“إخوان” مصر.. إلى أين؟ …. بقلم : دينا خياط

shello
shello 2014/01/22
Updated 2014/01/22 at 11:47 صباحًا

imagesCAOENY8W


صنفت الحكومة المصرية جماعة الإخوان المسلمين، رسمياً، على أنها منظمة إرهابية يوم 25 كانون الأول (ديسمبر) الماضي. وقد اتخذت حكومة القاهرة قرارها بعد أيام قليلة من تفجير انتحاري وقع في مقر قيادة الشرطة في منطقة دلتا النيل، والذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 14 شخصاً وجرح 130 آخرين.
كانت الجهة التي أعلنت المسؤولية عن الهجوم هي جماعة تدعى “أنصار بيت المقدس”، والتي يعتقد بأن لها صلات بميليشيات فلسطينية في غزة. وقد سارعت جماعة الإخوان المسلمين إلى إنكار أي تورط لها في ذلك الحادث، والنأي بنفسها عن مرتكبه (ولو أنها لم تدنه). ومع ذلك، ألقت القاهرة والكثيرون من المصريين باللوم على جماعة الإخوان في تصعيد العنف في مصر. وفي النهاية، أفضت موجة الغضب الجديد الموجه إلى جماعة الإخوان التي كانت ذات مرة كبيرة الشعبية، إلى دفع الحكومة للاستجابة للضغط، وإصدار تصنيف الإرهاب المذكور بحق الجماعة.
هبط نفوذ جماعة الإخوان كثيراً منذ صوت 13 مليون مصري لصالح مرشحها، محمد مرسي، ليحتل منصب الرئاسية في حزيران (يونيو) 2012. ومنذ الإطاحة بالسيد مرسي وسط الاحتجاجات في الصيف الماضي، استمر حجم الدعم الذي تتمتع هذه الجماعة الإسلامية بالهبوط، وأصبح التقدير اليوم أنه يقتصر على قاعدة نووية صغيرة من حوالي 500.000 شخص في بلد يبلغ عدد سكانه 90 مليوناً. ويقول الهبوط الكارثي في جاذبية الجماعة الكثير عن فشلها خلال سنة السيد مرسي في المنصب، ورفضها المستمر للقبول بحقائق مصر الحالية.
وحتى سلفيو مصر ذوو التوجه الديني الأكثر محافظة، نأوا بأنفسهم عن الإخوان. وكان السيد مرسي قد أمضى فترة ولايته القصيرة وهو يتجاهل اقتصاد مصر، ويركز إلى حد كبير على ملء مناصب الدولة الأساسية بحاشية الجماعة. ولم يتم الاكتفاء باستثناء الجماعات العلمانية فقط، وإنما جرى تجاهل الأحزاب الإسلامية الأخرى أيضاً. وقد بدأ المصريون بالاحتجاج ضد قيادة السيد مرسي على الفور تقريباً. وأطلق إعلانه الدستوري في تشرين الثاني (نوفمبر) 2012، الذي وضعه عملياً فوق القانون، مجموعة من التظاهرات الجماهيرية التي ووجهت بالهجوم الوحشي من أنصار الجماعة.
منذ الإطاحة بالسيد مرسي، أقام الإخوان تظاهرات يومية تقريباً –والتي عادة ما تكون عنيفة ودائماً ما تعطل السير والحياة اليومية الاعتيادية. وفي الأثناء، صعد المتشددون الإسلاميون من اعتداءاتهم في مختلف مناطق مصر، مستهدفين الحكومة وقوات الأمن والمدنيين على حد سواء. وخلال الأشهر الستة الماضية، تم إحراق أكثر من 60 كنيسة قبطية، وتدمير أكثر من 1.000 من بيوت الأقباط.
تدعي الجماعة التبشير باللاعنف، لكن روابطها بحركة حماس الفلسطينية في غزة (وبالتالي مع فصائلها المسلحة) إلى جانب تهديداتها المقنعة باستخدام العنف في الإعلام المصري، تنسف صدقية ما تجاهر به. وفي أعقاب تصنيف القاهرة للجماعة بالإرهابية الشهر الماضي، قام طلاب موالون للجماعة بإشعال النار في بنايتين في جامعة الأزهر القاهرية، ودعوا إلى مقاطعة الامتحانات.
كانت العاصمة سالمة إلى حد كبير من الهجمات الإرهابية المتصاعدة –التفجيرات الإرهابية على سبيل المثال- التي ضربت أماكن أخرى من مصر. لكن اليوم الذي تلا وسم الجماعة بالإرهاب شهد انفجار قنبلة مصنوعة يدوياً في شارع بالقرب من جامعة الأزهر، والذي أصاب العديد من المارة المدنيين بجراح. ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن ذلك الحادث، فيما تنكر جماعة الإخوان أي تورط لها فيه. ومع ذلك، ثمة قليل من الغرابة في شعور المصريين بنفاد الصبر منها.
الآن، للمرة الأولى في تاريخ جماعة الإخوان المسلمين الممتد على مدى 80 عاماً، لم يعد صراع الجماعة يدور بشكل أساسي مع الدولة. خلال سنوات مبارك، عندما كانت الجماعة محظورة وقادتها يتعرضون للاعتقال المتكرر، تعاطفت أغلبية المصريين معهم بوصفهم مستضعفين وضحايا للاضطهاد. أما هذه الأيام، فقد أصبح شجار الجماعة يدور مع المواطن المصري العادي، ومع نفس أناسها التي كانت قد تجذرت فيهم ذات يوم. وجاء تحرك القاهرة نحو نزع الشرعية القانونية عن الجماعة جزءاً من حملة عنيفية ضدها في واقع الأمر، لكنه جاء بناء على مطلب الجمهور أيضاً.
كما كان متوقعاً، جلب إعلان الحومة إدانات من الولايات المتحدة. وعبرت إدارة أوباما عن “قلقها” ودعت إلى ما وصفته بأنه “عملية سياسية إقصائية.” لكن هذه الدعوات التي أصبحت الآن مألوفة تقع على آذان تزيد اختلافاً باطراد. وفي خضم تصاعد العنف وهجمات الإسلاميين، يكافح المصريين من أجل الحفاظ على مظهر من مظاهر الحياة الطبيعية في حياتهم اليومية. ومع صعوبة هذه الفترة كما هو حالها، فإنهم يفهمون أنه يُنظر إلى التهدئة في هذه المنطقة على أنها ضعف.
سوف يتم إدماج جماعة الإخوان المسلمين في السياسة والمجتمع المصريين فقط عندما تقرر أن تعمل في إطار دولة مستقرة. وحتى ذلك الحين، سوف يظل الإخوان في عيون المصريين، منبوذين على أقل تقدير.

* (وول ستريت جورنال)ترجمة: علاء الدين أبو زينة- الغد الاردنية

مؤسسة ورئيسة مجلس إدارة شركة إدارة للأصول مقرها في مصر. وهي أيضا رئيس اللجنة الاقتصادية لحزب المصريين الأحرار، وهو حزب سياسي تأسس بعد ثورة العام 2011.

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً