الناصرة /ليس سرًا أن علاقة الموساد الإسرائيلي مع القيادات الكردية تعود إلى عقود سابقة، ولا تنفي القيادات الكردية أن هناك المئات من اليهود الأكراد هاجروا إلى الدولة العبريّة وان بعضهم أصبح من المسؤولين الكبار في دولة الاحتلال، وبحسب مصادر مختلفة، فإنّ تمركز أجهزة الموساد في شمال العراق يأتي نتيجة ابتعاد هذه المنطقة عن عمليات المقاومة في الوسط أو الجنوب، إذ تمسك قوات البشمركة بيد من حديد على معظم الجوانب الأمنية، كذلك لوجود نوع من الاستقرار الذي يسمح لهذه الأجهزة بالتحرك أو المراقبة من دون حدوث أية مخاطر قد تهدد هذه الأجهزة. وتشير المصادر عينها إلى أن كل هذه الإجراءات الاحترازيّة لم تمنع جهات المقاومة من رصد نشاط تلك الأجهزة، علاوة على ذلك، تؤكد الأوساط المطلعة أن عددًا ليس بقليل من الشركات الكردية عقدت صفقات تجارية وخدمية مع شركات إسرائيلية، وأنّ هذه الشركات لا تشعر بأية عقدة في التعامل مع إسرائيل، وتحاول أجهزة الموساد التغلغل إلى الداخل العراقي من خلال هذه الشركات، كما قالت المصادر عينها. وفي هذا السياق، كشفت صحيفة ‘يديعوت أحرونوت’ العبريّة أمس النقاب عن أنّ وفداً كردياً رفيع المستوى قام مؤخرًا بزيارة رسمية إلى تل أبيب، للبحث في سبل التعاون بين الجانبين، كما لفتت الصحيفة إلى أن الزيارة لم تعلن بشكل رسمي، وجرت قبل أيام تحت ستار من السرية الكاملة.
وذكرت الصحيفة أن الوفد الزائر يمثل حكومة إقليم كردستان العراق، ويضم نائب رئيس الإقليم ووزير الزراعة، وعدداً من الخبراء الاقتصاديين والزراعيين. ورغم أن الصحيفة لم تذكر اسمي المسؤولين الرسميين، فإن من المعروف أن نائب رئيس الإقليم هو كوسرت رسول ووزير الزراعة هو جميل سليمان حيدر، ولكنّها بالمقابل قامت بنشر صورة لأعضاء الوفد وهم يزورون القرية التعاونيّة (أفيكيم) في منطقة غور الأردن في الضفة الغربيّة المحتلّة.
بالإضافة إلى ذلك، زادت الصحيفة العبريّة قائلةً إن الهدف الرئيسي من وراء الزيارة هو البحث في سبل التعاون والاطلاع على الخبرات الإسرائيلية في مجال الزراعة وتربية الدواجن وإنتاج الحليب ومشتقاته. وبحسب الصحيفة، فإن الوفد الكردي زار كيبوتس افيكيم، وقام بمعاينة مزرعة إسرائيليّة نموذجيّة، وذلك تمهيدًا لإقامة مزرعة إسرائيلية شبيهة بها في منطقة إقليم كردستان، على حد قول المصادر في تل أبيب. وتابعت الصحيفة العبريّة قائلةً إنّ نائب رئيس إقليم كردستان حل ضيفًا على مكاتب شركة (افيميلكا) الإسرائيلية، الذائعة الصيت من الناحية العالميّة في مجال الزراعة، وأبدى اهتماماً خاصًا بشراء معدات زراعية متطورة، بالإضافة إلى الاستفادة من خبرات الشركة لإقامة مزرعة نموذجية في كردستان العراق، وفقاً للنموذج الإسرائيلي. وأشارت الصحيفة إلى أنّ شركة (افيميلكا)، هي رائدة في مجالها، وقد أقامت مزارع في أكثر من خمسين دولة، من بينها ثلاث مزارع تعدّ الأكبر في العالم: واحدة في الولايات المتحدة الأمريكيّة وأخريان في كل من الصين وفيتنام في آسيا، علاوة على ذلك، أقامت الشركة مزرعة أخرى تعتبر الأكثر تطورًاً في القارة الأفريقية في أنغولا، إضافة إلى إقامة مركز لإنتاج حليب النوق في الإمارات العربية المتحدة، وتحديدًا في مدينة دبي، على حد قول الصحيفة.
وقالت المصادر الإسرائيليّة، التي اعتمدت عليها الصحيفة العبريّة، إنّ المزرعة النموذجية المنوي إقامتها في إقليم كردستان العراق، ستكون الأكبر والأكثر تطوراً وحداثة في جمهورية العراق، وقد أعد كل من الجانبين، الإسرائيلي والكردي، الخطط اللازمة لكي يجري تسويق إنتاج المزرعة الإسرائيلية على كامل مساحة الأراضي العراقية، وعدم الاكتفاء فقط بسكان الإقليم الكردي، مشيرة إلى أن وفداً إسرائيلياً يضم مهندسين زراعيين وخبراء، سيتوجه في الفترة القريبة المقبلة إلى إقليم كردستان، ومن المتوقع ان يبدأ تنفيذ ما جرى الاتفاق عليه بين الجانبين.
ونقلت الصحيفة عن مصادر كردية في الوفد الزائر أملها بأن يساهم التعاون المشترك مع إسرائيل، والمزرعة المنوي إقامتها في الإقليم، في رفع مستوى النمو الاقتصادي لكردستان العراق، حيث يواجه الإقليم صعوبات اقتصادية كبيرة ناتجة من فقدان الخبرة والتكنولوجيا.
وقال أحد أعضاء الوفد الكرديّ للصحيفة العبريّة، والذي طلب عدم الكشف عن اسمه إنّه من الصعب أن تجد في الأسواق الكردية مشتقات الحليب من إنتاج محلي كردي، رغم أنه تتوافر للإقليم مساحات شاسعة من الأراضي الصالحة لإقامة المزارع ومراكز تربية الدواجن والماشية بأساليب حديثة متطورة، الأمر الذي يدفع حكومة كردستان إلى البحث عن تكنولوجيا وخبرات زراعية خاصة، بدلاً من الاقتصار على أساليب وطرق قديمة وتقليدية، وأكدت الصحيفة أنّ الهدف النهائيّ للمشروع الإسرائيليّ هو العاصمة بغداد، لإقامة المزارع وتسويق المنتجات الإسرائيليّة تحت اسم مستعار.
مع ذلك، أكدت الصحيفة أن المقاربة الإعلامية الرسمية في الدولة العبرية، إزاء أي علاقة أو تعاون بين إقليم كردستان العراق والدولة العبرية، لا تزال على حالها، مشيرة إلى أنه لا توجد علاقات دبلوماسية وتجارية رسميّة بين الجانبين، كما أن الحكومة الإسرائيليّة تعلن أنها لا تشجع الشركات الإسرائيلية على الاستثمار في العراق، لأن الأمر يتعلق بمنطقة حساسة من الناحية الجيوسياسية ربطًا بدول جوار الإقليم، وخصوصاً أن نزاعاً يحكم العلاقة ما بين كردستان العراق وتركيا، إضافة إلى وجود علاقات حسنة تربط الإقليم بالجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة، على حد قولها.
القدس العربي .