أضواء على الصحافة الإسرائيلية 15 حزيران 2014

2014/06/15
Updated 2014/06/15 at 12:44 مساءً

الاحتلال يشن حملة اعتقالات واسعة في الضفة ويعلون يفرض الاغلاق على محافظة الخليل

اغلاق معبري كرم ابو سالم وايرز والغاء زيارات كافة الأسرى

نتنياهو يأمر الجيش بمنع نقل المخطوفين الى غزة او أي مكان آخر بكل ثمن، ويكرر تحميل المسؤولية للسلطة الفلسطينية

واصلت قوات الاحتلال الاسرائيلي، الليلة الماضية، تنفيذ حملة اعتقالات واسعة في الضفة الغربية، وبشكل خاص في محافظة الخليل، انتقاما لاختطاف المستوطنين الشبان الثلاثة، الذين لم يعثر لهم على أثر حتى صباح اليوم الأحد. وكتب موقع “واللا” العبري، انه بالاضافة الى اعتقال 16 فلسطينيا يوم امس، تم الليلة الماضية اعتقال 80 فلسطينيا بينهم اعضاء في المجلس التشريعي الفلسطيني. وعرف من بين المعتقلين الناطق السابق بلسان حركة حماس في الضفة حسن يوسف. وتم تحويل المعتقلين الى التحقيق لدى جهاز الشاباك، فيما علم ان الجيش سيواصل حملة التفتيش والاعتقالات اليوم.

وفي اطار الحملة على محافظة الخليل، قرر وزير الامن الإسرائيلي موشيه يعلون، مساء امس السبت، فرض حصار شامل ومفتوح عن المحافظة. وقال مصدر عسكري انه تم اتخاذ القرار في ختام جلسة التقييم التي عقدها الجيش. كما قرر يعلون اغلاق معبري “كرم ابو سالم”  و”ايرز” على حدود غزة وعدم السماح بعبور الفلسطينيين الا في الحالات الانسانية الملحة وبشرط المصادقة من قبل الادارة المدنية. كما أمر وزير الأمن بالغاء زيارة كافة الأسرى الفلسطينيين المعتقلين في اسرائيل. 

وقصف سلاح الجو الإسرائيلية الليلة الماضية عدة أهداف في قطاع غزة، ردا على القصف الصاروخي، امس، لمنطقة “شاعر هنيغف” وقال الناطق العسكري ان القصف الإسرائيلي استهدف ثلاثة “مواقع ارهابية” وموقعين لإنتاج وتخزين الوسائل القتالية في جنوب القطاع، ومركز “نشاط ارهابي” في وسط القطاع.

في الوقت ذاته قال رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في ختام مشاورات امنية، عقدها مساء امس، السبت، انه اوعز الى الجهات الأمنية بتفعيل كافة الوسائل للعثور على  المخطوفين ومنع أي امكانية لنقلهم الى قطاع غزة او أي مكان آخر، واعداد القوات العسكرية لمواجهة أي طارئ، ومطالبة السلطة الفلسطينية بالقيام بكل المطلوب منها لإعادة المختطفين بسلام.

وقالت صحيفة “هآرتس” ان نتنياهو كان يتحدث في مؤتمر صحفي عقده في ختام المشاورات التي حضرها وزير الأمن والقائد العام للجيش ورئيس جهاز الشاباك. وحدد نتنياهو بأنه تم اختطاف الشبان من قبل “تنظيم ارهابي”. وواصل نتنياهو حملته الدعائية ضد السلطة الفلسطينية، حيث اعلن ان إسرائيل “تعتبر ابو مازن والسلطة مسؤولين عن أي هجوم يستهدف إسرائيل من اراضيهم، سواء من الضفة الغربية او قطاع غزة”. ورفض نتنياهو موقف الفلسطينيين الرافض تحمل المسؤولية عن العملية لأنها وقعت في المناطق الخاضعة امنيا للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، وادعى ان هذا الادعاء لا أساس له بتاتا، وان السلطة تتحمل المسؤولية عن كل العمليات التي تخرج من اراضيها.

وركز نتنياهو في هجومه على اتفاق المصالحة بين فتح وحماس، وادعى ان “التحالف مع حماس يقود الى نتائج صعبة جدا، تتناقض مع دفع السلام بيننا وبين الفلسطينيين”. وواصل زاعما “ان التحالف بين ابو مازن وحماس يفتح الباب امام سيطرة حماس المحتملة على اراضي السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، ولا يمكن الحديث عن السلام مع إسرائيل وفي الوقت ذاته تشكيل حكومة وحدة مع حماس. والجهات الدولية التي قالت ان اتفاق المصالحة سيدفع السلام تشاهد الآن النتائج الحقيقية لهذا التحالف”. وقال “ان كل التنظيمات الارهابية، حماس والجهاد وغيرها، التزمت بتدمير إسرائيل وتستمد التشجيع من هذا التحالف”. وادعى ان “تحالف ابو مازن مع حماس يفتح الباب امام سيطرة حماس على السلطة الفلسطينية في الضفة”.

وكان نتنياهو قد عقد صبيحة امس الأول الجمعة، جلسة مع قادة الجهاز الأمني واجهزة الاستخبارات، ومن ثم اجرى اتصالا مع عائلات الشبان الثلاثة وتعهد ببذل كل الجهود من اجل العثور على اولادهم واعادتهم الى بيوتهم. ومن ثم اطلع الجانب الأمريكي على ان احد المخطوفين يحمل الجنسية الأمريكية.

واوعز وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الى السفارة في تل أبيب، والقنصلية الأمريكية في القدس، بالعمل مقابل الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني على منع التصعيد. واتصل كيري بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، واكد على مسمعه ان على اجهزة الأمن الفلسطينية بذل كل جهد لحل الأزمة والعثور على الشبان. وابلغ عباس الوزير كيري بأنه اوعز الى قوات الأمن الفلسطينية بتقديم المساعدة. وبعد ذلك اتصل كيري بنتنياهو واطلعه على محادثته مع عباس، الا ان رئيس الحكومة رد بلهجة شديدة وادعى ان عباس يتحمل المسؤولية عن سلامة الشبان، معتبرا ان عملية الاختطاف هي نتاج حكومة الوحدة.

وتحدث رئيس المعارضة البرلمانية، يتسحاق هرتسوغ، مع كيري، امس، وقال لصحيفة “هآرتس” ان كيري ابدى تخوفا كبيرا من تدهور الاوضاع بشكل عاجل. وقال هرتسوغ انه يدعم الجهازين السياسي والامني، معتبرا “اننا نجلس على برميل بارود ويجب بذل كل شيء لمنع التصعيد”.

وانتقد اليسار الإسرائيلي قيام نتنياهو بالربط بين عملية الاختطاف والمصالحة الفلسطينية. وقال النائب عمر بارليف (العمل) ان تصريح رئيس الحكومة يشكل استغلالا ساخرا للحادث الصعب من اجل تحقيق مآرب سياسية”. واضاف “ان نتنياهو يحاول تبرير ادعاءاته بشأن ابعاد اتفاق المصالحة الذي لا تربطه أي صلة بهذا الحادث، وبذلك فانه يمس بفرص الافراج عن الشبان. ان هدفنا هو اعادة الشبان الى البيت، ويعتبر التعاون الأمني احد الوسائل الرئيسية لذلك، وعلينا العمل كي نوسع المصلحة المشتركة في اعادة الشبان المفقودين بسلام وليس خلق قطيعة وصدام مع السلطة الفلسطينية”.

وقالت النائب تمار زاندبرغ (ميرتس): “من المؤسف رؤية رئيس الحكومة يختار استغلال بيانه للدعاية السياسية المتلاعبة بدل ان يطلع المواطنين على الوضع. أنا متأكدة بأن الجيش وقوات الأمن سيبذلان كل جهد بما في ذلك التنسيق والتعاون مع قوات الامن الفلسطينية في سبيل اعادة الشبان بسلام”.

يعلون: “منعنا 44 محاولة اختطاف منذ مطلع 2013”

نقلت صحيفة “هآرتس” عن وزير الأمن موشيه يعلون، قوله امس السبت، ان ظاهرة محاولات الاختطاف ليست جديدة، وكما يبدو فان هذه العملية (اختطاف المستوطنين الشبان الثلاثة) مرت من تحت الرادار”. وقال يعلون ان الجهاز الأمني تمكن خلال العام 2013 من احباط أكثر من 30 محاولة اختطاف، وتم منذ مطلع العام الحالي 2014، احباط 14 محاولة اختطاف.

وكان جهاز الشاباك قد لاحظ، خلال العامين الأخيرين، حدوث ارتفاع في مخططات التنظيمات “الارهابية” الفلسطينية لتنفيذ عمليات اختطاف، وأشار الى وجود ثلاثة تنظيمات تركز على هذا الموضوع: حماس، التي تسعى الى ترميم قواعدها “الارهابية” في الضفة الغربية، حركة الجهاد الاسلامي الفلسطيني، التي يعتبرها الشاباك تركز على عمليات الاختطاف في مسعى الى دفع عمليات اطلاق سراح الأسرى، وكذلك حركة فتح. وحسب معطيات الشاباك، فقد قام منذ أيلول الماضي، وبالتعاون مع سلطات السجون، بالكشف عن 11 حالة حاول خلالها اسرى في سجون إسرائيل، التخطيط لعمليات اختطاف لجنود ومدنيين. وتم التخطيط لنصف هذه المحاولات من قبل أسرى فتح، والبقية من قبل اسرى حماس والتنظيمات الاسلامية.

ومن بين عمليات الاختطاف التي تم تنفيذها خلال الأشهر الأخيرة، اختطاف وقتل الجندي تومار حزان في شهر أيلول من العام الماضي، بعد اغوائه من قبل نضال عامر، الذي عمل معه في احد مطاعم بات يام، على الوصول الى قرية بيت أمين. واعترف عامر اثناء التحقيق معه في الشاباك انه نفذ العملية في سبيل المقايضة لإطلاق سراح اسرى بينهم شقيقه نور الدين عامر، الناشط في التنظيم والمعتقل منذ عام 2003.

وتضيف “هآرتس” انه “يمكن الوقوف على محاولات الاختطاف التي قامت بها التنظيمات “الارهابية” في الضفة الغربية من خلال ثلاث عمليات تمكن الشاباك من احباطها. ففي كانون الثاني من عام 2013، تم اعتقال خلية من الجهاد الاسلامي، بعد نجاحها بالدخول الى إسرائيل والمكوث ليومين في منطقة الشارون ووسط البلاد، في محاولة لاختطاف إسرائيلي. وتم القبض على اعضاء الخلية بالقرب من حاجز “أيال”، وعثر في حوزتها على “مسدس دمية” ووسائل اخرى كان يفترض ان تساعدها على تنفيذ عملية الاختطاف. وخلال التحقيق مع افراد الخلية في الشاباك، تبين ان مواطنين عربيين من إسرائيل كان يفترض بهما مساعدة الخلية، احدهما على اكتشاف المستهدف واختطافه، والثاني على نقله عبر الحاجز الى الضفة الغربية.

وفي حالة اخرى وقعت في مطلع شباط من العام الماضي، تم اعتقال خلية من حماس في منطقة “بنيامين” في الضفة الغربية، كانت قد اعدت لتنفيذ عملية اختطاف. وخلال التحقيق مع افرادها، تبين انهم خططوا لاختطاف جندي في منطقة “بنيامين” وتدربوا على اعداد مواد ناسفة واجراءات اخرى تمهيدا لتنفيذ العملية. وفي محاولة اخرى، جرت في كانون الأول 2012، خططت خلية من التنظيم (فتح) في منطقة الظاهرية في جنوب جبل الخليل، لاختطاف جندي في منطقة رام الله، وطلبت المساعدة من مواطن عربي من سكان النقب. وحسب الشاباك فقد قام اعضاء الخلية بالتجوال في المنطقة المستهدفة تمهيدا لتنفيذ العملية.

عباس امر بالتعاون الكامل للعثور على المخطوفين

ونشرت صحيفة “يسرائيل هيوم” ان الجيش الإسرائيلي يتلقى مساعدة من اجهزة الأمن الفلسطينية في البحث عن المخطوفين، لكن الأمن الفلسطيني يتعرض الى ضغوط كي يعرقل عمليات البحث، على حد تعبيرها.

 وقال مصدر امني فلسطيني انه يجري التنسيق الأمني المتواصل مع الجيش الإسرائيلي، وان ديوان الرئاسة الفلسطينية حول تعليمات واضحة بنقل أي معلومة الى الأجهزة الامنية الإسرائيلية، من شأنها تسليط الضوء على مصير الشبان المخطوفين.

وفي المقابل دعت حركة حماس أصحاب كاميرات الحراسة في المنطقة الى شطب أي معلومات التقطتها الكاميرات في سبيل تمويه الأدلة وعدم المساعدة في عمليات التفتيش عن الشبان. ومن جهته اعلن الجهاد الإسلامي على لسان خالد البطش، ان أي تعاون من قبل الأمن الفلسطيني مع قوات جيش الاحتلال يعتبر خيانة.

وفي هذه اثناء يحافظ ديوان الرئاسة الفلسطينية على صمته، ولم يصدر عنه أي رد رسمي حول الاحداث. مع ذلك فقد قال احد المسؤولين الكبار في ديوان الرئاسة ان ابو مازن تحدث مع مسؤولين كبار في حماس والجهاد الاسلامي، وطالبهم بتليين ردود فعلهم في مسألة الاختطاف، واعرب عن غضبه ازاء تصريحات المسؤولين الذين رحبوا بالعملية.

كما اعربت رام الله عن غضبها ازاء تحميلها المسؤولية عن سلامة الشبان . وشجب عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، محمد المدني، تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية واكد ان عملية الاختطاف وقعت في المنطقة C الخاضعة كليا للمسؤوليات الأمنية الإسرائيلية.

ابرز عمليات الاختطاف

تنشر صحيفة هآرتس، قائمة بأبرز عمليات الاختطاف التي استهدف مواطنين وجنود منذ التسعينيات. ومن بينها عمليات اختطاف الفتى الياهو اوشري من مستوطنة ايتمار في حزيران 2006. وكان اوشري قد ركب في سيارة عابرة بالقرب من مستوطنة عوفرا، وتبين انه قتل بإطلاق النار على رأسه، ودفنته خلية من حماس، في بئر بالقرب من رام الله. وفي حينه فرضت المحكمة العسكرية حكما بالسجن المؤبد مرتين على أيهم كمامجي الذي ادين بقتل الفتى.

وقبل ذلك، في ايلول 2005، تم اختطاف ساسون نورئيل، من سكان “بسغات زئيف” على أيدي خمسة من رجال حماس، وعثر على جثته في مجمع النفايات قرب المنطقة الصناعية في بيتونيا. وفي عام 2012 ذكرت القناة العاشرة ان نورئيل اختطف بعد محاولته تجنيد شخص للشاباك.

وفي تموز 2003، تم اختطاف سائق سيارة الأجرة الياهو غورئيل، أيضا، في منطقة رام الله، وتم احتجازه من قبل فلسطينيين سعوا الى استبداله بأسرى فلسطينيين، وبعد عدة ايام من احتجازه في منطقة بيتونيا تم اطلاق سراحه على ايدي وحدة القيادة العامة “سييرت متكال”.

وفي كانون الثاني 2001، تم اختطاف وقتل الفتى اوفير ناحوم (16 عاما) من اشكلون، بعد اغوائه عبر الشبكة الالكترونية من قبل أمنة منى، من سكان بير نبالا. وقد تنكرت أمنة كمواطنة يهودية هاجرت الى إسرائيل، واجرت محادثات حميمية مع الفتى. وبعد عدة أسابيع أقنعته بالتقائها في القدس. وتم اللقاء في 17 كانون الثاني في المكان المحدد، ومن هناك سافرا الى منطقة رام الله، حيث كان في انتظارهما ناشطين قاما بقتل الفتى. وحكم على منى بالسجن المؤبد، لكنه اطلق سراحها في اطار صفقة “غلعاد شليط”. وتعيش اليوم في تركيا.

وفي اكتوبر 1994 تم اختطاف الجندي نحشون فاكسمان، بعد سفره في سيارة استقلها اربعة نشطاء من حماس، تنكروا بزي المستوطنين. وقد نقل الى قرية بيت نبالا، حيث تم تصوير شريط فيدو له بث من خلاله رسالة الى اسرته، وقال ان على رئيس الحكومة، يتسحاق رابين آنذاك، اطلاق سراح اسرى، بينهم الشيخ احمد ياسين، والا فسيتم قتله. وفي 14 اكتوبر حاولت كتيبة من “سييرت متكال” تحرير فاكسمان من الأسر في بيت نبالا، لكن العملية فشلت، وقتل خلالها فاكسمان، والضابط في الكتيبة نير بوراز.

رئيس الموساد حذر قبل عشرة أيام فقط من عملية اختطاف

كتبت صحيفة “هآرتس” انه قبل عشرة أيام، فقط، وخلال جلسة الطاقم السياسي – الأمني، التي لمناقشة تقرير لجنة شمغار بشأن صفقات تبادل الأسرى، ومشروع القانون الذي قدمه “البيت اليهودي” لمنع العفو عن الأسرى الذين قتلوا إسرائيليين، رسم رئيس الموساد تمير فردو سيناريو مشابها للحدث الذي تجسد في عملية الاختطاف في نهاية الأسبوع.

