فتح وحماس.. الوحدة الفلسطينية بالشروط الإسرائيلية لن تساعد

shello
shello 2014/06/15
Updated 2014/06/15 at 9:45 صباحًا

or0xtkad

الناصرة- في الأجواء الاحتفالية التي سادت مؤخراً عندما أدت حكومة الوحدة الفلسطينية اليمين الدستورية، منهية بذلك سبع سنوات من الخصومة بين فتح وحماس، كان من السهل أن نغفل مَن كان غائباً.
لقد وافقت حماس على البقاء في الظلال من أجل استرضاء واشنطن، الملزمة قانوناً برفض تقديم المساعدات لحكومة تضم مجموعة إرهابية. وقد بدت الحكومة الفلسطينية الجديدة مختلفة قليلاً عن سابقتها؛ كانت مداخلة حماس مقتصرة على ثلاثة من الأشخاص المستقلين، وكلهم في مناصب وزارية منخفضة المستوى.
ولأن هذه الحكومة الانتقالية ما تزال تعمل في كنف الاحتلال الإسرائيلي، فقد رفضت سلطات الاحتلال منح الوزراء الثلاثة من قطاع غزة تصاريح السفر إلى الضفة الغربية لحضور حفل أداء اليمين الدستورية في يوم 2 حزيران (يونيو).
من المرجح أن يكون تعيين حكومة مؤقتة من التكنوقراط هو المرحلة أسهل من آليات المصالحة التي تم الاتفاق عليها في أواخر نيسان (أبريل). وقد صمدت الصفقة حتى الآن -على عكس الاتفاقات السابقة- لأن حماس، المحشورة في مضائق أكثر يأساً حتى من منافستها، حركة فتح، قد استسلمت.
لهذا السبب، سارعت الولايات المتحدة ومعظم دول العالم إلى تقديم مباركتها. ومن ناحية أخرى، أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحذيرات قوية مما وصفه بأنه “تقوية الإرهاب” فوافق على بناء 3.300 منزل للمستوطنين بهدف معاقبة الفلسطينيين.
ثمة مرحلة كثيرة المزالق وأصعب بكثير، والتي لم تأت بعد: سوف تحتاج الحكومة الفلسطينية تحت قيادة الرئيس محمود عباس للإشراف على انتخابات وطنية تتسم بالنزاع المرير بين حركتي فتح وحماس، والمتوقع أن تقام في مطلع العام المقبل. ويُنظر إلى إجراء الانتخابات على أنه مسألة حيوية وحاسمة. ففي حقيقة الأمر، لم يكن للفلسطينيين أي رأي في من هو الذي يحكمهم منذ العام 2006، عندما كانت حماس هي المنتصرة. وبعد سنة من ذلك، أقامت حماس وفتح، بعد اقتتال قصير وشرس، إقطاعيات منفصلة في قطاع غزة والضفة الغربية. ولذلك، أصبحت كل من الحركتين في حاجة إلى إثبات شرعيتها من خلال صناديق الاقتراع.
في حال حدث التصويت وفازت حماس مرة أخرى، فيمكن توقع أن تعمد الولايات المتحدة وآخرون إلى مقاطعة الحكومة الجديدة -وسحب المساعدات التي تمس الحاجة إليها- كما حدث في العام 2006. لكن الأكثر ترجيحاً هو أن إسرائيل لن تسمح لهذه الانتخابات بأن تقام من الأساس.
قبل ثماني سنوات، بدأت إسرائيل في الأشهر التي سبقت إقامة الانتخابات موجة من الاعتقالات ضد قادة حماس، في محاولة لإحباط العملية الديمقراطية. كما أملت إسرائيل أيضاً بمنع التصويت في القدس الشرقية المحتلة، التي تعتبرها جزءاً من العاصمة “الأبدية، غير القابلة للتجزئة”. لكن البيت الأبيض -الذي يدرك أن اقتراعاً من دون القدس سوف يفتقر إلى المصداقية- ضغط على إسرائيل لتقبل بإجراء الانتخابات فيها على مضض.
ثمة شيء أكثر غياباً عن الذاكرة أيضاً، هو أن فتح تآمرت بهدوء مع إسرائيل لمحاولة تأجيل الانتخابات الوطنية. فبسبب الخوف من اكتساح حماس الانتخابات، أملت فتح في استخدام التعنت الإسرائيلي في القدس باعتباره الذريعة الضرورية لتأجيل الانتخابات الأوسع إلى وقت يكون أكثر تفضيلاً لمرشيحها.
الآن، أعلن نتنياهو فعلياً أنه لن يسمح بإجراء انتخابات في القدس الشرقية، كما ألمح إلى أنه سيتم منع حماس من المنافسة والمشاركة في الأماكن الأخرى. ويشكل ذلك مفاجأة بالكاد: فقد أنفقت إسرائيل السنوات الثماني الماضية وهي تحاول القضاء على حماس ومسحها من القدس، مستهدفة قادتها بالسجن أو الطرد إلى الضفة الغربية. لكن سلوك فتح منذ العام 2006 وحتى الآن، يشير إلى عقبة أكبر أمام الدخول في المصالحة. والحقيقة أن حماس وفتح دخلتا هذه العملية فقط بدفع من اليأس المتبادل.
هوت عزلة حماس السياسية والجغرافية إلى أعماق جديدة منذ تحول النظام المصري إلى مناصبتها العداء مؤخراً. وبعد أن أصبحت محاصرة من كل الجهات، شهدت حماس دعمها وهو يتآكل مع تفاقم الأزمة الاقتصادية في القطاع المعزول. ويبدو أن إبرام اتفاق مع فتح شكل الطريقة الوحيدة لفتح الحدود.
في الوقت نفسه، كانت مصداقية فتح وعباس قد تقوضت بشكل مطرد بسبب سنوات من التعاون مع إسرائيل -كل ذلك في وقت استمرت فيه المستوطنات بالتوسع- على أمل انتزاع تنازلات بشأن إقامة دولة فلسطينية. ومع وجود القليل لديها لتعرضه الآن بهذا الخصوص، أصبح يُنظر إلى فتح باطراد باعتبارها مقاولاً أمنياً جباناً يعمل لدى إسرائيل.
استراتجية عباس الجديدة -خلق زخم باتجاه إقامة الدولة في الأمم المتحدة- تتطلب أن تؤسس حكومته المستقبلية أوراق اعتماد من الديمقراطية، والتكامل الإقليمي، وتحقيق إجماع وطني خلف الخيار الدبلوماسي.
أما أولوية نتنياهو فلا تقتصر فقط على إبطال الانتخابات، وإنما تشمل إضعاف التزام الطرفين بالوحدة عن طريق معاقبتهما على “وقاحتهما”. وهو يستطيع أن يفعل ذلك بالنظر إلى سيطرة إسرائيل على عناصر الحياة الفلسطينية كافة.
لم تكتف إسرائيل بالبدء مرة أخرى بوفرة جديدة من البناء الاستيطاني وحسب، وإنما بإعلان الحرب على الاقتصاد الفلسطيني، عن طريق رفض قبول ودائع المصارف الفلسطينية بالشيكل، وفرض قطع التيار الكهربائي يومياً وبشكل جماعي على الفلسطينيين لعدم سدادهم قيمة فواتير شركة الكهرباء الإسرائيلية.
عباس، الذي أصبح الآن مسؤولاً عن دفع رواتب عشرات الآلاف من المستخدمين في القطاع العام في غزة كل شهر، سيكون أكثر ضعفاً أمام التهديدات الإسرائيلية بعدم تحويل عوائد الضرائب والجمارك إلى سلطته. وقد ذكرت الأنباء يوم الاثنين الماضي أن إسرائيل كانت تحشد العواصم الأجنبية لضمان اعتبار الرئيس الفلسطيني مسؤولاً مباشرة عن أي صواريخ يتم إطلاقها من غزة.
من جهتها، تواجه حماس فترة لا تقل صعوبة في الأمام. فإذا ما ابتعدت كثيراً في التهرب من إملاءات فتح، سيتوجه إليها اللوم على تدمير اتفاق الوحدة؛ لكنها إذا خضعت كثيراً لفتح، فإنها ستفقد هويتها وتخاطر بأن تتجاوزها الجماعات الأكثر تشدداً، مثل الجهاد الإسلامي.
في ملاحظة لها حول حكومة الوحدة، قالت المحللة السياسية سماح السبعاوي: “إن ما نحتاج إليه أكثر من الوزارات والسلطات هو المقاومة والتحرير”. وسوف تظل حكومة الوحدة -سواء كانت من التكنوقراط أو من المسؤولين المنتخبين- تعمل في إطار القيود والتحديدات التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي”.
في حقيقة الأمر، تتنفس حكومة الوحدة حياة جديدة، ببساطة، في الوهم -الذي خلقته اتفاقات أوسلو قبل عقدين من الزمن- والقائل إن الحكم الرشيد للسلطة الفلسطينية يمكن أن يغير وضع الفلسطينيين إلى الأفضل. وفي الممارسة العملية، انطوى مثل هذا الحكم على الخضوع لمطالب إسرائيل الأمنية، وهو التزام فلسطيني وصفه محمود عباس في الأسبوع قبل الماضي بأنه “مقدس”.
كما تقترح السبعاوي، فإن أي شعب محتل لا يحتاج إلى جمع قمامة أو إنارة شوارع أفضل في المقام الأول، وإنما يحتاج إلى استراتيجية فعالة للمقاومة.
لن يستفيد الفلسطينيون من سلطة فلسطينية تتولى حراسة الاحتلال، إذا ما أصبحت ببساطة “موحدة” أكثر. بدلاً من ذلك، سوف يصبح نضالهم من أجل تحقيق الحرية الحقيقية أكثر مشقة وحسب.

الغد الأردنية

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً