الصراع الحضاري ضد الهمجية..من أريحا الكنعانية إلى غزّة الفلسطينية
بقلم /محمد دامو –الجزائر
تلقينا ونحن في شتات المنافي رسالة مؤثرة من فرقة الصمود والتصدي الفلسطينية، على جبهة المواجهة الثقافية والحضارية ضد الغزو الهمجي لبلاد كنعان وأهلها العرب المسالمين، الغزو الذي بدأته القبائل العبرانية المتوحشة قبل خمسين قرنا، طمعا في الفوز بالأرض التي تفيض لبنا وعسلا، والاستئثار بخيراتها بعد إبادة أصحابها الشرعيين، وذلك عملا وتنفيذا لوصايا الإله الدموي (يهوه)، كما جاءت في أسفاره التي تفيض حقدا وغلا، إلى شعبه المختار بقيادة يشوع بن نون، الغزو الذي لم ينته فصولا حتى يومنا هذا.
حرب الإبادة التي تشنها اليوم، آلة الدمار الإسرائيلية على غزة الفلسطينية، لا تختلف في شيء عن تلك التي شنها بنو إسرائيل، في عهدهم القديم، على أختها أريحا، أقدم مدينة في تاريخ الإنسانية ،مهد الحضارة والتمدن على وجه الأرض قاطبة .
لقد استعانت القبائل الهمجية العبرية بالعاهرة رحاب، لتتمكن من اقتحام أسوار أريحا ،وتطلّب الأمر من يشوع بن نون أن يتوسل إلى (يهوه) لكي يوقف الشمس في مدارها،ليتمكن جنود الرب الحاقد من إكمال جريمتهم ويقضوا على كل نفس كنعاني حي ..ترى بمن سيستعين جنرالات إسرائيل اليوم، لكي يتمكنوا من زعزعة صمود غزة البطلة، ولمن سيتوجهون طلبا لتثبيت قرص الشمس فوق رؤوس النساء والأطفال الأبرياء، ليتسنى لطائراتهم رصدها وتتمكن صواريخهم من قطفها ؟..
صراع حضاري طويل وقديم، قدم صراع المدنية في مواجهة وحشية القبائل الهمجية، على حدّ ما نقلته إلينا أسفار تاريخ البشرية، والذي مازالت إحدى فصوله تكتب بدماء الأبرياء في فلسطين..تماما كما جرت قبل خمسين قرنا في أريحا، تدور رحاها اليوم على مشارف غزة وفي القلب منها.
فلنصغ إلى صدى الشهامة الناطقة بلغة العزة والكبرياء، القادمة إلينا من جبهة التصدي الحضاري بمواجهة القبيلة الهمجية، علّنا نستخلص منها بعض الحكمة، ونلمس فيها بعضا من خصال أبناء غزة الفلسطينية، في يومهم هذا، الشبيه بيوم أجدادنا العرب، ومحنتهم الأليمة في أريحا الكنعانية ..