الخلاف ليس بين الشيعة والسّنة ، بل بين عرب وإسلام أمريكا والمعارضين لها ، بدعة جديدة تسبح في الأفق الضيق ، وكأن الخطر على الشرق الأوسط والعالم هو من الشيعة ، من إيران وسوريا والمقاومة اللبنانية! وأمريكا والسعودية والأردن وقطر وأوروبا وتركيا ورجعية لبنان وغيرها ، كل هذه الجوقة الدنسة السافلة ومعها إسرائيل الأكثر إجراما تتصدّى للمد الشيعي!!فماذا مع سُنّة فلسطين ، هل تكاتفت جوقة المذلّة والإجرام لإحقاق الحق الفلسطيني ، هل قتال المأمون والأمين الأخوين كان بين سنة وشيعة، وهل القتال بين هشام بن عبد الملك ويزيد كان بين سنة وشيعة!! لماذا حمت أمريكا نظام الشاه محمد رضا بهلوي!! لو غيرت سوريا وإيران والمقاومة اللبنانية مواقفها كانت سترضى عنها أمريكا.
هل حرب حزيران العدوانية سنة 67 والمدعومة من أمريكا كانت ضد عبد الناصر الشيعي!!أين عقول وضمائر وذوق أولئك الذين يرددون هذه الفرية قسم منهم استفاد ويستفيد من قطر والسعودية ، لا اعرف مدى سنيّة أو شيعية هذين النظامين ، لكننا نعرف مدى عمالتهما لأمريكا ضد العرب والإسلام وضد كل من هو معارض لها.
لقاميط الأمس للنظام السوري يقفون اليوم أحقر المواقف مع أمريكا وإسرائيل ، طائرات أمريكا تدخلت في أواخر الخمسينيات وبعدها في الأردن ولبنان هل كان ذلك دفاعًا عن السنة ضد الشيعة!!والطائرات الأمريكية تعلن استعداداها لضرب أهداف محدّدة ضيقة في سوريا بموافقة السعودية وتركيا بعدها طبعا القضاء على إيران والمقاومة اللبنانية بفتاوى من شيوخ مجلّلين بالعمالة والنذالة ، واعتمادًا على بنود في مواثيق مجلس الأمن والجامعة العربية ، أحقر منظمتين في موقفهما اليوم.احتلال العراق مشروع ، واحتلال أفغانستان كذلك ، واحتلال إسرائيل لا غبار عليه ، بل هو قمة الحرية، وحصار كوبا ممتاز ، والتآمر على فنزويلا وكوريا الشمالية رائع جدًا يتماشى بإتقان ودقة مع الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة ، لو كنت مكان النظام السوري كنت “سَكْترتُ” لكوفي أنان ، صرّح الشيء ونقيضه في لبنان والدوحة ، وكذلك السكرتير الحالي للأمم المتحدة وبطرس غالي ، كلها عبارة عن “براغي” في ماكنة العدوان والإجرام.
النظام الليبي اليوم ممتاز!! كل شيء يدمّر ما عدا البترول ، تمامًا كما حدث في العراق ، الحضارة الاستعمارية دمرت أول ما دمّرت حضارة ما بين النهرين وقدرة العراق الاقتصادية والعسكرية حتى تظل إسرائيل تسرح وتمرح في احتلالها وإجرامها في فلسطين وسوريا ولبنان والسودان والعراق ، وهذا الهدف من ضرب المقاومة اللبنانية وسوريا وإيران.
هل كان تمرّد الشعب اليمني بقيادة السَّلال ضد الأمير بدر حميد الدين بين سنة وشيعة!! السعودية وقفت مع الإمام البدر ضد عبد الناصر والمدّ القومي ، الاجتياحات الإسرائيلية للبنان استهدفت الفلسطينيين واللبنانيين ، من سنة وشيعة ومسيحيين ، إلا إذا كانت مواقف البعض مع الاجتياح ، مجلس الأمن وجامعة الدول العربية لم تكن مهروقة لعقد الاجتماعات المتسارعة لإيقاف المعتدي ، ولا خلال الحرب على غزة ، ولا زمن الانتفاضة ، ولا الجدار ولا الاستيطان ، ولا هبة أكتوبر وغيرها الكثير.
كانت هذه المنظمات في إضراب تباطؤ عن النشاط ، أما اليوم فنحن في عصر السرعة وهي مستعجلة جدًا.
صادرات السعودية تصل إلى قرابة أربعمائة مليار دولار وهكذا دول الخليج نسبيًا، تُهدر للشركات والمؤسسات المالية الامبريالية ، على العهر السياسي والأخلاقي وليس على الصحة والتعليم والعمل والسكن للشعوب .
المنطقة مقبلة على أحداث أكثر خطرًا من هذه الأيام بسبب النشاط المحموم للاستعمار والصهيونية والرجعية ، هذه الثلاثية متجانسة جدًا ، هكذا كان في الماضي ، وهكذا اليوم وبشكل واضح وصارخ أكثر، ويجب النظر إليها في وحدتها هذه. كل المدّعين بمعارضة الصهيونية ويقفون مع السعودية وقطر وأسيادهما وأمثالهما هم دجّالون أو مضلِّلون ومضلَّلون .
إن أشرف موقف إنساني أممي وقومي وديني هو الموقف المعادي لهؤلاء ، ولنحذر من الوقوع في شباك بعض الذين يستغلون الدّين الحنيف وقيمه السامية لمعاداة كل ما هو تقدمي في الكرة الأرضية خدمة لجيوبهم وأنانيتهم وأسيادهم ، هناك من يتكلم من جيبه ونرجسيته وهناك من يتكلم من ضميره الحي المبدئي النقي ، أليس من العجب ان معظم القتلى في العالم هم من المؤمنين!! وبسلاح أمريكي وأطلسي وإسرائيلي وبأموال خليجية عربية!! وبفتاوى لشيوخ مجلّلين بالتلون والعمالة!! هكذا في فلسطين والعراق وأفغانستان وليبيا وسوريا ولبنان وباكستان .
كل التقدير والاحترام للمتدينين الحقيقيين الذين يعرفون حق المعرفة من هو العدو لهم ولشعوبهم ، هذا الموقف المبدئي هو الذي يدعم إيمانهم بحسب قناعاتهم وليس العكس ، ولنحذر المتقلِّبين في مواقفهم عندنا ، يظهرون هنا في منتهى التطرف القومجي والسياسي ، وهم موالون وجزء من ماكنة التحريض على القوى المعادية للاستعمار، هم لحّاسو صحون لدى قطر والسعودية ، حتى وإن كانت الصحون دسمة ، لكنها دنسة.
وليحذر أي مبدع وصحفي شريف من الوقوع في الخطأ ، او ان يشط قلمه عن الموقف الإنساني والطبقي والاممي الصحيح ، أحيانًا يتعكر مزاج احدنا بسبب شدة وحدّة التآمر والعدوان ، فلنحافظ على أعصابنا قوية ، فالكلمة الأخيرة للشعوب ، ليس بقيادة عملاء بدائل ، بل بقيادة اخلص القوى الوطنية ، عندما تُداس تيجان العُهر والعمالة تحت أقدام المناضلين الشرفاء.ولنقف متصدّين للكذابين المزاودين ولكل أولئك الذين يفحّون بسموم التعصّب وبكل أنواعه ، خاصة اللعب على الوتر الطائفي ، ولنعزز الانتماء إلى شعبنا والى خطنا الكفاحي الاممي ، هذا هو الدواء ، والعبرة ، هذا هو الامتحان.
- · امين عام الحزب الشيوعي في داخل الـ 48