وقد حاول فردو ومسؤولين آخرين من الجهاز الأمني الذين شاركوا في الجلسة، اقناع الوزراء بعدم دفع مشروع القانون، لأنه سيمس بقدرة الحكومة على المناورة في عمليات اختطاف مستقبلية، وسيقيد اياديها ويمنعها من التفكير بحلول مختلفة. واعطى رئيس الموساد مثالا على حادث اختطاف الطالبات من مدرسة للبنات في نيجيريا على ايدي منظمة “بوكو حرام”. وتوجه الى وزير الاقتصاد نفتالي بينت الذي دفع باتجاه المصادقة على مشروع القانون، وسأله عما يمكن ان يحدث لو وقع مثل هذا الحادث في إسرائيل، وقال: “ما الذي ستفعلونه اذا تم بعد اسبوع اختطاف طالبات في الرابعة عشرة من اعمارهن من احدى المستوطنات”. ولكن كلمات فردو لم تقنع الوزراء، وبعد ثلاثة أيام صادقت الحكومة على طرح القانون للتصويت في الكنيست، والذي صودق عليه في القراءة التمهيدية، يوم الاربعاء الماضي.

الشرطة أخرت تبليغ الجيش

وكتبت صحيفة “يديعوت احرونوت” انه بينما لا يزال التحقيق في قضية الشبان المخطوفين في أوجه، الا أنه بات يمكن الاشارة الى اخفاق واحد للشرطة في التعامل مع الحادث. اذ يستدل من المعلومات ان شرطة لواء “شاي” تلقت معلومات حول اختطاف الشبان، عند الساعة 22:25 من ليلة الخميس – الجمعة، لكنها لم تقم بتبليغ الجيش الا بعد عدة ساعات، في الرابعة فجرا، وهي فترة زمنية تعتبر مصيرية وكان يمكنها أن تساعد قوات الأمن في التحقيق في الحادث.

ويتبين ان الشرطة سارعت بعد تلقي المعلومات الى التحقيق في الحادث، وشكلت غرفة طوارئ خاصة للتعامل مع التقرير، لكنها لم تحول البلاغ الى الجيش. ويعتقد الجيش انه لو تم تبليغه فورا لكان يمكنه نشر حواجز على الفور في كل المنطقة، وارسال  قوات معززة للتفتيش، ولربما كان سيعثر على السيارة ويخلص الشبان. وقد اعترفت الشرطة بالخطأ، امس، ووعدت بالتحقيق في الموضوع. وجاء من شرطة شاي ان التحقيق سيتم بعد الانتهاء من البحث عن الشبان.

حماس تدعو الى اعلان الانتفاضة

كتبت صحيفة “هآرتس” ان الموقع الرسمي لحركة حماس دعا الفلسطينيين الى اعلان الانتفاضة في مختلف انحاء الضفة الغربية والدخول في مواجهات مع “قوات الاحتلال” من خلال النضال الشعبي او المنفرد. ودعا الناطق بلسان الحركة، حسام بدران، على صفحته في الفيسبوك، الى عدم تمكين قوات الاحتلال من التحرك بحرية في انحاء الضفة الغربية، خاصة في قطاع الخليل.

وقال: “هذه فرصة لتوسيع دائرة المقاومة واعادة الضفة الغربية الى مكانها الطبيعي كرأس حربة في النضال والمقاومة”. وتم اقتباس اقواله في الموقع الرسمي لحماس تحت عنوان: “حماس تدعو الى اعلان انتفاضة”.  وجاء تصريح بدران في اعقاب عمليات البحث عن الشبان الثلاثة المفقودين، وفي ضوء الاشتباه بأنهم تعرضوا الى الاختطاف بهدف المساومة. وكانت كتائب عز الدين القسام، قد هددت، صباح امس، بأن إسرائيل لن  تهنأ طالما بقي مقاوم فلسطيني في الضفة المحتلة.  وقال أبو عبيدة في تغريده له على صفحته عبر توتير :” طالما بقي فلسطيني مقاوم في الضفة فلن يهنأ المحتل الغاشم، وسيكتوي الصهاينة بنار جرائمهم بحق الأسرى والمسرى”. مع ذلك لم تعلن القسام مسؤوليتها عن الحادث.

يشار الى ان كافة المتحدثين بلسان حماس عن عملية الاختطاف كانوا من قيادة الخارج، وليس من قيادة الضفة وغزة. وشهد قطاع غزة مظاهر فرح بعد اعلان نبأ اختطاف الشبان المستوطنين، وتم توزيع الحلويات على عابري السبيل، خاصة من قبل عائلات الاسرى. وقال المتحدث بلسان عائلات الأسرى مصباح عبد ربه “اننا نحتفل بعملية الاختطاف في الخليل لأنه ثبت بأن هذه هي الوسيلة الناجعة جدا ازاء إسرائيل لإطلاق سراح الأسرى”.

اما في الضفة فجاءت ردة الفعل خفيفة، وسادت اجواء التأهب وانتظار التطورات. وهاجمت المواقع الالكترونية المتماهية مع حماس والجهاد، استمرار التعاون الأمني بين السلطة وإسرائيل. وقال خالد البطش، احد مسؤولي الجهاد الاسلامي ان اختطاف الجنود هو افضل وسيلة لإطلاق سراح الأسرى. في المقابل لم يكرس الجهاز الأمني الإسرائيلي اهتماما كبيرا لدعوة حماس الى اعلان انتفاضة في الضفة. وقالت مصادر امنية ان الفلسطينيين في الضفة يتمتعون بحرية حركة أكبر من تلك التي سادت خلال الانتفاضة. مع ذلك يستعد الجهاز الأمني والشرطة لاحتمال وقوع مواجهات في مناطق مختلفة اثر عمليات الاعتقال في الضفة.

 وفي هذا الأثناء تعزز قوات الأمن من تواجدها على طرقات الضفة الغربية. كما تستعد الشرطة الإسرائيلية لاحتمال وقوع عمليات انتقام من الجانب الفلسطيني ومن جانب المستوطنين ونشطاء اليمين المتطرف. وتم تعزيز قوات الشرطة في وحدة الجرائم القومية. كما تستعد الشرطة لاحتمال حدوث مواجهات بعد صلاة يوم الجمعة المقبل، في حال استمرار عملية الخطف.

هل تواصل الحكومة سن قانون منع العفو عن الأسرى؟

كتبت صحيفة “يديعوت احرونوت” انه قبل اسبوع تماما، صادقت الحكومة على قانون منع منح العفو العام للأسرى، في اطار صفقات لتبادل الأسرى والمختطفين. ولكنه يمكن للحكومة ان تجد نفسها الآن تواجه مطلبا بإجراء صفقة لتبادل الأسرى.

الا أن المبادرة الى سن القانون، النائب اييلت شكيد، من البيت اليهودي، صرحت امس، انها مصرة على التمسك بموقفها “ضد اطلاق سراح المخربين”. وقالت “انه على الرغم من الحادث الصعب، الا انه يمنع اطلاق سراح مخربين، ويمنع مفاوضة الخاطفين، ويجب تمرير هذا القانون بسرعة”.

 واضافت “ان طريقة العمل الإسرائيلية في هذه القضية يجب ان تتم حسب تقرير لجنة شمغار: اسير واحد مقابل كل مختطف إسرائيلي، لأن اطلاق سراح القتلة يشبه صب الوقود على موقد الارهاب، وآن الأوان لتغيير هذه الطريقة”.

كما اعرب رئيس الائتلاف الحكومي، ياريف ليفين، عن موقف مشابه. وقال انه “يجب تركيز الجهود الآن على اعادة المخطوفين، وكان من المفضل اجراء نقاش حول القانون بشكل منفصل عن حدث كهذا او ذاك، ومن الواضح ان الصفقات السابقة حفزت منفذي عمليات كهذه”.

 

مقالات

“اختبار لنتنياهو”

تحت هذا العنوان، كتبت صحيفة “هآرتس” في افتتاحيتها الرئيسية، ان اختطاف الشبان ايال يفراح ونفتالي فرانكل وغيل عاد شاعر، يطرح اختبارا قياديا غير سهل امام رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. فقد وقع الحادث على خلفية تصعيد السياسة الإسرائيلية ازاء الاسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. وفي الأسبوع الماضي، فقط، صادقت الحكومة على قانون معارضة العفو العام عن الاسرى الذي هدف الى منع اطلاق سراح “الارهابيين” في صفقات مستقبلية، وفي اليوم التالي صودق في القراءة الأولى على مشروع قانون “التغذية بالقوة” الذي هدف الى كسر اضراب الاسرى الاداريين عن الطعام. وقبل عدة أسابيع فضل نتنياهو وقف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية وعدم اطلاق سراح المجموعة الرابعة من قدامى الأسرى، ومن بينهم مواطنين إسرائيليين.

وأضافت الصحيفة “ان نتنياهو الذي بدأ حياته السياسية بمقاومة جارفة للمفاوضات مع التنظيمات “الارهابية” غير مواقفه عندما وافق على اطلاق سراح 1027 اسيرا فلسطينيا مقابل الجندي الإسرائيلي الأسير غلعاد شليط. وقام بإطلاق سراح عشرات الأسرى القدامى خلال المفاوضات مع السلطة. ولكن قادة البيت اليهودي واللوبي اليميني في الليكود، الذين شخصوا ضعفه السياسي، اوضحوا له انهم سيقيدون أياديه ويمنعونه من اطلاق سراح المزيد من الاسرى. ففضل نتنياهو الانجرار خلفهم مقابل البقاء على كرسيه.

وترى الصحيفة ان عملية الاختطاف تطرح تساؤلات صعبة حول الحكمة من وراء سياسة التعنت ازاء الأسرى السياسيين. وتتساءل: هل ساهم تشديد القبضة الإسرائيلية ونية إسرائيل المس بإنسانية المضربين عن الطعام، ومنع اطلاق سراحهم، في تشجيع الخاطفين؟ وهل احتل البقاء السياسي مكان المعايير السياسية في موقف نتنياهو؟

وتضيف “هآرتس”: “لقد تهرب رئيس الحكومة، حاليا، من هذه التساؤلات، وكعادته استغل الحدث للدعاية ولتشويه سمعة رئيس السلطة محمود عباس وحكومة الوحدة الفلسطينية – رغم ان الشبان اختطفوا من منطقة تخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، ورغم ان قوات امن السلطة تساعد إسرائيل في البحث عن المخطوفين. وعلى نتنياهو ان يتجمل بالصبر ويدير الأزمة بحكمة، والتركيز على العثور على المخطوفين واعتقال الخاطفين، والامتناع عن عمليات عسكرية واهية كما فعل ايهود اولمرت في عام 2006، وصد الضغوط التي تستهدف زيادة التصعيد ازاء الأسرى الفلسطينيين. واكدت الصحيفة ان محاولة استخدام الازمة لمعاقبة عباس بسبب تشكيل حكومة الوحدة، او تشديد كماشة الاحتلال والاستيطان على الأرض “كرد صهيوني ملائم” ستؤدي الى تصعيد آخر.

إسرائيل استدعت عملية الاختطاف

تحت هذا العنوان يكتب جدعون ليفي في “هآرتس” ان اختطاف الشبان الثلاثة كان عملية استدعتها إسرائيل، ومهما كانت النتيجة، سواء عاد الشبان سالمين ام لا، وسواء كان المسؤول عنها الجهاد العالمي او المحلي، فانه لا يمكن تجاهل  سياق العملية. وربما تكون قد نزلت فجأة على اجهزة الاستخبارات الإسرائيلية المرهقة، لكنها لا يمكن أن تفاجئ أحد.

ويضيف ليفي ان من يرفضون اطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، الذين اعتقل بعضهم منذ عشرات السنين، قبل اوسلو، والذين التزمت إسرائيل بإطلاق سراح بعضهم، ومن يعتقل الأسرى لسنوات بدون محاكمة، ومن يتجاهل اضراب 125 أسيرا اداريا عن الطعام، والذين ينازع بعضهم في المستشفيات، ومن ينوي تغذيتهم بالقوة، ومن يفترض بهم سن قوانين جارفة ضد اطلاق سراحهم، عليهم الا يتظاهروا بأن عملية الاختطاف فاجأتهم، لأنهم هم من استدعاها.

ويضيف ان اوضاع آلاف الاسرى الفلسطينيين لا تهم أحدا في إسرائيل. وفي الأسبوع الماضي أشغلت قضية ربة منزل مئير شطريت وسائل الاعلام اكثر مما اشغلتها معاناة 125 اسيرا يضربون عن الطعام منذ 53 يوما. صحيح ان بين الاسرى الفلسطينيين قتلة سفلة، ولكن بينهم الكثير من الأسرى السياسيين وكلهم يعتبرون ابطال النضال القومي الفلسطيني، وهكذا هو الأمر في كل نضال قومي. فمن خلفهم يقف مجتمعا بأسره، يقلق على مصيرهم، بشكل لا يقل عن قلق الإسرائيليين على احبتهم.

وحسب رأي ليفي فقد اغلقت إسرائيل ابواب السجون مع قتل العملية السياسية، وبثت رسالة حادة كالسكين الى الفلسطينيين مفادها ان اطلاق سراح اولادهم سيتم فقط في عمليات عنيفة. ويوم الخميس ليلا تم استخلاص العبر. لكن لعملية الاختطاف سياق اوسع من اطلاق سراح الأسرى.

ويضيف: “لقد اسدل الستار على العملية السياسية، ومعه أسدل الستار على  الأمل الفلسطيني الأخير بالتحرر الوطني بواسطة العملية السياسية. وقد عادت الحياة في إسرائيل والمستوطنات الى مسارها الطبيعي، حياة الحرية والازدهار، وواقع الترفيه، التي لا يلامسها الاحتلال على الإطلاق. لكن الأمر ليس كذلك بالنسبة للفلسطينيين: وليس لديهم أي شيء من ذلك، وكل رفض للحل يعتبر بالنسبة لهم مواصلة حياة الذل والمصاعب. ومن كان يعتقد بأنه سيجلسون بصمت وينتظرون حتى تتكرم إسرائيل بتغيير نهجها او حكومتها، فقد أخطأ. ومن اعتقد ان المستوطنين سيواصلون العيش في أمن داخل المناطق، مني بالخيبة المريرة. فعملية الاختطاف كانت مجرد دعوة الى اليقظة إزاء كل ما يمكن أن يحدث. نعم ان الطريق المفتوحة امام الفلسطينيين لتذكير الإسرائيليين بوجودهم وبمشكلتهم، هي طريق الصراع العنيف. فقد سدت كل الطرق الأخرى في وجوههم. واذا لم تطلق غزة الصواريخ فهي لا تعتبر قائمة، واذا لم يختطف تلاميذ المدارس الدينية في الضفة فان الضفة تختفي عن وعي الإسرائيليين.

 ان عمليات الاختطاف او القتل تهدف الى تفجير اللامبالاة الإسرائيلية غير المحتملة، ولذلك فانها ليست مفاجئة. فهذه اللامبالاة وصلت في الأشهر الأخيرة الى ارقام قياسية لا يمكن استيعابها. انتبهوا الى الهراء الذي اشغل الإسرائيليين. ان هذا التذكير المرعب الذي سقط على رؤوسنا الآن هو مجرد فاتحة لما يتوقع اذا واصلنا العيش بين خزينة فؤاد بن اليعزر وقبلة “احي وآنا” في “الاخ الكبير”. لأن هذا هو طبع الاحتلال المثير للغضب: انه سيلاحقنا، حتى عندما ندفن روسنا بشكل أعمق في الرمل.

فرصة ضئيلة لنهاية طيبة

تحت هذا العنوان يكتب المحلل العسكري لصحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، انه بعد يومين من اختطاف طلاب المدرسة الدينية في غوش عتصيون، تتعزز فرضيتان أساسيتان، تعتمدان على تجربة الماضي في حوادث مماثلة: الأولى: ان قوات الأمن قد تستطيع حل لغز العملية بشكل سريع نسبيا، والثانية – أن هذا الأمر لن يحسن بالضرورة فرص انتهاء عملية الخطف بشكل جيد. وعلى الرغم من الحذر الذي يبثه قادة الأجهزة الأمنية في تصريحاتهم حول مصير الرهائن الثلاثة، يبدو انه لا مكان لكثير من التفاؤل. ويضيف ان إسرائيل تملك سيطرة امنية شديدة في الضفة الغربية، تعتمد على التنسيق الأمني مع اجهزة الأمن الفلسطينية. وهذا يبدو الآن، ايضا. فالفلسطينيين هم الذين عثروا على السيارة المحروقة التي يمكن ان تكون لها صلة في حادث الاختطاف، وقاموا بتسليمها الى إسرائيل. وفي محاولتهم التوصل الى الخاطفين، سيكون على المحققين الاعتماد على حلبتين، الاولى، مكان وقوع عملية الاختطاف في غوش عتصيون، والثانية موقع العثور على السيارة بالقرب من بلدة دورا في جنوب جبل الخليل. ويجب أن تضاف الى ذلك تغطية استخبارية عميقة جدا، الكترونية وبشرية، لكل ما يحدث في الضفة، اذا يمكن ان يتم من خلال ذلك التوصل الى أدلة. وقد تم التبليغ مساء السبت عن تنفيذ عدة اعتقالات في منطقة الخليل. ويمكن لكل هذه الأمور ان تشير الى امكانية الوصول الى الدائرة الخارجية، على الأقل، للخلية.

 لقد قال وزير الامن موشيه يعلون، امس السبت، ان نقطة الانطلاق تعتمد على ان الثلاثة لا يزالون على قيد الحياة. وهذا هو المتبع طالما لم تتوفر أدلة أخرى. لكن تحليل عمليات اختطاف سابقة في الضفة يبين ان هذه الخلايا تمتنع عادة عن ابقاء المخطوفين على قيد الحياة، من خلال فهم عمق التعقب الإسرائيلي وعلى أساس الافتراض بأن المختطف يترك “اثرا استخباريا” ثقيلا، يمكنه ان يقود الى الخلية، فكيف الحال والحديث عن ثلاثة مخطوفين.

ويضيف هرئيل انه يستدل مما نشر عن العملية ان الحديث عن خلية كانت تعرف ما الذي تفعله، فالسيطرة على ثلاثة شبان، تحتم التخطيط الدقيق ومشاركة عدد كبير من الأشخاص: فهناك من يوجه السلاح، وهناك من يقيد المخطوفين، وهناك من يقود السيارة، وبالتأكيد ستكون هناك منظومة تساعد على اخفاء المخطوفين وحراستهم. ويحتم تنفيذ العملية التزاما كبيرا، قبل وبعد التنفيذ، وخلال جمع المعلومات، والتعرف على نقاط الضعف واستغلالها. وفي احداث سابقة تم ترك السيارات محروقة في مكان بعيد، بهدف تمويه المطاردين. ويشير الكاتب الى انه لم يتم ابدا في السابق اختطاف ثلاثة إسرائيليين في آن واحد. وقد اعترف يعلون انه كما يبدو فان المختطفين مروا من تحت الرادار” وهذا يحتم اجراء فحص تراجعي وما اذا لم يكن بالامكان معالجة عملية الاختطاف بشكل أسرع.

وينصح الكاتب بالتعامل بحذر شديد مع البيانات التي صدرت من قبل جهات تدعي مسؤوليتها عن العملية، ويقول انه يجب الافتراض بأن العملية تمت على ايدي حماس او خلية اسلامية محلية في منطقة الخليل، ترتبط بالتنظيم. وسيكون على إسرائيل فحص ما الذي كانت تعرفه قيادة التنظيم في غزة. لقد احبط الشاباك والجيش خلال العامين الأخيرين عشرات محاولات الاختطاف في الضفة، وكان بعضها بمبادرة من اسرى حماس المعتقلين في السجون الإسرائيلية، ونشطاء التنظيم العسكري التابع للحركة في غزة. لكن من يركز العمليات في الضفة هو صلاح العاروري الذي طردته إسرائيل بعد اعتقال اداري متواصل، ويتواجد اليوم في تركيا. وتخضع لإمرته مجموعة من الأسرى المحررين في صفقة شليط، والذين تم طردهم الى غزة، ومن بينهم عبد الرحمن غنيمات ومازن فقها.

ويضيف: ان جهود الاختطاف تشكل جزء من السياسة المعلنة لحركة حماس. فهل غير التنظيم من توجهه بعد المصالحة مع السلطة الفلسطينية؟ لقد نشر نشطاء الحركة في نهاية الأسبوع تهنئة بالاختطاف، لكنهم لم يعلنوا مسؤوليتهم عنها، كما يبدو لأسباب عملية، كي لا يسهلوا على إسرائيل عملية التفتيش، لأن اعلان المسؤولية العلنية سيثير اشكالية من حيث العلاقات مع السلطة. وبالنسبة لعباس فان عملية الاختطاف مثيرة للحرج والقلق، خاصة في هذا الوقت، فحين بدا ان عباس ينجح بصد الحملة الإسرائيلية ضد حكومته على الحلبة الدولية جاءت عملية الاختطاف التي لعبت الى ايدي نتنياهو.

وحسب رأي هرئيل فان السلطة تساعد إسرائيل من وراء الكواليس بحثا عن المخطوفين، لكنه لا يمكنها الخروج ضد العملية علانية، لأن النضال، حتى العنيف، من اجل اطلاق سراح الأسرى في إسرائيل، يحظى بالإجماع الفلسطيني.

ويرى هرئيل ان عملية الاختطاف تضع حكومة نتنياهو امام اختبار امني معقد. فخلال السنوات الخمس الأخيرة، منذ عودته الى السلطة لم يواجه نتنياهو الكثير من التحديات المشابهة. لقد تصرف في قضية مرمرة في ايار 2010، بشكل متعجرف، ولم يهتم بالتفاصيل، وتم افشاله بواسطة السلوك الشائب للجيش. وفي المقابل ادار عملية “عامود السحاب” في 2012، بشكل جيد، وحتى في كل ما يتعلق بالاضطرابات في العالم العربي، يحذر نتنياهو من تعقيد إسرائيل دونما حاجة. وهناك فجوة كبيرة بين صورته المحاربة، خاصة في الخارج، وبين استخدامه الحذر للقوة العسكرية.

ولكن الاختطاف يعتبر مسألة أخرى، بالتأكيد بالنسبة لنتنياهو الذي بنى مكانته الرسمية قبل ثلاثة عقود على ميراث شقيقه يوني، بطل عملية عنتيبة، وعلى ايديولوجية عدم الاستسلام للإرهاب بكل ثمن. لكنه انحرف عن ذلك في صفقة شليط عندما وافق على اطلاق سراح 1027 اسيرا مقابل مختطف واحد. كما ان الجمهور يبدي حساسية غير اعتيادية ازاء عمليات الاختطاف، ويصل حافة الذعر عندما يتم اختطاف شبان، والذين يتحولون على الفور في وسائل الاعلام الى “اولادنا جميعا” سواء سقطوا في الأسر بدون صراع او استقلوا سيارة خلافا لكل التحذيرات.

وعلى هذه الخلفية بالذات، من المتوقع ان يظهر نتنياهو هذه المرة خطا متصلبا. فعلى المستوى العسكري لا يواجه الكثير من المآزق في المنطقة الخاضعة للسيطرة الامنية الإسرائيلية. وكل رئيس حكومة سيفضل عملية لإطلاق سراح المخطوفين على اجراء مفاوضات متواصلة، وستزداد محفزات استخدام القوة في حال تبين ان المختطفين ليسوا أحياء. وسيجري النقاش على المستوى السياسي، واذا ثبتت ادانة حماس، فسيتمحور السؤال حول ما اذا سيتم استغلال القضية للجهد الاعلامي او انها ستقود الى تصعيد تجاه السلطة. وفي هذه المسألة ينهج نتنياهو الحذر حاليا، رغم لهجته.

ويرى الكاتب ان ما تبقى للجيش عمله هو غمر منطقة الخليل وبيت لحم بقوات خاصة والركض وراء كل قصاصة معلومات، ففي وقت ما سيتم استكمال البازل. وفي هذه الأثناء تعمل قيادة المنطقة الوسطى على تهدئة المستوطنين ومنع تنفيذ جرائم كراهية ردا على الاختطاف.

ويقول هرئيل ان المسألة الآن تتمحور حول الاستراتيجية القومية. فبعد صفقة شليط، يبدو للفلسطينيين انهم عثروا على الطريقة الفائزة: الاختطاف يولد الاستسلام، فإسرائيل تدخل في حالة ضغط وتقوم بإطلاق سراح الأسرى. لكن عملية تكتيكية كاختطاف الشبان في غوش عتصيون يمكن ان تولد ازمة استراتيجية مع السلطة، بل ربما الى مواجهة مع حماس في غزة، على غرار المواجهة مع حزب الله في 2006. ولذلك فان المطلوب الآن هو الحذر والتفكير، وليس خطوات عقابية متسرعة وليس تصريحات متحمسة حول الكرامة القومية.

اختبار للحكومة

تحت هذا العنوان يكتب المحلل العسكري لصحيفة “يديعوت احرونوت” اليكس فيشمان، ان افتراض الجهاز الأمني بأن الشبان المختطفين لا يزالون على قيد الحياة، هو افتراض تقليدي، ولكنه ليس بالضرورة افتراض مهني. وحتى مساء امس السبت، لم يكن بإمكان أي رجل أمن التكهن بما آل اليه مصير الشبان. فالثغرة الاستخبارية في هذه المسألة اكثر عمقا مما نتصور، ولذلك يتم تفعيل كل الجهود الممكنة على مختلف القطاعات، بدء من القطاع السياسي، وحتى العسكري، منها السري ومنها العلني، في سبيل العثور اولا على اناس احياء. فعندما يجري البحث عن جثث يتم التركيز اولا على العثور على القتلة، وهذه عملية مختلفة تماما.

وفي كل الأحوال، فان استخدام الصيغة العسكرية التي تقول “ان القضية قد تستغرق عدة ايام اخرى” لا تعني تخفيض سقف التوقعات فحسب، وانما تدل على ان الجهاز الأمني يبحث في الظلام عن طرف خيط.

ويضيف فيشمان: بعد اختطاف الداد ريغف واوهاد غولدفاسر في عام 2006، حددت الفرضية انهما على قيد الحياة، رغم ان الأدلة التي عثر عليها في المنطقة اشارت الى قتلهما او اصابتهما بشكل بالغ اثناء الاختطاف. ولكن الأدلة هذه المرة اقل وضوحا، لأنه مرت عدة ساعات حتى دخول التحقيق الى وتيرة عالية، والتفاصيل القليلة التي تم التوصل اليها ليست مشجعة. لقد نجح الخاطفون بتنفيذ مآربهم منذ اللحظة التي نجحوا فيها بإدخال الثلاثة الى السيارة واغلاق ابوابها والسفر. وكانت لدى الخاطفين كل الاسباب التي تجعلهم يعتقدون انه سيتم كشفهم، وهكذا وقفوا امام احتمالين: السماح للمخطوفين بالانصراف، او قتلهم كي لا يتم القبض عليهم.

ويضيف فيشمان انه منذ اللحظة التي دخل فيها الشبان الى السيارة، اعتبرت عملية الاختطاف ناجحة، وفي كل الحالات، فان اختطاف ثلاثة اشخاص في سيارة تتسع لخمسة ركاب، تعتبر غير مسبوقة، وتبدو كأنها تفتقد الى الفرص. فغالبا يتم التركيز على اختطاف شخص واحد، كما ان محاولة الاحتفاظ بثلاثة مخطوفين في الضفة الغربية تشبه التسلق على سطح قيادة الشاباك في منطقة القدس من خلال الافتراض بأنهم لا يشاهدونك. ولذلك فان عملية كهذه تحتاج الى تخطيط معقد وسري يتطلب الكثير من التخطيط من قبل مهنيين مجربين، ويحتم توفير كميات غير طبيعية من الغذاء، وادوية، وربما العلاج الطبي في حال تطلب الأمر معالجة جرحى. وليس من الواضح ما اذا كان الحديث يجري عن خاطفين مهنيين ، ولكنه يمكن العثور على دلائل تحضير مسبق تتمثل في استخدامهم لسيارة. وربما يكون للتبليغ عن تنفيذ اعتقالات في منطقة الخليل ما يلمح الى توجه معين للتحقيق.

وفي هذه الأثناء يركز الجيش قوات المشاة في الضفة، ولكن هذه ليست عملية لانقاذ المخطوفين، ذلك انه لم يتم ابدا العثور في الضفة على مخطوفين خلال عمليات التفتيش من بيت الى بيت، وهذا يعني ان زج القوات يمثل تظاهرة لاستعراض القوة امام الفلسطينيين ونقل رسالة مطمئنة للجمهور في إسرائيل. وربما يكون لهذه القوة تأثيرا رادعا ومطمئنا، يمنع تحويل عملية الاختطاف الى حدث جسيم يشمل سفك الدماء في الجانبين.

وفي كل الحالات، يضيف فيشمان، فان عرض العملية كذات اهمية سياسية استراتيجية ستغير العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية ما زال مبكرا. ولا يمكن حتى الآن معرفة كيف ستنتهي هذه الحادثة المتدحرجة، وسيحدد الوتر الأخير مكانة الاختطاف في المواجهة الإسرائيلية – الفلسطينية. ويخلص الى القول ان السلطة الفلسطينية بكل اجهزتها الأمنية، تبذل كل ما تعرفه وكل ما تسمح به إسرائيل كي تقلص الضرر الذي اصابها. وسلوك اجهزة الأمن الفلسطينية مقابل الاجهزة الإسرائيلية يشير الى انه سيسرها جدا انهاء هذه القضية بأياديها واعتقال الخاطفين، حتى لو تبين انهم رجال حماس. وأخيرا، هذا هو الاختبار الكبير الأول الذي تواجهه حكومة نتنياهو الحالية، والطاقم الوزاري الجديد الذي يفترض فيه اتخاد قرارات تنهي هذه الأزمة دون تحطيم مصالح إسرائيل.

يجب وقف اطلاق سراح الأسرى

تحت هذا العنوان يكتب رئيس الشاباك، سابقا، يوفال ديسكين، في “يديعوت احرونوت” انه لا يتقبل الأصوات التي تدعو في الأيام الأخيرة الى تفعيل القوة ضد ابو مازن بشكل خاص، والفلسطينيين عامة، وتقول ان ذلك سيضع حلا لكل المشاكل.

ويضيف: “يجب العثور على الشبان المخطوفين، ويجب التوحد في مشاعر المصير المشترك والقلق على المفقودين، وبذل الجهود للعثور عليهم واعادتهم الى عائلاتهم. ولكن لا فائدة من الدعوة الى “مزيد من القوة”، كما لو أننا لا نقوم بتفعيل ما يكفي من القوة. ومن كان هناك، مثلي، يشهد على ذلك”.

ويقول ديسكين: “من المفضل ان نبدأ التفكير بوقف اطلاق سراح المخربين مقابل الجنود المخطوفين، او التفكير بإطلاق سراح الأسرى بدل تجميد البناء في المستوطنات خلال المحادثات مع الفلسطينيين. فاطلاق سراح هؤلاء هو المحرك الأساسي لعمليات الاختطاف”.

وحسب راي ديسكين فان احباط 44 محاولة اختطاف خلال العامين الأخيرين، تتحدث عن نفسها. ولذلك لا حاجة الى النهج الرخيص على شاكلة “تعالوا نمارس المزيد من القوة وسيتم حل المشكلة” فهذه هي المشكلة الأساسية في الوضع الحالي، وفي هذا المجال يوجد ما تفعله الحكومة والمشرعين. اننا جميعا نشعر بالقلق على مصير الشبان، وهذا هو الوقت الذي يحتم علينا جميعا وضع الخلافات جانبا، والتحالف وتدعيم العائلات القلقة والجيش وقادته، ورجال الشاباك والشرطة والأذرع الأمنية الفاعلة على مدار الساعة بدون كلل، كي نعثر على الشبان ونعيدهم بسلام الى بيوتهم.

يجب تغيير التوجه

تحت هذا العنوان يكتب شمعون شيفر في “يديعوت احرونوت”، انه بدون أي علاقة بالموقف السياسي حول مستقبل المستوطنات في الضفة، تقف إسرائيل موحدة في هذه الساعات، قلقا على مصير الشبان الثلاثة المفقودين، وكذلك في الفهم بأنه في هذه المنطقة الدامية لا يمكننا الاعتماد الا على أنفسنا، وليس مهما داخل أي حدود سيكون ذلك.

ويقول ان جوهر الخلاف، والانتقاد الموجه الى نتنياهو ينبع من قراراته المتعلقة بإطلاق سراح آلاف الأسرى الفلسطينيين من السجون، مقابل اطلاق سراح الجنود المخطوفين والأسرى. ومن اطلق في حينه سراح زعيم حماس الشيخ احمد ياسين، وفاوض حماس بعد ذلك وقام بإطلاق سراح اكثر من الف قاتل مقابل غلعاد شليط، لا يمكنه الانكار بأنه قدم بيده حقنة تشجيع جدية لتنظيمات الارهاب على محاولة اختطاف المزيد من الإسرائيليين، الجنود والمدنيين، فهو من رسم لهم طريق النجاح.

ويضيف شيفر: لقد وجه نتنياهو اصبع الاتهام الى رئيس السلطة الفلسطينية ابو مازن، واعرب عن خيبة أمله العميقة من ردة الفعل الدولية الضعيفة ازاء عملية الاختطاف، ولكنه في هذه الساعات يسمح لنا، بل من واجبنا، مطالبة رئيس الحكومة بتحمل المسؤولية الكاملة عن دوره في انهيار مفهوم الأمن الذي يقوده في السنوات الأخيرة. فاطلاق سراح الأسرى بشكل جماعي، واجراء مفاوضات غير مباشرة مع حماس، من خلال اضعاف السلطة الفلسطينية ليست الا نتيجة مباشرة لسياسته.

كما أن الطابع الدائم لرئيس الحكومة في تحميل المسؤولية عن كل فشل للمجتمع الدولي، (كما في المسألة الايرانية) او طرح مطالب غريبة على السلطة الفلسطينية ومن ثم اتهام ابو مازن، ادت الى جعل الجيش كله يطارد في اليومين الأخيرين خلية ارهاب واحدة. ان الكثير من الإسرائيليين يعيشون في حالة خوف من الاختطاف، ولكن العالم يفضل مواصلة مشاهدة المونديال. واذا كنا نتحمل المسؤولية عن مصيرنا، كما قال نتنياهو ويعلون، امس، فما الذي يريدانه من ابو مازن ومن وزير الخارجية الأمريكي.

