مصر تختبر «الوفاق» الخليجي!

shello
shello 2016/12/08
Updated 2016/12/08 at 10:19 صباحًا

f2cb7a7e-ea6f-4245-8512-7e10a2abf73f
على عكس ما يُجسّده اسمه، يختبر «مجلس التعاون الخليجي» توترات ومُنافسة بين أعضائه، تكشّف بعضها في القمة السنوية الـ37 التي انعقدت في المنامة. وعلى الرغم من أن الزعماء الخليجيين يلتقون في اجتماعات عالية المستوى سنوياً، إلّا أن القمّة السنوية تُمثّل نوعاً من الاتحاد، وفرصة للمجموعة لتجسيد أولويات السياسة المُشتركة، ولكنها في الوقت ذاته، تُلقي الضوء على الانقسامات، التي لطالما كمنت، ضمن «مجلس التعاون الخليجي».
العلاقة بين السعودية والإمارات تُثبت أن «مجلس التعاون» ليس وحدة متراصّة، وإن كان أعضاؤه مُتحالفين استراتيجياً. وعلى الرغم من أنّ الدولتين تُحاربان ضمن «التحالف السعودي» ضدّ اليمن، على سبيل المثال، إلا أنهما على خلافٍ على السبيل الأفضل للتفاوض من أجل إنهاء الصراع. فيما تستمرّ الإمارات في إحراز تقدّم في جهودها الرامية إلى التنوّع الاقتصادي، تبرز أبو ظبي في موقع القيادة، وإن كانت السعودية تُعتبر تقليدياً، حجر الزاوية في المجلس.
ومؤخراً، تحوّلت مصر إلى محل خلاف جديد بين أبو ظبي والرياض. وبعد فترة من العلاقات المتوتّرة، جرى الحديث عن لقاء، بوساطة اماراتية، بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والملك السعودي سلمان، في عطلة نهاية الأسبوع لإصلاح العلاقات. لكنّ اللقاء «فشل بعدما رفض السيسي تنفيذ شروط الملك سلمان وهي الإدانة العلنية للرئيس السوري بشار الأسد، والتعهّد بوقف الدعم للجيش السوري» وفقاً لمصادر مركز «ستراتفور» المقرب من أجهزة الاستخبارات الاميركية.
ينظر الملك سلمان إلى «عناد» السيسي على أنه اهتمام ببقاء الحكومة السورية، أكثر من استمرار المساعدات المالية السعودية. ونُقل عن الملك السعودي انزعاجه من أن القاهرة تُعامل الرياض كـ «صرّاف آلي أكثر منها كحليف». ما عبّر عنه سلمان، ليس بعيداً من الواقع، فللمرة الأولى منذ سنوات، حصلت مصر على مهلة مالية لتحقيق أهداف سياستها الخارجية، بغضّ النظر عن موقف الرياض. ضمن شروط اتفاقها الأخير مع «صندوق النقد الدولي»، يجب على مصر البحث عن مساعدات اقتصادية من مصادر أخرى. وعلى الرغم من أنّ «مجلس التعاون الخليجي» ساهم بالجزء الأكبر من هذا التمويل، ناشدت مصر عدداً أكبر من المُقرضين الدوليين في محاولة لإقامة تحالفات اقتصادية جديدة. وبين صرف الدفعة الأولى من قرض «صندوق النقد الدولي»، والمُساعدات التي حصلت عليها من كل أنحاء العالم، بلغ احتياطي القاهرة من النقد الأجنبي 23.1 مليار دولار في تشرين الثاني الماضي، وهو المستوى الأعلى في خمس سنوات. وفي الوقت ذاته، يُدرك الرئيس المصري أن استقرار بلاده يُمثّل أولوية لدى دول «مجلس التعاون الخليجي»، وأنه، على الرغم من تذمّر الملك سلمان، ستستمرّ الرياض في إنقاذ مصر من ضائقتها المالية.
في الأشهر القليلة المُقبلة، ستدخل قضايا عديدة على خط الأزمة المصرية ـ السعودية، بحيث ستسعى الإمارات وبقية دول مجلس التعاون الخليجي للحفاظ على التحالف مع القاهرة.
في نيسان الماضي، وقّع السيسي اتفاقية تقضي بنقل ملكية جزيرتي تيران وصنافير على البحر الأحمر إلى السعودية، كالتزام مصري باتجاه السعودية. ولكن مع تحسّن الوضع الاقتصادي لمصر، أعاد السيسي النظر في موقفه. وكأولوية، يسعى الرئيس المصري للحصول على الدعم الشعبي من أجل المُضيّ قدماً في الإصلاحات التي اقترحها، بدلاً من استجداء الرياض للحصول على المساعدة الاقتصادية. وكان القضاء المصري حليفاً مفيداً في هذا المسعى، وإن كان عن غير قصد. ومنذ أبطل القضاء الاتفاقية في 21 حزيران الماضي، أجّلت المحاكم المصرية العليا، باستمرار، الحكم النهائي في القضية، الأمر الذي يساعد السيسي على «إغاظة» الملك السعودي واسترضاء الجمهور في نفس الوقت.
وتُمثّل السياسة المصرية تجاه سوريا، فرصة أخرى للقاهرة لـ«تقليم أجنحة» الرياض. ففيما يتقدّم الجيش السوري وحلفاؤه في مناطق سيطرة المعارضة، تجهد مصر لتكون إلى جانب الطرف المُنتصر، وتحديداً مع تلاقي وجهات النظر السياسية بين النظام السوري ومصر في مواجهة الحركات الإسلامية وموقف سوريا الداعم للحكم في مصر. ومع دعمها العلني للحكومة السورية، سواء بالتدريب العسكري المُشترك أو عبر شحنات الأسلحة، ستُثير مصر غضب السعودية أكثر، ما يؤدي، بدوره، إلى إثارة هلع الإمارات.
وفي خلفية رسائل الوحدة والوفاق التي غلبت على قمّة «مجلس التعاون الخليجي»، تستمر الأزمات والمنافسة بين الدول الأعضاء. ومع اختتام القمّة أمس، ستختبر أزمات حسّاسة، مثل مصر واليمن، مدى تماسك «مجلس التعاون الخليجي».
(بتصرّف عن مركز «ستراتفور» للدراسات الاستراتيجية والأمنية)
السفير

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً