الذهب في ميزان التلاعب.. تعددت الأساليب والضحية واحدة غش بالعيارات والأسعار والمصنوعيات.. وفواتير تكتب بـ “الطلاسم”

2022/01/13
Updated 2022/01/13 at 10:14 صباحًا

رام الله- الحياة الاقتصادية- ميساء بشارات- رغم محاولاتها المتكررة لإثبات نفسها أمام الباعة في محلات الصياغة والذهب، بأنها تملك خبرة ومعرفة بالشراء إلا أنها في كل مرة تتعرض للغش من بعض الباعة وبأساليب مختلفة.
تقول الهام عمر (45 عاما): “لم أعد أثق بمحلات الصاغة والذهب، مصنعيتهم للقطعة مبالغ فيها، والسعر غير موحد، أسعار الذهب في بلادنا ترتفع بالارتفاع العالمي، وعند النزول تبقى على ارتفاعها، البعض منهم يغش بالمصنعية ومنهم بالسعر ومنهم بتفاصيل الفاتورة والحساب النهائي”.
عمر ليست وحدها من يتعرض للغش، فالكثير من المشترين تعرضوا للأمر ذاته بأساليب مختلفة، وفاء المصري صدمت بعد شرائها خاتمًا من ذهب، قال لها بائعه: إنه عيار 21، ثم اكتشفت أنه عيار 14، وعندما عادت إلى المحل لتعيده، رفض إرجاعه، ولم يوافق إلا تحت تهديده باللجوء للشرطة والتبليغ عنه.
ولا يتوقف الأمر عند الغش بالعيارات والأسعار والمصنوعيات، بل يتعداها إلى فاتورة كأنها كتبت بـ “طلاسم”، وأحيانًا تكتب بتفاصيل مختلفة عمّا تم الاتفاق عليه”.
ولم تختلف قصة أماني صلاح من مدينة رام الله، عمن سبقها ممن كانوا ضحايا غش بعض باعة الذهب والصاغة، فلأنها لم تحتفظ بفاتورة الشراء، بعد شرائها لقطعة ذهب عيار 21، وبعد عام قررت بيع القطعة لتجدها عيار 14، فقررت الذهاب لنفس المحل لتراجعه بها، فواجهت إنكار صاحبه.
أما هدى عدنان، فلها قصة أخرى، فبعد أن طلبت من صاحب أحد محلات الصاغة إجراء تعديل على عقد ذهبي تملكه، هذا التعديل تطلب قص قطعةٍ من العقد، ولم يعطها الصائغ ما قصه إلا بعد أن راجعته وطلبت منه القطعة المتبقية.
وكانت طواقم مديرية المعادن الثمينة ضبطت أواخر العام الماضي أونصات ذهبية مزورة بحرفية عالية، وبيعها في محلات المصوغات الذهبية على أنها أصلية ومطابقة للمواصفات العالمية المعمول بها.
“الحياة الاقتصادية” حاولت استطلاع أسعار الذهب في رام الله، فتبين لها تباين في سعر الغرام الواحد من الذهب الخام، من محل لآخر بفرق سعر 3 دنانير.


