بقلم : همام جمعة أبو مور
عضو قيادة جبهة النضال الشعبي الفلسطيني رفح
تشغل قضية اللاجئين عقل و وجدان كل إنسان وطني حر فهي تشكل مع الأرض جوهر الصراع مع المشروع الصهيوني الاستيطاني، و يمثل مخيم اللاجئين رمزاً لمواصلة النضال الشعبي و استمرارا للكفاح و المقاومة حتى عودة الأرض و عودة اللاجئين.
إن مخيمات اللاجئين المنتشرة على أرض الوطن في الضفة الغربية و قطاع غزة ،و في الشتات في الأردن و سوريا و لبنان تجسد معاناة الشعب الفلسطيني الذي تم طرده من أرضه و تشريده من وطنه على أيدي العصابات الصهيونية التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني أكبر جريمة تطهير عرقي عرفها التاريخ الحديث و المعاصر لتحل النكبة التي سلبت شعبنا أغلى ما يملك .
إن حالة البؤس و الشقاء التي تعيشها المخيمات الفلسطينية و انعدام فرص الحياة الكريمة و العيش الكريم للاجئ و تدهور مجمل الأوضاع في المخيم وعلى كافة الصعد السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية و الصحية و تردي الخدمات المقدمة خاصة من وكالة الغوث الدولية، زادت من معاناة اللاجئ الفلسطيني مما يتطلب من جميع الجهات ذات العلاقة بقضية اللاجئين تحمل مسئؤلياتها و إيلاء المزيد من الاهتمام لسكان المخيمات من اللاجئين و العمل الجاد على دعم صمودهم لأن بقاء قضية اللاجئين و القضية الفلسطينية حية مرتبط بوجود هذه المخيمات صامدة فهي سر بقاء القضية و ديمومة ثورتها حيث تعتبر قضية اللاجئين طليعة العمل الوطني و النضالي و المخيمات راعية الثورة و حاميتها.
الكل يدرك أن قضية اللاجئين في جوهرها قضية سياسية بالدرجة الأولى ولكنها ذات بُعد إنساني لا يمكن بأي حال من الأحوال إغفاله أو التغاضي عنه و لا يوجد أي تناقض في التمسك بقضية اللاجئين و حق العودة و بين تحسين مستوياتهم المعيشية وتحسين الخدمات المقدمة لهم أو ممارسة حقوقهم التي كفلها لهم القانون و كافة المواثيق الدولية، لذا فإن القول بأن تحسين شروط الحياة في المخيمات هو شكل من أشكال التوطين و سيؤدي إلى التنازل عن حق العودة هو قول باطل و غير صائب لا يصدر إلا عن كل من يريد التهرب من تحمل مسؤولياته تجاه اللاجئين و قضيتهم.
إن اللاجئ الفلسطيني أكثر من اكتوى بنار النكبة و أكثر من شعر بالظلم و الاضطهاد و أكثر من يتوق للحرية لذا كان اللاجئون أول من تحمل عبء النضال الوطني وكانت مخيمات اللاجئين معاقل للثورة ترفد فصائل العمل الوطني بالثوار و المناضلين و سيظل اللاجئ و المخيم على الدوام الأحرص على الثورة و القضية و الأكثر تمسكاً بالثوابت الوطنية حتى تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني في العودة و الحرية و الاستقلال.
إن الحفاظ على المخيم عنوان القضية و رمز النضال الشعبي يتأتى من خلال تعزيز الوحدة الوطنية و توحيد كل الجهود على الصعيدين الشعبي و الرسمي الفلسطيني لمواجهة كافة المخاطر و التحديات التي تواجه جماهير اللاجئين في الوطن و الشتات.
فقضية اللاجئين من قضايا الإجماع الوطني و حق العودة حق مقدس لا يملك أحد التصرف فيه أو التنازل عنه، كما أن مسؤولية دعم صمود اللاجئين في مخيماتهم تقع أيضاً على عاتق المجتمع الدولي بمؤسساته المختلفة و المُطالب بتوفير الحماية للاجئين و تحسين ظروفهم الحياتية في مخيماتهم لحين تأمين عودتهم إلى أرضهم و ديارهم التي شردوا منها وفق القرار الدولي 194.
إن الدور الذي لعبته جماهير اللاجئين في المخيمات في مسيرة الحركة الوطنية و دورها في إسقاط كل مشاريع التوطين و حماية القضية الوطنية من كل محاولات الطمس و التذويب و الاحتواء و لم تبخل يوماً بتقديم التضحيات الجسام من شهداء و أسرى و جرحى دفاعاً عن الوطن و الشعب و القضية مما يتطلب من القيادة السياسية لشعبنا ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية وضع قضية اللاجئين على رأس سلم الأولويات و في مقدمة المهام الوطنية و الشروع الفوري في تفعيل دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية و دعم اللجان الشعبية في المخيمات و التحرك بشكل فاعل لتحسين الخدمات التي تقدمها وكالة الغوث الدولية و البدء في معالجة قضايا و شئون المخيم المختلفة ليتمكن اللاجئون من مواجهة أعباء الحياة اليومية و متابعة دورهم النضالي لتحرير الأرض و تحقيق العودة.