أضواء على الصحافة الاسرائيلية 23 حزيران 2015

shello
shello 2015/06/23
Updated 2015/06/23 at 9:45 صباحًا

بعد رفضها التعاون مع لجنة التحقيق الدولية:
إسرائيل تتهم مجلس حقوق الإنسان بالانحياز وتقرر الرد على التقرير “كي تمنع الفلسطينيين من استخدامه في المحكمة الدولية”!!
شنت إسرائيل بيمينها ويسارها وجهازيها السياسي والعسكري، هجوما على الأمم المتحدة عامة، ومجلس حقوق الانسان، خاصة، على خلفية التقرير الذي اصدرته لجنة التحقيق الدولية حول حرب “الجرف الصامد” على غزة خلال الصيف الماضي. وفي وقت رفضت فيه إسرائيل التعاون مع لجنة التحقيق، او حتى السماح لها بالوصول الى اسرائيل وغزة لجمع افادات وادلة حية، تباكى قادة إسرائيل طوال يوم امس، زاعمين ان التقرير منحاز، وان مجلس حقوق الإنسان يعاني من “هوس اسرائيل”. لا بل اعلنت مصادر حكومية ان اسرائيل قررت الرد على التقرير في محاولة منها لمنع السلطة الفلسطينية من استغلال معطياته في اطار مطالبتها لمحكمة الجنايات الدولية بفتح تحقيق بجرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية التي ارتكبتها اسرائيل بحق الشعب الفلسطيني.
وكتبت “يسرائيل هيوم” (بوق حكومة نتنياهو) ان إسرائيل تنوي في ردها “التوضيح لمجلس حقوق الانسان بانها تفحص نفسها بشأن الملاحظات التي تقلق المجتمع الدولي. وعلى سبيل المثال، ستفحص وترد على مسألة تفعيل “نظام هانيبال” – (القصف الناري المكثف في يوم الجمعة الاسود في رفح، بعد اختطاف جندي، والذي ذهب ضحيته اكثر من 100 فلسطيني). كما ستفحص اسرائيل اصابة بيوت النشطاء (هكذا تسمي الصحيفة منازل المدنيين التي تم تدميرها على رؤوس اصحابها) التي قتل فيها مدنيون خلال العملية.
وتقول الصحيفة ان قرار رئيس الحكومة تقديم رد على التقرير الى اللجنة، يأتي في محاولة لمنع الفلسطينيين من تقديم التقرير الى محكمة الجنايات في لاهاي، كدليل يبرر فتح تحقيق ضد إسرائيل. وتشير الى ان “فحص شكاوى الفلسطينيين الى محكمة الجنايات الدولية يتواجد الآن في مرحلة “الفحص التمهيدي”. وان إسرائيل تتخوف من استغلال تقرير اللجنة الدولية للانتقال من “الفحص التمهيدي” الى التحقيق الفعلي ضدها”.
وحسب تقديرات القيادة السياسية والجهاز الامني، فان التقرير الحالي “لا يوفر مواد كافية لفتح التحقيق وانه يمكن وقف التدابير الفلسطينية في المرحلة التي ستناقش فيها محكمة لاهاي ما اذا كانت ستنظر في الموضوع حين يجري الحديث عن دولة تعرف كيف تحقق مع نفسها”!
وبرأي الصحيفة فانه “حسب معاهدة روما، التي تعمل المحكمة وفقا لها، اذا كانت الدولة المتهمة تدير جهاز مراقبة وفحص ذاتي، فانه لا يجب اجراء مداولات في محكمة لاهاي”.
وقالت الجهات السياسية والامنية امس ان التقرير الدولي اشكالي، ولكنه لا يقدم للفلسطينيين ما توقعوه كي يصلوا الى لاهاي. اذ لا يحدد بشكل مطلق حدوث جرائم حرب. كما انه لا يتضمن أي تصريح بأن الجهاز القضائي في إسرائيل لا يؤدي مهامه ولا توجد نية لدى اسرائيل لفحص الامور.
وتريد اسرائيل التوضيح “بأنها دولة يمكنها التحقيق والفحص بجدية وبمصداقية الادعاءات بشأن خرق قوانين الحرب، اذا تم طرح ادعاءات كهذه في التقرير”، حسب قول الصحيفة.
التقرير يلمح: “مسؤولون في الحكومة يتحملون المسؤولية عن سياسة قادت لارتكاب جرائم حرب”
وكتبت “هآرتس” في استعراض موسع للتقرير وردود الفعل الاسرائيلية والفلسطينية، ان لجنة التحقيق حددت في تقريرها ان في حوزتها معلومات تشير الى قيام إسرائيل وحركة حماس بارتكاب جرائم حرب خلال صيف 2014. ويلمح التقرير الى امكانية تحميل مسؤولين قياديين في الحكومة الاسرائيلية المسؤولية عن السياسة التي قادت الى ارتكاب جرائم الحرب.
وقالت رئيسة اللجنة القاضية الامريكية مكغوين ديفيس، ان “حجم الدمار في غزة غير مسبوق وسيؤثر على أجيال كثيرة قادمة، كما يسود التخوف الدائم في البلدات الاسرائيلية التي تتعرض الى التهديد المتواصل”.
واشارت اللجنة في تقريرها الى رفض اسرائيل التعاون مع التحقيق رغم التوجهات الكثيرة اليها، بل امتنعت عن تزويد اللجنة بمعلومات او السماح لاعضائها بالوصول الى اسرائيل وقطاع غزة لجمع أدلة. وكتب في التقرير ان اللجنة اضطرت الى اجراء لقاءات مع شهود العيان بواسطة المحادثات الهاتفية او برامج الحاسوب “سكيب” و”فيديو كونفرانس”، وكذلك من خلال اللقاءات الشخصية خلال زيارتين الى العاصمة الأردنية عمان، واعتمادا على الاستجوابات التي جرت في مقر الأمم المتحدة في جنيف. وبلغ مجموع اللقاءات التي اجرتها اللجنة 280 لقاء. كما تلقت 500 تصريح خطي من شهود عيان.
واوصت رئيسة اللجنة القاضية ديفيس، المجتمع الدولي باتخاذ تدابير في اعقاب نتائج التحقيق، وفي مقدمتها دعم التحقيق في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي حول كل ما يتعلق بالأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وحددت اللجنة ان 1462 مدنيا فلسطينيا قتلوا خلال الحرب بنيران الجيش الاسرائيلي، وكان ثلثهم من الاطفال. وحددت ان حماس اطلقت على اسرائيل اكثر من 4800 صاروخ واكثر من 1700 قذيفة هاون، اسفرت عن قتل 6 مدنيين واصابة 1600 شخص.
واشارت اللجنة الى ان مئات المدنيين الفلسطينيين ومن بينهم نساء واطفال قتلوا داخل بيوتهم التي تم قصفها من الجو. وفقدت 142 عائلة فلسطينية ثلاثة من ابنائها او اكثر جراء القصف الجوي للمباني الاسكانية المدنية. وحسب اللجنة فان عمليات قصف المنازل اسفرت عن قتل 742 مدنيا فلسطينيا. وقالت “ان حقيقة عدم قيام إسرائيل بتغيير طابع هجماتها حتى بعد اتضاح نتائجها الخطيرة على المدنيين، تثير السؤال حول ما اذا كان المقصود سياسة اوسع صودق عليها من قبل الجهات العليا في الحكومة”.
واعرب اعضاء اللجنة عن قلقهم ازاء استخدام اسرائيل لوسائل قتالية ذات مجال اصابة واسع. وحددت انه ليس المقصود اسلحة غير قانونية ولكن استخدامها في المناطق المكتظة يؤدي الى اعمال قتل لا تميز بين المحاربين والمدنيين. وتطرقت اللجنة الى التحذيرات التي وجهها الجيش الى سكان الاحياء في غزة قبل هجمات سلاح الجو للمباني، وادعت ان إسرائيل تعاملت بعد هذه التحذيرات مع كل انسان بقي في المنطقة كضالع في الحرب. وحددت اللجنة ان هذه السياسة ادت الى ارتفاع الاصابات بين المدنيين.
“لم يثبت ان الانفاق استهدفت المدنيين”
من جهتها تهاجم صحيفة “يديعوت احرونوت” التقرير، وتصفه بتقرير “النفاق”، وتكتب انه رغم حقيقة كون التقرير جاء متوازنا اكثر من المتوقع(!)، الا ان مصادر في القدس ادعت ان مجلس حقوق الإنسان يعاني من “هاجس اسرائيلي” وان تقريره “مليء بالجهل وعدم الفهم”، وينطوي على “مقولات غامضة يرافقها فشل اخلاقي اساسي”. وتدعي الصحيفة ان اعضاء اللجنة “اخطأوا في ادعاءات تثير الخلاف ان لم نقل تثير الاحراج”. وتقتبس الصحيفة بعض المقاطع من التقرير التي تستغلها لمهاجمة طريقة عمل لجنة التحقيق وما توصلت اليه. وتكتب انه “في الباب الذي تم تخصيصه للانفاق، تكتب اللجنة انه لم يكن بامكانها تحديد نوايا التنظيمات الفلسطينية بشأن بناء واستخدام الانفاق. واشار اعضاء اللجنة الى انه خلال الفترة التي جرى التحقيق فيها استخدمت الانفاق فقط للهجوم على مواقع الجيش القريبة من الحدود والتي تعتبر اهداف عسكرية مشروعة”. ويقتبس التقرير تصريحا لاحد سكان غلاف غزة الذي قدم افادته الى اللجنة، جاء فيه: “نحن نسمع ان هدف الانفاق هو في الاساس اصابة الجنود، لكن هذا لا يمنع خوف السكان”. لكن اللجنة نفسها لم تعرف الانفاق كجريمة حرب ولم تستبعد بتاتا امكانية انها لا تستهدف المدنيين.
وفي موقع اخر تشير اللجنة الى ان التنظيمات الارهابية استخدمت السكان “كدرع بشري”، لكنها اختارت تخصيص القسم الرئيسي في الموضوع لإسرائيل بالذات، حيث كتبت: “في 23 تموز فصل جنود الجيش الفتى احمد ابو رضا (17 عاما) عن عائلته التي حاولت الهرب من منطقة الحرب”. وحسب التقرير فقد “تم احتجازه خلال خمسة ايام، وحسب اقوال ابيه فقد اجبر على تنفيذ مهام خطيرة، كفتح الابواب وفحص الغرف واضاءة واطفاء النور، كي يتم فحص ما اذا توجد مواد ناسفة. كما انه فتح الثلاجات امام الجنود للغرض نفسه”. وحسب اللجنة فقد “طولب الفتى ايضا بالبحث عن انفاق في اقبية المنازل”.
وتتهم اللجنة اسرائيل بإطلاق النار على سيارات الاسعاف التي حضرت لإنقاذ الجرحى، رغم انها كانت تحمل اشارات طبية. وردا على الادعاء الاسرائيلي بأن المخربين استخدموا سيارات الاسعاف للعمل الارهابي قالت اللجنة انها “تسجل امامها الملاحظة العامة للجيش الاسرائيلي التي تقول ان المسلحين استخدموا سيارات الإسعاف. ولكن بما انه لم يتم تقديم ادلة على ذلك فان اللجنة لا تستطيع التأكد من هذه الادعاءات”.
وحسب “يديعوت” فانه في بند اشكالي آخر في التقرير كتب ان “مجموعة فلسطينية مسلحة نشرت بيانا اعلنت فيه نيتها اصابة مدنيين إسرائيليين ومراكز اسكانية في إسرائيل. وفي عدة حالات حاولت مجموعات فلسطينية مسلحة في غزة ، حسب التقارير، تحذير الاسرائيليين من هجمات قريبة. مثلا في 20 آب حذرت كتائب عز الدين القسام السكان المقيمين على مقربة من الحدود من العودة الى منازلهم”. وادعت اللجنة ان “بعض المجموعات الفلسطينية المسلحة بذلت جهودا لتوجيه النيران، خاصة القذائف، نحو اهداف عسكرية”، ولكن حتى اعضاء اللجنة يعترفون بأنه “في حالات اخرى تم توجيه النيران الى بلدات قرب غزة. وتم تنفيذ غالبية هجمات المسلحين الفلسطينيين بواسطة قذائف بدون منظومة توجيه، ما منع قدرتهم على توجيهها نحو اهداف عسكرية عينية. وتم اطلاق الكثير من الصواريخ على مدن رئيسية، وسقط احدها قرب مطار بن غوريون”.
وفقا للصحيفة، “لم تتأثر اللجنة من ادعاء تنظيمات الارهاب بأن اسلحتها قديمة نسبة الى الاسلحة الإسرائيلية واقل ذكاء، ولذلك يصعب تصويبها”، واشارت الى ان استخدام الصواريخ من قبل المجموعات الفلسطينية المسلحة وكل عمليات القصف ضد المدنيين تخرق القانون الانساني الدولي ويمكنها ان تنتهي بجرائم حرب”.
ولم يكتب التقرير ان اختطاف الفتية الإسرائيليين الثلاثة (واطلاق الصواريخ من غزة) كان الحدث الذي قاد الى عملية الجرف الصامد. واختارت اللجنة الاشارة الى رابط آخر، كالتالي: “اعمال العداء اندلعت بسبب الاحتلال المتواصل للضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية وقطاع غزة، وازدياد اطلاق الصواريخ على إسرائيل. الحصار على غزة الذي وصفه الامين العام للامم المتحدة بانه “عقاب جماعي متواصل ضد الجمهور المدني في غزة، خنق الاقتصاد في غزة وقيد حقوق الفلسطينيين”.
“قدمنا الماء للكلاب فكيف يدعون اننا ارتكبنا جرائم حرب”
وفي تقرير تنشره “يديعوت احرونوت” لكي “تثبت” عدم ارتكاب اسرائيل لجرائم حرب، نشرت تصريحات لجنود خدموا في غزة، تبعث على السخرية حقا، حين تعتمدها الصحيفة لاثبات انسانية الجيش الاسرائيلي.
فقد كتبت ان “موشيه المحارب في لواء جولاني لم يفاجأ بتقرير الامم المتحدة حول الجرف الصامد، وخاب امله بشكل خاص من استنتاجاته، وقال: “يقولون عنا اننا مجرمو حرب؟”. “هذا امر عبثي تماما”. وتضيف “يديعوت”: “لقد دخل موشيه ورفاقه الى البيوت في اطراف غزة للتأكد من عدم وجود مخربين فيها. ويقول: “في احد البيوت وجدنا كلاب. كان الطقس حار جدا، في منتصف الصيف، اخذنا وعاء وجدناه هناك واحضرنا لهم الماء. فكيف يقولون اننا لسنا انسانيين”؟
اما الملازم اول (احتياط) يونتان، الذي اجرى تفتيشا في البيوت في خربة خزاعة، فيشعر بالغضب على لجنة الفحص. ويقول: “لم نستخدم بتاتا المدنيين كدروع بشرية. بل اتخذنا كل الاحتياطات وحافظنا طوال الوقت على كرامة البشر. وفي احد البيوت، وعلى الرغم من اشتباهنا بأن احد المسنين في البيت ينام على فتحة نفق، طلبنا منه اخلاء المنزل بشكل محترم وبدون قوة”!
نتنياهو على عادته: يبرر جرائم اسرائيل باتهام الامم المتحدة بعدم شجب سوريا وايران!
رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو كرر في تعقيبه على تقرير الامم المتحدة، اللجوء الى اسطوانته الممجوجة: تبرير جرائم اسرائيل باتهام المجتمع الدولي بعدم شجب سوريا وايران!. وتكتب “هآرتس” في هذا الصدد ان نتنياهو عقب في بيان رسمي على تقرير اللجنة الدولية مدعيا انه “تقرير منحاز”. واضاف انه “تم تعيين اللجنة من قبل مجلس يسمي نفسه مجلس حقوق انسان، لكنه يقوم في الواقع بكل شيء باستثناء الاهتمام بحوق الانسان ويشجب اسرائيل اكثر من سوريا وكوريا الشمالية وايران معا”!
وقال نتنياهو خلال جلسة لكتلة الليكود ان المجلس “عين شخصا يمتهن التحريض على اسرائيل” وان اللجنة “بدأت التحقيق في الاحداث منذ اليوم التالي لاختطاف الفتية الثلاثة وهذا ليس صدفة. وعلى اساس هذه المعطيات يجب التعامل مع نتائج التحقيق”.
وحسب نتنياهو فان “اسرائيل لا ترتكب جرائم حرب وانما تحمي نفسها في مواجهة تنظيم ارهابي يدعو الى تدميرها. نحن لن نجلس ولم نجلس مكتوفي الايدي، وسنواصل العمل بكل قوة وباصرار ضد كل من يحاول المس بنا وبمواطنينا وسنفعل ذلك على اساس القانون الدولي”.
وادعت وزارة الخارجية الاسرائيلية في تعقيبها ان “قرار تشكيل اللجنة وكتابة التقرير تم منذ البداية بدوافع سياسية مرفوضة”. واضاف الناطق بلسان الوزارة عمانوئيل نحشون “ان من قرر كتابة التقرير هي مؤسسة سيئة السمعة في انحيازها، ومنحت اللجنة تفويضا منحازا”. وحسب ادعاء نحشون فان “لدى مجلس حقوق الانسان الدولي هاجس بشأن اسرائيل واتخذ قرارات ضد إسرائيل اكثر مما ضد سوريا وايران وكوريا الشمالية معا، وافترض تفويض اللجنة منذ البداية ان إسرائيل مذنبة”.
وادعى نحشون ان لجنة التحقيق لم تملك الأدوات والخبرة المطلوبة لاجراء تحقيق مهني للاحداث التي وقعت كجزء من مواجهة عسكرية. وحسب رأيه فان “إسرائيل ستتعامل مع التقرير على ضوء هذه الاخفاقات الأساسية وستشجع كل المراقبين المستقيمين على عمل ذلك”.
وحسب ادعائه فقد “عمل الجيش في غزة من اجل الدفاع عن مواطني اسرائيل امام الهجمات الارهابية، بينما نفذت فصائل الارهاب الفلسطينية جرائم حرب مزدوجة – اطلاق النار على مدنيين والاختباء بين مدنيين تم استخدامهم كدرع بشري”. كما زعم “ان الجيش عمل وفق المعايير الدولية المتشددة، وستواصل اسرائيل الالتزام بالقانون الدولي رغم التكتيك الوحشي لاعدائها. وستواصل التحقيق بالمخالفات، ظاهرا، بما يتفق مع المعايير الدولية وستتعاون مع الجهات الدولية التي تعمل بشكل موضوعي، مهني وعادل”.
وقال وزير الأمن موشيه يعلون ان “التقرير الذي اصدره مجلس حقوق الإنسان المنحاز والمنافق في حد ذاته، مشوه وهدفه الوحيد هو تشويه صورة اسرائيل وصب الزيت على نار نزع شرعيتها”. وادعى يعلون ان إسرائيل “بذلت كل المستطاع من اجل الامتناع عن المس بالمدنيين، لكن حماس هي التي نصبت راجمات الصواريخ بين الجمهور المدني”.
وحسب رأيه فان “محاولة المساواة بين اسرائيل وحماس او عرض اسرائيل كمرتكبة لجرائم حرب هو مسألة قذرة ولن نتحمل محاولة تشويه صورة جنود وقادة الجيش الذين يعملون في واقع معقد لكنهم يحرصون على الحفاظ على قيم الاخلاق. وحيث وجدنا انه يجب اجراء فحص عسكري او جنائي فعلنا ذلك بلا تردد وبمبادرتنا، بل قدمنا الى القضاء من خالف القانون”.
من جهته وصف وزير التعليم نفتالي بينت التقرير بأنه “تقرير ملطخ بالدماء”. وكتب على صفحته في الفيسبوك “اننا نشهد قمة جديدة من الانحطاط الذي وصلت اليه الامم المتحدة. في تحقيق الامم المتحدة لا توجد اهمية للأجوبة، بل المهم هي الأسئلة، وحين تغمس الاسئلة بالنفاق وتتجاهل دماء اليهود كما لو انها كانت حبرا غير مرئي فان الاجوبة لا تغير شيئا، لأن من قرر التحقيق يقرر كيف ستكون نتائجه”. وانهى بينت ما كتبه بعبارة “Shame on you”.
وقال رئيس “يسرائيل بيتينو” افيغدور ليبرمان ان “اسرائيل لا ترتكب جرائم حرب. مجلس حقوق الإنسان واللجان المنحازة هي التي ترتكب دائما جرائم ضد الانسانية عندما تعيد كتابة التاريخ وتشوه الواقع الذي تخوض فيه دولة الحرب دفاعا عن اولادها الذين يتعرضون الى الهجمات بالصواريخ من قبل تنظيم ارهابي يعمل من داخل مجمعات الاطفال”.
واعتبرت عضو الكنيست تسيبي ليفني (المعسكر الصهيوني) ان التقرير “ولد بالخطيئة” من قبل لجنة تهاجم اسرائيل بشكل منهجي ومنظم. وقالت: “لن نتقبل مقارنة بين ارهابيين وجنود الجيش. لن نوافق على ان يتحدثوا عن جنود الجيش وعن الارهابيين بنفس الروح وهذا تمييز مهم لكل دولة تحارب الارهاب. جنود الجيش يحاربون الارهاب حتى اذا ادى الامر احيانا الى اصابة المدنيين”.
وتدعي ليفني انه “يمنع على العالم التحقيق مع جنود الجيش” فاسرائيل “هي ديموقراطية تفحص نفسها من خلال جهاز قضائي قوي، وعلى العالم احترام ما نفعله بأنفسنا وليس ملاحقة اسرائيل سواء بواسطة لجنة دولية او المحكمة الدولية في لاهاي”.
مهاجمة الجمعيات اليسارية التي اعتمدت اللجنة تقاريرها
وكتب “يسرائيل هيوم” ان حركة “ام ترتسو” تدعي ان تنظيمات اسرائيلية كثيرة، من بينها “عدالة” و”بتسيلم” و”يكسرون الصمت” و”يش دين” وغيرها، تقف وراء الافادات والوثائق الكثيرة التي تم تقديمها الى لجنة التحقيق الدولية وعلى اساسها حددت اللجنة استنتاجاتها في التقرير الذي نشرته امس. وتؤكد “ام ترتسو” ان تقرير الامم المتحدة يتضمن 87 اشارة الى تقارير “بتسيلم”، و8 اشارات الى مركز “عدالة”، و14 الى “يكسرون الصمت”، و12 الى “مركز موكيد” و7 الى “يش دين”. وهناك تنظيمات اخرى.
وكانت “ام ترتسو” قد ادعت بعد نشر تقرير لجنة غولدستون حول عملية “الرصاص المصبوب” في 2009، ان 92% من الافادات التي قدمتها تنظيمات اسرائيلية الى اللجنة كانت تنظيمات تحظى بدعم “صندوق اسرائيل الجديد”.
بالاضافة الى ذلك قام معهد الابحاث NGO ,Monitor الذي يتعقب التنظيمات غير الحكومية وتأثيرها على المؤسسات الدولية، بفحص التقرير الجديد ووجد انه على الرغم من كون التقرير اكثر اعتدالا من سابقه، الا انه لا تزال تنقصه الخبرة العسكرية المطلوبة، وان تأثير التنظيمات السياسية على التقرير كان كبيرا، دون ان تتمكن اللجنة من التأكد من حقيقة الامور.
ويدعي التنظيم ان استخدام الاتهامات التي طرحتها تنظيمات مثل امنستي وبتسيلم واطباء لحقوق الإنسان ويكسرون الصمت، تترك وصمة سوداء على عمل لجنة التحقيق الدولية. وتدعي المستشارة القضائية لمعهد NGO Monitor، ان هذا التقرير كان سيكون مختلفا بشكل مطلق لولا الاتهامات “الكاذبة” والتي لا يمكن التأكد منها التي قدمتها التنظيمات غير الحكومية!
الفلسطينيون: “سندرس التقرير باحترام ووعي”
واضافت “هآرتس” انه في الجانب الفلسطيني جاءت التعقيبات على التقرير متباينة. فقد قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات ان القيادة الفلسطينية تسلمت التقرير وسوف تدرس استنتاجاته باحترام وبوعي من خلال الالتزام والتقدير للقانون الدولي وللمسؤولين عنه”. وحسب اقواله “على المجتمع الدولي ان يتذكر بأن الطريق الوحيدة والصحيحة للتوصل الى سلام هي انهاء الاحتلال الاسرائيلي ووقف الجرائم التي تنفذها إسرائيل يوميا ضد الشعب الفلسطيني”.
وجاء في بيان رسمي لحركة حماس ان التقرير يوجه “تهمة واضحة الى الاحتلال تحتم تقديم قادته الى المحكمة الدولية في لاهاي على ما ارتكبوه من جرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني”. ودعت حماس الى “انهاء الاحتلال والعدوان والحصار الذي تفرضه اسرائيل على الشعب الفلسطيني خاصة في غزة”.
وعلى الرغم من أن حماس لم تتطرق رسميا الى الادعاءات التي وجهها التقرير اليها، والى “كون الفلسطينيين ارتكبوا جرائم حرب”، الا ان المسؤول الكبير في الحركة غازي حمد، اختار انتقاد النتائج التي توصل إليها مجلس حقوق الإنسان. وقال: “لقد ارتكبت الأمم المتحدة خطأ كبيرا عندما ساوت بين الضحايا والقتلة. في حرب غزة قتل أكثر من 2200 فلسطيني، أكثر من 90٪ منهم من المدنيين، في حين قتل في اسرائيل خمسة مدنيين.” وحسب اقواله فان “حقيقة المقارنة الشاملة هي خطأ أساسي، لأنه لا يمكن مقارنة ما ارتكبته إسرائيل خلال الحرب، وقبلها وبين حماس التي تحاول حماية المدنيين العزل”.
المحاكم العسكرية تصادق بلا تردد على طلبات الاعتقال حتى انتهاء الاجراءات
كتب موقع “واللا” انه على الرغم من كون المحاكم داخل اسرائيل لا تكثر من المصادقة على طلبات الاعتقال حتى انتهاء الاجراءات بحق المشبوهين، الا ان هذا النهج، يتبع بشكل كبير في المحاكم العسكرية. ويستدل من تقريره نشرته منظمة “بتسيلم” امس الاثنين، ان المحاكم العسكرية توافق على هذا الاجراء في 90% من الملفات المقدمة اليها. ويشير التقرير الى الفجوة الكبيرة بين سياسة النيابة العسكرية وقرارات المحاكم العسكرية، من جهة، وبين الواقع القائم في المحاكم المدنية داخل اسرائيل، سواء من حيث عدد الحالات التي تطلب فيها النيابة اصدار اوامر بالاعتقال حتى انتهاء الاجراءات او من حيث نسبة الحالات التي تصادق فيها المحاكم على الطلبات.
وحسب المعطيات التي يطرحها التقرير، فقد صودق في محاكم الصلح داخل اسرائيل في عام 2012 على نصف طلبات الاعتقال حتى انتهاء الاجراءات، بينما ارتفعت النسبة الى الثلثين في المحاكم المركزية. لكن الامر يختلف تماما في المحاكم العسكرية حيث يتبين ان النيابة العسكرية تطالب بفرض هذا الاجراء في 90% من الملفات التي تقدمها، باستثناء مخالفات السير، ويتم التصديق عليها من قبل المحاكم. وحسب معطيات التقرير فان هذا السلوك يقود في كثير من الحالات الى موافقة المعتقلين على صفقات ادعاء، رغبة منهم بالتحرر من السجن وانهاء الاجراءات.
ومن بين 642 قضية تم تقديمها ضد قاصرين بين سنوات 2010-2005، تم في خمسة منها فقط انهاء الاجراءات القضائية الكاملة في المحكمة، بينما اعترف المتهمون في 13 ملف بالتهم المنسوبة إليهم، وتم في جميع الحالات الأخرى انهاء الإجراء بصفقة ادعاء.
دروز يهاجمون سيارتي اسعاف تابعتين للجيش الاسرائيلي ويقتلون جريحا سوريا
كتبت صحيفة “هآرتس” ان حالة التوتر بين الطائفة الدرزية والدولة تصاعدت على خلفية وضع الدروز في قرية الخضر في الجانب السوري من الهضبة، ووصلت امس الى حالة شديدة. فقد هاجم سكان دروز مرتين سيارتي اسعاف تابعتين للجيش الاسرائيلي كانتا تنقلان مصابين من سوريا للعلاج في اسرائيل. وادعى السكان ان اسرائيل تساعد بذلك المتمردين في سوريا.
وفي احدى الحالتين، الخطيرة، بشكل خاص، والتي وقعت مساء امس بالقرب من بلدة مجدل شمس في هضبة الجولان، حاصر المشاغبون سيارة الإسعاف التي نقلت جريحين من سوريا، وقاموا بإخراجهما والتنكيل بهما، ما ادى الى مقتل احدهما، فيما اصيب الثاني بجراح يائسة. كما اصيب جنديان تواجدا داخل سيارة الاسعاف.
ويأتي ذلك على خلفية محاصرة المتمردين لقرية الخضر الدرزية ومطالبة الدروز في إسرائيل للحكومة بالتدخل لانقاذ سكان القرية الدروز. وخلال محادثات اجراها رئيس الحكومة وقادة الجيش مع قيادة الطائفة في اسرائيل تم وعدهم بعدم اهمال سكان الخضر، لكنه قيل لهم ان السكان لا يواجهون حاليا أي خطر يحتم التدخل العسكري الاسرائيلي.
ورغم ذلك، فان المخاوف في اوساط الدروز في اسرائيل والجولان تتزايد. وطالب نشطاء دروز بوقف معالجة الجرحي من سوريا بادعاء ان غالبية الذين يتم علاجهم هم من المتمردين ومن رجال جبهة النصرة المتماثلة مع القاعدة. بل هدد عدد من ضباط الاحتياط الدروز بالدخول بشكل مستقل الى منطقة الخضر لمساعدة الدروز هناك.
وصباح امس، هاجم سكان من قرية حرفيش سيارة اسعاف عسكرية نقلت جرحى من سوريا، ورشقوها بالحجارة، وعندما افلتت سيارة الاسعاف من الحصار الذي فرضوه عليها، لاحقتها سيارات مدنية. واصيب احد سائقي سيارة الإسعاف بعد مطاردته من قبل الدروز، وتم نقله لتلقي العلاج في مستشفى نهاريا. وقد لجأت سيارة الإسعاف الى محطة الشرطة في معالوت، التي فتحت على الفور تحقيقا بالتعاون مع الشرطة العسكرية.
وقرابة الساعة العاشرة ليلا وقع الحادث الثاني حين هاجم حشد من دروز الهضبة سيارة الإسعاف الثانية وقتلوا احد الجرحى. وقد هرب الجنود الذين رافقوا سيارة الاسعاف من المكان الى مستوطنة “نفيه اطيب”، ولم يقوموا باستخدام النيران لتفريق المشاغبين. وقال ضابط رفيع في الجيش انه على علم بان المهاجمين ضربوا الجريحين وان الجيش ينظر بخطورة بالغة الى الحادث وسيقوم باجراء تحقيق لفحص ما اذا كان من الممكن منع الهجوم والدفاع بصورة افضل عن الجرحى والجنود.
ونفى الضابط بشدة الادعاء بأن إسرائيل تعالج جرحى جبهة النصرة، وادعى انها “شائعات لا اساس لها من الصحة”. وينوي الجيش فحص طرق اخلاء الجرحى من سوريا واجراء محادثات مع قادة الطائفة الدرزية لمنع تصعيد قد يجر إسرائيل الى التدخل في الحرب الاهلية في سوريا.
وشجب الزعيم الروحي للطائفة الدرزية، الشيخ موفق طريف الاعتداء على سيارتي الإسعاف ودعا الشبان الى عدم الانجرار وراء الشائعات والاستفزاز خاصة في مثل هذه الايام الحساسة التي يمكن ان تلحق ضررا بابناء الطائفة في سوريا. وطالب طريف السلطات بالسماح لابناء الطائفة بالاحتجاج طالما كان في اطار القانون والمعايير المتعارف عليها، خاصة في ضوء التخوف والغضب الكبير ازاء ما يحدث وراء الحدود.
وقال سكان من حرفيش امس ان مطاردة سيارة الإسعاف كانت بهدف الاستفزاز وانه يجب الفحص داخل الجيش لمعرفة من سرب الخبر بشأن نقل مصابين في سيارة الاسعاف العسكرية للناس الذين طاردوها. وشجب ضباط سابقون من سكان القرية الحادث واعتبروه “منافيا لاخلاقنا”، كما قال العقيد احتياط مفيد مرعي.
ويثير القلق على دروز سوريا غضبا في اوساط الجنود الدروز ايضا. وقال (ع) الضابط المرابط في الجولان انه “اذا واصلت اسرائيل تقديم العلاج لجرحى المتمردين يجب على الدروز خلع الملابس العسكرية”. مع ذلك قال ان “الجنود الدروز يخلصون اولا للجيش الاسرائيلي واذا ما حدث شيء في سوريا فسنحارب حتى الدروز هناك”. واعرب عن غضبة لاضطرار الجنود الدروز في الجيش الاسرائيلي الى المشاركة باخلاء جرحى تنظيمات المتمردين.
وقال المقدم احتياط ياسر خطيب من بيت جن انه يعرف الجيش جيدا وان ما يحدث الان هو “ليس طهارة السلاح”، واضاف انه لو كان لا يزال في الخدمة لرفض الانصياع الى اوامر اخلاء جرحى المتمردين، لا بل كان سيتأكد من موتهم. وحسب قوله فان جميع الدروز كانوا سيفعلون ذلك. واضاف: “انا جزء من هذه الدولة وسأواصل دعم الدولة ولكن اذا هدفت السياسة الى المس بالدروز فسيتغير التوجه”.
استئناف المفاوضات الاسرائيلية – التركية سرا
كتبت صحيفة “هآرتس” انه بعد توقف دام اكثر من سنة، استأنفت اسرائيل وتركيا سرا الاتصالات بينهما بهدف التوصل الى اتفاق مصالحة. وقال مسؤول اسرائيلي رفيع ان المدير العام لوزارة الخارجية دوري غولد، سافر سرا الى روما، والتقى امس الاثنين، نظيره التركي فريدون سينرللو، المسؤول عن الملف الاسرائيلي في الحكومة التركية، والذي ادار المفاوضات لإنهاء الازمة بين البلدين.
ولم يبلغ غولد مستشار الأمن القومي يوسي كوهين بشأن سفره الى روما، ولا حتى مبعوث رئيس الحكومة الخاص للموضوع التركي، يوسف تشاحنوبر الذي يدير الاتصالات مع تركيا منذ خمس سنوات، ويواصل الحفاظ على اتصال مع سينرللو. وعلم كوهين وتشاحنوبر بسفر غولد صدفة علما انهما قاما بصياغة مسودة الاتفاق بين الدولتين في شباط 2014. ورفض الناطق بلسان وزارة الخارجية التطرق الى الموضوع.
يشار الى ان الرئيس الامريكي كان قد بادر في اذار 2013، خلال زيارته الى اسرائيل، الى اجراء محادثة هاتفية بين اردوغان ونتنياهو، اعتذر الاخير خلالها عن قتل المدنيين الاتراك على متن اسطول مرمرة الذي كان متجها الى غزة واعترضته البحرية الاسرائيلية. وادت الازمة في حينه الى طرد السفير الاسرائيلي من تركيا في ايلول 2011. وفي اعقاب تلك المحادثة بدأت مفاوضات بين البلدين لإنهاء الازمة لكنها وصلت الى باب موصود. وفي كانون الاول 2013 استؤنفت الاتصالات وسافر الوفد الاسرائيلي المفاوض الى اسطنبول ومن ثم حضر الوفد التركي الى القدس. وتم التفاوض والاتفاق على طريقة دفع إسرائيل للتعويضات لتركيا، واعدت الاتفاقية في شباط 2014، لكنه تواصل الخلاف حول حجم التعويضات. وقرر نتنياهو تعليق الاتفاق وعدم التصديق عليه. وفي حينه تدخل الرئيس الامريكي لدى اردوغان كي يوافق على حجم التعويض المقترح من قبل اسرائيل. وقالت مصادر مطلعة ان اردوغان وافق وكان مستعدا لتوقيع الاتفاق لكن نتنياهو واصل رفض توقيعه.
العليا تمهل اسرائيل 90 يوما لتبرير امتناعها عن هدم جزء من بؤرة استيطانية
كتبت “هآرتس” ان المحكمة العليا، اصدرت امس، امرا احترازيا يمهل الدولة 90 يوما لتوضيح سبب عدم قيامها بهدم 17 منزلا في بؤرة “نتيف هأبوت” في غوش عتصيون، والتي بنيت على اراض بملكية فلسطينية خاصة. ومن بين هذه البيوت بيت المدير العام لجمعية “امناه” الاستيطانية زئيف حفير (زامبيش) المسؤول عن بناء غالبية البؤر الاستيطانية.
وكانت هذه البؤرة قد اقيمت في 2011 في ظل القيود التي فرضها الجيش على تحركات الفلسطينيين مع اندلاع الانتفاضة الثانية. وفي 2002 قدم اصحاب الاراضي التماسا الى المحكمة العليا يطالبون فيه باسترجاع اراضيهم، لكنه تم شطب الدعوى بعد ادعاء الدولة بأنها ستفحص ملكية الاراضي. وفي 2008 تم تقديم دعوى ثانية من قبل اصحاب الأراضي وحركة سلام الآن، طالبوا من خلالها بهدم البيوت. وعادت الدولة وادعت انها ستفحص ملكية الاراضي وستهدم ما اقيم من مبان على اراض خاصة. ومرة اخرى شطب القاضي الدعوى في 2010.
وبعد اربع سنوات اعلنت الدولة بانها انهت الفحص وان بعض الاراضي تم ضمها الى الدولة. مع ذلك بقي 17 منزلا قائما على اراض فلسطينية خاصة. ولم يتم اتخاذ أي اجراء لهدم هذه البيوت. وفي تشرين الاول الماضي، تم تقديم التماس ثالث الى المحكمة يطالب بهدم البيوت. ولم تقدم الدولة أي رد بينما طلب مجلس اقليمي مستوطنات عتصيون اعادة تقسيم القسائم في البؤرة، ومنح الفلسطينيين اراض بديلة قرب البؤرة مقابل ضم الاراضي التي تقوم عليها المباني الى البؤرة. وطلبت الدولة تأجيل النقاش لمدة نصف سنة لفحص الموضوع. وهذه اول مرة تعلن فيها الدولة بشكل رسمي انها مستعدة لفحص ضم اراض فلسطينية في سبيل تشريع بيوت غير قانونية للمستوطنين!
مشروع معدل لقانون التغذية القسري للأسرى
ذكرت “هآرتس” ان نائب المستشار القضائي للحكومة المحامي ران نزري، اعلن امس، ان الدولة ستعمل على طرح مشروع معدل واقل حدة لقانون تغذية الأسرى المضربين عن الطعام قسرا، وذلك خلافا لمشروع القانون الذي صادق عليه الوزراء الأسبوع الماضي.
ويتضمن المشروع المعدل تفاهمات تم التوصل اليها مع كتلة يوجد مستقبل في الحكومة السابقة. وحسب المشروع المقترح فانه يمكن تغذية الاسير قسرا فقط اذا حدد الطبيب انه بدون ذلك يسود الخطر الجدي على حياة الأسير او التسبب له بشلل خطير لا يمكن علاجه.
وخلال مناقشة المقترح الجديد في الكنيست وجه الاطباء انتقادات الى القانون حتى في صيغته الجيدة وقالوا ان التغيير ليس جوهريا ولا توجد دائما طريقة لتشخيص النقطة التي يسود فيها الخطر الفوري. وخلال نقاش اجرته لجنة مراقبة الدولة قال المستشار القانوني لوزارة الأمن الداخلي انه يمكن للاطباء تخدير الأسرى كي يتم تغذيتهم. وحذر البروفيسور ابينوعام ريخس، الرئيس السابق لدائرة الاخلاق الطبية من هذا الاجراء وقال انه سيتم محاسبة أي طبيب يقدم على ذلك خلافا لرغبة الاسير.
المطالبة بنزع حصانة النائب غطاس على خلفية انضمامه الى اسطول الحرية
كتبت “هآرتس” و”يسرائيل هيوم” انه من المتوقع ان تناقش لجنة الكنيست اليوم، طلبا بنزع حصانة النائب باسل غطاس وتعليق عضويته في الكنيست بعد اعلان نيته المشاركة في اسطول الحرية الى غزة! وقال النئاب دافيد بيطون (ليكود) انه سيعمل على تقديم شكوى ضد غطاس الى لجنة الاخلاق البرلمانية باسم لجنة الكنيست التي يترأسها، والمطالبة بتعليق عضويته في الكنيست مع بداية رحلة الاسطول. وسيعقد بيطون الجلسة اليوم لطرح هذا الطلب.
وقال غطاس معقبا انه “لا يوجد أي اساس لطلب تعليق عضويتي وانا اقوم بواجبي كمنتخب جمهور. انا لا اخرق القانون ولا اقوم بخطوة غير شرعية”.
وفي تعقيب وزير الاستيعاب زئيف الكين قال ان “المحكمة العليا تمنح حصانة لدعم الارهاب”. مضيفا “ان النواب العرب يدعمون الارهاب ضد اسرائيل برعاية المحكمة العليا، وحقيقة قرار العليا الغاء قرار لجنة الانتخابات التي الغت باجماع واسع ترشيح حنين الزعبي للكنيست، يمنح الشرعية لنواب اخرين للعمل ضد إسرائيل والمضي على درب الزعبي”.
جرار تنكر التهم الموجهة اليها
ذكرت “هآرتس” انه بدأت في المحكمة العسكرية، امس، محاكمة عضو المجلس التشريعي الفلسطيني خالدة جرار التي اعتقلت قبل 80 يوما ووجهت اليها لائحة اتهام تتضمن 12 بندا. واعلنت جرار انها تنكر التهم الموجهة اليها، والتي تتضمن العضوية في تنظيم غير قانوني واداء مهام باسمه (الجبهة الشعبية)، والمشاركة في اجتماع تمت خلاله الدعوة الى اختطاف جنود، وزيارة معرض للكتاب نظمته الجبهة الشعبية، وغيرها من تهم تتعلق بنشاطها السياسي.
وابلغ محامي جرار المحكمة بأن موكلته تنفي كل التهم وطالب النيابة العسكرية بتقديم تصريح يؤكد وجود كل الادلة في ملف المحكمة قبل ان يقدم رده المفصل على لائحة الاتهام. واضاف المحامي محمود حسان من جمعية الضمير انه صودرت من منزل جرار ليلة اعتقالها اجهزة حاسوب وقرص مدمج، ولكنها لا تظهر كجزء من الادلة، ولذلك على الدفاع ان يعرف قبل تقديم الطعونات الاولية ما اذا كانت هذه الاجهزة ستستخدم كجزء من الادلة او انه يمكن اعادتها لصاحبتها.
وقالت ممثلة النيابة العسكرية انه بالإضافة الى المواد العلنية هناك مواد سرية سيتم استصدار امر بحمايتها قريبا. وطلب القاضي من النيابة الرد خلال اسبوع على طلب المحامي، فيما امر الدفاع بتقديم طعوناته خلال اسبوعين.
مداهمة مكاتب “فلسطين الغد” وتجميد اموال لسلام فياض
كتبت “هآرتس” ان اجهزة الأمن الفلسطينية، داهمت امس، مكاتب جمعية “فلسطين الغد” التابعة لرئيس الحكومة السابق سلام فياض. وقالت مصادر مقربة من فياض ان الدوافع كما يبدو سياسية وترجع الى المنافسة بين فياض والرئيس الفلسطيني محمود عباس. وتدعي هذه الاوسط ان عباس امر بالتحقيق ضد جمعية فياض.
ووقع النائب العام قبل عدة ايام على امر يقضي بتجميد ممتلكات واموال الجمعية التي تحظى بالدعم من اتحاد الامارات. ويوم امس تم تنفيذ الامر، وقامت اجهزة الأمن بمصادرة مستندات من الجمعية وجمدت حساباتها البنكية. ورفضت السلطة التعقيب على الامر لكن جهات في رام الله تعتقد ان هناك شبهات بادارة مالية غير قانونية في الجمعية خاصة فيما يتعلق بمصادر الدعم. وحسب جهات اخرى فان الحديث عن مرحلة اخرى من صراع القوى داخل السلطة. وقال فياض في بيان مقتضب انه ينوي التوجه الى القضاء لأنه متأكد من قانونية اموال الجمعية.
مقالات
تقرير الأمم المتحدة: التعريف الاسرائيلي “للهدف العسكري” واسع جداً.
