يبدو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مصمماً على تصعيد الأزمة القائمة أصلاً في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني من خلال اتخاذ إجراءات انتقامية ضد الفلسطينيين، بعد أن صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح ترقية وضع فلسطين إلى دولة مراقب غير عضو الأسبوع الماضي.
وبدلاً من البحث عن سبل لوقف الدوامة الانحدارية المستمرة، أعلن السيد نتنياهو يوم الاثنين خططه المبيتة لبناء 3.000 وحدة سكنية جديدة في المناطق المتنازع عليها في القدس الشرقية والضفة الغربية، ومواصلة التخطيط للتطوير التنموي في المنطقة الأكثر إثارة للجدل، والمعروفة باسم (إي-1).
كما أعلنت إسرائيل أيضا أنها ستقوم بحجب 100 مليون دولار من عائدات الضرائب التي جمعتها نيابة عن السلطة الفلسطينية التي تعاني أصلاً من عجز مالي كبير. وتأتي هذه الخطوات في سياق فرض عقوبات مدمرة على الممثل الوحيد المعترف به رسمياً للشعب الفلسطيني، ويمكن أن تحكم بالإعدام على فرص حل الدولتين، لأن البناء في المنطقة “إي-1” سوف يفصل الأجزاء الشمالية من الضفة الغربية عن أجزائها الجنوبية. وتأتي هذه التدابير لتكون مثاراً للحيرة بعد استخفاف إسرائيل بتصويت الأمم المتحدة الأخير، باعتباره غير ذي أهمية ولا يغير الواقع على الأرض.
وإلى جانب ذلك، يبدو أن بعض النواب الأميركيين أيضاً ينطوون على مزاج مشابه للانتقام، حيث يهددون بإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وبحرمان الفلسطينيين من المعونة الأميركية وبحجب التمويل عن الهيئات التابعة للأمم المتحدة، والتي قد تقبل الفلسطينيين كأعضاء فيها. ولن يكون من شأن مثل هذه الإجراءات سوى أن تلحق الضرر فقط بإسرائيل وأن تقوض قدرة أميركا على لعب دور الوسيط النزيه والمتمتع بالمصداقية في أي جهود سلام مستقبلية.
إن تحركات السيد نتنياهو العقابية قصيرة النظر، تهدد بسحق السلطة الفلسطينية، وبإضعاف رئيسها محمود عباس، الذي يعترف بحق إسرائيل في الوجود، والذي يشكل مفاوض السلام الوحيد المتصف بالمصداقية.
وسوف يجعل توسيع المستوطنات في الضفة الغربية من المستحيل تقريباً استئناف مفاوضات السلام. والأسوأ من ذلك، هو أنه يشكل عامل تشتيت رهيب سيصرف الانتباه عن القضية النووية الإيرانية، التي يعتبرها السيد نتنياهو بمثابة التهديد الاستراتيجي الرئيسي لإسرائيل. وقد تؤدي تصرفاته غير الحكيمة إلى تعميق مشاعر النفور لدى الاتحاد الأوروبي الذي كان دوره محورياً في الضغط على إيران من أجل التخلي عن برنامجها النووي. وفي خطوة جديرة بالملاحظة، عمدت كل من بريطانيا وفرنسا وإسبانيا والسويد والدنمارك إلى استدعاء السفراء الإسرائيليين في عواصمها يوم الاثنين الماضي، كي تبلغهم باحتجاجها على خطط إسرائيل الاستيطانية.
وتبعث خطة تطوير المنطقة “إي-1” على القلق بشكل خاص لأن إدارة الرئيس أوباما، مثل الإدارات الأخرى من قبلها، تعتبر التوسع هناك خطوة حاسمة لقتل حل الدولتين. وبما أن السيد نتنياهو يسعى إلى إعادة انتخابه في كانون الثاني (يناير) المقبل، فإنه ربما يكون مدفوعاً بحاجاته السياسية. لكن هذا ليس عذراً.
وقد دانت الإدارة الأميركية التحركات الإسرائيلية الأخيرة بشدة، لكن السيد أوباما يحتاج إلى وضع استراتيجية جديدة لإعادة إحياء محادثات السلام، على الرغم من أن الكثيرين يعربون عن يأسهم من إمكانية إحراز أي نجاح فيها. ويمكن أن يبدأ الرئيس أوباما جهوده بحث السيد نتنياهو على إسقاط خطط الاستيطان، وبحث السيد عباس على التخلي عن مساعي التقدم بطلبات عضوية فلسطين في الهيئات التابعة للأمم المتحدة، أو محاولة رفع دعاوى ضد إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية.
افتتاحية – (نيويورك تايمز) ترجمة: علاء الدين أبو زينة- الغد الاردنية .
*نشرت هذه الافتتاحية تحت عنوان:
Mr. Netanyahu’s Strategic Mistake