 ويضيف شيفر: لقد انعقد الطاقم الوزاري المصغر، امس، في جلسة غير عادية. ولأول مرة منذ تشكيل الحكومة الحالية انضم الى الطاقم الوزاري وزراء لم يشاركوا في الماضي في جلسات ذات اهمية استراتيجية. صحيح ان نتنياهو ويعلون يحضران الى هذه النقاشات تجربة كبيرة وقدرة على التصرف بالحذر المطلوب، ولكن من شبه المؤكد انه سيطالب يئير لبيد ونفتالي بينت، خلال الأيام القريبة،ـ بالإدلاء برأيهم، وترجيح الكفة في الحسم السياسي المرتبط بحياة البشر. وعندما تنتهي الأزمة، وليتها تنتهي بعودة الشبان سالمين، سنجد انفسنا امام الاختبار الحقيقي: هل سيتم استخلاص العبر التاريخية التي ستوجه نحو ترسيم حدود إسرائيل واجراء علاج عميق واساسي لجذور الصراع الذي يسمم العلاقات بيننا وبين جيراننا؟ وهل سنفهم اخيرا، انه يقف وراء هذه الخلية المنفردة ملايين الفلسطينيين الذين لن يتنازلوا ابدا عن رغبتهم بنيل الحرية بشكل منفصل عنا؟

ثلاثة رؤى

 تحت هذا العنوان يكتب الجنرال (احتياط) غيورا أيلاند، في “يديعوت احرونوت”، حول عملية الاختطاف، طارحا ثلاثة رؤى يعتقد انه من الضروري الاشارة اليها الآن. الأولى: الاستعداد ضد عمليات الاختطاف، حيث يقول ان وزير الامن تحدث عن احباط 44 محاولة اختطاف خلال 18 شهرا مضت، وحقيقة ان كل هذه المحاولات فشلت تقول ان الجيش كان ناجعا في اداء مهامه لمنع اختطاف الجنود والتثقيف على عدم السفر في المواصلات الخاصة. ولكنه يصعب امام هذا النجاح تقبل استهتار الكثير من المواطنين الإسرائيليين الذين يعيشون في الضفة. لقد خرج الشبان الذين تم اختطافهم من مدرستهم الدينية وبحثوا عن وسيلة لنقلهم في منتصف الليل. فما هي توجيهات المؤسسات التعليمية بشأن السفر في المواصلات الخاصة بشكل عام، وفي الليل خاصة؟

وحسب رأيه فان الانطباع السائد يقول ان قادة المستوطنات ومدراء المؤسسات التعليمية هناك يولون اهتماما قليلا بالمخاطر الناجمة عن ذلك. وهذا ينبع عن نوع من الأمن الذاتي الممزوج بمفاهيم تقول انه بما ان البلاد كلها لنا، فليس من المناسب الخوف والاحتماء. وهذا الامر يذكر بالتوجه المتبع في عدد من مستوطنات الضفة التي رفضت في حينه اقامة جدار حولها، لأن ذلك يظهر ضعفها.

 اما الرؤية الثانية فهي الانطباع الخاطئ بانه بسبب اهتمامنا (المبالغ فيه) بحياة البشر، فإننا نسارع الى اطلاق سراح المخربين مقابل اطلاق سراح جندي او مواطن مختطف. من المهم التمييز بين الحالات التي تم فيها اختطاف جنود الى لبنان او غزة، وبين الحالات التي تم فيها احتجاز المخطوفين داخل إسرائيل او الضفة. ففي النوع الأول اضطرت الحكومة الإسرائيلية الى التنازل فقط بعد ان تبين لها عدم وجود معلومات استخبارية موثوقة وعدم وجود طريقة افضل لإطلاق سراح المخطوفين. بينما في كل الحالات التي ظهر فيها الاستعداد العملي لمحاولة اطلاق سراح المحتجزين، خاصة تلك المنوطة بخطر واضح على المخطوفين وقوات الجيش، فقد قررت القيادة السياسية تأييد القيام بعملية عسكرية. وهكذا حدث في عمليات مختلفة في السبعينيات (مسغاف عام، معالوت، فندق سافوي) وهكذا حدث في التسعينيات، ايضا، خاصة العملية غير الناجحة لإطلاق سراح الجندي نحشون فاكسمان.

وفي حال تواجد المخطوفين في الضفة الغربية ولا يزالون على قيد الحياة، يمكن الافتراض بأنه يمكن العثور عليهم، حتى اذا طال الوقت. وفي حالة كهذه يمكن الافتراض بأنه ستتم محاولة اطلاق سراحهم في عملية عسكرية، ويمكن الافتراض ان هذا هو القرار الذي ستتخذه الحكومة.

ويرى أيلاند ان النقاش حول الثمن الباهظ الذي يمكن دفعه في صفقة لإطلاق سراح المخربين مقابل الرهائن، يعتبر نقاشا مناسبا، لكنه يقدر بأنه لن يكون موضوعيا في حالة الشبان الثلاثة.

اما الرؤية الثالثة فتتعلق بالعلاقة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. ويقول انه في اعقاب تشكيل حكومة الوحدة الفلسطينية، سارعت حكومة إسرائيل الى الاعلان بأنها لن تتحدث مع ابو مازن. وهذا خطأ. فالسؤال حول ما اذا يجب التحدث ام لا، يجب دائما ان يتعلق بالمبتدأ وليس بالخبر، وبكلمات اخرى، يمكن انه لا يوجد ما نتحدث عنه الآن مع ابو مازن بشأن الحل السياسي، ولكنه يمكن دائما الحديث معه حول امور اخرى.

ويضيف أيلاند: “اننا نتحدث مع حماس، ايضا، ليس عن حل سياسي، ولكن عن ترتيب عشرات المواضيع المدنية الهامة. وبما ان التعاون مع السلطة الفلسطينية يعتبر هاما، وحادث الاختطاف يؤكد ذلك، من المفضل عدم اطلاق تصريحات بأننا لن نتحدث مع رئيس اولئك الذين نتعاون معهم.”

خطيئة البراءة: حان الوقت كي نتعلم

تحت هذا العنوان يكتب الجنرال احتياط تسفي فوغل، في “يسرائيل هيوم”، انه قبل يجف الحبر في دفتر العمليات الذي وثق لاختفاء الشبان الثلاثة، بدأ كافة المنتقدين بالبحث عن المتهمين. فهل تتحمل وزارة المواصلات المسؤولية بسبب عدم اهتمامها بتوفير ما يكفي من المواصلات العامة، او يتحمل المسؤولية جهاز الشاباك الذي لم يكشف الخاطفين. واما المتشددين فوجهوا اصابع الاتهام الى المستوطنين، وقالوا “لو لم يكونوا هناك لما حدث الأمر”، بل وصل بهم الأمر حد اتهام الحكومة، بقولهم: “لو قامت الدولة الفلسطينية لما وقعت عمليات ارهابية”.

ويضيف فوغل انه يصعب هضم الحقيقة والوقائع، بل انها تسبب ألما في بطن كل من لا تتفق هذه المعطيات مع وجهة نظره الشخصية، او ما يسمى في محيطنا: لا تربكونا بالمعطيات. ويقول انه في عام 2013 وقعت 1271 عملية في قطاع الضفة الغربية والقدس، بمعدل 106 عمليات شهريا. وخلال الأشهر الخمس الأولى من عام 2014، وقعت 585 عملية في القطاع ذاته، بمعدل 117 عملية شهريا. واطلقت من قطاع غزة في عام 2013 على إسرائيل 63 قذيفة، بمعدل خمس قذائف شهريا، وخلال الأشهر الأولى من عام 2014، تم اطلاق 118 قذيفة باتجاه إسرائيل، بمعدل 24 قذيفة شهريا. وهذه المعطيات تتحدث عن نفسها، وتقول ان الفلسطينيين وحدهم يتحملون المسؤولية. فمحفزات المس بنا لا ترتبط بمدى استعدادنا للتنازل وعدد الايماءات التي نقوم بها، بل ان محفزات غالبية الفلسطينيين، بما في ذلك قيادتهم، تحركها الكراهية التي لا يمكن اخفائها ببوادر السلام او بإطلاق سراح الأسرى. ومحفزات طردنا من هنا، لا تتقلص في أعقاب الايماءات والمحادثات التي تجري باللغة الانجليزية، ولا يفهم حقيقة الفلسطينيين  الا من يفهم العربية او يهتم بالحصول على ترجمة دقيقة لما يقولونه، وهذه الحقيقة لا تستسيغها الأذن.

لقد انفصلنا عن قطاع غزة، ولكن وتيرة اطلاق الصواريخ تصاعدت، سلمنا مناطق لسلطة فتح في الضفة الغربية، لكن محاولات تنفيذ العمليات والاختطاف تتزايد. واذا كان هناك تهمة نتحمل مسؤوليتها فهي خطيئة البراءة. لقد افترضنا ان الفلسطينيين سيوافقون على الاعتراف بحقنا في العيش هنا وسيتحملون المسؤولية عن مصيرهم، ولكننا اخطأنا في هذين الافتراضين. لا توجد حلول سحرية، ولا يمكن للجيش والاذرع الأمنية الوصول الى  كافة التنظيمات قبل خروجها للعمل او العثور على المخطوفين خلال ساعات داخل تجمع اسكاني معاد. ولا يمكن منع كل عملية من أي نوع، وعلينا ان لا نكون طوال الوقت في الجانب الذي يرد.

ولذلك، يجب ان يكون من الواضح لكل أعدائنا، وللفلسطينيين خاصة اننا لا نجري مفاوضات لإطلاق سراح الأسرى تحت طائلة التهديد بسيف الاختطاف او اطلاق القذائف. ومن خطط او نفذ عملية تهدف الى قتلنا، سيدفع ثمن ذلك بحياته او بالتعفن داخل السجن. وعلى كل الاعداء أن يستوعبوا بأننا سنقلب كل حجر، بكل ما يعنيه ذلك، من اجل احباط كل عملية، وسنضرب كل من يرفع يده علينا وسنقضي على تلك القيادة التي تحث على الكراهية والقتل.

 ويرى فوغل انه “يجب اختبار عملية الاختطاف القاسية التي بدأت مساء الخميس، بالنظر الى المستقبل، وبناء وتدعيم سياسة ملائمة وعدم البحث عن متهمين. ويجب اتخاذ العبر المستخلصة من هذا الحادث لتعزيز الردع وليس لبث رياح داعمة لأعدائنا الذين يستمتعون في كل مرة بجلدنا للذات. ومن المهم ان ينتهي هذا الحادث بشكل جيد، ولكن من المهم اكثر منع الأحداث القادمة”.

فشل استخباري واخفاق بوليسي

تحت هذا العنوان يكتب يوآب ليمور، في “يسرائيل هيوم”، انه بعد 48 ساعة من وقوع عملية الاختطاف، ارتسمت في إسرائيل الصورة التالية: الاختطاف لم يكن صدفة، وانما تم تخطيطه بحرص على ايدي تنظيم ارهابي، والمختطفين يتواجدون في الضفة، وبشكل كبير يحتمل تواجدهم في منطقة الخليل، كما يتضح انه لا توجد معلومات راسخة حول حالة المخطوفين الثلاثة، ويعم القلق الكبير حول مصيرهم.

ويضيف ليمور ان نقاط الانطلاق هذه تعتمد على عمل استخباري حثيث تم القيام به خلال نهاية الأسبوع، بقيادة الشاباك، والذي شمل تنفيذ اعتقالات واجراء تحقيقات مع عشرات الفلسطينيين المعروفين كناشطين في التنظيمات الارهابية وابناء حمولات ارتبطت بنشاط ارهابي في السابق، وتفعيل استخبارات بشرية وتكنولوجية بشكل خاص، وجمع أدلة، خاصة السيارة المحروقة التي عثر عليها في المنطقة، والتي يشتبه باستخدامها لتنفيذ عملية الاختطاف. وكجزء من الجهود المبذولة للعثور على المخطوفين قام الجيش بنقل قوات كبيرة الى منطقة الخليل، وبهدف المساعدة على تنفيذ الاعتقالات، وبشكل خاص، لممارسة الضغط على الفلسطينيين في سبيل كشف الخاطفين والعثور على المخطوفين.

ويقول ان القلق على مصير الثلاثة لا ينبع فقط من تحليل المعطيات وحقيقة انه لم يقم أي تنظيم او جهة بطرح شروط لإطلاق سراحهم، وانما بسبب تاريخ المنطقة. فعلى خلفية السيطرة العسكرية والاستخبارية الإسرائيلية على الضفة الغربية، فهمت التنظيمات الارهابية انها لن تنجح بالحفاظ على المخطوفين الإسرائيليين على قيد الحياة، واجراء مفاوضات لإطلاق سراحهم، واختار الخاطفون في الغالبية المطلقة لعمليات الاختطاف قتل المخطوفين بعد فترة وجيزة من اختطافهم. ولذلك ساد التخوف، امس، من انه تم نقل الثلاثة الى غزة او الأردن. ولكن جهات امنية قدرت ان فرص القيام بذلك ضئيلة جدا، لعدة أسباب منها ان عملية كهذه تحتم التنسيق الدقيق بين قطاع غزة والضفة،  خاصة أثناء تنفيذ العملية، الأمر الذي كان سيقود الى عملية واسعة وعلنية في جزء منها، وبالتالي توليد معلومات استخبارية كانت ستزيد من فرص كشف الخاطفين والمخطوفين.

ويرى الكاتب بأن حقيقة عدم كشف العملية واحباطها قبل وقوعها يعتبر فشلا واضحا للجهات الاستخبارية، سيتم فحصه بالتأكيد، وكذلك الأمر بالنسبة للفارق الزمني بين موعد التبليغ عن الاختطاف وبدء عمليات البحث عن المخطوفين، وذلك نتيجة اخفاق الشرطة الخطير في تحويل المعلومات الى الشاباك في الوقت المحدد. ويقول ان الخلل الاستخباري يدل، ظاهريا، على  طرق عمل عالية في صفوف الخاطفين وقلة عدد المشاركين، لأن نشاطا بمشاركة عدد كبير كان سيهدد نجاح العملية. ومع ذلك يبدو انه تم التخطيط للعملية بحرص شديد وحتمت جمع معلومات مبكرة والتعرف جيدا على المنطقة، وكذلك خلق عملية تمويه ملائمة اقنعت المخطوفين بأن المقصود سيارة إسرائيلية “آمنة” وان الخاطفين هم يهود لا يشكلون خطرا. ويمكن التكهن، ايضا، بأنه شارك في هذه العملية اكثر من شخص واحد، بسبب صعوبة سيطرة شخص واحد على ثلاثة شبان، وعلى خلفية عملية الخداع والهرب والاختباء الحتمية بعد تنفيذ العملية.

ويقول ليمور انه على الرغم من تحديد رئيس الحكومة بأن “تنظيما ارهابيا” يقف وراء العملية الا ان إسرائيل امتنعت عن الاشارة الى تنظيم معين. وكما يبدو فان اعلان تنظيم سلفي عن مسؤوليته كان اكذوبة، الأمر الذي يترك مشبوهين مركزيين: حماس والجهاد الاسلامي. فكلاهما يملكان قواعد في الضفة الغربية، علما ان حماس تعتبر راسخة بشكل اكبر في منطقة الخليل، ولديها تجربة تاريخية في عمليات الاختطاف، خاصة في هذه المنطقة (كاختطاف وقتل الجندي شارون ادري من قبل خلية خرجت من بيت صوريف في منطقة الخليل). كما ان هذين التنظيمين يملكان محفزات على تنفيذ عملية الاختطاف في سبيل اطلاق سراح المخربين، ومن المؤكد على خلفية اضراب الاسرى عن الطعام، وكذلك في سبيل احراج إسرائيل في اعقاب القانون الذي صودق عليه مؤخرا في لجنة القانون البرلمانية والذي يمنع اطلاق سراح الأسرى في صفقات تبادل.

ورغم انه لم يتم طرح مثل هذا الشرط من قبل الخاطفين، حتى الآن، الا انه في عدة حالات سابقة، (كما في عمليات اختطاف الجنود شارون ادري وايلان سعدون وآفي ساسبورتاس) تم قتل المخطوفين ودفنهم دون أن يتم طرح أي مطلب من قبل الخاطفين، ولم يتم العثور على جثثهم الا بعد عدة سنوات.

ويشير الكاتب الى تحميل المسؤولية للسلطة الفلسطينية، ويقول: لا شك بأن ابو مازن لم يعرف عن العملية، ومن المشكوك فيه انها تسبب له الارتياح رغم مظاهر الفرح التي سادت الشارع الفلسطيني يوم السبت. ومن الواضح ان ابو مازن يخشى بأن تكون حماس، شريكته في الحكومة، متورطة في عملية الاختطاف، الأمر الذي سيزيد من الضغط الإسرائيلي على السلطة وتذويب جزء من الدعم الدولي الذي حظي به في الأسابيع الأخيرة.

لقد اعربت إسرائيل امس عن احباطها الواضح ازاء عدم اظهار العالم المنشغل في المونديال واحداث العراق، لأي اعتناء بالقضية، ورغم ذلك فانه سيتم توجيه السفارات كي تسلط الأضواء على الارهاب الذي يخرج من مناطق السلطة ويوجه ضد المدنيين، وفي هذه الحالة ضد فتية ابرياء. لكنه من المشكوك فيه ان ذلك سيساعد إسرائيل، فالغرب اللامبالي ازاء اختطاف 300 فتاة في نيجيريا، سيستصعب التأثر من اختطاف ثلاثة طلاب مدرسة دينية في إسرائيل. وفي هذه الأثناء، يتواصل التنسيق مع السلطة الفلسطينية خاصة لمنع حدوث خرق للنظام الجماعي. ورغم رغبة الفلسطينيين المعلنة بالتعاون في التحقيق، الا ان إسرائيل تعمل بشكل مستقل من اجل انهاء القضية، حيث يتم حاليا التركيز على الجهد الاستخباري للكشف عن الخاطفين والمخطوفين.

 

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً