في ذكرى انطلاقتها: جبهة النضال تؤكد أن بوصلة لا تشير إلى القدس مشبوهة بقلم :رشيد شاهين

shello
shello 2012/07/15
Updated 2012/07/15 at 2:14 مساءً

في خضم الهزيمة النكراء التي منيت بها أنظمة الردة العربية، على إثر ما يشبه كل الأحداث عدا الحروب، وبينما كانت وسائل العلام لتلك الأنظمة تبشر بالنصر العظيم ، فيما جيوش تلك الدول تجر أذيال الخيبة والعار، ويبحث من تبقى على ظهر دباباته عن طريق للنجاة، وفيما يبحث الكثيرين عن مفر، كان نفر قليل من أبناء المدينة المقدسة يلملم الجراح، ليبدأ ما أدرك انه حرب طويلة مع دولة باغية عنصرية، نجحت في الإطباق على البقية الباقية من ارض فلسطين، لا بل وزادت على ذلك أن احتلت سيناء والجولان، وكان بإمكانها أن تصل إلى مشارف القاهرة واحتلال عاصمة الأمويين.

في خضم تلك الأحداث التي لا زالت امة العربان تعاني وطأتها، أصرت مجموعة من الشباب في حينه وعلى رأسهم المرحوم شيخ المجاهدين الأستاذ بهجت أبو غربية والدكتور صبحي غوشه والدكتور سمير غوشه، وإبراهيم الفتياني وفضل طهبوب وغيرهم، على حمل لواء المقاومة ضد المحتل البغيض، واستطاعت القيام بشكل مبكر جدا ولم يمض على الاحتلال سوى اقل من الشهر ونصف الشهر، بالعديد من إعمال المقاومة التي ابتدأت بأعمال نضالية شعبية وجماهيرية، لاقت ترحيبا والتفافا مميزا من العديد من أبناء القدس الشريف. كما استطاعت الحصول على بعض مخلفات العساكر الذين تركوا الميدان، لتبدأ بمعركة لا زالت مستمرة منذئذ وحتى اليوم.

وحيث كانت الممارسات الاحتلالية شديدة على المناضلين بشكل عام، من اجل قتل روح الثورة في نفوس المقاومين من أبناء فلسطين، وحيث لم يكن للتنظيم أي امتدادات في الدول العربية كباقي التنظيمات التي بدأت تتشكل بعد الاحتلال خارج ارض الوطن، بعكس تنظيم جبهة النضال الذي انطلق من القدس، فقد تم اعتقال العديد من القيادات الشابة، وتم إبعاد البعض فيما إلى الأراضي الأردنية، حيث بدأت تتشكل الخلايا التنظيمية والتي كانت كباقي التنظيمات عسكرية مسلحة.

وقد قامت الجبهة خلال تواجدها في الأردن ولبنان بالعديد من العمليات العسكرية، كما كان لها امتدادها في الأراضي الفلسطينية ولو بشكل محدود خلال سنوات ما بعد الاحتلال الأولى، إلا أن أثبتت على مدار سنوات عملها فاعلية في مستويات كثيرة، كما انخرطت في جميع مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، وبرغم ذلك، إلا أنها وعندما كانت لا تتفق مع بعض سياسات المنظمة لم تتردد في إعلان موقفها والانخراط ضمن ما كان يعرف بجبهة الرفض الفلسطينية.

تشير المراجع التاريخية إلى أن جبهة النضال هي من بين الفصائل القليلة التي لم ترتبط بسياسات الدول العربية أو بمواقف تلك الدول، برغم أن علاقاتها كانت مميزة مع العديد من تلك الدول وخاصة ليبيا والعراق وسوريا واليمن والجزائر، إلا أنها نأت بنفسها عن الخضوع لأية شروط مقابل ما كانت تتلقاه من دعم مالي أو معنوي، ورفضت أن تكون تحت “جناح أو إبط” هذه الدولة أو تلك، ومن هنا بقيت خزائنها في معظم الأوقات شبه خاوية، وتعتبر لذلك من أكثر التنظيمات الفلسطينية فقرا.

وقد تميزت جبهة النضال بشهادة من واكبوا مسيرتها وخاصة خلال سنوات التواجد الفلسطيني في الأردن ولبنان، وقدمت الكثير من الشهداء والجرحى والأسرى.

بعد ثلاثة أعوام من رحيل الدكتور سمير غوشة، وبرغم أن هذا الرحيل كان مؤلما للتنظيم، إلا أن انتقال الأمانة العامة إلى د. احمد مجدلاني، تم بكل يسر وسهولة، وبدون أية عقبات حيث تم انتخابه بشكل ديمقراطي سلس، وقد اثبت الرجل خلال الفترة القصيرة من توليه للأمانة، انه يحمل كفاءة عالية وقدرة على دفع التنظيم إلى الأمام بشكل علمي وعملي، حيث استطاعت جبهة النضال برغم شح الإمكانيات أن تتقدم خطوات إلى الأمام وخاصة على مستوى الطلاب والجماهير ، بالإضافة إلى مشاركتها في فعاليات المقاومة الشعبية في أكثر من مكان في الأراضي المحتلة.

إن مشاركة جبهة النضال الشعبي الفلسطيني في جميع مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، تأتي على أرضية فهمها للدور الكبير الذي مارسته هذه المنظمة خلال العقود الماضية، منظمة التحرير– بغض النظر عن الهنات أو حتى الخطايا التي حدثت خلال مسيرة المنظمة- التي بدون كل ما قدمه رجالها من تضحيات، ما كان للقضية الفلسطينية أن تتحول إلى قضية وطنية وسياسية، أو إلى قضية ارض استلبتها عصابات الإجرام الصهيوني تحت ذرائع لاهوتية مليئة بالزيف والدجل مسنودة بدعم من قوى الهيمنة والاستكبار العالمي، وربما بقيت مجرد قضية إنسانية وربما لفها النسيان

جبهة النضال التي انطلقت من القدس المغتصبة، لا زالت تعتقد ومن خلال كل ما يصدر عنها من مواقف علنية أو تنظيمية، ومن خلال كل البيانات الصادرة عنها، بما في ذلك بيانها الأخير بمناسبة انطلاقتها الخامسة والأربعون، تعتبر ان بوصلتها القدس التي كانت البدايات منها، وترى ان أي بوصلة لا تشير إلى القدس عاصمة أبدية للدولة الفلسطينية وبدون حق العودة فإنها لا شك انها بوصلة مشبوهة.

فهنيئا لجبهة النضال الشعبي ذكرى انطلاقتها، وهنيئا للجبهة هذه المسيرة التي تبعث على الفخر والتي استطاعت خلالها الحفاظ على الثوابت.

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً