بعد اعمال التنكيل بالعرب، امس، العثور صباح اليوم على جثة فتى فلسطيني محترقة في احراش القدس
نشر موقع “واللا” الاخباري، انه تم العثور في احراش القدس، صباح اليوم، الاربعاء، على جثة فتى عربي محترقة وتحمل دلائل عنف. وكانت الشرطة قد تلقت قبل ذلك بلاغا اشار الى قيام شخص بتحميل فتى بالقوة على متن سيارة في بيت حنينا، في القدس الشرقية، وتلا ذلك تسلم الشرطة لبلاغ عن فتى مفقود. ومع تلقي التقرير قامت الشرطة بعمليات تمشيط ونشرت حواجز على الطرق. ويجري فحص العلاقة بين الاحداث كما يجري التحقيق في مختلف الجهات.
يشار الى ان مئات نشطاء اليمين المتطرف تظاهروا في القدس، امس، واعتدوا على عدد من المواطنين العرب وحاولوا تنفيذ اعمال تنكيل بحقهم، ورددوا هتافات تدعو الى الانتقام من العرب. كما دخلوا في مواجهات مع الشرطة. وتم خلال التظاهرة اغلاق العديد من شوارع المدينة.
وذكرت صحيفة “هآرتس” ان الأحداث بدأت في تظاهرة قادها نشطاء حركة كهانا الفاشية ايتمار بن غفير وعضو الكنيست السابق ميخائيل بن اري، تحت شعاري “نطالب الانتقام” “وكفى لحكومة الدماء”. وشارك 400 متظاهر في اغلاق مدخل القدس. فقامت الشرطة بتفريقهم، فانطلقوا في مسيرة على امتداد شارع يافا قاصدين الوصول الى البلدة القديمة لمهاجمة العرب. وقامت الشرطة بسد الطريق امامهم في ساحة “تساهال”، فتفرقوا من هناك الى مجموعات وانطلقوا في مركز المدينة لمطاردة العرب.
وضمت هذه المجموعات نشطاء من عصابة شبيبة التلال والكثير من المتدينين ونشطاء اليمين الذين هتفوا “الموت للعرب” واطلقوا الشتائم بحق العرب والنبي محمد، ومجدوا (مئير) كهانا (مؤسس حزب كاخ الذي طالب بطرد العرب ونجح بالوصول الى الكنيست، قبل مقتله ومن ثم حظر حركته العنصرية). وهاجمت هذه المجموعات الأماكن التي يعمل فيها مواطنون عرب، وحاولوا الاعتداء عليهم. وفي احد المواقف الرئيسية في المدينة، هاجم قرابة مئة متظاهر ثلاثة عمال عرب، كانوا يتناولون افطارهم بعد انتهاء يوم الصيام. وقام احد المتظاهرين برش الفلسطينيين بغاز الفلفل فيما قام آخرون برشقهم بالحجارة. واصيب احد العمال بجراح بالغة في رأسه.
في السياق ذاته، نشر موقع المستوطنين، القناة السابعة، ان مئات الاسرائيليين، تظاهروا الليلة الماضية، امام مقر وزارة الأمن مطالبين وزراء الحكومة بالمصادقة على عمليات عسكرية واسعة لتدمير حماس. وقال المتحدثون ان “قوة الردع الإسرائيلية تحطمت، وعلينا تقويتها مجددا”. وقال مدير الوحدة الاستراتيجية في مستوطنات شومرون، دافيدي بن تسيون، ان “على حماس ان تفهم ان اللعبة انتهت، ونحن نتوقع من المجلس الوزاري المصغر الاصغاء الى هواجس الشعب. نحن اقوياء وندعم الحكومة في شن عملية عسكرية لتحطيم حماس واستعادة الردع”.
اليمين في حكومة نتنياهو يطالب باحتلال غزة وبناء عشرات الاف الوحدات وبناء الاف الوحدات الاستيطانية في الضفة
شارك آلاف الاسرائيليين، امس، في تشييع الشبان الثلاثة الذين قتلوا في عملية الاختطاف في منطقة “غوش عتصيون”. وقد دفن الثلاثة في مقبرة “موديعين” الى جانب بعضهم البعض. وكتبت صحيفة “هآرتس” انه على خلفية النقاش العميق بين الوزراء حول شكل الرد على عملية القتل، عقد المجلس الوزاري المصغر جلسة اخرى، الليلة الماضية، بعد عدم توصله الى قرارات خلال الجلسة التي عقدها في الليلة السابقة. وحدد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في حديث الى الصحفيين قبل الجلسة، ثلاثة أهداف للرد الاسرائيلي: القبض على الخاطفين، توجيه ضربة الى النشطاء وقواعد حماس في الضفة الغربية، والعمل ضد حماس في غزة.
وقال نتنياهو “انهم يواصلون اليوم، ايضا، تشجيع اختطاف مواطنينا، ويتحملون المسؤولية المباشرة عن اطلاق الصواريخ على أراضينا”.
وكتبت “هآرتس”: “يسود الانطباع بأن نتنياهو لا يتجه نحو عملية واسعة وانما معتدلة نسبيا. كما اوضح وزير الأمن موشيه يعلون، قبل الجلسة، انه لا يؤيد الخروج في عملية عسكرية واسعة ضد حماس. وقال: “يجب التصرف بمسؤولية وحكمة”. وكان يغمز في ذلك الى دعوة الوزير بينت لشن هجوم واسع على قطاع غزة.
وكان وزير الامن موشيه يعلون ونتنياهو قد اقترحا بان يشمل الرد الاسرائيلي موجة من البناء في المستوطنات. وعرض يعلون خطة اعدتها الادارة المدنية وتشمل تدابير “لتعزيز الاستيطان” بما في ذلك دفع مخططات التنظيم والبناء ونشر مناقصات جديدة لبناء آلاف الوحدات الإسكانية في المستوطنات. كما شملت الخطة انشاء مستوطنة جديدة داخل احدى الكتل الاستيطانية، تحمل اسم القتلى.
وقال مسؤول أمني ان يعلون اقترح تحويل الموقع السابق لكتيبة الناحل “غباعوت” الذي اغلق عام 2002، الى مستوطنة. وحسب مسؤول رفيع، فقد عارضت وزيرة القضاء تسيبي ليفني ذلك، وهددت بالتصويت ضد القرار. وقالت ليفني انه اذا عرضت إسرائيل البناء كعقاب للفلسطينيين فان هذا سيمس بالشرعية الضئيلة التي يمنحها المجتمع الدولي لبقاء الكتل الاستيطانية بأيدي إسرائيل. وقالت ان البناء سيمس، ايضا، بالتأييد الدولي الذي حظيت به إسرائيل خلال عملية الاختطاف. وقالت ان اطلاق موجة من البناء الآن سيقزم عملية القتل وسيحولها من مسألة قومية الى مسألة سياسية. واعلن الوزير بينت انه سيعارض توقف الرد على البناء دون شن هجوم واسع على غزة.
