الفلسطيني أن تكون عدو نفسك!! بقلم: د.ناجي صادق شراب

shello
shello 2018/10/30
Updated 2018/10/30 at 8:54 صباحًا


هل باتت العلاقات الفلسطينية تحكمها العداوة، وخصوصا بين الحركتين الكبيرتين فتح وحماس.؟ وهو ما يعني أن أكثر من نصف الشعب الفلسطيني تتخلل العلاقات بينهما حالات من العداوة والكراهية والنفور؟ هذه العداوة والكراهية خطورتها أنها بدأت تتجذر في العلاقات المجتمعية، وتثار العديد من التساؤلات حول أسباب هذه العداوة وتداعياتها الخطيرة. هذه العداوة كفيلة بإنهاء القضية. بداية هذه الحالة تعني أن السياسة التي تسود بعيدة عن العقلانية والحكمة والتدبر، فالسياسة بالمعنى العام تعني المنفعة والمصلحة العامة، والفعل والقرار الرشيد الذي يحقق الأهداف العامة، وكما يقول إبن المقفع في كتابه كليله ودمنه تعني الحكمة، وحسن التدبير، وإجادة التقدير، وإدراك العواقب وإتقاء الشرور والمخاطر. السؤال هل هذا المعنى هو الذي يحكم العلاقات بين الحركتين الرئيسيتين؟ لم تقتصر العلاقات بين الحركتين على مجرد الخلافات في الآراء والتوجهات والمرجعيات السياسية، بل تعدت العلاقات إلى حد الدخول في سجال وحرب لفظية وإعلامية، وإستخدام مفردات خطابية تجاوزت حدود المنفعة والمصلحة العامة، وكأننا أمام حركتين لا تنتميان لنفس الشعب ونفس القضية، ويواجهان نفس الأخطار والتهديدات، والمفارقه أن الخطر الذي يواجه الحركتين واحد الخطر والتهديد الذي تشكله إسرائيل والحركة الصهيونية…..
ومع ذلك هناك تباين واضح في هذه المسألة وكيفية التعامل معها، ولا أبعد كثيرا عن الحقيقة المؤلمة إذا أشرت أن هناك تحول وتباين في التعامل مع هذه المسألة… والمؤلم في هذه العلاقات أمران: ألأول مستوى وعمق الخلافات، فهي خلافات لا تخضع لإطار سياسي أو شرعية ملزمة لكل منهما. فكل منهما يخلق شرعيته وهذا أخطر ما في الخلافات بينهما، فلهذا دلالات سياسية عميقة، فالخلاف هنا بنيوي، له بعد أيدولوجي وعقيدي يصل لحد إلغاء الشرعية الاخرى، ما يجعل كل منهما قد يذهب إلى ليس فقط التشكيك، بل التخوين والتكفير والإقصاء. وكل منها دفاعا عن شرعيته يتعامل بلغة التهديد أن الشرعية ألأخرى تشكل خطرا وتهديدا قد يصل إلى حد إعتبار كل منهما يصل لدرجة العداء، وما يدعم هذا التوجه أن الخلافات لا تتوقف على لغة الخطاب، بل اللجؤ إلى حظر اي تعامل لأبناء الحركتين كل منهما في المنطقه التي يسيطر عليها، ويتحكم فيها، وصل ألأمور في التعامل لنفس الأساليب التي تلجأ إليها إسرائيل، من إعتقال، وفرض رقابة صارمة، وإعتبار من يتصل بحركته يصل لدرجة العمالة، وهذه كلها من مظاهر العداءـ او محاولة خلق عدو ذاتي داخلي، وهو ما ينذر بتأصيل حالة الانقسام السياسي، وسيادة مظاهر التشدد في الحكم، وتراجع منظومة الحقوق والحريات مع تراجع دور القوى السياسية ألأخرى، وتقليص دور المؤسسات المدنية. هذه الظاهرة وهنا الخطورة الكبيرة في حالة العداء وينبغي التحذير منها انها لا تقتصر على خطاب النخبة الحاكمة أو السياسية لكل منهما، بل قد تمتد وتنتشر بين المنتمين لكل منهما، وتتحكم في العلاقات المجتمعية، وتحول المجتمع لحالة من العداء غير المسبوقة، وتعبر عن نفسها في ظواهر ومناسبات كثيرة تتعلق حتى بالزواج والمصاهرة، وتحكمها أيضا حالة من عدم الثقة، وتخفي حالة من الكراهية والحقد. وهذه الظاهرة كفيلة بإجهاض الروح المجتمعية الواحدة، والنسيج الاجتماعي الذي تفاخر الفلسطينيون بوحداينته، وتماسكه. ويمكن تلمس ظاهرة العداء في الخطاب الديني الذي يصل لحد التكفير، والخطاب الإعلامي الذي يحمل مفردات إعلامية تنفى الآخر، وفى التربيه التعليميه والأسريه. ولقد ساهمت قوى خارجيه في تغذية روح العداء الذاتيه، والهدف الإستراتيجى للعداوة الذاتيه التخلص من القضيه الفلسطينيه بأقصر الطرق ، وأقل الاثمان السياسيه. ويبدو ان هنك بعدا وترسبات تاريخيه تغذى حالة العداوة ،وذلك مع قيام السلطه واللجؤ لآساليب القمع والإعتقال، وكتم الحريات، والملاحقات وهي نفس السياسات التي تمارس اليوم كل في منطقة حكمه وسيطرته.وزادت مع مرحلة سيطرة حماس على غزه والتمهيد لها. هذه الظاهرة تحتاج لمراجعة نقدية ذاتية، والتصدى لها بإسترجاع القيم الوطنيه، وومراجعة كامله للخطاب العدائي، والعمل على تنمية وتغذية الخطاب التصالحي ظاهرة العداء أحد أهم وأخطر تداعيات الإنقسام السياسي.

Share this Article