إلى سليم النّفار، الطفل الذي تعفّر برَملِ اللاذقية فأحبّها لاجئًا، وغَمرَ جسده شواطيء غزة عاشقًا عائدًا.
النّفار، الشاعر الغاضب والحالم العاتب، والمبتسم حتى الرحيل. هكذا يقضي ويقصي الجنون المشاع البشع أحبّتنا، ورفاق كانوا بالأمس بكامل حضورهم وبهائهم، وباتساع ضحكاتهم وفرحهم. إليك حيثما كنت حيًّا تحت السماء وحياة في السماء، وحيًّا تحت الرّمل، الرّمل الذي صار ثراك يعرفك تمام الحُب.
يرحلون، صدفة،
ويتركون الألم يغرس نابه
نابه في الذاكرة الموجعة،
يصعدون من تحت الرّدم،
يقبضون بأيديهم،
حبال أحلام لم تكتمل،
لم تكتمل لأنها صعقة الموت جاءت
تدّق بالصدّفة النوم الذي يُشبه النَّوم،
يرحلون ويقضمون الوقت،
يقضمونه بسرعة كالريح
الريح الخائفة من موتنا
الريح التي تركض في مراح عُمرنا،
يرحلون، يرحلون والظمأ قاسٍ، قاسي
يَشُق حنجرة الصّمت الجائع للصراخ
ويعودون ريحان البيوت المهجورة
يفردون عطرهم على مصاطب الحزن
ويغرسون في قلوبنا ذاكرة لا تشيب.