وقال مصدر شارك في الجلسة وطلب التكتم على اسمه ان القائد العام للجيش بيني غانتس وبعض الضباط اقترحوا تفجير عدد من مواقع حماس في غزة، والتي اخليت في غالبيتها اثر اعلان حالة التأهب تخوفا من الهجوم الاسرائيلي. واضاف المصدر ان بينت حاول في مرحلة معينة طرح قائمة تضم ثمانية ردود محتملة، شملت خطوات متطرفة وصارمة. ومن بين اقتراحاته، الخروج بحملة عسكرية كبيرة ضد حماس في غزة، ومصادرة اموال التنظيم من بنوك الضفة الغربية وفرض عقوبة الاعدام على الأسرى الذين يدانون بالقتل في المحاكم العسكرية.
في السياق ذاته، سمحت المحكمة العليا، امس، بنشر شريط المحادثة التي اجراها احد المخطوفين مع مركز الطوارئ في الشرطة في ليلة الاختطاف. وسمع في الشريط صوت المخطوف غيل عاد شاعر وهو يهمس “اختطفوني”. وبعد ذلك سمعت كلمات “نزل رأسك الى أسفل”، ثم دوي عيارات نارية وضربات وصراخ “آي” صدر كما يبدو عن احد الشبان. وحاول الشرطي المناوب مناداة شاعر، لكنه تم رفع صوت الراديو في السيارة، ومن ثم سمع صوت شرطية تسأل: “أين انت الآن؟”.
الى ذلك قتل شاب فلسطيني، ليلة امس الأول، في مخيم اللاجئين في جنين، بعد تعرضه الى النيران من قبل حرس الحدود. وادعى ضابط في الشرطة ان القتيل يوسف ابراهيم ابو زاغة (19 عاما)، حاول رشق القوة العسكرية بعبوة مرتجلة. اما عائلة القتيل فقالت انه كان عائدا الى بيته، بعد شراء طعام لوجبة السحور. وقال احد اقربائه انه لم تقع أي مواجهة بين يوسف والشرطة، بل تم قتله بدم بارد. وقال شهود عيان ان الجنود اطلقوا النار على ابو زاغة من داخل سيارة حملت لوحة ارقام فلسطينية، ومن ثم واصلت القوة نحو المخيم واعتقلت ثلاثة مواطنين. وفي القطاع الجنوبي، تم يوم امس اطلاق 13 قذيفة صاروخية من غزة باتجاه اسرائيل.
عباس يطالب العالم ردع العدوان الإسرائيلي
في هذا السياق، ذكرت “هآرتس” ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، عقد امس، جلسة طارئة للقيادة الفلسطينية في اعقاب التخوف من قيام إسرائيل بشن عدوان عسكري. وقال عضو رفيع في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير لصحيفة “هآرتس” ان الفلسطينيين ينوون التوجه الى المجتمع الدولي كي يكبح جماح إسرائيل. وتخشى السلطة ان يؤدي الضغط الإسرائيلي الى فقدان السيطرة على الشارع الفلسطيني.
وكان عباس قد عقد سلسلة من المشاورات خلال اليومين الاخيرين، مع مسؤولين من الادارة الأمريكية والاتحاد الاوروبي وشخصيات من العالم العربي، وكذلك مع امين عام الجامعة العربية، وطلب تدخلهم ضد إسرائيل. وتوجه المراقب الفلسطيني في الأمم المتحدة رياض منصور، الى الأمين العام بان كي مون، والرئيس المناوب لمجلس الأمن، كي يتدخلان لصد “العدوان الإسرائيلي والعقاب الجماعي ضد المواطنين الفلسطينيين”. وقال منصور “ان التصعيد والعدوان سيجران ارتفاع وتيرة التوتر وعدم الاستقرار وسيؤديان الى دائرة عنف تهدد المنطقة”.
تصاعد حالة التوتر في الجنوب
كتبت صحيفة “يسرائيل هيوم” انه تواصل يوم امس، اطلاق الصواريخ على البلدات المحيطة بقطاع غزة. وتم اطلاق ثمانية صواريخ باتجاه شاطئ اشكلون وسديروت، ما الحق أضرار بعدد من المباني والسيارات. كما ادى القصف الى اندلاع حريق في حقل اشواك في منطقة سديروت. وفي ساعات المساء تم اطلاق خمسة صواريخ باتجاه منطقة مستوطنات أشكول. والحق احد الصواريخ اضرار بعدة سيارات، فيما اصيب مصنع بصاروخ آخر. وتم منذ يوم الجمعة اطلاق ما لا يقل عن 65 صاروخا وقذيفة. وقام سلاح الجو طوال ساعات ليلة امس الاول بقصف 34 هدفا في قطاع غزة، من بينها 32 هدفا في مجمع حماس في رفح. وعلى ضوء ازدياد القصف الصاروخي يعمل الجيش والجهاز الأمني على تعزيز اليقظة الاستخبارية والقيام بتدابير تمهيدية، تحسبا لحدوث تصعيد امني. لكنه لم يتم حتى الآن ارسال قوات الى القطاع. وتشير مصادر اسرائيلية الى عدم الرغبة في تصعيد الأوضاع في الجنوب، لكن الوضع في قطاع غزة قابلا للانفجار الكبير. ففي حال تم اغتيال مسؤول كبير في حماس، او حدوث اصابة مباشرة لصاروخ يتم اطلاقه على اسرائيل، فان من شأن ذلك جر إسرائيل الى التصعيد. لكن اسرائيل تقدر حاليا ان حماس، ايضا، ليس معنيا بالتصعيد، لأن غالبية الصواريخ يتم اطلاقها من قبل تنظيمات متمردة او خلايا خرجت من صفوف حماس.
مع ذلك يبدو في الأسابيع الأخيرة، ان حماس بدأت التدخل بشكل اكبر. ورغم تخوف قيادة حماس من الرد الإسرائيلي، الا انها تواصل توجيه رسائل التهديد. وفي تحذيره لإسرائيل من التصعيد، قال مشير المصري، احد قادة حماس في القطاع، ان الحركة تملك صواريخ وقذائف تصل الى تل ابيب وغوش دان، واعلن ان “حماس ستواصل اختطاف الجنود الاسرائيليين حتى الافراج عن آخر أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية”.
وعلى الرغم من هذه الرسائل الشديدة فقد قال مسؤول فلسطيني للصحيفة ان حماس غير معنية بالتصعيد وبجولة اخرى من الحرب. وحسب المصدر اياه فان قيادة حماس تجري اتصالات مكثفة مع قادة تنظيمات الرفض الفلسطينية في غزة، في محاولة لتهدئة الاوضاع ومنع استمرار اطلاق الصواريخ على إسرائيل، لأن من شأن ذلك أن يجر القطاع وقيادة حماس الى حرب طويلة. وحسب المصدر فان وتيرة اطلاق الصواريخ على إسرائيل ستتقلص خلال الأيام المقبلة. وافادت مصادر فلسطينية ان إسرائيل تحذر حماس من خلال الرسائل التي تحولها اليها عبر مسؤولين فلسطينيين في رام الله، وعبر قطر، من انها لن تتحمل استمرار اطلاق الصواريخ وسترد عليها بكل قوة.
