بقلم : سحر غوشة
وعبروا .
بهدوئهم الرقيق، وأسرار رحلتهم وصمتنا المشبوه عادوا.
غادروا وحشة المخيم وأحزانه، بقبلة خجلة وغامضة على جبين الأمهات وعبق سر الرحلة، يتدثرون بإرادتهم وعشق البلاد ووشاح العتمة، وعبروا الحدود.
فدائيين اختاروا رحلتهم ومصيرهم، تحملهم قلوبنا ورائحة التوتر، بأجنحة ظلام ليلنا وبعناية كل المشردين وأحلامهم بوعد فجر الانتصار والعودة.
فمن نحن الآن لنقرر عنهم مثواهم الأخير، وأي قوة للانتصار، تمنح أي كائن من كان أن يسرق الأجساد من المثوى الذي اختارته بكل إرادة الحب والبطولة، لاستكمال نشوة انتصار تحقق.
نعرفهم جيدا، لا زلنا نشم رائحة عرق توترهم، ونتلمسه على رقابنا، لؤلؤا، نعرف خلل أسنانهم، وحلم صياغة الحياة، نعرف أسمائهم، وقبلاتهم الضائعة.
وعلى درب خطاهم السرية وهدفهم شحنا البوصلة، مثواهم اتجاهاتنا ، بوصلة تشير جميع إحداثياتها للوطن السليب.
أرقام قبورهم، في وجه الأعداء ، دلالة الثورة ، درب التبانة ، دبنا الأصغر ودبنا الأكبر ، وبرائحة إرادتهم مشينا رحلة العودة .
من نحن لننزع العاشق من أحضان غايته، وننفيه ثانية، لنشوة انتصار.
اهنأ يا سيد اللحظة بسادة الزمان ، وهم يرصفون بدمائهم وعظامهم ووجع الزمان ، رصيفك .
احشر هاماتنا بأكياس رخيصة ، واستعرض ما تشاء وما يشاء لك واكتب ما استطاع المنتصر أن يكتب من التاريخ .
ولكن للتذكر أن من يغادر بهدوء وبقبلة خجلة سيعود .