يا جماهير شعبنا المناضل :-
تأتي احتفالاتنا في الذكرى الرابعة والثلاثين لانطلاقة جبهة النضال الشعبي الفلسطيني مع دخول الانتفاضة الماجدة شهرها العاشر بزخم جماهيري متواصل ومقاومة متعاظمة ضد قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين، ولتشكل ملحمة من البطولة والفداء على طريق تحقيق أهداف شعبنا بما فيها العودة وتقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس. ان استمرار وتواصل الانتفاضة والمقاومة ضد الاحتلال على مدار العشرة شهور الماضية يشكل دليلا حيا وملموسا على الطاقات النضالية الهائلة التي يختزنها شعبنا، وتعبيرا عن استعداداته الكبيرة لتقديم أعظم التضحيات تحقيقا لأهدافه الوطنية .
لقد أعادت الانتفاضة الباسلة للقضية الفلسطينية مركزيتها في الصراع العربي – الإسرائيلي ، وأكدت للعالم أجمع أن لا سلام ولا استقرار ولا أمن في المنطقة بالقفز فوق حقوق الشعب الفلسطيني ، وأكدت في الوقت ذاته بأن استمرار المناورة والخداع الإسرائيلي بالحرص الزائف على السلام لايمكن القبول به في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي وإفرازاته ومظاهره من استيطان ومصادرة للأراضي وهدم البيوت وحرب الإبادة والحصار والتجويع ، وفي ظل التصلب والتعنت الإسرائيلي وسياساته الرامية لفرض الإملاءات والاشتراطات للوصول إلى تسوية وفق المنظور الإسرائيلي وبما يخدم تلك المصالح .
كما أثبتت الانتفاضة الماجدة فشل السياسة الإسرائيلية القائمة على غطرسة القوة التي لجأت إليها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بخاصة التصعيد الخطير الذي لجأت له حكومة شارون ، حيث بددت الأوهام العقيمة لقوات الاحتلال وقطعان المستوطنين بوأد الانتفاضة خلال أسابيع أو ما سمي بحرب ( المائة يوم ) ، وأكدت للعالم أجمع بأن الانتفاضة مستمرة ومتواصلة طالما بقي الاحتلال والاستيطان .
يا جماهير شعبنا العظيم : ان السياسة الامريكية القائمة على اساس الانحياز الكامل لجانب اسرائيل وتقديم الدعم بكافة اشكاله وصوره ، اضافة الى حالة التردي في الموقف العربي الرسمي، شكلت بمجملها عوامل داعمة لحكومة شارون التي تضم في صفوفها غلاة المستوطنين اضافة الى حزب العمل من اجل الاستمرار في سياستها العدوانية التصعيدية ، ليس على الشعب الفلسطيني فحسب بل تعدت ذلك لتطال لبنان الشقيق والقوات السورية العاملة فيه. حيث يشكل هذا التصعيد مؤشرا خطيرا سيقود المنطقة الى حافة الانفجار ، الامر الذي يتطلب العمل على بلورة استراتيجية وطنية كفاحية شاملة تتناول كافة الابعاد والجوانب الداخلية والعربية والدولية وذلك لمواجهة تحديات المرحلة الراهنة وافرازاتها المستقبلية.
اننا في جبهة النضال الشعبي الفلسطيني نرى ان كفاح الشعب الفلسطيني ليس مقتصرا على شكل وحيد للنضال ، فالانتفاضة والمقاومة للاحتلال يجب ان تترافق كذلك مع التحرك السياسي والدبلوماسي من جهة ، ومع ضرورة العمل على معالجة الوضع الداخلي الفلسطيني من كافة جوانبه الاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية المرتبط بجوهر القضية الوطنية وهو مقاومة الاحتلال من جهة اخرى. ان المرحلة الراهنة باتت تتطلب بالحاح شديد ضرورة اعادة ترتيب الوضع الداخلي الفلسطيني من مختلف جوانبه ، وبما يؤدي الى صيانة الوحدة الوطنية ووحدة العمل والموقف المشترك بين منظمة التحرير والسلطة الوطنية بكافة مؤسساتها ، والمستندة الى موقف سياسي واضح وحازم يخرجنا من الحلقة المفرغة التي تريد بعض الاوساط الدولية والاسرائيلية والعربية الدوران في فلكها وهذا يتطلب التمسك بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة وفي المقدمة منها قراري مجلس الامن 242/338 وقرار 194 ، المتعلق بعودة اللاجئين الى ديارهم ووطنهم .
كما تبرز مهمة عاجلة تتمثل بضرورة قيام القوى الوطنية والديمقراطية والاسلامية بالاضطلاع بدورها ومسؤولياتها سواء في التحديد الدقيق للاهداف المباشرة للانتفاضة او في العمل على مأسستها ، من خلال صوغ برنامج عملي وملموس يوسع من اشكال وفعاليات الانتفاضة ويوسع من زخم المشاركة الشعبية الواسعة من مختلف القطاعات والمنظمات والمؤسسات والقوى ، ويفعل دورها ويطور مهامها ومسؤولياتها على كافة المستويات ، كذلك ضرورة العمل على اعادة تفعيل مؤسسات م. ت. ف وانتظام اجتماعات اللجنة التنفيذية للمنظمة باعتبارها المرجعية السياسية والوطنية العليا للشعب الفلسطيني والعمل على اشاعة مناخ الديمقراطية وحقوق الانسان .
اما على الصعيد العربي ، فلقد عبرت الجماهير العربية وقواها واحزابها عن موقفها من خلال الدعم السياسي والمعنوي والمالي للشعب الفلسطيني وانتفاضته الباسلة على عكس الموقف الرسمي العربي الذي عبر عن هشاشة النظام العربي وعجزه عن التصدي للمهام القومية مما يتطلب ضرورة تحرك فلسطيني واضح لدى كافة الدول العربية والاسلامية من اجل ان ترتقي بمواقفها ومساندتها للانتفاضة الى مستوى المسؤولية وتضحيات شعبنا الذي يدافع عن العروبة والمقدسات الاسلامية والمسيحية ، وعلى هذا الصعيد نرى ضرورة الوصول الى موقف عربي موحد من خلال بلورة استراتيجية واضحة يكون بمقدورها الحفاظ على المصالح الوطنية والقومية وفي المقدمة منها قضية فلسطين ، كما يتطلب العمل ايضا على الشروع الفوري برفع الحصار الجائر عن الشعب العراقي الشقيق ومن اجل وضع كل طاقاته وقدراته في النضال من اجل المصالح العربية والقضايا المصيرية .
اما على الصعيد الدولي ، فان حساسية الاوضاع في المنطقة العربية جراء التصعيد الاسرائيلي ، دفعت بكل من روسيا والاتحاد الاوروبي الى تحركات سياسية نشطة ملموسة مما يتطلب ضرورة استثمارها ومن خلال موقف فلسطيني وعربي ضاغط لاستمرار الجهود الروسية والاوروبية للحد من الهيمنة والتفرد الامريكي من جهة ، ومن اجل المصالح الوطنية لقضيتنا وللقضية العربية من الجهة الاخرى.
يا جماهير شعبنا المعطاء : في ذكرى الانطلاقة المجيدة ، نجدد العهد للشهداء بان نظل امناء واوفياء للمبادئ التي ضحوا من اجلها والنضال من اجل اطلاق سراح كل الاسرى في سجون الاحتلال ونعاهد جماهير شعبنا بان نستمر بنضالنا حتى تحقيق اهدافنا بالعودة وتقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس .
المجد والخلود لشهدائنا الابرار
الحرية للاسرى والمعتقلين
والشفاء العاجل لجرحانا البواسل
وعاشت الذكرى
اللجنة المركزية
جبهة النضال الشعبي الفلسطيني
15/7/2001م