التحقيق مع نتنياهو في ملف هرباز
قام ضابطان من الشرطة، قبل اسبوعين، بجباية افادة من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في المسألة المتعلقة بمبادرته الى التحقيق في تسريب معلومات الى الصحافة في عام 2010 حول نية إسرائيل مهاجمة المنشآت النووية الايرانية. وتم الاستماع الى افادة نتنياهو في ديوانه، وليس في مقر وحدة لاهف 433 التي تحقق في الملف المتعلق بقضية “هرباز”.
وخلافا لنهج المحققين في الكشف عن التحقيقات المتعلقة بالملف، فقد اخفت الشرطة استجواب نتنياهو وتطرقت اليه علانية فقط بعد كشفه في نشرة اخبار القناة الثانية، امس. وقال الناطق بلسان وحدة لاهف في بيانه انه جرى لقاء قصير بين المحققين والسيد نتنياهو لاستيضاح جانب معين يتعلق بالقضية!
الحالة الثالثة خلال اسبوعين: إسرائيلية تدعي اختطافها فتستنفر الشرطة والجيش!
للمرة الثالثة خلال الأسبوعين الأخيرين، اضطرت الشرطة الى الاستنفار والتأهب اثر تلقيها بلاغات كاذبة عن وقوع عمليات اختطاف، وهذه المرة جاء البلاغ الكاذب من قبل شابة (21 عاما)، والتي اتصلت ليلة امس الأول بمركز الطوارئ 100 وادعت تعرضها للاختطاف، ما ادى الى اعلان التأهب في صفوف الشرطة والجيش في منطقة الخليل. وتمكنت الشرطة من العثور على الشابة، وعندما اتضح انها اختلقت الاختطاف، تم التحقيق معها تحت طائلة التحذير، بسبب تقديم بلاغ كاذب.
وقال الناطق بلسان شرطة شاي، ان الشابة التي تعمل في محطة للوقود قرب بيتار عيليت، ادعت انها اختطفت من قبل سيارة فلسطينية، وقامت شرطة لواء الخليل بالارتباط فورا مع الجيش ، وتم التوصل الى الشابة عبر تتبع خطها الهاتفي، حيث عثر عليها في منزل في بيت جالا. وتبين من التحقيق الاولي انها اجبرت على السفر في سيارة مع عرب اخذوها الى بيت جالا، لكنه تبين من التحقيق معها انها على معرفة مسبقة بالشبان وانها سافرت معهم بمحض ارادتها. وتم التحقيق مع الشبان العرب الذين تواجدوا معها فتأكد للشرطة عدم صحة ادعاء الشابة.
الاحتلال يفجر ثلاثة بيوت في الخليل
قال موقع واللا ان الجيش الاسرائيلية فجر ليلة امس الاول اجزاء من بيتي عائلتي مروان القواسمة وعامر ابو عيشة المشبوهين باختطاف الشبان وقتلهم. وادعى مصدر في الجيش انه لم يتم تفجير البيتين وانما تعرضت الى ضرر ملموس بسبب تفجير مدخليهما.
في المقابل قال موقع المستوطنين ان قوات الجيش فجرت ، الليلة الماضية، بيت زياد عواد في قرية اذنة، الى الغرب من الخليل، وذلك بعد رفض المحكمة العليا للالتماس الذي قدمته العائلة. ويتهم زياد عواد، وهو أسير سابق، بقتل ضابط الشرطة الإسرائيلي باروخ مزراحي، عشية عيد الفصح العبري في نيسان الماضي.
وقال الناطق العسكري، صباح اليوم، ان “هدم بيوت “المخربين” يشكل رسالة رادعة وخطيرة للمخربين وشركائهم، مفادها انهم سيدفعون ثمنا اذا اختاروا مواصلة النشاط الارهابي والتعرض للأبرياء. وسيواصل الجيش انتهاج كل الوسائل القانونية لإصابة المخربين والجهات التي تساعدهم”.
مقالات
نتنياهو سيضطر الى المناورة بين مطالب اليمين والانتقادات الدولية
تحت هذا العنوان يكتب المحلل العسكري لصحيفة “هآرتس” عاموس هرئيل، ان الجلسة التي عقدها المجلس الوزاري المصغر، امس، لمناقشة الرد بعد العثور على جثث الشبان المخطوفين، كانت جلسة مشحونة، حيث طالب الوزير نفتالي بينت برد صارم ضد الفلسطينيين، فيما سعى وزير الأمن، موشيه يعلون، والقائد العام للجيش، بيني غانتس، الى كبح الرد. وبدا رئيس الحكومة نتنياهو كمن يميل الى تبني موقف الجهاز الأمني، لكنه يشعر بالقلق ازاء الابعاد السياسية للتجاوز. ويتراوح المأزق الاسرائيلي بين الرد العسكري الصارم في قطاع غزة، والذي يمكنه ان يشعل مواجهة مع حماس، وبين خطوات أصغر في الضفة الغربية.
ويبدو ان نتنياهو ليس معنيا بجولة أخرى من الحرب في غزة، لكنه يتحتم عليه العمل بشكل يهدئ الرياح العاصفة في صفوف الليكود والمستوطنين. وكان نتنياهو قد وعد في بيان أصدره بعد العثور على الجثث، بتصفية الحساب مع حماس، لأن هذا هو ما تطلبه البطن الإسرائيلية حاليا. ويضيف هرئيل ان وزراء في الليكود وعدوا خلال محادثات مع نشطاء الليكود، امس، “بتمهيد عدة مواقف للسيارات في الخليل”، في تلميح الى نيتهم استئناف سياسة هدم المنازل الفلسطينية، التي صادقت عليها المحكمة العليا، امس، في رفضها لالتماس ضد هدم منزل المشبوه بقتل ضابط الشرطة باروخ مزراحي. ومن المتوقع ان يتم، ايضا، هدم بيوت قتلة الشبان الثلاثة ومساعدي الخلية.
والى جانب ذلك، ناقش المجلس الوزاري خطوات ضد المنظومة المدنية الاقتصادية لحماس، وطرد نشطاء كبار من الضفة. وفي هذه المسالة، يضيف هرئيل، يبدو ان هناك مشكلة اشار اليها المستشار القضائي للحكومة، يهودا فاينشتاين: فالقانون الدولي يسمح بنقل مدنيين من مكان الى آخر داخل المنطقة المحتلة، ولكن ليس الى خارجها، واسرائيل أعلنت انها تخلت عن مسؤوليتها عن قطاع غزة مع تنفيذ خطة الانفصال. وتهدف هذه الخطوات الى عرض سقف للعقاب الرسمي للفلسطينيين واحباط عمليات “بطاقة الثمن” من قبل اليمين المتطرف، والذي تخشى الشرطة والشاباك محاولته الانتقام لمقتل الشبان.