الحاج حسين عبد الحافظ جبرة أحد أصحاب المحلات المجوهرات في مدينة رام الله، يقول لـ “الحياة الاقتصادية”: يتم تحديد سعر الغرام الخام من قبل البورصة العالمية، ولا علاقة لنا بارتفاعه أو انخفاضه.
ويوضح جبرة أن اللف والدوران بسعر الذهب، تحدث في طريقة المعاملة مع الزبون، فبعد احتساب السعر الخام للغرام تتم إضافة المصنعية التي تتراوح ما بين دينار إلى خمسة دنانير للقطعة، اذا كانت محلية الصنع، أما الأجنبية فتصل الى سبعة دنانير، اضافة الى ربح التاجر الذي يبدأ بدينار ويصل إلى عشرة عند البعض.
ويشير إلى أن هناك غشًا يمارسه بعض التجار تجاه الزبائن، فيخدعونهم حين يعطونهم سعر الخام أرخص من المحلات الأخرى، لكنهم عند البيع يزيدون بسعر الشغل عالقطعة “المصنعية” والربح، وبالتالي يبيعون القطعة بسعر أغلى من المحلات الأخرى.
ويعترض جبرة على هذه الطريقة من البيع، لأن الزبون يقع بغبن وغش من قبل التاجر، الذي رخص له بسعر الخام وزاد عليه بالمصنعية والربح، ولم يوضح الفاتورة له بالتفصيل.
مهند خموس صاحب محل مجوهرات، يقول: إن بعض الزبائن يأتون ويشكون إنه “انضحك” عليهم بالسعر، وأحيانًا قد يتم التلاعب بسعر صرف العملة.
ويطالب خموس، مديرية دمغ ومراقبة المعادن الثمينة في وزارة الاقتصاد، بتوزيع سعر غرام الذهب صباح كل يوم وإجبار التجار على التقيد بها، من أجل توحيده، والرقابة السعرية على الخام بشكل يومي، وإيضاح التفاصيل جميعها للزبون من قبل التاجر.
ويشير الى انه في بعض الاحيان يتم التلاعب بالسعر عن طريق خلط ما اشتراه المواطن من عيار 14 او 18 او 21 وبيعها جميعا بفاتورة غير مفصلة على انها عيار 21.
ويقول مدير عام مديرية دمغ ومراقبة المعادن الثمينة عادل العزوني: ان اختلاف المصنعية بين القطع أمر طبيعي، فبعضها يحتاج الى شغل وجهد كبيرين وهذا يتعلق بجمالية القطعة وتفنيشها.
ويشير العزوني الى ان بعض محلات الذهب تتلاعب بالسعر الأصلي، او الفاتورة (شهادة الضمان) وكتابة اشياء غير متفق عليها، لذلك وجب التنويه وعدم التوقيع دون قراءة التفاصيل والتأكد من القيمة الشرائية وسعر الذهب ووزنه.
ويدعو العزوني المواطنين عند شراء الذهب للحصول على فاتورة مفصل فيها الصنف والعيار والوزن البيان وسعر الصنف والسعر الاجمالي والعملة واسم المحل التجاري، والتأكد من الدمغة الفلسطينية على المصوغات اضافة الى نوع صناعة المصنوع (محلي او اجنبي).
ويقول مدير الرقابة والتفتيش هيثم سماعنة، على المستهلك الانتباه أولا على الدمغة الفلسطينية قبل الشراء، التي تعني أن هذه القطعة تم فحصها من قبل مديرية دمغ ومراقبة المعادن الثمينة في وزارة الاقتصاد الوطنب على أيدي طواقم من الموظفين المختصين وذوي الخبرة والاجهزة والامكانيات.
ويشير الى ان مكان الدمغة يختلف من قطعة لأخرى من أجل الحفاظ على جمالية القطعة، وهي عبارة عن مربع صغير سهل رؤيته، ويطبع بجانبه العيار الذي يرى بالعدسة المتواجدة بالمحلات.
ويؤكد سماعنة أن مديرية الدمغ تجبر كل تاجر على وضع لوحة بالاسعار ظاهرة للزبون، لكل عيار مع سعر الاونصة لهذا اليوم، وبذلك لا داعي للمواطن ان يسأل صاحب المحل عن السعر.
وتجولت “الحياة الاقتصادية” في بعض محلات الذهب في مدينة رام الله، بحثا عن وجود لوحة تبين سعر غرام الذهب، لتجد أن القليل منها وضعوا السعر أمام الزبون.
ويشير سماعنة الى ان عدد الشكاوى خلال العام الماضي بلغ 10 شكاوى، تنقسم لعدة اقسام منها شكاوى تتعلق بالسعر، والعيار والوزن، ومنها تتعلق بشهادة الضمان (الفاتورة).
ويوضح سماعنة أن هناك انضباطًا في الميزان يصل إلى أكثر من 90% وكل ميزان يجب أن يحمل ختم مؤسسة المواصفات والمقاييس الفلسطينية.
ويشير سماعنة الى ان بعض التلاعب الموجود عند بعض التجار لا ينفي الثقة بالتاجر وهو على قدر كبير منها والخلافات واردة لكن ليس بنسب عالية، منوها الى ان اي مواطن يريد التأكد من مشترياته من المعادن الثمينة بامكانه الحضور وفحصها مجانا.
توحيد شهادة الضمان “الفاتورة”
وتعمل مديرية دمغ ومراقبة المعادن الثمينة حاليا على توحيد شهادة الضمان “الفاتورة” بالشكل والمحتوى، لتكون الفيصل بين التاجر والمشتري في حال وقع خلاف، لأن بعض الفواتير غير قانونية غير واضحة التفاصيل وبعضها ليس له اصل.
ويوضح سماعنة أن الفاتورة يجب أن تحتوي السعر والوزن والعيار والصنف وترويسة المحل وختمه وتوقيع مالكه أو البائع وسعر الأونصة لذلك اليوم، ورقم متسلسل ونسخة مكربنة.

 

Share this Article