وحتى تقود المسؤول المنتخب في البلدية لأن يوجهك إلى القناة الأصح لإرسال الشكوى وتلقيها ومتابعتها، وأي قناة أخرى هدفها إبراز أن هناك شخصاً فوق المؤسسة تعني أن تبتعد فوراً عنها وتذهب صوب القناة التي تصل.
أشعر غالباً بردة فعل غير مرتاحة من الناس عندما يقصدك بشكوى أو اقتراح فتبادره بإبراز التطبيق أو البريد الإلكتروني وتساعده كيف يرسل شكواه معاً أنا وهو، في البداية ينظر نظرة فيها عتاب عنوانها: رن تلفون وقل لهم افعلوا!، الدقة أن تكون المسألة ممأسسة تمكن جهة الاختصاص من المتابعة، وقد يكون الاتصال الهاتفي من مسؤول في المؤسسة نتيجته أن تتلقى إجابة ليست دقيقة فتضعك في موقف محرج مع الناس وموقف محرج للمؤسسة، لأن الهاتف في وقت غير مناسب وفي لحظة غير متاحة سيؤدي إلى إجابة ليس فيها دقة لسبب عدم توفر الملف بين يديه وقد لا يريد القول: بكرة بفحص.
تعزيز الثقة بنظام الشكاوى / الاقتراحات يتطلب دفاعاً أميناً عن هذا النظام وقنواته لتعزز ثقة المواطن به، ومن ثم تعميمه في أوسع دائرة تؤثر بها، وتخلق ثقافة الشكوى / الاقتراحات بحيث تصبح جزءا من الثقافة والمواطنة وتقديم العام على الخاص، وألا ترى أن الاقتراح لا يستحق فهو بالنسبة للمواطن كل همه وشغله الشاغل، فدعه يذهب بقنواته ويتابع وأن يكون لديه رد شافٍ.
وعند تعزيز تلقي اقتراحات ستجد أن مؤسستك نظمت عدة مبادرات نتيجة لاقتراح مواطن بادر إليه في وقت أنت بأمس الحاجة له، ولكن زحمة العمل لا تسعفك أن تفكر به، وهذه واحدة من الميزات التنافسية للمؤسسة.
عن صحيفة الايام