اما المسالة الجوهرية الثانية المطروحة للبحث، فهي البناء في المستوطنات، ويأمل المستوطنون ان تتم المصادقة على بناء عشرات آلاف الوحدات الاسكانية الجديدة. وفي هذا المجال ينضم وزير الامن يعلون الى الخط الصقري، حيث اقترح، امس، اعادة بناء مستوطنة “غباعوت” في منطقة غوش عتصيون. وقالت مصادر سياسية ان نتنياهو اجتمع، ليلة امس الاول، مع عدد من قادة المستوطنين، بينهم زئيف حبير، مدير عام “جمعية أمناه” الاستيطانية الذي لا تهمه غزة، وانما يهمه انشاء المزيد من المباني في المستوطنات. وفي هذا المجال يدير الخط المعتدل الوزراء تسيفي ليفني ويئير لبيد، وبشكل مفاجئ، الوزير يتسحاق اهرونوفيتش، ايضا. ومن الواضح انه سيتم بناء وحدات استيطانية، لكن الحمائم يفضلون ان يتم ذلك في غوش عتصيون وليس في المستوطنات المعزولة. وسيحاولون تقليص عدد المباني التي سيتم اقرارها.
ومن المتوقع، طبعا، ان يثير قرار البناء انتقادات دولية، لكن تلك الانتقادات ستكون أقل غاضبة من الرد على شن حرب على غزة. وفي المقابل يتحدث العديد من الخبراء في المناقشات التي تجري على شاشات التلفزة، عن الحاجة الى عمليات اغتيال بحق قادة حماس في غزة. لكن فرصة حدوث ذلك خلال الأيام القادمة ليست كبيرة، فغالبية نشطاء التنظيم نزلوا الى العمل السري فور العثور على جثث الشبان، وسيحرصون بالتأكيد على الحذر خلال الأيام القريبة.
ويتطرق هرئيل الى نشر تفاصيل المحادثة الهاتفية التي اجراها احد المخطوفين مع مركز الطوارئ في الشرطة، والتي بينت بشكل واضح حدوث اخفاق. ويقول انه حتى لو كان صوت المتحدث غير واضح، بسبب قوة الضجيج في السيارة، فان حقيقة قيام الشرطة بمحاولة الاتصال ثماني مرات بالرقم الذي وصلت منه المحادثة، يؤكد اشتباه الشرطة بحدوث عملية اختطاف، الامر الذي كان يحتم عليها استنفار كافة الأذرع الأمنية وبدء مطاردة الخاطفين. وكما يبدو فان ذلك لم يكن سينقذ المخطوفين، الذين قتلوا خلال اجراء المحادثة، لكن المطاردة كانت ستمنع منح الخاطفين فرصة عدة ساعات قبل بدء ملاحقتهم، وربما كانت المطاردة ستنهي القضية بشكل عاجل، وحل لغز ما آل اليه مصير المخطوفين.
وقد ولد كشف التفاصيل، كما كان متوقعا، نظرية المؤامرة. وابرز ما فيها هو الجانب السياسي. فاليسار يرى ان القيادتين السياسية والعسكرية كانتا على علم بمقتل الشبان، بعد تحليل الشريط المسجل ودلائل الرصاص التي عثر عليها في السيارة التي استخدمت لاختطاف الشبان، وبدل قول ذلك للجمهور، تسترت القيادتين وراء التحديد القائل بأن “نقطة الانطلاق هي ان المخطوفين على قيد الحياة” . وحسب هؤلاء فقد تم التستر على المعلومات في سبيل تمرير الخطوات العسكرية الواسعة ضد الفلسطينيين، وبذلك احباط المصالحة بين السلطة وحماس او حرف الانظار عن الحاجة الماسة الى تغيير جدول الأولويات الاقتصادي.
ويقول هرئيل ان هذه النظريات لا تتفق مع اختبار الواقع، لأن ما منع الاعلان عن مقتل الشبان منذ البداية هو غياب معلومات مطلقة. فكل الدلائل لم تكن كافة للتحديد بأن الشبان قتلوا، ولم يتم الابقاء على احدهم على الاقل، على قيد الحياة. والى جانب ذلك كانت هناك حاجة الى ترسيخ اسطورة التوجه العسكري التي تقول انه لا يتم ترك جرحى او مفقودين في الميدان، وان الواجب يحتم حث القادة والجنود على مواصلة البحث، رغم الحر الشديد. وقبل اسبوع، بدأت محاولة كبح توقعات الجمهور. وكان القائد العام للجيش هو من بادر الى ذلك، عندما تحدث عن التخوف على مصير المخطوفين. مع ذلك، يقول هرئيل، كان يجب قول الأمور بشكل مبكر، وحاد. فقد دخلت وسائل الاعلام الى الفراغ الذي خلفته القيادة، وقام بعضها بتشجيع مهرجان المشاعر، في صورة قضية شليط. ومن سعى الى اظهار توجه آخر اضطر الى التحدث بالرموز بسبب قيود الرقابة العسكرية واوامر منع نشر المعلومات. ومن هنا جاء الادعاء الذي كررته “هآرتس” بأنه من المفضل عدم تنمية آمال واهية بشأن انتهاء القضية بشكل جيد.
تلاشى الوهم بأنهم أحياء، اما الوهم بأن ذلك لن يحدث ثانية فأجله قصير
تحت هذا العنوان يكتب امير أورن، في “هآرتس” انه بعد العثور على جثث الشبان المخطوفين، امس الاول الاثنين، تلاشى الوهم الأول الذي قال انه على الرغم من الدلائل التي بشرت بالسوء، فانه سيتم العثور على الشبان أحياء، وانه بعد الصمت المتواصل من جانب الخاطفين، ستظهر بوادر المساومة. وحسب اورن فان مروان القواسمة وعامر ابو عيشة، كانا مستعدان لقتل ضحاياهم، لكن الافتراض المعقول بشكل أكبر، هو ان ذلك لم يكن هدفهما. فلقد خرجا لتنفيذ عملية اختطاف، سواء كان الهدف المساومة او لتمزيق أعصاب اسرائيل، الا ان عملية الاختطاف تشوشت، ففقد الخاطفان صوابهما وقتلا المخطوفين وتخلصا من الجثث في مكان ناء.
ويوضح: لو تم التخطيط لقتل الاسرائيليين فقط، لما كانت هناك حاجة لتنفيذ الاختطاف. فاذا كانت سيارة فلسطينية تحمل مسلحين، او متنكرين، قد وصلت الى مفترق “غوش عتصيون”، والى محطة ركاب تعج بالمسافرين، فهذا يعني انه كان في مقدور السائق وشريكه، تنفيذ مذبحة بواسطة الدهس واطلاق النار، وامتلاك فرص جيدة للهرب. ولذلك، من الصحيح التحديد بأن العملية نجحت والشاباك فشل. ففي اللحظة التي دخلت فيها السيارة الى المفترق، دون توفر تحذير او احباط، فان ما تبقى عمله، سواء قتل او اختطاف الضحايا، او الأمرين معا، يبقى محض قرار الارهابيين دون ان تملك إسرائيل التأثير على التطورات. لكن المفاجأة التي انتظرت الخاطفين، والتي انعكست في محادثة الطوارئ مع مركز الشرطة، جعلتهما ينحرفان عن مسارهما. الا ان اخفاق الشرطة في استيعاب الاستغاثة لم يكن السبب الفوري للقتل، ولم تكن هناك علاقة بين الفشل والقتل.
اما الوهم الثاني، فيكمن في الاعتقاد ان عملية متوسطة – كبيرة، للانتقام/العقاب او الردع ستقود الى انجازات راسخة. فحماس، لسبب ما، لم تشعر بالذعر من عضوية نفتالي بينت واوري اريئيل واوري اورباخ في الحكومة. ولم يساهم تعيين تسيفي حوطوبيلي في منصب نائب وزير المواصلات في توفير كميات تجارية من الخوف والارتجاف. والآن سيدفع خالد مشعل واسماعيل هنية ومحمد ضيف وكل من ينفذون اوامرهم او يحللون غمزاتهم، الثمن. وكيف سيدفعون؟ بالدم والنار واللهيب والانتقام لدماء ولد صغير، تماما كما وعد الجنرال رفائيل ايتان، بعد عملية الشاطئ، عشية عملية الليطاني في عام 1978، قبل ما لا يحصى ولا يعد من عمليات الانتقام والشهداء التي لم يخلق مثلها الشيطان.
ويقول اورن: لا يمكن لأي عملية، حتى عامود السحاب والرصاص المسكوب، ان توفر الهدوء والسكينة لأشهر طويلة. ويعرف كل رئيس حكومة ووزير أمن وقائد عام للجيش، وجدوا انفسهم في نهاية كل معركة امام خمسة او ثلاثة رجال صارمين، مدى تقلب الحشود التي تطالب بعدم التجاوز. ففي البداية تكون متعطشة لدماء العدو، لكنها سرعان ما تفقد الصبر، وتطالب بجماجم القادة، عندما تضرب الصواريخ والتقارير حول وقوع اصابات في الجبهة الداخلية. فإرسال القوات الى غزة، والذي يعني اطلاق الصواريخ على تل ابيب، يهدد سيرة ومستقبل القيادة الإسرائيلية، بيبي وبوغي وبيني (يقصد نتنياهو ويعلون وبينت)، اكثر مما يهدد الرؤوس المقصودة في الجانب الآخر.
ولذلك، يضيف اورن، يظهر يعلون وغانتس متوازنان ومعتدلان، مقابل منافسي يعلون على خلافة نتنياهو. ويقول الكاتب ان الجهاز الأمني نجح حتى الآن بتسويق القليل داخل حزمة كبيرة. وعلى سبيل المثال الحديث عن مهاجمة “34 هدفا لحماس”، بينما يتبين ان 32 منها موجودة في موقع واحد. وهذا يشبه اطلاق عدة طلقات او صاروخ على معسكر رابين، مبنى وزارة الدفاع، وقول المهاجمين بأنه تم مهاجمة مقر القيادة العامة ووزارة الأمن وقواعد سلاح الجو وسلاح البحرية والنيابة العسكرية وغرفة الطعام وبوابة فيكتور.
ويتحدث اورن عن وهم ثالث، يعتبره الأخطر، وهو الاعتقاد بأنه يمكن الحفاظ الى الأبد، على حالة التراكم الحالي للعلاقات بين الاسرائيليين والفلسطينيين. ويقول ان قائد المنطقة الوسطى، الجنرال نيتسان الون، وصف، في رده على الالتماس الى المحكمة العليا، التي صادقت على هدم جزء من بيت قاتل الضابط باروخ مزراحي، وصف توجها واضحا للتصعيد في المناطق خلال العامين الأخيرين. وفي الواقع فانه منذ النجاح الاسرائيلي الكبير في صد الجهود السياسية لمحمود عباس.
لقد احصى الون 1414 عملية في الضفة الغربية خلال العام 2013، واكثر من 500 عملية خلال النصف الاول من العام الحالي، ومقتل ستة اسرائيليين في 2013، واربعة في العام الحالي، مقابل صفر من القتلى في 2012. ويقول اورن، ان العمليات وقعت وستقع، من جانب قطبي المواجهة (باروخ غولدشتاين من هنا وحماس والجهاد من هناك) حتى خلال فترة المفاوضات، بهدف عرقلتها، لكن هذا هو كل الفارق في العالم، بين التخريب على الجهود السلمية والجولة الدموية عديمة الفائدة. واذا لم تتم المبادرة الى خطوة سياسية بعيدة المدى، والسعي الى اتفاق يضمن أمن إسرائيل دون حاجة الى الصاق خيمة المستوطنين بكوخ الحارس العسكري، فان الأمل بأن تكون عملية اختطاف الشبان هي الأخيرة من نوعها، سيبقى مجرد وهم قصير الأجل.
هذا هو الوقت المناسب لتدعيم عباس
تحت هذا العنوان تكتب صحيفة “هآرتس” في افتتاحيتها، ان قتل الشبان غيل عاد شاعر ونفتالي فرانكل وايال يفراح، ادى كما كان متوقعا، الى سلسلة من الأفكار الوهمية من قبل الجناح اليميني المتطرف في الحكومة. والى جانب المطالب التي تميز مدرسة نفتالي بينت، “بتنفيذ عمليات عسكرية كبيرة ضد حماس في غزة”، و”فرض عقوبة الاعدام على المخربين”، عرض وزير الامن، موشيه يعلون، خطة “لتدعيم المستوطنات”.
وتشمل خطته التي عرضها امام المجلس الوزاري المصغر والتي حظيت بتأييد نتنياهو، دفع اجراءات التخطيط ونشر مناقصات لبناء آلاف الوحدات في الكتل الاستيطانية، بل اقترح اقامة مستوطنة جديدة على “اراضي الدولة” داخل احدى الكتل، تحمل اسم الشبان القتلى.
وتقول الصحيفة انه بالإضافة الى كون مصطلح “اراضي الدولة” يعتبر اسما مُلطفا للأراضي الفلسطينية التي قامت الدولة بسلبها رسميا، فان انشاء مستوطنة جديدة يتعارض مع التزام الحكومة الاسرائيلية للإدارة الأمريكية. ولكن الأمر الذي يثير القلق بشكل اكبر، هو كون القيادة الاسرائيلية تكرر ذات الخطأ المرة تلو المرة، فبدل تدعيم السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس، تعمل بالذات على اضعافهما.
وتضيف “هآرتس”: “لقد أظهر عباس طوال قضية الاختطاف، شجاعة قيادية استثنائية. وفي الخطاب الذي القاه امام وزراء خارجية الدول الاسلامية في السعودية، هاجم بشدة الخاطفين وطالب بإعادة المخطوفين. وقال “ان المستوطنين في الضفة هم بشر مثلنا، وعلينا البحث عنهم واعادتهم الى عائلاتهم”، و”من نفذ العملية يريد انزال الدمار بنا”.
