مع كل لحظة تمر في قطاع غزة يرتقي شهيد ومع كل لحظة أيضاً تختلف المواقف. تارة تبلغنا إسرائيل أنها لن تنسحب دون استلام جنديها المفقود وبعدها تنسحب، وتارة تقول إنها تقود عملية طويلة الأمد لهدم الأنفاق وبعدها تدعو الناس للعودة إلى منازلهم في الشجاعية وبيت حانون وخزاعة ورفح والقائمة تطول.
تارة ترسل وفدها إلى القاهرة للتفاوض وبعدها تعاود سحبه بحجة عطلة السبت، وتارة تقول إن حربها موجهة ضد الصواريخ وبعدها تقول إن حربها مخصصة لردم أنفاق المقاومة، وتارة تقول إنها لا تريد تهدئة تحت النار وبعدها تعود لفتح قنوات سرية بعرّابين معلنين للبحث في تهدئة تمتد من خمس إلى عشر سنوات.
تارة لا تمانع ادخال الخبز والحليب وبعدها ترفض مناقشة اقامة مطار وميناء ومعابر في قطاع غزة، وتارة يقول أحدهم إن التفاوض تنازل وبعدها يقول هو ذاته “إن جنحوا للسلم فاجنح لها“.
بورصة من اللعب والتسلية تقودها إسرائيل لأن قتل الفلسطينيين ليس أمراً مقلقاً. فقتل عشرة أطفال لا يختلف عن قتل خمسين منهم لأن أحداً لا يهدد المحتل بدق عنقه ولا بمحاسبته حتى لو قصف المساجد والكنائس والجامعات والمدارس والمستشفيات والنوادي والعيادات والمصانع والبنية التحتية ومصادر الكهرباء.
صاحب البورصة مرتاح.. حصوله على عطلة مع نهاية الأسبوع بينما قذائفه منهمرة لا يعني شيئاً.. حتى أن من يحتلهم لا حقوق لهم خاصة بما امتلكوه ذات يوم.. لا مطار ولا ميناء ولا معبر!
مستوطنات وجدار وحواجز وتنازل عن حق العودة واعتراف بيهودية الدولة وتنازل عن الأغوار ومصادرة المياه بينما يجب على الفلسطينيين أن يقبلوا بالاحتلال ويحافظوا على أمنه.
ومع كل مظهر احتجاجي أو مقاوم يمارسه الفلسطينيون فإنهم مخربون وإرهابيون وقتلة بل يهب بعض ظلمة هذا العالم لتبرير غطرسة المحتل وإكراه الناس على التعاطف معه ضد ضحاياه. بل نسمع البعض يساوي بين الجلاد والضحية.
صاحب البورصة.. يمتلك ناصية القرار والقتل والتنكيل دونما تردد وهو يعرف أن من فقد بيته وأبناءه لن يتخلى عن المقاومة سبيلاً ووسيلة لكسر محتليه. لذا فإن معاتيه السياسة يعتقدون أن الفلسطينيين يقادون عبر إعلام الدول المتصهينة والمرعوبة من نيران اللوبيات الصهيونية إضافة إلى الضغط على الضحية وقتل أطفالها ونسائها إضافة إلى لي الحقائق وصناعة الخبر المفبرك.
الفلسطينيون ليسوا أقل آدمية من البشر وليسوا أتباعاً لربٍ من خارج الكون.. إنهم كغيرهم مستضعفون اليوم لكنهم لن يغفروا للقتلة وشركائهم.. فلتستمر بورصة القتل وسنرى من يضحك أخيراً!
الحياة الجديدة