رام الله / آخر بيانات أصدرها جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني، ارتفعت معدلات البقاء على قيد الحياة عند الفلسطينيين في الضفة و القطاع خلال العشرين عاما الماضية ما بين 5 و 7 سنوات، حيث بلغ معدل البقاء 72.4 عاما لكلا الجنسين، فيما أظهرت البيانات التي قيل أنها استندت إلى “معايير منظمة الصحة العالمية” أن سكان الضفة أطول عمرا من سكان القطاع، كما أن الفلسطينيات يعشن عمرا أطول من الرجال بفارق يصل 3 سنوات.. المعطيات التي أيدها وزير الصحة في السلطة الوطنية هاني عابدين و فسرها بـ ” تحسن مستوى الخدمات الصحية”، لم ترق للمواطن الستيني “أبو محمد” المواظب على تناول القهوة بمصاحبة “الشيشة” في مقاهي رام الله العتيقة، حيث يؤكد الأخير – بالرغم من أن الأعمار بيد الله – أن كل المؤشرات التي يحسها ترجح موته قبل سنوات من بلوغه المعدل المشار إليه، فيما يقول المواطن الخمسيني خالد شاهين، وهو أب لخمسة أولاد، أن الحياة التي تبدو وكأنها سهلة، تزدحم بأنواع من الضغوطات التي “لا تبشر بطول العمر” .
المعطيات و الأرقام التي أعلنها جهاز الإحصاء أوضحت، في التفاصيل ، أن معدل توقع البقاء على قيد الحياة ارتفع من نحو 67 عاما للمواطنين من كلا الجنسين عام 1992، إلى 71.3 عاماً للذكور و74.1 عاماً للإناث عند منتصف العام 2012، مضيفة أن هناك توقعات بارتفاع هذا المعدل حتى العام 2015 ليصل نحو 72 عاماً للذكور و 75 عاماً للإناث .
في “الاتجاه المعاكس” للمعطيات التي أيدها أيضا جواد البيطار مدير مركز المعلومات الصحية الفلسطيني، مرجعا إياها إلى تحسن نوعية العلاجات المقدمة للمواطنين ولعدد الأسرة في المستشفيات وزيادة عدد الكوادر الطبية و انخفاض نسبة الوفيات لدى الأطفال.. أبدى الموظف عيسى عبيدات من بيت لحم ( 35 عاما ) استهجانه، مشيرا إلى أن غياب السعادة لدى الفلسطينيين بسبب انتهاكات الاحتلال و زيادة المسببات لـ”الجلطات” و “الذبحات الصدرية”، من شأنها أن تقلل من أعمار الناس، وهو رأي يشاركه فيه محمد الهيموني من الخليل ( 45 عاما – أب لأربعة أطفال ) و طالبة علم النفس في جامعة بير زيت ميسون غنيمات، بفارق أن الأخيرة لفتت إلى أن زيادة معدلات الأعمار في أي مجتمع تأتي في العادة كنتيجة لتحسن الظروف النفسية والاقتصادية والسياسية للمجتمع، إضافة الى تحسن الخدمات الصحية، هي عوامل – كما قالت – تقلل من رغبة الكثيرين في البقاء أعمارا أطول .
في الإطار، قال الأخصائي النفسي محمود سحويل في حديث مع دوت كوم”، أن الزيادة في معدلات الأعمار لا يرافقها تحسن في نوعية الحياة و أن ثمة مؤشرات خطيرة توحي بوجود تدهور الصحة النفسية في المجتمع، موضحا أن وجود الاحتلال الإسرائيلي و انسداد الأفق السياسي، إضافة إلى الانقطاع المتكرر للرواتب و تدهور الحالة الاقتصادية، كل ذلك من شأنه أن يزيد من الإحباط والاكتئاب و الاضطرابات النفسية، وهو ما تؤكده دراسة أظهرت – بحسب سحويل – وصول نسبة المصابين بصدمات نفسية في المجتمع الفلسطيني في الضفة و القطاع إلى نحو 22 في المئة .
تبقى الإشارة إلى أن إحصائيات وزارة الصحة الفلسطينية لعامي 2011 و 2012، أظهرت أن عدد الوفيات في الضفة و القطاع لأسباب غير طبيعية، تمثل العامل الأول، حيث تصدرت أمراض القلب والأوعية الدموية السبب الأول للوفيات المبلغ عنها في العام 2011 (بنسبة 25.4 %) من مجموع الوفيات المبلغ عنها، تلتها أمراض السرطان (بنسبة بلغت 12.4 %) ثم أمراض الأوعية الدماغية ( بنسبة %10.3 ) من مجموع الوفيات المبلغ عنها في فلسطين في العام2011 .
القدس دوت كوم – مهند العدم .