وتذكر الصحيفة بأن عباس لم يظهر شجاعة قيادية في عملية الاختطاف فحسب، بل اثبت منذ انتخابه للرئاسة في عام 2005، قولا وعملا، انه شريك حقيقي للاتفاق. وقد عمل بإصرار ضد الجهات العنيفة، وعزز التعاون الأمني مع اسرائيل وطور جوانب مدنية في حياة الفلسطينيين. ولكن بدلا من تبني عباس وتدعيمه، اختار نتنياهو اضعافه وبالتالي تعزيز قوة منافسيه المتطرفين. ويبدو ان كل الوسائل تعتبر مشروعة لشجبه. فبالإضافة الى طرح عراقيل كمطالبته الاعتراف بإسرائيل كدولة قومية يهودية، تم الادعاء بأنه لا يمثل كل الشعب الفلسطيني لأن غزة تخضع لسيطرة حماس، وبعد قيامه بضم حماس الى حكومة الوحدة، ادعي بأنه يتعاون مع تنظيم ارهابي ولذلك يمنع التوصل الى اتفاق معه.
وتعتبر الصحيفة اضعاف عباس بمثابة خطأ استراتيجي لحكومة نتنياهو، ويمكنه ان يسبب البكاء لأجيال. وتقول انه بالذات على خلفية المأساة، يجب على حكومة نتنياهو الفهم بأن تدعيم عباس لا يعتبر مصلحة فلسطينية فقط، وانما مصلحة عليا لإسرائيل.
يجب الرد بعزم ووفق سياسة شاملة. تحت هذا العنوان يكتب عضو الكنيست ايلي يشاي (شاس)، في “يسرائيل هيوم”، “ان جريمة قتل الشبان الثلاثة تحتم ردا هجوميا، وتفجير بيوت الخاطفين بعد ساعات قليلة من العثور على الجثث، يعتبر عملا مبررا وملزما، قانونيا واخلاقيا، وهكذا الأمر بالنسبة لاعتقال المخربين الذين تم اطلاق سراحهم في صفقة شليط.”
ويقول يشاي “ان عملية القتل الوحشية تحتم خطوات عقابية غير اعتيادية، ولكنها ليست بديلا لتحديد سياسة شاملة. فالتطورات السياسية والأمنية تحتم على الحكومة مناقشة السياسة الخارجية لإسرائيل، وعلاقتنا مع الدول العربية المجاورة وعلاقتنا مع الجمهور العربي داخل اسرائيل”. وحسب رأيه فان قتل الفتية يشكل نموذجا للإرهاب الاسلامي المتوحش الذي يعم الدول العربية المجاورة هذه الأيام، في العراق وسوريا وفي دول أبعد.
ويقول: يجب محاربة حماس، ولكن عندما ننظر الى ساحات القتل في سوريا والعراق ومصر، يمكن الفهم بأن الخطر الاسلامي اخطر بكثير من الخطر الذي تشكله علينا حماستان في غزة. ويقول ان الرد الاسرائيلي يجب ان لا يتوقف على حلحول وبيوت “الارهابيين”، وانما يجب ان يشمل تصفية الحساب مع حماس كلها، مع الذراع العسكرية والذراع السياسية. ان محاولة الفصل بينهما تعتبر مثيرة للسخرية. فمن يصدر الاوامر، ومن يرقص على الدم، لا يتحمل مسؤولية تقل عن تلك التي يتحملها من يضغط على زناد المسدس او فتيل الصاروخ. ولكن بعد جباية الثمن يتحتم على الحكومة مناقشة بلورة سياسة طويلة المدى.
ويضيف يشاي: اسمع اولئك الذين يطالبون بإقامة مستوطنات في المكان الذي عثر فيه على الجثث. صحيح انه يجب مواصلة الاستيطان في الضفة واقامة المزيد من المستوطنات، ولكن ليس كرد على عمليات القتل، وانما كجزء من سياسة مدروسة.
التأجيج ليس الحل.
تحت هذا العنوان يكتب يوسي بيلين، في “يسرائيل هيوم”، ان قتل الشبان الثلاثة يثير غضب كل من يتنفس الهواء، لكنه لا يبرر التأجيج، فالتأجيج لا يعتبر الرد الصحيح في أي حالة، لأنه لا يوفر حلا وانما يشكل تنفيسا للغضب فقط. ويقول انه يمكن للطفل ان ينفس عن غضبه، أما التوصية السياسية بالتنفيس فتعتبر خطوة غير مسؤولة لأنها لا تحقق أي هدف، ويمكنها ان تطور دائرة تأجيج لا نهاية لها. والمحرضين لا يحتاجون الى مبررات كبيرة لأعمالهم.
ويرد بيلين بذلك على ما كتبه درور ايدر في “يسرائيل هيوم”(01.07.14) ، من ان الاحتلال لا يقف وراء ثقافة القتل في الشرق الاوسط، لأن عمليات القتل والانتحاريين تجري في اماكن اخرى. ويدعي ايدر ان الاسرائيليين كلهم مستوطنون، وسكان تل ابيب من بينهم، ولذلك فان المستوطنين ليسوا المشكلة، ايضا، ولذلك يعتبر انه يسمح في الوقت الحالي بالتحمس ويوصي بتحطيم رأس الأفعى.
وحول ادعاءات ايدر بخصوص المستوطنات ومكانتها في تسبيب الغضب للفلسطينيين، يكتب بيلين، انه ليس هناك ما هو أسهل من زج الجميع في سلة واحدة. صحيح انه يوجد من بين الفلسطينيين من يعتبرون اسرائيل مستوطنة واحدة كبيرة ولا يميزون بين جانبي الخط الأخضر، وهناك من يسلمون بالسيادة الاسرائيلية (وبالتأكيد بدون تحمس)، ولكنهم لا يسلمون بوجود المستوطنات الإسرائيلية وراء الخط الأخضر. وحسب الاستطلاعات فان الفئة الثانية تشكل الغالبية، ولا توجد أي فائدة من عرض الفئة الأولى كغالبية. لكن الأهم هو أن العالم كله يميز بين إسرائيل السيادية وبين سيطرتها على المناطق، ولذلك فان انهاء السيطرة على غالبية المناطق في الضفة، سيحرر الاسرائيليين من الاعباء السياسية الملقاة على كاهلهم منذ نصف قرن تقريبا، والذي يحتم عليهم دفع ثمن باهظ، بما في ذلك الثمن الديموغرافي الذي لا يملك ايدر أي رد عليه.
ويضيف بيلين: “يعدنا ايدر بمواصلة العيش على حرابنا ويقول ان هذا هو الحل الوحيد لكل من يريد مواصلة العيش في إسرائيل. ربما كان محقا، وانا اتمنى ان لا يكون كذلك. ان من يحيطون بنا هم بشر لا يمكن ان ننسب اليهم مستوى من القسوة يفوق قسوة اصدقائنا الألمان والبولونيين والاوكرانيين او اليوغسلافيين سابقا. ومن تصالح مع المانيا بعد الكارثة، لا يمكنه القول بجدية، انه لا يمكن التوصل الى أي حل مع العرب. ويرى بيلين “ان السياسة الصحيحة المطلوب انتهاجها الآن، هي دعم الجهات الفلسطينية الواقعية وتسهيل عملها مقابل من يرفضون الاعتراف بنا والذين يعتقدون ان العمل العنيف ضد إسرائيل هو الحل”.
لا مفر من عقوبة الاعدام.
تحت هذا العنوان يكتب نواح كليغر، في “يديعوت احرونوت”، ان “الحكم بإعدام المخربين لن يحقق العدالة فقط، وانما سيردع الآخرين عن السير في اعقابهم.” ويقارن كليغر بين من يسميهم “الارهابيين الفلسطينيين” ورجال النازية الالمانية، ويكتب انه بعد معايشته لفظائع النازية بحق اليهود وخروجه من معسكرات الابادة كان يعتقد انه عايش قمة القسوة الوحشية، وان ما شاهده في المعسكرات لن يتكرر، لكنه اخطأ. فالشر لم يختف من العالم، والاعمال الفظيعة التي اعتبرت غير محتملة تتكرر اليوم، لكنه تم استبدال مرتكبيها.
فالمخربين الفلسطينيين استبدلوا الجنود الالمان. وهم الذين نفذوا عملية التنكيل في رام الله قبل 14 عاما، وهم الذين ذبحوا قبل ثلاث سنوات ابناء عائلة فوغل في مستوطنة ايتمارـ وهم الذين قتلوا قبل 19 يوما، بدم بارد، ومن نقطة الصفر، الفتية الثلاث. والسبب، لأنهم يهود. ويقول كليغر انه عندما كتب قبل ثلاث سنوات عما حدث في ايتمار، طالب المحكمة بفرض حكم الاعدام على المنفذين، وهذا ليس لأنه يدعم هذا الحكم القاسي، وانما لأنه في حالات قاسية وسافلة كقتل الشبان يجب ان يدفع المنفذون الثمن بحياتهم. ويقول ان القانون العسكري يسمح في ساعات الطوارئ باللجوء الى هذا العقاب، ويجب ان يتم استخدام هذا القانون عندما يتم اعتقال القتلة. ويقول ان هناك سابقة تعود الى منتصف الثمانينيات، عندما فرضت المحكمة عقوبة الموت على مخربين فلسطينيين قتلا جنديا في وادي عارة (جرحاه وتركاه ينزف حتى الموت). لكن المحكمة العليا غيرت القرار، واستبدلته بالسجن المؤبد. ويعرب عن امله بأن لا يتم ذلك الآن، وبأن يفرض قضاة المحكمة العليا، اذا طلب منهم الحسم، عقوبة الاعدام على القتلة من الخليل. وينعت كليغر قتلة الشبان بأنهم حيوانات بشرية لا تستحق الحياة واعدامهم سيحقق العدالة ويمنع السير على دربهم.
قوي امام حماس ولكن بشكل آخر
تحت هذا العنوان يكتب شمعون شيفر في “يديعوت احرونوت” ان “بنيامين نتنياهو وعد خلال الحملة الانتخابية عام 1996، بتحقيق السلام الآمن، وذلك بعد العمليات القاتلة التي وقعت خلال فترة حكم شمعون بيرس. واليوم، بعد 20 سنة تقريبا، يترأس نتنياهو الحكومة للمرة الثالثة، بعد ان وعد المرة تلو المرة بأن يكون قويا امام حماس. ولكنه لم يعد بالامكان اتهام بيرس بالمسؤولية عن التدهور الأمني: فالضفة تشتعل مرة اخرى، ويتواصل اطلاق الصواريخ من غزة، ويخشى تسرب قوات اسلامية الى الضفة، والأهم من ذلك، ان حماس، ورغم وعود نتنياهو، “لا يزال يضربنا.”
ويضيف شيفر ان اصحاب القرار يقومون حاليا بتوجيه خط معتدل ومكبوح للجيش في كل ما يتعلق بالرد على منفذي الارهاب. وحتى الآن، على الأقل، فان الاصوات التي يسمعها اعضاء المجلس الوزاري، من اليسار واليمين، تبقى مجرد ضجيج خلفي ليس له أي تأثير ملموس على اتخاذ القرارات. ان الهدف الرئيسي للجيش هو تقليص بناء قوة حماس في الضفة، ومحاولة بلورة ميزان رعب في القطاع. وقد المح نتنياهو، امس، الى عدم نيته تبني مقترحات بينت وليبرمان باحتلال القطاع مجددا. وقال: “سنواصل التصرف بمسؤولية وحكمة”. ولكنه باستثناء الحذر الذي يبديه في توجيهاته للجهاز الأمني، يصعب العثور في هذه التوجيهات على مفهوم امني – سياسي شامل يشير الى استراتيجية واضحة.
ويضيف شيفر: من المعتاد نسب مقولة “ما يتم رؤيته من على كرسي رئيس الحكومة لا يرى من اماكن اخرى”، الى رئيس الحكومة شارون (الذي لم يقل ذلك ابدا). وهذه الامور صحيحة بالنسبة لنتنياهو، لكنه يتحتم الاعتراف بأنه خلافا لفترات سابقة، فان القيادة الامنية حاليا لا تتحدى الوزراء او توفر لهم مقترحات جريئة وبعيدة المدى. بل على العكس، ذلك ان الخطط التي ناقشها المجلس الوزاري حتى الآن، هي مخططات معروفة ومكررة بشكل جيد.
والمطلوب، يقول شيفر، التفكير خارج القفص. يجب القيام برد خلاق، والمطلوب مواجهة جريئة وفير متوقعة للتهديدات التي يشكلها الارهاب المتزايد، والا سيواصل نتنياهو وعدنا بأنه سيكون “قويا امام حماس”، على طول الطريق حتى وقوع العملية القادمة.
مناورة سياسية الى جانب تهديدات عسكرية
تحت هذا العنوان يكتب الجنرال (احتياط) يسرائيل زيف، في “يديعوت احرونوت” ان الهدف المطروح الآن هو تفكيك حماس من سلاحها، والوسيلة الى ذلك تكمن في اشراك دول الغرب ومصر والاردن والسلطة الفلسطينية في العملية. ويرى زيف ان قتل الشبان يشكل مفترقا فاصلا بالنسبة لإسرائيل والجهاز الأمني. فمن ناحية عسكرية وشعبية انتهت المرحلة الأولى من اعمال التفتيش، والنهاية المأساوية الى جانب التصعيد الذي يقوده حماس في الجنوب، يحتم النظر نحو المرحلة القادمة، الرد مقابل عملية القتل الكريهة واطلاق الصواريخ على بلدات الجنوب.
