إضراب الأسرى والقابلية للانتصار …د. ايهاب بسيسو

2013/02/19
Updated 2013/02/19 at 11:40 صباحًا

ihabbseesoo

لم يعد بالإمكان النظر إلى إضراب الأسرى البطولي عن الطعام كحالة سياسية خاصة أو كقضية تفصيلية في سياق مشهد سياسي متأزم, بقدر ما أصبحت تشكل مرتكزاً أساسياً من مرتكزات المقاومة الشعبية السلمية, فصمود الأسرى الأسطوري الذي تجاوز المئتي يوم ثبّت ملامح الإرادة الفردية التي تحولت في سياقها المقاوم إلى رمز وحافز سياسي لتطوير سبل المقاومة الشعبية السلمية. وبالتالي شكلت دافعاً للمطالبة بتطوير رؤية استراتيجية شاملة تتسم بالفعالية للانسجام مع حجم البطولة المتصاعد وراء قضبان الاحتلال, رؤية تتجاوز الشعاراتية الفصائلية إلى ممارسة سياسية وإعلامية قادرة على صوغ مجال سياسي لمواجهة التحديات الإسرائيلية بأشكالها المختلفة.
إن دعم قضية الأسرى في سياق مجتمعي وسياسي وإعلامي متكامل يشكل مخرجاً من الركود السياسي الفلسطيني لاسيما فيما يتعلق بمشهد المصالحة المُعرقِل سياسياً لكافة المحاولات الوطنية لتجاوز أزمة التجاذب السياسي الفصائلي على مدار السنوات الماضية.
إنها بتقديري الفرصة المثالية لمؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني بأطيافه النقابية والخيرية والثقافية لتفعيل دورها الحالي إلى المساهمة في صياغة أجندة وطنية ضاغطة تنتقل بنا من حالة الركود إلى الفعل السياسي الشعبي القادر على تبني خيار المقاومة الشعبية السلمية والانتقال بالمشهد الفلسطيني إلى حالة سياسية نشطة ومؤثرة في البناء المجتمعي والثقافي والسياسي الفلسطيني.
إن التضامن الرمزي أو اختصار قضية التضامن مع الأسرى في إضرابهم عن الطعام بمشهدية وطنية لا تتجاوز حالة من حالات ردة الفعل الشعبية أو الإعلامية لا يساعد على تشكل مناخ سياسي حيوي بقدر ما يخلق مشهداً سياسياً هشاً, أما في حال الاستفادة من ثقل ما تمثله قضية الأسرى تاريخياً ووطنياً في تطوير رؤية وحدوية استراتيجية تشكل داعماَ شعبياً لقضية الأسرى, يستعيد المشهد الفلسطيني حيويته النضالية بما يعزز من قدرته على مواجهة قضايا إضافية مثل الاستيطان وتهويد القدس و جدار الفصل العنصري.
بهذا يمكن القول إن قدرة الفصائل الوطنية على تجاوز المعيقات السياسية بالتكامل مع جهود مؤسسات المجتمع المدني على تطوير مناخ وحدوي فاعل يمثل خطوة تاريخية لإنقاذ المشهد الفلسطيني من تبعيات الانقسام البغيضة, ويعزز من ثقافة الوحدة الوطنية القادرة على تبني خيار العمل الشعبي من أجل تحقيق التطلعات الوطنية في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
إن استثمار قابلية المجتمع الفلسطيني للتخلص من حالة الركود السياسي يخلق حالة سياسية بإمكانها أن تمثل مرتكزاً أساسياً من مرتكزات تفعيل الحراك الشعبي وهو بدروه ما يساعد على خلق معادلة بديلة للمعادلة الاقليمية والدولية الضاغطة سياسياً على مشهد المصالحة. هذا ما قد يدفع للقولبأن الاستفادة من الحالة الراهنة لصالح تضامن وطني يتجاوز الرمزية والانفعالية, بإمكانه أن يمثل تحولاً استراتيجياً في السياسة الفلسطينية يدفع باتجاه آفاق سياسية أكثر انسجاماً مع تاريخ الشعب الفلسطيني الوطني والنضالي من مشهد الانقسام والركود السياسي.
إن إضراب الأسرى الأسطوري عن الطعام يمثل الآن الواجهة الأكثر بروزاً لإرادة فلسطينية أعلنت عن نفسها منذ اليوم الأول للإضراب واستمرت حتى اليوم في منحنا الدرس الأكثر وضوحاً في الصمود من أجل الحرية. الأسرى اليوم – بإضرابهم الأسطوري عن الطعاميمدون لنا طوق النجاة للخروج من مأزق الانقسام من أجل صياغة معادلة فلسطينية شعبية تتمثل في تضامن وطني فعال ينتزع الانتصار بتعزيز الصمود والوحدة.

الحياة الجديدة.

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً