رام الله -خاص بـ”القدس” دوت كوم
د. عمر رحال: نتنياهو يسعى لأن يدخل التاريخ إلى جانب “الآباء المؤسسين” ويواصل عدوانه كمن لديه ضوء أخضر دولي
نهاد أبو غوش: استدعاء نتنياهو نصوصاً توراتية بغرض تبرير سياساته العدوانية وتعزيز تماسك ائتلافه اليميني الحاكم
د. أمجد أبو العز: المنطقة قد تتجه نحو تصعيد أكبر مع محاولة حزب الله استيعاب الضربة وإعادة تنظيم صفوفه
نزار نزال: نتنياهو يطبق الأفكار التوسعية الواردة في كتابه “مكان بين الأمم” من خلال الآلة العسكرية ويسعى للتصعيد
سري سمور: الطبيعة العنصرية والوظيفية لإسرائيل تتطلب السيطرة الكاملة على المنطقة لتحقيق حلم “إسرائيل الكبرى”
يمضي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في سياساته العدوانية مسكوناً بغطرسة القوة وأحلام التوسع من أجل إقامة ما أسماه “الشرق الأوسط الجديد”، مستغلاً فائض القوة التي وضعتها دول الغرب الاستعماري تحت تصرفه، والدعم الأمريكي المطلق والصمت العربي، بما يضمن له تنصيب نفسه ملكاً “من ملوك “إسرائيل الكبرى”، ومكانة متقدمة في التاريخ إلى جانب الآباء المؤسسين.
كتاب ومحللون سياسيون قالوا، في أحاديث منفصلة لـ”ے”، إن هدف نتنياهو الأكبر هو تعزيز هيمنة إسرائيل الإقليمية وإعادة رسم خريطة المنطقة بما يخدم طموحاته السياسية والدينية.
ووفقاً للكتاب والمحللين، فإن نتنياهو يستند في سياساته إلى خليط من الأيديولوجيات السياسية والدينية، مستدعياً نصوصاً توراتية لتبرير سياساته العدوانية وتعبئة الرأي العام الإسرائيلي، ما يعزز من تماسك ائتلافه اليميني الحاكم.
وأشاروا إلى أن نتنياهو يسعى إلى تحقيق مكاسب انتخابية ذاتية من خلال استغلال الخطاب الديني، الذي يقدم الصراع الحالي كحرب دينية تستدعي النصر، فيما يستمر في شن عمليات عسكرية دون أيّ محاسبة دولية أو رد فعل فعلي من المجتمع الدولي، وعجز واضح من الدول العربية والإسلامية عن اتخاذ موقف حازم ضد السياسات الإسرائيلية.
نتنياهو قد يوجه ضربات عسكرية لإيران
وقال د. عمر رحال، مدير مركز شمس لحقوق الإنسان والكاتب والمحلل السياسي، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستغل الوضع الحالي، حيث الدعم الأمريكي القوي، والموقف الغربي المتواطئ، والعجز العربي والإسلامي، لمواصلة عدوانه العسكري.
وأشار رحال إلى أن نتنياهو قد يوجه ضربات عسكرية لإيران في الوقت الذي يوجه ضربات عسكرية مستمرة إلى كل من لبنان وسوريا واليمن، إضافة إلى استمرار عدوانه على الشعب الفلسطيني.
وفي ظل غياب أي كوابح لنتنياهو، حذّر رحال من أن ما يقوم به يشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين، مؤكداً أن الولايات المتحدة ودول غربية أخرى تدعمه بشكل مباشر، فيما تقف الدول العربية والإسلامية عاجزة عن اتخاذ موقف حاسم ضده.
وأوضح رحال أن نتنياهو يتصرف على اعتبار أن لديه دعماً غير مشروط وضوءاً أخضر دولياً لقيادة الحروب نيابة عن هذه القوى، مشيراً إلى أن الهدف الأسمى لنتنياهو هو هندسة الإقليم بما ينسجم مع رؤية ومصالح إسرائيل، وجعلها القوة السائدة في الإقليم.
ولفت رحال إلى أن نتنياهو يسعى لأن يُخلد اسمه في التاريخ كأحد زعماء إسرائيل، وأن يكون بمقام من يسمون بـ”الآباء المؤسسين” لدولة الاحتلال، تمامًا كما فعل المؤسسون الأوائل للدولة الإسرائيلية.
خطاب سياسي ديني لتبرير العدوان
وأكد رحال أن نتنياهو يستند في خطابه إلى فكر سياسي مستند إلى تعاليم دينية مستمدة من نصوص توراتية محرفة، وإلى مبادئ الحركة الصهيونية، إذ إن نتنياهو يعتمد على هذه الأيديولوجيات لتبرير سياساته العدوانية، مُصرّحاً بأن هذه “أرض الآباء”، في إشارة إلى الأرض المحتلة، وهو يستخدم هذه الخطابات الدينية لإرسال رسالة إلى الأحزاب الدينية وإلى المستوطنين بأنه يتبنى نفس العقيدة الدينية التي يؤمنون بها.
وأشار رحال إلى أن استخدام نتنياهو للخطاب الديني يخدم عدة أغراض، من بينها تحقيق مكاسب انتخابية ذاتية، وحشد الدعم الشعبي حوله، إضافة إلى مواجهة خصومه السياسيين.
وأكد رحال أن نتنياهو يستخدم هذا الخطاب لتعبئة الرأي العام الإسرائيلي، حيث يُصوّر الصراع الحالي على أنه “حرب دينية” يجب الانتصار فيها.
وشدد على ضرورة وجود موقف عربي وإسلامي حازم لمواجهة طموحات نتنياهو ولجم سياساته العدوانية، محذرًا من أن هناك مشروعًا استعماريًا صهيونيًا يسعى إلى إخضاع الوطن العربي لسيطرة إسرائيل، كجزء من فكرة “مملكة إسرائيل الكبرى” التي تمتد من النيل جنوباً حتى الفرات شمالاً، وذلك استناداً لأساطير اليهود.
وقال رحال: “إن إفلات نتنياهو من أي عقاب دولي قد يمكّنه من تنفيذ هذه المخططات الاستعمارية على الأرض”.
إسرائيل تعيش حالة من النشوة والغطرسة
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي والمختص في الشأن الإسرائيلي نهاد أبو غوش: إن إسرائيل تعيش حالة من النشوة والغطرسة نتيجة نجاحاتها الميدانية الأخيرة، مدفوعة بالدعم الأمريكي المطلق منذ بداية العدوان على غزة.
وأشار أبو غوش إلى أن إسرائيل تمكنت من تنفيذ عمليات قصف وقتل وتدمير دون أي محاسبة دولية أو رد فعل يُذكر من المجتمع الدولي، وهو ما شجعها على الاستمرار في الجرائم.
وتساءل أبو غوش عما إذا كانت إسرائيل قادرة حقًا على تحقيق أهدافها بعيدة المدى، موضحاً أن ما تحققه إسرائيل هو نجاحات تكتيكية محدودة، لكنها لم تصل بعد إلى تحقيق نجاحات استراتيجية طويلة الأمد.
ويرى أبو غوش أن المنطقة تتجه نحو تصعيد أكبر، لا سيما مع توقع رد حزب الله على الضربات الإسرائيلية وتصاعد الأوضاع في اليمن والعراق وسوريا.
ولفت أبو غوش إلى أن إسرائيل تسعى لإخضاع المنطقة بالكامل لسيطرتها، وربما تتطلع إلى ضم المزيد من الأراضي العربية، خاصة في لبنان.
تواطؤ غربي وأمريكي مع إسرائيل
وأشار أبو غوش إلى أن هناك نوعاً من التواطؤ الغربي والأمريكي، حيث يُلاحظ دعم كامل وصمت دولي تجاه ما تقوم به إسرائيل، بينما يشهد العالم العربي عجزاً واضحاً عن اتخاذ أي موقف حازم، ما سمح لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالاستمرار في تنفيذ سياساته العدوانية.
وقال أبو غوش: إن استدعاء نصوص توراتية لتبرير السياسات الإسرائيلية هو محاولة من نتنياهو لتعزيز تماسك ائتلافه اليميني الحاكم، وتماسك الجمهور الإسرائيلي، حيث تعزز هذه النصوص الشعور بالغطرسة والتفوق العرقي، مشيرًا إلى أن هذه الأيديولوجيات تعكس توجهات القوى الفاشية، ولا يوجد دين يدعم الجرائم والقتل.
تحويل المنطقة إلى محمية أمريكية- إسرائيلية
وأوضح أبو غوش أن المخطط الإسرائيلي يرتكز على تعزيز الهيمنة التوسعية لإسرائيل وتحويل المنطقة إلى ما يشبه المحمية الأمريكية-الإسرائيلية، وهو أمر يتعارض مع مصالح الشعوب العربية ويتطلب نهضة عربية شاملة لمواجهة هذه الأطماع.
وبيّن أبو غوش أن الحالة الراهنة للعالم العربي، سواء على مستوى الأنظمة الرسمية أو الحركات الشعبية، تشهد تراجعاً ملحوظاً في ظل ما يجري، ما يزيد من مسؤوليات القادة والشعوب العربية تجاه مواجهة التوحش الإسرائيلي الذي بدأ في فلسطين ولبنان وقد يمتد إلى مناطق أخرى في المنطقة.
وأشار أبو غوش إلى أن الأطماع الإسرائيلية ليست مجرد مخاوف بل حقيقة قائمة، وستجد دعمًا كبيرًا من شخصيات مثل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي أدلى بتصريحات تتماشى مع هذه الأطماع، مما يعزز القلق بشأن مستقبل المنطقة.
نتنياهو أصبح خارج السيطرة
ويرى د. أمجد أبو العز، أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة العربية الأمريكية والكاتب والمحلل السياسي، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أصبح خارج السيطرة، مدفوعاً بأفكار أيديولوجية تستند إلى نصوص توراتية، وهو يحاول تطبيق استراتيجية تمزج بين الخطاب السياسي والديني.
وأشار أبو العز إلى أن نتنياهو يستغل تصريحات أمريكية واضحة تشير إلى أن الولايات المتحدة لا ترغب في حرب، لكنها ستدعم إسرائيل وتدافع عنها إذا اندلعت، فهذه التصريحات الأمريكية تُعتبر بمثابة شبكة أمان لنتنياهو، ما شجعه على فتح جبهات متعددة في سوريا ولبنان واليمن، إضافة إلى جبهة غزة، مدركاً أن الرئيس الأمريكي جو بايدن واللوبيات الصهيونية، فضلاً عن المؤسسات الأمريكية المختلفة خاصة الأمنية، لن يتخلوا عنه.
وأوضح أبو أبو العز أن المنطقة قد تتجه نحو تصعيد أكبر، خاصة مع محاولة حزب الله استيعاب الضربة التي تلقاها مؤخرًا، ولملمة جراحه، وإعادة تنظيم صفوفه وخلق قيادة جديدة بعد اغتيال قيادات سابقة.
ووفق أبو العز، فإنه في حال لم تنجر إيران للحرب بشكل مباشر، فإن الأمور ستعود كما كانت بقصف متبادل من الممكن أن يشتد ومن الممكن أن يتراجع، ولكنه سيشتد خلال الفترة المقبلة.
عدم الرد سيعرضهم لضربات أكثر قسوة
وتوقع أبو العز أن محور المقاومة، وعلى رأسه حزب الله، أمام اختبار بأنه لن يتمكن من تجنب الرد على الضربات الإسرائيلية، إذ إن عدم الرد سيعرضهم لضربات أكثر قسوة في المستقبل.
وبخصوص إيران، قال أبو العز: إن إيران لا ترغب في الانجرار إلى هذه الحرب بشكل مباشر، إذ إنها تأخذ مصالحها الإقليمية بعين الاعتبار، خاصة في ظل مخاوف من أن يكون برنامجها النووي هو المستهدف.
ومع ذلك، يرى أبو العز أن إيران لا تزال تدعم حزب الله وتعمل على تعزيز قدراته للرد، مشيراً إلى أن إيران تصريحاتها مثيرة حين قالت “إذا لم يقم المجتمع الدولي بالرد سنقوم بالرد”، وهو عملياً يعني أنها لا تريد الرد، ولكنها تطلب من المجتمع الدولي الرد وهي تعلم أنه لن يرد وغير معنية بصد نتنياهو.
ولفت أبو العز إلى أن إيران لها حسابات خاصة حيث أن هناك تسلم الرئيس الجديد مسعود بزشكيان زمام الأمور، وبالحملة الانتخابية كان واضحاً حيث يريد إخراج إيران من العزلة ويحسن علاقات إيران الخارجية مع الغرب، ووضع دبلوماسياً مخضرماً هو محمد جواد ظريف نائبا للرئيس للشؤون الاستراتيجية في إيران، وهذا يعدّ مؤشراً على ما يريده الرئيس الجديد.
أمريكا وإسرائيل تستعجلان دخول إيران الحرب
وأشار أبو العز إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ينتظران دخول إيران إلى هذه الحرب، وبالتالي فإن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تتعامل مع إيران، وإسرائيل ستتعامل مع سوريا وحزب الله ومع بقية محور المقاومة.
ويرى أبو العز أن هناك اتفاقًا أمريكياً إسرائيلياً يسعى لإعادة تشكيل المنطقة بما يتناسب مع مصالحهما الاستراتيجية.
أما على صعيد التحالفات الإقليمية من أجل وضع حد لسياسات نتنياهو، لفت أبو العز إلى أن هناك تحالفًا دوليًا يتشكل لمواجهة سياسات نتنياهو في المنطقة، ويشمل السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي، خاصة في ظل رفض سياسات حكومة نتنياهو التي يقودها مع ائتلافه مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، والذين يعارضون بشدة إقامة دولة فلسطينية.
وبالرغم من اعتقاده أن التحالف سيتوسع خلال المرحلة المقبلة مع تصاعد الحرب على لبنان، لكن أبو العز يبدي شكوكه في قدرة هذا التحالف على تحقيق تغيير ملموس في ظل ضعف إدارة بايدن والتعارض بين مصالح هذا التحالف والمصالح الأمريكية في المنطقة.
نتنياهو يسعى لاستعادة الأراضي التي انسحبت منها إسرائيل
الباحث المختص بالشأن الإسرائيلي وقضايا الصراع نزار نزال اعتبر الحكومة الإسرائيلية الحالية “حكومة حرب”، وأن رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو يسعى لتحقيق أهداف قديمة لطالما طمح إليها، من بينها استعادة الأراضي التي انسحبت منها إسرائيل في الماضي، مثل الضفة الغربية وقطاع غزة، والعودة إلى جنوب لبنان.
وأكد نزال أن نتنياهو يسعى إلى تحطيم حركات المقاومة في المنطقة وتدمير المشروع الإيراني، مشيراً إلى أن استقطاب جدعون ساعر إلى الحكومة يأتي في هذا الإطار، حيث يؤمن ساعر بمشروع “إسرائيل من النهر إلى البحر”.
ولفت نزال إلى أن الحكومة الإسرائيلية الحالية تتألف بالكامل من متدينين يمينيين، وأن نتنياهو يخطط في الفترة المقبلة لتصعيد العمليات العسكرية، مشدداً على أن نتنياهو يضع نصب عينيه احتلال جنوب لبنان وإعادة المستوطنين إلى مستوطنات الشمال، إضافة إلى تدمير حزب الله والتوجه نحو سوريا وسيناء والعديد من الدول العربية.
وتوقع نزال أن حزب الله سيرد بقوة على الضربات الإسرائيلية التي تلقاها واستطاع امتصاصها، ما قد يؤدي إلى اشتعال الحرب في لبنان بشكل واسع النطاق.
تغيير وجه الشرق الأوسط بالكامل
وأعرب عن اعتقاده أن نتنياهو يسعى إلى تغيير وجه الشرق الأوسط بالكامل، حيث كان خطابه في الثامن من أكتوبر الماضي، يعبر بشكل واضح عن التطلعات الدينية الصهيونية، والتي تهدف إلى إعادة رسم خريطة المنطقة بما يخدم المصالح الإسرائيلية.
وأكد نزال أن نتنياهو يتحرك من خلال قاعدة صلبة مستمدة من تأييد الشارع الإسرائيلي وتفتيت المعارضة الداخلية، إضافة إلى السيطرة على الكنيست، كما أنه يعتمد بشكل كبير على الدعم الأمريكي المطلق، ما يجعله غير مكترث بالانتقادات الدولية.
وأشار إلى أن استمرار نتنياهو في تحقيق نجاحاته يعتمد على عاملين أساسيين: العجز العربي الواضح في مواجهة التوسع الإسرائيلي، والدعم الغربي غير المحدود.
ولفت نزال إلى أن نتنياهو نجح في خلق ثقافة جديدة داخل إسرائيل تدفع باتجاه الصهيونية الدينية، حيث يعمل الآن على تطبيق الأفكار التي وردت في كتابه “مكان بين الأمم” الصادر عام 1996، وذلك عبر الآلة العسكرية الإسرائيلية التي تسعى إلى تنفيذ الأطماع التوسعية الإسرائيلية.
علمانية الصهيونية وتوجهات نتنياهو الدينية
وأشار نزال إلى أن الحركة الصهيونية، التي بدأت كحركة علمانية، أفرزت اليوم توجهاً دينياً يقوده نتنياهو، ويسعى إلى تحقيق أطماع توسعية ذات طابع ديني.
وقال نزال: “إن انضمام جدعون ساعر، صاحب العقلية الدينية التوسعية التي تطمح للسيطرة من النيل إلى الفرات، يعزز هذا التوجه داخل الحكومة الإسرائيلية”.
وأكد أن إسرائيل تخطط للسيطرة على الشرق الأوسط، سواء عبر احتلال الأرض أو عبر تغيير الأنظمة السياسية المناوئة لها، لافتاً إلى أن إسرائيل تحضر لشن هجوم محتمل على إيران، مؤكدًا أن هذا يأتي ضمن استراتيجيتها لتوسيع نفوذها في المنطقة.
وشدد نزال على ضرورة وجود تحالفات عربية عسكرية قوية لمواجهة التمدد الإسرائيلي، لكنه أعرب عن شكوكه في قدرة الدول العربية على التصدي للتوحش الإسرائيلي الحالي، كما أن الغرب والولايات المتحدة ليس لديهما مصلحة في إيقاف نتنياهو، نظراً لأنه لا يوجد من يضغط على مصالحهم، ما يسمح لنتنياهو بمواصلة مشروع الحركة الصهيونية التوسعي في المنطقة.
دمج إسرائيل في نسيج المنطقة
بدوره، يرى الكاتب والمحلل السياسي سري سمور أن إسرائيل، منذ نشأتها، تحلم بتغيير خريطة الشرق الأوسط بما يتوافق مع مصالحها التوسعية والاستعمارية، إلا أن دمج إسرائيل في نسيج المنطقة ظل تحدياً مستمراً لمشروع الحركة الصهيونية.
وعزا سمور هذا التحدي إلى الطبيعة العنصرية والوظيفية لإسرائيل، التي تتطلب السيطرة الكاملة على المنطقة.
ولتحقيق ما تريده إسرائيل، أوضح سمور أن ذلك يتطلب شن إسرائيل حروباً عديدة لا تقتصر على الدول وحركات المقاومة المعادية لها، بل تشمل حتى الأنظمة المحايدة.
ويرى سمور أن الأنظمة العربية والإسلامية المتخاذلة، التي اختارت موقف الحياد والتخاذل، ستدفع الثمن في نهاية المطاف، موضحاً أن إسرائيل لن تتوقف عند استهداف غزة ولبنان وسوريا، وأن أطماعها ستتزايد مع كل نجاح تحققه ما لم يتم كبح جماحها بشكل سريع.
وأشار سمور إلى أن نتنياهو لا يتصرف بشكل فردي، بل يعتبر تجسيدًا للمشروع الصهيوني في سعيه لتطبيق المخططات الاستعمارية لتحقيق حلم إقامة “إسرائيل الكبرى”.
وأوضح سمور أن نتنياهو يحمل فكرة التفوق ويطمح لأن يكون مثل “الآباء المؤسسين” لإسرائيل، حيث يسعى لترك بصمة شخصية قوية في التاريخ الصهيوني كأحد القادة العظماء.
وحسب سمور، فإن نتنياهو يستخدم نصوص التوراة بشكل متكرر في خطاباته، موجهاً رسائل إلى اليمين الديني المتطرف داخل إسرائيل، بينما يُظهر في نفس الوقت مرونة في التعامل مع العلمانيين داخليًا وخارجياً.
استغلال كافة الأدوات المتاحة دينياً وعلمانياً
وأوضح أن نتنياهو رجل براغماتي بارع في استغلال كافة الأدوات المتاحة له دينياً وعلمانياً، مستفيداً من خبراته السابقة في العمل الدبلوماسي والتجاري خلال شبابه في الولايات المتحدة الأمريكية، إلى جانب إتقانه للغة الإنجليزية وعلاقاته الدولية الواسعة.
وحول كيفية مواجهة الأطماع الصهيونية، يرى سمور أن صمود حركات المقاومة في فلسطين ولبنان هو الرد الأساسي والحاسم أمام مشروع إسرائيل التوسعي، مؤكدا ًأن المقاومة هي العامل الرئيسي الذي يمكنه كبح جماح إسرائيل وإحباط مشاريعها.
وعلى المستوى الرسمي، يرى سمور أنه بإمكان الدول العربية والإسلامية تشكيل تحالف قوي لمواجهة السياسات الصهيونية الإسرائيلية والتوسعية، مشيراً إلى أن إيران وتركيا وأفغانستان، وربما بعض الدول العربية الأخرى، قد تلعب دوراً محورياً في هذا التحالف.
وأكد سمور أن المقاومة، سواء في فلسطين أو لبنان، تبقى الحصن الأقوى ضد المخططات الصهيونية، وهي القادرة على تغيير مسار الأحداث في المنطقة.