ويضيف ان “حماس تمر الآن في اكبر فترة انهيار، منذ سنوات طويلة، فمصر تقف ضدها وتمنع وصول الامدادات اليها من سيناء، والمجتمع الدولي يشجبها، ومواردها المالية تتلاشى. بل افتقدت الحركة الى الدعم الايراني. ومن الخطأ ان تعتقد حماس بأن الرد العسكري في أعقاب عملية الاختطاف – الى جانب الافتراض بأن إسرائيل ستمتنع عن العمل في رمضان – يعتبر توقيتا مناسبا للانتفاضة الثالثة التي وعد بها هنية. فالسلطة الفلسطينية بقيادة ابو مازن تختلف عن سلطة عرفات، ولديها هي والمدنيين الفلسطينيين الكثير مما سيخسرونه في الانتفاضة.
ومع كل الأسف والغضب على العملية القاسية، يضيف زيف، من المشكوك فيه ان الامر يوفر الشرعية الدولية لشن عملية واسعة في غزة. ويقول ان الجيش نفذ عملية تنظيف قواعد حماس في الضفة، خلال عمليات التفتيش عن المخطوفين، ولا تحتاج حكومة نتنياهو الى الدفع نحو مزيد من العمليات العقابية ، وانما يمكنها، ويجب عليها، التوجه نحو الملعب السياسي، الاستراتيجي والدبلوماسي. ويجب ان يركز الهدف على تفكيك اسلحة حماس، والطريقة لتحقيق ذلك تكمن في تجنيد الدول العربية ومصر والاردن والسلطة الفلسطينية الى خطوة دعم واسعة.
ويضيف: من المناسب استخدام التهديد برد عسكري واسع، وحتى نيل مثل هذا الدعم لخطوات قادمة، اذا احتاج الأمر. وفي كل الاحوال يرى زيف، انه من المناسب قيام إسرائيل بهدر دماء القيادة العسكرية وبعض القيادة السياسية لحماس كجزء من الثمن الشرعي لعملية بهذا الحجم. ويضيف ان العالم الغربي الي يشاهد امام ناظريه كيف يتضخم تنظيم داعش، لن يحتاج الى اقناع بأن تنظيما مشابها، حماس، يهدد الاستقرار الاقليمي ويجب القضاء عليه.
في هذه الأجواء السامة
تحت هذا العنوان، يكتب المحلل امنون ابراموفيتش في “يديعوت احرونوت” ان نتنياهو ويعلون تحدثا باعتدال نسبي منذ اختطاف الشبان وحتى العثور على جثثهم، ولم يطلقا التهديد الهادر او الالتزامات بعيدة المدى. لقد افترضا ان الشبان المخطوفين قتلوا بعد فترة وجيزة من اختطافهم، ولكنهما استخدما “فرضية العمل” التي تقول بأن الشبان أحياء، لتحقيق مآرب تجارية مبررة وليست للاستخدام الذاتي. فقد تكهنا بأن العثور على الجثث هو كلعبة البينجو، ويمكن ان يستغرق يومين او عدة أشهر. وكانا يعرفان تماما انه عندما سيتم العثور على الجثث، ستحدث صرخة كبيرة، وسيسمعان الصراخ والمطالب المتهورة بالرد الانتقامي على انواعه المختلفة، وفي كل مكان. ومن بين ذلك:
1. المطالبة باعادة احتلال غزة، وهي فكرة وهمية غير قابلة للتنفيذ، ولا تهدف الا الى العقاب الذاتي.
2. العودة الى الاغتيالات المركزة. الحاضر يقول انه يجب الاخذ في الاعتبار اطلاق الصواريخ على النقب ومركز البلاد، وربما استئناف العمليات الانتحارية بمشاركة ناشطين من الضفة.
3. تنفيذ اعتقالات كبيرة. المشكلة انه لم يعد هناك من يمكن اعتقاله. فقد تم خلال الأسابيع الأخيرة اعتقال قرابة 550 ناشطا من حماس.
4. طرد عشرات النشطاء من الضفة الى غزة، وهي مسألة اشكالية قانونيا وسياسيا. اما بالنسبة للمطرودين فسيكون ذلك بمثابة انتقال من منزل الى آخر فقط.
ويضيف ابراموفيتش، ان المجلس الوزاري المصغر اجتمع بعد العثور على الجثث امس، ولكن هذا المجلس يعتبر احد المجالس قليلة الخبرة في تاريخ الحكومات الإسرائيلية. فهو مجلس يفتقد الى التجربة، وهو منتدى شبابي، بل صبياني، قياسا بالمجلس السابق الذي ضم ايهود براك وبيني بيغن ودان مريدور.
ويقول: لقد جلس خارج الغرفة، مساء الاثنين، وزير الاسكان اوري اريئيل، وقالوا لي انه انضم اليه زئيف زامبيش حفير، بطل البلاد في الاستيطان. وهذان يعرفان تماما ما الذي يريدانه. انهما يركزان على الهدف، متلاعبان في كل ظرف وفي كل حالة جو، في الأفراح والاحزان، من فوق ومن تحت الرادار. انهما يبنيان دولتهما. ولكن هذا البناء يشطر الجمهور في البلاد ويوحد العالم كله ضدنا.
ويشير الى ان البناء في المستوطنات يقلب كل الموازين، فهو يعاقب ابو مازن ويخلص حماس من مركز عدم الشرعية. ويضيف ابراموفيتش ان عملية الاختطاف اوضحت قيود القوة والاحتلال. فخلال 18 يوما تعرض اقوى جيش في الشرق الاوسط الى التعذيب، وظهرت الشرطة بشوائبها، وبحث الشاباك الاسطوري في الظلام ولم يوفر “الخبر الذهبي”. وحتى الآن لم يتم التوصل الى الخاطفين.
ويرى الكاتب في الادعاء بأن حماس هي المسؤولة عن عملية الاختطاف هذه، مثله كمثل السيف ذو الحدين، فهو ادعاء يخدم الموقف السياسي والدبلوماسي للحكومة الاسرائيلية التي ترى ضرورة تفكيك التعاون الظاهري بين ابو مازن وحماس. ومن جانب آخر، اذا كانت اجهزة الاستخبارات تتابع بشكل قوي حماس وقادتها في الضفة والخارج، فما الذي حدث هنا، ما الذي تشوش؟ ويقول انه تم العثور على حل اكاديمي، نظري، لحل هذا التناقض، حيث تم الادعاء بأن حماس لا تصدر الاوامر لتنفيذ العمليات وانما توفر الأجواء السامة والرؤية الارهابية واسطورة القتل. هذا يعني انه في حالة حماس هناك مكان لتحميلها المسؤولية، لكنه لا مكان للسؤال الشهير: من الذي اصدر الأمر؟ ويخلص الكاتب الى القول: بعد عدة أيام، عندما يتلاشى الأسى وينتهي الجميع من التحمس، سنعود الى المربع الأول، الى المسألة الجوهرية: كم من العقود يمكن السيطرة على شعب آخر، وكم من الاجيال يمكن لدولة ان تبقى بلا حدود