كثير من الأسئلة تطرح منذ صدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتصعيد وضع فلسطين إلى دولة مراقب في الأمم المتحدة، حيث حسم موضوع الأرض بأنها أرض فلسطينية تحتلها إسرائيل منذ العام 1967 بما يخالف القانون الدولي، وحسم موضوع القدس الشرقية، القدس الشريف، بصفتها عاصمة الدولة الفلسطينية.
الأسئلة المطروحة، ومعظمها أسئلة افتراضية، تتعلق ببقية الحقوق الفلسطينية، والتي تأتي بمعظمها تحت بند اللاجئين الفلسطينيين الذين يشملهم القرار الدولي الشهير وهو القرار 194، ما هو مصيره، إن هذا القرار يشمل حقوق اللاجئين الفلسطينيين، وإنما اللاجئين داخل أرض فلسطين في الضفة وداخل قطاع غزة.
ومن المعروف أن القيادة الفلسطينية الشرعية نجحت حتى قبل إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية في رفض أي صيغة تعتدي على هذه الحقوق، أي رفضت التوطين، ورفضت الوطن البديل… الخ وأن القيادة الفلسطينية الشرعية، قيادة منظمة التحرير الفلسطينية منذ أحمد الشقيري مرورا بفترة انتقالية قصيرة وهي فترة يحيى حمودة ثم خلال قيادة الرئيس عرفات ثم طوال فترة الرئيس أبو مازن حتى يومنا هذا، رفضت مبادلة أي حق فلسطيني بحق آخر على الإطلاق، ويعرف الجميع أن عقدة المفاوضات في كامب ديفيد، وعقدة المفاوضات في آخر صفحة من صفحاتها كانت دائما هذه المسألة الجوهرية أي عدم مبادلة أو مقايضة أي حق فلسطيني بحق آخر، وقد تلقى رئيس الوزراء الإسرائيلي ردا حاسما وقويا من الأخ الرئيس أبو مازن حين عرض عليه أولمرت – فيما عرف باسم تفاهمات أولمرت – ستة ألاف ومئتين وثمانية وخمسين كيلو مترا في الضفة، أي بزيادة خمسة عشر كيلو مترا مربعا زيادة عن حدود الرابع من حزيران، وكيف رد الرئيس أبو مازن بالرفض القاطع لهذه الصيغة، لأنها اشترطت تأجيل البحث في القدس أو في اللاجئين.
ها هو قرار الجمعية العامة بأغلبية ساحقة، يحسم هوية وحدود الأرض، ويحسم موضوع القدس، أما اللاجئون فلهم حقهم الواضح الذي يتضمنه القرار 194.
و لكن الفكرة الآن أن هذا النظام السياسي الفلسطيني يجب أن يستعيد كامل صلاحياته وفعالياته بعد ما أطلق عليه تعارض المشاريع الفلسطينية، وبعد هذا الانقسام الأسود المرير، بمعنى أن النظام السياسي الفلسطيني يجب أن يتأهل أكثر لحمل الأعباء، والقيام بالاستحقاقات الناجمة عن كون فلسطين دولة مستقلة على الأرض، لها حقوق كثيرة وعليها واجبات كثيرة، وتجب إعادة صياغة النظام السياسي بما يمكنه تجسيد هذه الحقوق والقيام بهذه الواجبات، دون أن ينفرط عقد وحدتنا الوطنية عند أول اختبار وعند أقرب منعطف يواجهنا في الطريق، فحين نكون جزءا فاعلا ومستقلا في المجتمع الدولي، فيجب أن تكون مشاريعنا السياسية حتى وإن كان بينها رؤى واجتهادات مختلفة، محمولة على مشتركات أساسية، بحيث تحل الاجتهادات الفصائلية بطريقة مشروعة لا تؤثر سلبيا على استمرار وتقدم المشروع الوطني، ودون أن يكون المشروع الوطني – الدولة وحقوق الشعب – هو الذي يدفع الثمن.
أمامنا فرصة كبيرة وواضحة ومتاحة الآن، ويجب أن نعرف كيف نستثمر هذه الفرضية بأعلى درجة ممكنة على قاعدة، أن أي فصيل فلسطيني لا يمكن أن تتحقق طموحاته المشروعة إلا تحت سقف الشرعية الفلسطينية، وتحت سقف المكانة التي تحققها فلسطين بين الدول.
الحياة الجديدة.