رام الله / في ظل تزايد عدد الجمعيات والمنظمات الأهلية التي وصلت 2775 في فلسطين، أصبحت الجمعيات واحدة من أبرز العناصر الفاعلة في المجتمع الفلسطيني، لتكون إطاراً يخدم توعيه المواطنين وتعزيز مشاركتهم وتحقيق أهداف مجتمعية عامة بعيدة عن المنافع الشخصية.
ويأتي هذا في ظل توجه مؤسسات التمويل العالمية لتحويل جزء كبير من مشاريعها من فلسطين الى بلدان عربية أخرى بعد ثورات الربيع العربي، ما دفع ببعض الحقوقيين والناشطين في مجال الحق في تكوين الجمعيات، لاقتراح إنشاء صندوق وطني لدعم الجمعيات الأهلية والمؤسسات الخيرية.
ويعتبر الصندوق الوطني واحدا من الحلول المقترحة لمشاكل التمويل وواحدة من وسائل تعزيز التعاون بين القطاع العام والخاص والاهلي، باعتبار ان الجميع شركاء في التنمية المجتمعية، وتترتب عليهم مسؤوليات مشتركة في تقديم الدعم للمؤسسات والجمعيات الخيرية لتلبية احتياجات المناطق والميادين التي تعمل فيها، بهدف رفع كفاءتها وزيادة قدراتها، وذلك ضمن آلية تمكن الصندوق الوطني المقترح الاستفادة من دعم وطني متكامل.
الصندوق الوطني ودعم برامج المؤسسات
واعرب رئيس اللجنة التنسيقية للجمعيات والمنظمات الأهلية والوطنية نصفت الخُفش عن “أهمية التفكير بشكل جدي لإنشاء صندوق وطني، ليعطي فرصة للمؤسسات بالحصول على الدعم وتقديم البرامج والأنشطة حتى تحقق أهدافها ضمن خطة وطنية”.
وأكد الخفش على مساع تهدف انشاء صندوق وطني ليشكل “قناة تحويلية للمؤسسات الأهلية لتنفذ مشاريعها وبرامجها، بالتنسيق مع القطاع الأهلي والحكومي من أجل تثبيت توجيه الأموال، وبمشاركة القطاع الخاص من خلال المسؤولية الاجتماعية في دعم الصندوق”.
واعتبر مدير مركز القدس للمساعدة القانونية عصام العاروري فكرة انشاء الصندوق الوطني لدعم المؤسسات الأهلية والجمعيات الخيرية بأنها “مبادرة جيدة تشجع المبادرات المحلية ومبدأ المسؤولية الاجتماعية، وتنظم عملية تمويل القطاع الأهلي وتؤسس حالة يمكن من خلالها تقليل الاعتماد على المساعدات الخارجية في ظل التناقص التدريجي للتمويل المقدم من الدول المانحة”.
واشارت المحامية دعاء الفار (وهي مستشارة قانونية في المركز الدولي لقوانين منظمات المجتمع المدني في المكتب الاقليمي في عمان، وتتواجد في فلسطين في اطار انشطة ينفذها المركز لتعزيز الحق في تكوين الجمعيات) الى أهمية إنشاء صندوق وطني للحفاظ على استمرارية منظمات المجتمع المدني، التي تتركز مشكلة وجدوها وعدم وجودها على التمويل.
وقالت الفار:” مسألة إنشاء صندوق وطني تعتبر أحد الحلول المقترحة لمشكلة التمويل، والتي تساعد في عدالة توزيع التمويل، كما وتحافظ على استمرارية المنظمات”.
الصندوق الوطني والسلطة
ويرى العاروري أنه “يجب لضمان فاعلية عمل الصندوق أن يكون مستقلاً تماماً عن السلطة والأحزاب السياسية، وان يقوم عليه أشخاص مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة، وأن يدار بشفافية تامة وفق معاير محددة، تتجنب التمييز وكافة عوامل الانحياز”.
ورأى أنه “في حال تدخل السلطة في إدارة الصندوق الوطني فإنه يجب أن يكون من خلال تشريع ينصُ على تخصيص نسبة مئوية من الموازنة العامة لهذا الصندوق، كي لا يكون الأمر إختياريا وخاضعا للحسابات السياسية، وأن يقر من قبل المجلس التشريعي في حال عودته لممارسة أعماله”.
من جهة أخرى، يبدي القائمون على الجمعيات الخيرية تفاؤلاً أقل بشأن مدى قدرة الصندوق الوطني على حل مشكلات التمويل، حيث أشار الدكتور بشار الكرمي رئيس جمعية أصدقاء مرضى الثلاسيميا إلى أن محدودية الإمكانيات المتوفرة وصعوبات التمويل تعد من أبرز المشكلات التي تواجه الجمعية.
ويرجع أسباب تراجع التمويل إلى “تدهور الوضع الاقتصادي الفلسطيني، وغياب بعض الجوانب عن قائمة الممولين الذين يعتقدون أنها من مسؤوليات الجهات الحكومية الرسمية”.
ويرى الكرمي أن الصعوبات التي قد تواجه الصندوق الوطني تتمثل في إيجاد آليه فاعلة لتوزيع التمويل على هذا العدد الكبير من الجمعيات الخيرية والمؤسسات الأهلية، وعدم وجود توافق مجتمعي على الأولويات التي يحتاجها المجتمع الفلسطيني، موضحا أن “الفائدة الناتجة عن الصندوق الوطني ستكون ملموسة لدى موظفي هذه المؤسسات، أكثر من تأثيرها على رفع مستوى الخدمة التي يستفيد منها المواطن العادي”.
واوضح محمد الربيعي، المدير الإداري لجمعية ياسمين الخيرية التي تعمل على رعاية وتأهيل ذوي الإعاقة الذهنية، أن من أبرز الصعوبات التي تواجه الجمعيات الخيرية هي نقص التمويل والبرامج المطروحة للجمعيات، الامر الذي “يحرم الكثير من العائلات من الإستفادة من نشاط الجمعية، كما وأن قلة التواصل من الجهات الداعمة داخل البلد، والحصار الذي تعاني منه المنطقة، يلعب دوراً في إعاقة الوصول إلى الجهات المستهدفة”.
ويرى الربيعي أن إنشاء صندوق وطني لدعم الجمعيات الخيرية والمؤسسات الأهلية “بحاجة إلى إرادة سياسية كي يدرج في الموازنة الفلسطينية، وتلزم به وزارة المالية، بالإضافة إلى الداعمين والمانحين، لدفع الأموال عبر الصندوق الوطني”. مشيرا الى انه “يجب ان لا تتركز الفكرة على قرار فقط، لان ذلك لن يضيف شيئا وستكون مبادرة ليس لها أي صدى”.
وبشأن اهمية انشاء مثل هذا الصندوق الوطني ومساهمته في حل مشكلة التمويل بين الربيعي “أن ذلك سيساعد على تنظيم عملية التمويل، وتحديد أولويات المشاريع، وإعادة بناء قدرات المؤسسات، كما ويمكن ترتيب الأولويات للقضايا التنموية وحسب الخطط الوطنية والتشبيك داخل المؤسسات”.
القدس دوت كوم