يكتب أيال غروس في “هآرتس”، ان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو قال امس (الاثنين) ان قراءة تقرير الامم المتحدة حول عملية “الجرف الصامد” هي مضيعة للوقت. ويمكننا أن نفترض أن رده وردود الآخرين، الذين يعلنون أن التقرير منحاز ومعاد لإسرائيل، لن تعتمد في الأساس على قراءة التقرير. لكنه يظهر من قراءة أولية للتقرير انه تم بذل جهد من اجل عدم الانحياز الى جانب أي من الطرفين، وانه يفحص بجدية مزاعم ارتكاب جرائم حرب من قبل الطرفين .
فالتقرير يناقش بالتفصيل سلوك حماس ويسلط الضوء على تهديد الأمن – وعلى مشاعر الأمن – لدى الاسرائيليين جراء اطلاق الصواريخ والأنفاق، ويناقش المس المتواصل بحياة سكان الجنوب. وقد ناقشت اللجنة بالتفصيل جزء من الاحداث المتعلقة بمقتل إسرائيليين وأكدت أن معظم النيران الفلسطينية كانت بدون منظومة توجيه، او تم توجيهها الى اهداف مدنية، من خلال خرق مبدأ التمييز بين المحاربين والمدنيين. وهذا الهجوم، كما أكدت اللجنة، قد يصل الى جرائم حرب. بل أشارت اللجنة إلى نية مهاجمة اهداف مدنية إسرائيلية بشكل مفصل، والى عدم وجود آلية فلسطينية فعالة للتحقيق.
من ناحية واقعية وقانونية، يعتبر الاشتباه بحدوث انتهاكات إسرائيلية أكثر تعقيدا. من المثير للاهتمام أن نرى بأن اللجنة ركزت على عناصر جديدة في الجولة الحالية من الصراع، وليس على أنماط معروفة من الجولات السابقة. العناصر الجديدة الرئيسية التي تم تحديدها من قبل اللجنة هي الهجمات على المنازل المأهولة، مما أدى إلى مقتل عائلات بأكملها، والعمليات البرية التي مسحت إسرائيل خلالها احياء كاملة عن وجه الأرض، والأنفاق في الجانب الفلسطيني. لقد فحصت اللجنة الاعتداءات الإسرائيلية في ضوء المبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي: مبدأ التمييز. مبدأ التناسب الذي يحظر مهاجمة هدف عسكري إذا كان من المرجح أن الهجوم سيضر بصورة غير متناسبة بالمدنيين أو الممتلكات فيما يتعلق بالهجوم العسكري المحدد؛ والالتزام باتخاذ الاحتياطات اللازمة لتجنب سقوط ضحايا من المدنيين.
وأكد التقرير ان معيار الاثبات التي يستخدمه هو “الأساس المعقول”، أي أقل مما هو مطلوب في القانون الجنائي. وبناء على ذلك، لا يتضمن التقرير أي دليل على مسؤولية جنائية محددة عن ارتكاب جرائم الحرب – وانما تحديد شبهات بحدوث مثل هذه الجرائم.
يمكن الافتراض بأن المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية، فاتو بانسودا، ستنظر في هذا التحديد بعناية فائقة، وقد تشكل اساسا لقرار يحتمل ان تتخذه بشأن الانتقال من “الفحص التمهيدي” الى التحقيق المطلق. لقد دعت اللجنة الأطراف، والمجتمع الدولي إلى التعاون مع المحكمة الدولية في لاهاي. ومن شأن صدور قرار بالتحقيق ان يعتمد على القلق الذي أعربت عنه اللجنة، ازاء مواصلة الجيش الإسرائيلي لنفس النمط من الهجمات والغارات، سواء المدفعية او الجوية، حتى عندما اتضح له أن أساليب العمل أسفرت عن عمليات قتل واسعة النطاق للمدنيين وتدمير المنازل.
وفيما يتعلق بالهجمات على منازل المدنيين، وجدت اللجنة أنها جرت في كثير من الأحيان في ساعات الصباح أو في المساء عندما تجمع الناس لتناول وجبات رمضان، أو أثناء الليل، خلال الوقت الذي يرجح ان تتواجد خلاله عائلات بأكملها في منازلها. وأكدت اللجنة أن عبء تفسير كيف أصبح منزل أو شخص يتواجد فيه هدفا عسكريا وما هي الميزة العسكرية الكامنة في الهجوم، يقع على إسرائيل. وفي غياب مثل هذه التفسيرات، يبدو أن المقصود انتهاك مبدأ التمييز والخوف من ارتكاب جريمة حرب.
بشأن الحالات التي ربما تكون فيها بعض أهداف الهجوم على ارتباط مع تنظيم حماس أو جهات مقاتلة أخرى، اوضحت اللجنة أنه لا تزال هناك حاجة الى إثبات مشاركتهم الفعالة في الحرب او العضوية في فصيل محارب. وعلاوة على ذلك، حتى في هذه الحالات، ما زال محظورا شن هجوم غير متناسب – بشكل كان يمكن لكل قائد معقول أن يتوقع بأنه سيسبب القتل على نطاق واسع للمدنيين وتدمير كبير للممتلكات المدنية.
حتى نظام “النقر على السطح” لا يحل المشكلة، كما حددت اللجنة، التي طرحت مثالا عن عائلة مكونة من 22 شخصا، بينهم تسعة أطفال، طولبت باخلاء المنزل في غضون بضع دقائق، بينما كان ابناء الأسرة نائمين. وكمثال على حدود هذا النهج توضح اللجنة ان 19 من سكان المنزل قتلوا في الهجوم.
من بين التحديدات البالغة الأهمية التي اشار اليها التقرير، أنه على الرغم من اتضاح الأثر الشديد للهجمات على المنازل والمباني المدنية خلال القتال، الا ان هذه العمليات تواصلت. وهذا يشير، وفقا للجنة، الى الاشتباه بأن الهجمات شكلت تكتيكات عسكرية عكست سياسة أوسع حظيت بالتصديق، على الأقل ضمنيا، من قبل أعلى المستويات في الحكومة الإسرائيلية. وهناك اشتباه آخر تم تحديده، هو ان شكل تعريف إسرائيل “للهدف العسكري” أوسع بكثير من المعتاد في القانون الدولي. وبالمثل، فإن تحليل الهجمات البرية يشير إلى الضرر الواسع النطاق الذي لحق بالسكان المدنيين. وقال إن الجيش لم يغير من سلوكه بعد حوادث القصف التي انتهت بقتل واسع للمدنيين. ويمكن لهذه الحقيقة ان تشير الى أن سياسة الجيش الإسرائيلي بشأن استخدام المدفعية في المناطق المكتظة بالسكان تتعارض مع القانون الدولي.
كما تشير اللجنة إلى أن تحذير الناس باخلاء المنطقة، لا يجعل من تبقى منهم هدفا مشروعا، فضلا عن الافتراض غير المقبول بأن المنطقة اصبحت “معقمة” (يقيم فيها الارهابيون فقط) لأنه تم توجيه التحذير.
لم تستثن اللجنة في تقريرها الفلسطينيين، ايضا، الذين تقول إنه لا يبدو بأنهم اتخذوا التدابير لحماية السكان المدنيين الفلسطينيين. كما هو الحال في الحالات التي ادعي فيها انه تم أمر السكان بتجاهل نداءات الجيش الإسرائيلي بالجلاء، وإدارة العمليات العسكرية من اماكن مجاورة للأهداف المدنية.
لقد تطرقت اللجنة الى التحقيق الإسرائيلي لأحداث “الجرف الصامد”، لكنها أشارت إلى العيوب الموجودة فيه، والحاجة إلى اجراء تحقيق مستقل ومحايد. ومن بين العيوب التي اشير اليها في التحقيق الاسرائيلي: تحديد الأهداف العسكرية من قبل المدعي العسكري الرئيسي بشكل لا يتفق مع القانون الدولي، والتأكيد على المسؤولية الجنائية للجندي دون فحص السياسات. ويمكن لهذا التحديد ان يؤثر على قرار المدعية العامة في لاهاي، في مسألة ما إذا كان التحقيق الاسرائيلي يفي بمبدأ التكامل، والذي يجعل المحكمة الدولية لا تتعامل مع المشكلة إذا كان البلد المعني قد اجرى تحقيقا حقيقيا بشأن هذه المسألة.
خلاصة الأمر، ان استنتاجات اللجنة تشير إلى قلق بشأن سياسات إشكالية عليا، تحدد الأهداف العسكرية بطريقة تختلف عن المتبع في القانون الدولي، ورفض التوجه الإسرائيلي الذي يرى في الاحتياطات مثل “النقر على السطح” أو مطالبة السكان بالجلاء – كافية لإعفاء إسرائيل من المسؤولية. هذه التحديدات، فضلا عن السجل الإسرائيلي الذي يقول ان الضالعين لا يخضعون للمساءلة بشأن انتهاك القانون الدولي، تضع مرآة امام وجه إسرائيل. إذا قررت إسرائيل، بروح تصريحات بنيامين نتنياهو، عدم النظر في المرآة على الإطلاق – فقد يؤدي ذلك إلى إجراء تحقيق شامل في لاهاي.
الجيش سيستصعب فحص نفسه حين يعتبر وبشكل مطلق انه “الاكثر اخلاقيا في العالم”.
يكتب عاموس هرئيل في “هآرتس” انه خلافا للتقرير السابق للأمم المتحدة الذي اصدرته لجنة غولدستون في عام 2009، يسعى معدو التقرير الذي صدر امس (الاثنين) إلى بذل جهد كبير كي لا ينظر اليهم كلجنة منحازة لصالح الفلسطينيين. خلافا لريتشارد غولدستون، لم تنجر القاضية ماري مكغوين ديفيس، الى التعميمات غير المثبتة، بشأن المؤامرات الإسرائيلية أو المواعظ الاخلاقية المنافقة. فلجنتها التي فحصت أحداث الحرب على غزة في الصيف الماضي، توجه اتهامات ثقيلة الى الجانبين المتحاربين، اسرائيل وحماس، ولكن إسرائيل – بصفتها الجانب القوي في الحرب والتي اسقطت عددا كبيرا من الضحايا (على الرغم من أن اللجنة لا تتهمها مباشرة بقتل المدنيين عمدا)، تمتص الجزء الأكبر من النار.
الحرب ضد تنظيم إرهابي ينشط وسط السكان المدنيين، ويوجه معظم نيرانه إلى السكان المدنيين في إسرائيل، تعتبر حرب وحشية بطبيعتها، وقذرة. لا يوجد جيش تقليدي قادر على مطاردة الإرهابيين، المزودين بقاذفات الكاتيوشا أو القذائف المضادة للدبابات، دون الإضرار بالنساء والأطفال الذين يعيشون في تلك الأحياء التي يختبئ فيها المسلحون. من المشكوك فيه أن الجيوش الغربية، ايضا، اذا وجدت نفسها في ظروف مماثلة لفترة طويلة، كانت ستوظف بالضرورة مستويات اشد صرامة في الحرص على حياة البشر (الحملة الأمريكية في العراق، والاغتيالات الجوية للإرهابيين في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة، تشير إلى العكس تماما). ومع ذلك، فان لجنة مفوضية حقوق الانسان تطرح عدة ادعاءات ثقيلة الوزن ضد سلوك اسرائيل في الحرب.
بعض هذه المشاكل طرحت في الوقت المناسب، خلال الحرب، وتمسك الجيش بذات التكتيك حتى نهاية الحرب وزود اللجنة بقاعدة للمزيد من الانتقاد.
تطرح اللجنة ادعاءات بشأن ارتكاب جرائم حرب في الهجمات المنهجية الجوية على بيوت قادة حماس (القصف الذي قتل بسببه مئات المدنيين)، وفي التعامل مع الاحياء التي طولب سكانها بالجلاء عنها كمناطق لا تسري عليها قيود الاستخدام المكثف للنيران خلال محاولة احباط اختطاف الملازم اول هدار غولدين، في يوم الجمعة الأسود في رفح. كما يشير التقرير الى ان استخدام وسائل التحذير المسبق، كدعوة السكان من خلال البيانات والمحادثات الهاتفية الى اخلاء بيوتهم او نظام “النقر على السطح” (مطالبة سكان منزل معين بإخلائه قبل قصفه)، لا يعفي الدولة من المسؤولية عن قتل المدنيين عندما يقوم الجيش بتفعيل نيرانه.
وتتطرق اللجنة الى الأضرار التي سببتها العمليات العسكرية: قتل 1462 مدنيا (حوالي 65 من القتلى الفلسطينيين، مقابل تقييم الجيش بأن نسبتهم تساوي 36% فقط)، اصابة 18 الف وحدة اسكان وحقيقة ان 28% من سكان القطاع اضطروا الى ترك منازلهم خلال الحرب. في المنظور الإسرائيلي هناك ايضا فجوات مثيرة للقلق في التقرير، بناء على قراءة اولية له. اللجنة تتجاهل مساهمة مصر، من خلال قرار تشديد الحصار على غزة، بتدهور الأوضاع وتحمل المسؤولية الكاملة للحصار الاسرائيلي. كما انها لا تولي اهتماما كافيا لمصاعب الحرب ضد عدو يختلط بالسكان وتتلوى بين مسألتين يفترض ان تكونا واضحتين – خطة حماس لاستخدام الانفاق الهجومية لتنفيذ عمليات في إسرائيل، والقصف المكثف من داخل مناطق مدنية مكتظة بالسكان في القطاع.
مع ذلك، اذا تم الآن، كالمعتاد هنا، الرقص من جانب اسرائيل لتبرير الذات من خلال اتهام الأمم المتحدة بالعداء للسامية، فانه يبدو ان ذلك سيكون خطأ فادحاً. خلال السنوات الأخيرة، خاصة بعد قضية الاسطول التركي الى غزة في 2010، وتقرير لجنة تيركل، بذلت إسرائيل جهود متعمدة لتعميق وتحسين سياسة التحقيق من قبل الشرطة العسكرية والنيابة العسكرية بهدف صد الادعاءات الدولية بأنها تتستر على المخالفات وجرائم الحرب. وتشير اللجنة الدولية الى الجهود التي يبذلها النائب العسكري العام، الجنرال داني عفروني في هذا الشأن، لكنها في الوقت ذاته تلاحظ ان قلة الخطوات الجنائية والقضائية التي يتم اتخاذها في نهاية التحقيق تدل على اخفاقات في انصياع اسرائيل للقانون الدولي.
ولكن عندما يشرح رئيس الحكومة مسبقا بأن التقرير منحاز، ولذلك فهو زائد عمليا، وعندما ينتقد وزير الأمن على الملأ قرار النائب العسكري العام بشأن التحقيق في العمليات العسكرية خلال الحرب، وعندما يهاجم ضباط كبار النيابة من خلال لقاءات صحفية، وعندما يحدد الجيش ان اعتباره لنفسه بأنه الاكثر اخلاقيا في العالم هي حقيقة مطلقة، ويسيطر الحوار المتطرف على شبكات التواصل الاجتماعي، فان المسألة هي الى أي حد يمكن توقع خطوات اخرى من النائب العسكري العام. وهنا بالذات يكمن الفخ. لأنه يتضح من تقرير اللجنة ان عدم استنفاذ القانون من قبل السلطات الاسرائيلية سيسرع تحويل النقاش حول الادعاءات بارتكاب جرائم حرب الى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي (وهي مسألة توصي بها اللجنة بشكل واضح).
من الممكن، بالتأكيد، انه بالمقارنة مع الصدمة التي احدثها تقرير لجنة غولدستون، فان تأثير تقرير لجنة مكغوين ديفيس سيكون اقل خطورة. وهذا يمكن ان يحدث لانه تحدث في الشرق الاوسط فظائع اسوأ حاليا، من سوريا وحتى اليمن، ولأن دول الغرب تواجه تحديات مشابهة جدا، في الحرب الجوية ضد تنظيم الدولة الاسلامية (داعش)، في العراق وسوريا. ولكن حتى اذا حدث ذلك، فانه لا يمكن لإسرائيل الاستخفاف بالتأثير بعيد المدى للتقرير.
لقد بات واضحا اليوم ان كل حرب ضد حزب الله في لبنان ستكون بمثابة تكرار للأحداث في غزة، وان عدد المصابين في الجانبين سيكون اكبر بكثير. في ظروف كهذه، يمكن لإسرائيل ان تجد نفسها تقع في فخ مفاده انها حتى اذا انتصرت على العدو في ساحة الحرب (وهو ما لم تنجح بعمله تماما في غزة)، فانه يمكن للعدو ان يتغلب عليها والتسبب لها باضرار كبيرة في المعركة التي ستلي الحرب، بسبب الانتقادات الدولية – ومن ثم، يمكن ايضا ان تصل الى مواجهة قضائية على ضوء اعمالها الميدانية.
في مكان سيء في الوسط
يدعي ناحوم برنياع في “يديعوت احرونوت” ان الحديث عن ارتكاب جرائم حرب في غزة هو في افضل الحالات “كلام فارغ”، وفي اسوأ الحالات “اكاذيب”. ويتساءل: جرائم حرب مقارنة بمن؟ وبماذا؟ هل يقارن ذلك بما تفعله روسيا في اوكرانيا؟ او ما فعلته الولايات المتحدة في العراق؟ في افغانستان؟ او مقارنة بما تفعله الصين في التبت؟
لن اكشف للقارئ خبرا مثيرا اذا قلت ان اجراءات التحقيق التي يديرها المجتمع الدولي انتقائية. القوى العظمى محررة من التحقيق، ومحررة من العقاب، انظمة الطغاة، مبيدة الشعوب، في افريقيا والشرق الاوسط تتلقى بين الحين والاخر توبيخا، ولكنها تستهتر. اسرائيل عالقة في مكان سيء في الوسط.
امام هذا الواقع فان تقرير القاضية مكغوين ديفيس ينعم على اسرائيل. نعم كانت في بعض الحالات مبالغة في استخدام الذخيرة، وقتل زائد للأولاد والمدنيين، وتم في حالتين اطلاق النيران بشكل جامح في محاولة لمنع اختطاف جندي، ولكن كل صاحب قرار في المجتمع الدولي يعرف انه لا توجد طريقة عملية لادارة عمليات عسكرية من خلال الحفاظ على التعقيم، ونسبة صفر من الاخطاء. وكما في الدول الغربية الاخرى، فان حساسية الرأي العام المحلي لسقوط الجنود، وخوف الحكومة والجيش من فقدان الرأي العام، تزيد من عدد الخسائر المدنية في الجانب الثاني.
يوم امس، بعد نشر التقرير، تذمرت جهات حكومية من كون التقرير يساوي بين اسرائيل وحماس. لست متأكدا من انني افهم هذه الجهات. عندما وجهت تقارير دولية كل انتقاداتها الى إسرائيل، بادعاء انها دولة سيادية ملتزمة بالقانون الدولي خلافا لاعدائها في غزة، تذمرت الجهات نفسها لأنه يتم التمييز ضد إسرائيل. والان عندما تبذل لجنة الامم المتحدة جهودها لموازنة الانتقاد، تتذمر الجهات ذاتها. لقد رغب رئيس الحكومة ووزير الأمن وقادة الجيش خلال حرب غزة بقتل اكبر عدد من محاربي حماس وتنظيمات الارهاب الاخرى. انهم لم يتعطشوا لدماء المدنيين في غزة، بل على العكس: الخوف من التورط القانوني او السياسي بسبب اطلاق النار الزائد، جعلهم يصرون على نظام التحذير، كنظام “اطرق السطح”، وتبذير ذخيرة ذكية وباهظة الثمن والابقاء على الطائرات الحربية لساعات في الجو، فقط كي لا يرتكبون اخطاء. ولبالغ السخرية، فان ما جعل حماس توافق على وقف اطلاق النار لم يكن مقتل رجالها، وانما بالذات حجم الدمار في الاحياء المدنية.
المشكلة في “الجرف الصامد” لم تكن جرائم الحرب، وانما حقيقة التدحرج نحو الحرب. لقد منعت حكومة إسرائيل تحويل الرواتب لرجال حماس، ومنعت ادخال البضائع وشددت قدر استطاعتها من الحصار على القطاع. لو كانت الحكومة قد سمحت في عام 2014 بإدخال ما تسمح به الان الى غزة، لما وقعت الجرف الصامد. هنا يكمن ذنب القادة. وهو يتعلق ايضا بشكل ادارة العملية، وبالجمود العقائدي، وببطء التحرك، وبالإرتداع عن المخاطرة والاهمال في الدفاع عن الجنود والمدنيين قرب الحدود.
خلال السنة المنصرمة منذ الجرف الصامد، تم استخلاص الكثير من الدروس – المفاوضات السرية مع حماس، بوساطة قطر، وتخفيف الحصار يدلان على ذلك. وتم استخلاص الدروس العسكرية في البحر والجو واليابسة. ولكن علينا الا نوهم انفسنا: فاذا تم فتح جولة جديدة امام غزة، فانها لن تختلف عن سابقاتها – لا في التقارير التي ستنجم عنها ولا في مشاعر الألم والتبذير وتفويت الفرص التي خلفتها.
قوانين الحرب الجديدة
يكتب اليكس فيشمان في “يديعوت احرونوت” ان قادة الجيش يتساءلون عما يمكن عمله مع التقرير الدولي، وما الذي يمكن الاستفادة منه في الحرب القادمة كي تكون مختلفة واكثر مبررة واكثر انسانية واكثر قانونية. الجواب، لا شيء. فهذه الوثيقة لا تنطوي على أي معنى عملي في أي ساحة حرب على وجه الارض. يمكن نسخه، لأنه سيتكرر بعد المواجهة القادمة في غزة.
المسألة لا تتعلق فقط بمشكلة تقرير لجنة التحقيق الدولية حول عملية الجرف الصامد. فقوانين الحرب التي عمل على اساسها رجال القانون والمحققين في هذه اللجنة وفي اللجان التي سبقتها تتعامل مع نمط حروب اختفت من العالم. لا توجد بعد حروب بين الدول والجيوش المنظمة. هناك في الأساس مواجهات بين دول وتنظيمات مسلحة، او بين التنظيمات المسلحة نفسها. الدول تلتزم بقوانين الحرب، اما التنظيمات فلا تلتزم بشيء. القانون الدولي يحاول ملاءمة نفسه، ظاهرا، للمواجهات “غير النظامية”، ولكنه لا تزال هناك الكثير من الثقوب السوداء.
ما هي، مثلا، “المعايير” المطلوبة لاخماد النيران التي يتم اطلاقها بهدف اصابة المدنيين؟ كيف يمكن لدولة نظامية الاحتماء امام جهات تستخدم المدنيين كدرع بشري؟ الكثير من التحديدات في لجنة ديفيس كانت ستحظى برد معقول لو كانت إسرائيل قد تعاونت معها. فمثلا، مسألة جمع الافادات من شهود عيان في قضية قتل الاطفال على شاطئ غزة. لو كانت إسرائيل قد عرضت الحقائق لربما ما كانت الملاحظة بشأن اغلاق ملف التحقيق قد وردت في التقرير.
بعد تقرير لجنة غولدستون استخلص الجيش الدروس، وعين رجال قانون في مراكز اتخاذ القرارات، ونشر جهات لتوثيق طريقة اتخاذ القرارات والنتائج، وتم تشكيل جسم عسكري لاجراء فحص مسبق لكل حدث اعتبر شاذا. هذا مهم من اجل الحفاظ على القانون الاسرائيلي وعلى الاخلاق والمعايير داخل التنظيم العسكري، لأنه في الحروب الجديدة ليس هناك تعريفا واضحا للعدو كما كان في الحروب الكلاسيكية. لكنه يتضح ان هذه الدروس لم تكن ذات صلة بالنسبة للجنة الحالية رغم انها كانت موثقة بشكل جيد.
تقرير لجنة ديفيس ينطوي على اهمية عملية واحدة: سيتم استخدامه في المعركة الدعائية العالمية التي ستدار ضد إسرائيل، وسينضم الى حكاية الاسطول القادم الى غزة، والتي باتت مطروحة على الجدول. ظاهرا يعتبر هذا الأسطول هامشيا، ولكن ما سيحدد هو ليس حجم السفينة، وانما قوة الصدى العالمي الذي ستجره. هذا الأسبوع ستبدأ المدعية العامة في المحكمة الدولية في لاهاي باجراء فحص تمهيدي لطلب السلطة الفلسطينية التحقيق بجرائم الحرب الاسرائيلية. ووثيقة ديفيس ستسقط في ايديها كثمرة ناضجة.
نتائج معروفة مسبقا
يكتب البروفيسور ابيعاد هكوهين، في “يسرائيل هيوم” معقبا على تقرير اللجنة الدولية، ان “البحر هو البحر، وحماس هي حماس، والامم المتحدة هي الامم المتحدة، والتقرير هو ذات التقرير، وان دولة اسرائيل لم تكن بحاجة الى خبير كبير في القانون الدولي كي تتوقع نتائج تقرير مجلس حقوق الانسان. فالنتائج كانت معروفة مسبقا، قبل طباعة التقرير.
هذا التقرير لا يجعل الحقائق تربكه. لقد حافظ على “التوازن المقدس” بتزمت: دولة اسرائيل التي سعت الى حماية مواطنيها من مطر الصواريخ التي سقطت عليها، من جهة، وحماس التي استخدمت المستشفيات ومنشآت الأمم المتحدة لاطلاق الصواريخ منها، واستخدمت الرضع كدرع بشري، من جهة اخرى.
هناك خط مستقيم يربط بين تقرير لجنة غولدستون، عبر الرصاص المصبوب، وصولا الى الجرف الصامد. إسرائيل دائمة متهمة ويجب محاكمتها بتهم “جرائم حرب” يتم الادعاء بأنها نفذتها في محاولتها الدفاع عن مواطنيها.
هذا المجلس الذي قام على انقاض مفوضية الامم المتحدة لحقوق الإنسان، لم يعرب في الأشهر الأخيرة عن احتجاجه على المذبحة الجامحة على الارض السورية، لانه كانت لديه قضايا اهم: تحديد عمليات دفاع الجيش الاسرائيلي كجرائم حرب. ما الذي يمكن توقعه من مجلس يضم في عضويته دولا تشكل مثالا للحفاظ على حقوق الانسان، كالصين وروسيا والسعودية، ناهيك عن ليبيا وكوريا الشمالية؟
خلافا لمجلس الأمن، لا يملك هذا المجلس أي اسنان. وخلافا لمحكمة الجنايات الدولية في لاهاي، لا يمكن لقرارات هذا المجلس ان تقود الى اعتقال الجنود الإسرائيليين. صحيح ان المجلس لا يملك اسنان، لكنه يملك فما، كبيرا، ومكبر صوت وناطق. المجلس لا يملك صلاحية فرض عقوبات، لكن الناطقين بلسانه المدربين ينشرون السم ويزرعون الكراهية.
يتحتم على اسرائيل ان تواصل جهودها الدبلوماسية والاعلامية من اجل نشر الحقيقة. حتى اذا كان هناك الكثير ممن سيسدون اذانهم كي لا يسمعوها، فانه يتحتم اعلانها وبصوت واضح، تجاه الخارج، وايضا تجاه الداخل، كي يتم تصحيح التشويه واستخلاص دروس تتوقع المستقبل.

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً