انتشال عشرات الجثامين يرفع عدد الشهداء لأكثر من 1052 والاحتلال يعترف بمقتل 41 من جنوده وضباطه
البحث في باريس عن وقف لاطلاق النار وليبرمان يصف الدمار الهائل بأنه «عمل جيد»
القدس المحتلة – غزة – الحياة الجديدة – صادق المجلس الوزاري الأمني السياسي المصغر (الكابينيت) على تمديد الهدنة حتى منتصف الليلة القادمة (24 ساعة) وذلك في جلسة المجلس التي انتهت بعد منتصف الليلة الماضية، فيما رفضت حماس أي تهدئة انسانية لا تحقق انسحاب دبابات الاحتلال وعودة النازحين لبيوتهم.
وكانت “الهدنة الانسانية” في قطاع غزة امتدت حتى منتصف الليلة الماضية. وكان من المقرر ان تنتهي هذه الهدنة عند الساعة 8 مساء الا أن أعضاء المجلس الوزاري المصغر للشؤون الامنية والسياسية قرروا خلال استفتاء هاتفي اقرار مواصلة الهدنة.
وتناقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية الضرر الكبير الذي أحدثته الصور الواردة من حي الشجاعية على العالم بأسره، حيث اعترف أحد المسؤولين في وزارة الخارجية الإسرائيلية، في لقاء له الليلة الماضية مع القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي، أنّه “أي تفسير لنا أمام هذه الصور لا يمكن التأثير على الرأي العام العالمي، علما أن الناطقين الإسرائيليين يحظون بأربعة أضعاف ما يحظى به الناطقون الفلسطينيون – ولكن الصور هي أكبر تعبير عن الواقع”، قالها بمرارة.
واتاحت “هدنة انسانية” لمدة 12 ساعة امس، الكشف عن حجم الكارثة التي خلفها عدوان اسرائيلي متواصل منذ 20 يوما على قطاع غزة، ولكن التقارير أكدت ان ما خفي من حجم الكارثة والجرائم الاحتلالية أعظم بكثير مما ظهر امس، وأعلن مصدر مسؤول في وزارة الصحة في غزة، مساء امس، عن أن عدد شهداء المجزرة الإسرائيلية المتواصلة منذ 19 يوما على قطاع غزة قد ارتفع إلى أكثر من 1052 إضافة إلى 5840 جريحا. وأوضح المصدر أن قائمة الشهداء امس فاقت الـ152 شهيدا عقب العثور على عدد كبير من الشهداء خلال عمليات التنقيب تحت أنقاض المنازل المدمرة، وبخاصة في أحياء الشجاعية والزيتون، وفي بلدات: بيت لاهيا، وبيت حانون، وخزاعة ومناطق شرق خان يونس، وفي مدينة رفح، والمحافظة الوسطى وغيرها.
واستشهد الليلة الماضية مواطن في قصف بالأسلحة الرشاشة استهدف تجمعا للمواطنين في المحافظة الوسطى بالقطاع، وتم نقله إلى مستشفى شهداء الأقصى. وأكد أن عددا من الشهداء قد سقط خلال ساعات الفجر والصباح الأولى في أكثر من مكان، وبخاصة في قصف منزل عائلة النجار في وسط مدينة خان يونس الذي تسبب باستشهاد 19 مواطنا، وإصابة نحو 20 آخرين.
ومن الجانب الاسرائيلي اعلن الجيش عن مقتل ستة من جنوده بينهم ضابط في معارك دارت في قطاع غزة مساء الجمعة وصباح امس ليرتفع عدد القتلى العسكريين الى 41. ولم يتكبد الجيش الاسرائيلي خسائر فادحة بهذا الشكل منذ حرب 2006 ضد حزب الله في لبنان والتي خسر فيها 119 جنديا.
ووافقت الحكومة الامنية الاسرائيلية المصغرة (الكابينيت) على تمديد وقف اطلاق النار اربع ساعات اضافية، الا ان حركة حماس رفضت هذا التمديد. وكتب متحدث باسم الجيش الاسرائيلي على حسابه على تويتر “جرى تمديد وقف اطلاق النار اربع ساعات حتى منتصف الليل”. وأكد وزير الاستخبارات يوفال شتاينتز قرار التمديد.
ونقلت الاذاعة العامة الاسرائيلية عن مسؤول رفيع المستوى ان الحكومة مستعدة للموافقة على “هدنات انسانية” بشرط ان يواصل الجيش عملياته لتدمير الانفاق.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، إن الجيش الإسرائيلي سيواصل عملياته العسكرية في قطاع غزة بعد انتهاء الهدنة، معتبرا أن صور الدمار في غزة «أمر جيد».
وقال ليبرمان في مقابلة مع موقع صحيفة “يديعوت أحرونوت”: “علينا أن نضمن أمن مواطني إسرائيل، ليس مهما عدد الساعات والأيام التي يستغرقها ذلك، الهدنة ستنتهي منتصف الليل (الماضي)، ولا شك لدي بأن الجيش سيواصل عملياته بكل قوة، وحينها سنرى النتائج“.
وعن مشاهد وصور الدمار الهائل التي نقلت من غزة امس، قال: “أعتقد أن جنود الجيش قاموا بعمل جيد”. وأضاف: “سنواصل العمل بالطريقة ذاتها، كلنا يدرك بأن الجيش مطلق اليدين للعمل على تحقيق الأهداف التي حددها الكابينيت“.
من جانبه قال وزير الاقتصاد، نفتالي بينيت، إنه سيعترض على أي اتفاق لوقف إطلاق النار، مضيفا أن هدف الحملة العسكرية هو تفكيك صواريخ حماس وتدمير الأنفاق، معتبرا أنه ينبغي زيادة الضغط حتى تحقيق ذلك. وقال بينيت إن “استكمال معالجة الأنفاق يستغرق شهرًا لا يومين ولا ثلاثة كما أدعى وزير الجيش موشيه يعلون قبل أسبوع“.
وعبر وزراء وأعضاء كنيست من الليكود عن معارضتهم لأي وقف لإطلاق النار، فقد قال الوزير غدعون ساعر إنه “ينبغي رفض الضغوط التي تمارس على إسرائيل لتمديد وقف إطلاق النار. يجب الاستمرار في الحملة العسكرية وتوسيعها لتقويض البنى التحتية لحماس”. وشاركه في الرأي كل من رئيس لجنة الخارجية والأمن، زئيف إلكين، وعضو الكنيست داني دانون، وعضو الكنيست كرميل شاما، ورئيسة لجنة الداخلية ميري ريغيف.
وبعد ساعات على دخول الهدنة الانسانية حيز التنفيذ لمدة 12 ساعة في قطاع غزة عاد المواطنون الى بعض احيائهم المدمرة، بحثا عما تبقى لهم بين الحطام. وفي بيت حانون رأى صحفيون جثة مسعف لدى الهلال الاحمر الفلسطيني في مستشفى شبه مدمرة بالقصف الاسرائيلي، في حين كان الصحفيون والمسعفون يبحثون بين انقاض المباني المدمرة بالكامل وحيث انتشرت بقع الدماء على الارض.
ونصحت حركة حماس النازحين بعدم الاقتراب من المباني المدمرة جراء القصف الاسرائيلي ومن ساحات المعارك خشية من وجود اي عبوات غير منفجرة. وقال خضر سكر من حي الشجاعية الذي تعرض لقصف اسرائيلي عنيف “نخاف ان نفتح احد الابواب ونجد قنبلة“.
وبكت نساء في بلدة بيت حانون بعد أن انتشل مسعفون جثث ثلاثة من أقاربهن من تحت أنقاض منزل قصفته غارة إسرائيلية أثناء الليل. وتفقد سكان بيت حانون في شمال قطاع غزة الشوارع المدمرة والمنازل المتضررة والمباني التي سويت بالارض.
وقالت حنان الزعانين وهي تقف بجوار أربعة من أبنائها أمام منزلهم في بيت حانون التي شهدت معارك ضارية “عشنا ليلة من الرعب. كان القصف في كل مكان حول منزلنا“.
وفر الكثير من سكان بيت حانون وعددهم 30 ألف شخص من المنطقة. وقالت حنان “نأمل أن يدوم الهدوء ويجدون حلا حتى ينتهي القتال. نشعر بالخوف على سلامة أطفالنا”. وذكرت أنها لن تترك منزلها وأضافت “لا يوجد مكان نذهب إليه“.
ووقفت الدبابات الإسرائيلية بينما بحث الناس وسط الحطام عن ممتلكاتهم وأخذوا أي شيء يمكنهم العثور عليها كالأغطية والأثاث والملابس قبل أن يفروا من البلدة.
وعلى ما يبدو أن الجريمة الكبرى التي ارتكبها الاحتلال في بلدة خزاعة شرق مدينة خانيونس لم تتكشف بعد في ظل منع دخول الطواقم الطبية لانتشال الشهداء والمصابين. قتل الأطفال والنساء والشيوخ بدم بارد سياسية قوات الاحتلال حيث “أطلقت القوات النار على الطفل معتصم محمد أحمد النجار 4 سنوات سنوات وهو في حضن والدته أثناء مغادرة مجموعة من المواطنين البلدة وهم رافعين الرايات البيضاء ورافعين أيديهم مما أسفر عن إصابته رصاصة في صدره وأجبر الاحتلال والدته الطفل ترك ابنها على الأرض ينزف حتى استشهاده” هذه رواية أحد الناجين من مذبحة خزاعة.
ويقول شوقي النجار إن الشهداء والجرحى ما زالوا في بلدة خزاعة ولم يصل الصليب الأحمر لإخلائهم من المكان في منطقة محطة خزاعة للبترول ومنطقة النجار، مضيفا أن شقيقة سليمان النجار وخاله محمد النجار استشهدوا وما زالوا على الأرض منذ ثلاثة أيام.
ويضيف الناجي من المذبحة أن الاحتلال يحتجز عشرات الشباب كدروع بشرية بالقرب من محطة البترول في خزاعة ومنهم مصابين. وناشد الضمائر الحية التدخل للوصل إلى بلدة خزاعة المنكوبة لإخلاء الشهداء والجرحى ، مشيرا إلى أن مواطني البلدة نزحوا على أربعة أفواج.
هذه المجزرة لم تكن الأولى فسبقتها نحو 48 مجزرة بحق العوائل وأسفرت عن استشهاد 249 مواطنا جلهم من الأطفال والنساء في تواصل العدوان الإسرائيلي على القطاع لليوم التاسع عشر على التوالي.
وفي باريس قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس للصحفيين “ندعو كل الاطراف الى تمديد وقف اطلاق النار الانساني لمدة 24 ساعة قابلة للتجديد”، وذلك بعد لقاء عقد في باريس بحضور وزير الخارجية الاميركي جون كيري ونظرائه من بريطانيا والمانيا وايطاليا وقطر وتركيا وكذلك ممثل للاتحاد الاوروبي.
من جهته قال كيري بعد اللقاء للصحفيين انا “اتفهم عدم توقيع اسرائيل على وقف اطلاق نار دون حسم مسألة الانفاق. نحن نفهمها ونعمل على ذلك”. وتابع “بالطريقة ذاتها لا يمكن ان يقبل الفلسطينيون وقف اطلاق نار اذا لم يؤد سوى الى تثيبت الوضع الراهن”. ودعا الى اتفاق يسمح للفلسطينيين “بالعيش بكرامة” والتحرك بحرية وعدم التعرض للعنف.
كذلك اعتبر وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند في حديث لشبكة “سكاي نيوز” ان تمديد الهدنة “ضرورة انسانية قصوى… ان كان لـ12 ساعة او 24 ساعة او 48 ساعة، وما الى ذلك“.
ولم يشارك وزراء خارجية اسرائيل وفلسطين ومصر في هذا اللقاء الذي اطلق عليه اسم “الاجتماع الدولي لدعم وقف اطلاق النار الانساني في غزة“.
وفي تعقيبه على الاجتماع الدولي في باريس حول غزة، قال المتحدث باسم حماس فوزي برهوم لوكالة فرانس برس “نتمنى ان تكون مخرجات هذا الاجتماع تصب في صالح الضحية الشعب الفلسطيني“.
وكانت الحكومة الاسرائيلية الامنية المصغرة اعلنت رفضها لاقتراح قدمه جون كيري حول هدنة من سبعة ايام تسمح بالدخول في مفاوضات غير مباشرة بين الاطراف المعنية. ونقلت الاذاعتان الاسرائيليتان العامة والعسكرية عن مسؤولين قولهم ان بنود الهدنة التي قدمها كيري تميل لمصلحة حماس.
ودعا وزير الجيش الاسرائيلي موشيه يعلون جنوده الى ان يكونوا جاهزين “لتوسيع كبير في العمليات البرية“.
وقال مصدر دبلوماسي فرنسي إن الدبلوماسيين سيواصلون المساعي في باريس لتأمين وقف لإطلاق النار. وقال مسؤولون إن كيري التقى السبت بوزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو في باريس لاستكمال صياغة مبادرة لوقف اطلاق النار.