حمدان الجعدي: خرق المحرم و… المحظور
بدلاً من التفنن في إبداء المهارة الفائقة لتوسيع شقة الخلاف الفلسطيني-الفلسطيني، كان بمقدور زبانية النظام العربي وأبواق زعيقه على ضفتي الخلافات العربية-العربية، الاكتفاء بتبادل كرة الاتهامات بين معسكري الصراع الوهميين، عرب الاعتدال من جهة وأعراب الممانعة في الطرف المقابل. لكن مثل هذا الطرح، يعاني من الكساد بين الجماهير العربية، لكثرة تكراره الممل، وربما لما يتضمّنه من حماقات مستترة ومكشوفة، للهدف ذاته دائما وأبدا، هو إشغال واستغفال العقل العربي البسيط والمركّب في نفس الآن، وعلى هذا كان لابد من اختراق المحظورات وخرق المحرّمات. من كان يعتقد أن الزمن الرديء سيدور دورته، ليعود حاملاً معه مفاهيم لا تخطر على بال سفيه معتوه، فما بالكم بعربي يجاهد يوميا ويبذل النفس والنفيس، حتى لا يفقد البقية الباقية من عقله، وهو يشاهد على المباشر الأبواق العربانية المسعورة، ممسكة بالجسد الفلسطيني بين فكيها لتعمل في أطرافه النازفة ما أمكنها من نهش وعض وتمزيق؟… نحن على عتبة زمن طغت فيه نذالة السفيه والمدنّس، على حكمة الحليم والمقدس، هكذا بكل بساطة، ليتحول التطاول على منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، الى موقف مبدئي أصيل في عيون الأعراب على اختلاف نحلهم ومللهم، ثم يطلب إلينا تفادي ذكر الحقيقة لننجو من أتون الجحيم ومن مقالب التخوين والتكفير. الكفاح المسلح، المقاومة الوطنية، القرار المستقل، كلها مفردات حيّة، مازالت تتنفس على رنة وصدى بارود الثورة الفلسطينية، بقيادة منظمة التحرير، منذ انطلاقتها وعلى مدار نصف قرن من البطولات والتضحيات والفعل النضالي المجهد والمتواصل، فهل يعقل أن نعتبر كل هذا العمل المجيد، مجرد تمهيد ورصف طريق أمام المزايدات وصكوك الارتهانات في بورصة القوى الإقليمية الناشطة في منطقتنا خلف أدواتها العربية والمحلية؟ وهل يعقل أن يرتد العرب على أعقابهم، فيتجاهلون حقيقة أن منظمة التحرير، هي الوعاء الطبيعي لكل التنظيمات والأحزاب الفلسطينية، باعتبارها القيادة الشرعية للشرعية الثورية، للشعب وللمرحلة في مختلف أشكالها وأطوارها، حتى تحقيق الهدف الأسمى، بإقامة الوطن الفلسطيني المستقل.. هناك مشاريع إقليمية ودولية خطيرة، تترصد الفرصة السانحة لأن تخرج إلى أرض الواقع، والذين يقفون خلف هذه المشاريع يدركون أن تحقيقها لا يتم إلا بإجهاض المشروع القومي العربي. على هذا، فإن ضرب الوحدة الفلسطينية وتفكيك منظمة التحرير، سيكون الخطوة الأولى على مسار إسقاط النظام العربي وإشاعة الفوضى وعدم الاستقرار.. بذلك فقط تنضج الكعكة العربية، ويصبح ابتلاعها أمرًا منتهيا كتحصيل.