محمد علوش: م. ت. ف: نختلف فيها ولا نختلف عليها..
محمد علوش
تشكل منظمة التحرير الفلسطينية ومنذ تأسيسها عام 1964 مرجعية سياسية ووطنية عليا للشعب الفلسطيني، تقود نضاله الوطني وتطلعاته لتحقيق أهدافه في الحرية والاستقلال والعودة، وتجسد قاعدة للإجماع الفلسطيني وفق رؤية وبرنامج سياسي تشكل قواسم مشتركة لكافة القوى والمنظمات المنضوية في إطارها، وبعد تثويرها بالتحاق فصائل المقاومة الفلسطينية إلى صفوفها بعد هزيمة حزيران، وتحمل القيادة الفلسطينية مسؤوليتها الوطنية والتاريخية وانتزاع الاعتراف العربي بها ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني في قمة الرباط عام 1974، والاعتراف العالمي بعد ذلك بحصول فلسطين على مقعد دائم في الأمم المتحدة وفتح ممثلياتها ومكاتبها في معظم بلدان العالم لتتحول المنظمة إلى وطن معنوي ونضالي للشعب الفلسطيني، وحركته الوطنية ورغم كل ما تعرضت له وما واجهته، بقيت المنظمة هي المنظمة بتضحياتها ومواقفها وبرامجها السياسية، ورغم كثير من التباينات في الرؤى والمواقف وافتعال الأزمات أحيانا، لم يخرج أحد لينكر دور ومكانة المنظمة أو ليطعن في شرعيتها وكان شعار الجميع دائما وفي أشد المراحل وفي ذروة الانقسامات والانشقاقات التي شهدتها الساحة الفلسطينية في مخيمات الشتات: ( نختلف فيها ولا نختلف عليها ).
وبعد التصريحات التي أدلى بها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل انطلاقا من العاصمة القطرية ( الدوحة )، كان لا بد من أخذ كل الأمور على محمل الجد وخصوصا فيما يتعلق بالوعد المشعلي لإنشاء مرجعية جديدة وبديلة لمنظمة التحرير التي فقدت شرعيتها وفق تصريحاته العبثية، التي لا يراد منها سوى افتعال المزيد من الأزمات على الساحة الفلسطينية، والمضي في حالة الانقسام وتدمير المشروع الوطني الفلسطيني الذي تجمع عليه مختلف الأطياف الفلسطينية، وقد رفضت كل الفصائل والقوى والمؤسسات والشخصيات الوطنية الفلسطينية هذه التصريحات التي ترددت على لسان السيد مشعل والتي تؤدي إلى المزيد من تفتيت الوحدة الوطنية الفلسطينية، وتعطى فرص جديدة لمن يمضي في التآمر على المشروع الوطني، مشروع منظمة التحرير الفلسطينية، وكنا قد استنكرنا هذه التصريحات بما تحمله من مشروع انقسامي جديد يراد من خلاله تخريب وتعكير وخلخلة البنيان الفلسطيني، وبيت كل الشعب الفلسطيني داخل الوطن، وفي أقطار اللجوء والشتات الذي تكرس ممثلا شرعيا وحيدا للشعب والقضية عبر تضحيات جسيمة ودماء الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من اجل القضية الفلسطينية وشعبها وقرارها المستقل.
منظمة التحرير متعبة ومنهكة وتحتاج إلى إصلاح وإعادة تفعيل وتطوير لدورها السياسي والوطني وهذا مطلب أبنائها قبل أن يكون مطلب من هم خارجها والطاعنين في شرعيتها، وقد تم التوافق في القاهرة بما عرف بإعلان القاهرة لتفعيل وتطوير منظمة التحرير، وفي وثيقة الوفاق الوطني ( وثيقة الأسرى ) كانت هناك دعوات صريحة لاستعادة دور المنظمة، وهذا يتطلب من كافة الفصائل الوطنية وأمنائها العامين، ومن أعضاء اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي ،وأعضاء المجلس الوطني الذين تداعوا في أكثر من اجتماع في عمان وتونس والجزائر وبيروت ورام الله للضغط والبدء بشكل جدي وحقيقي لتطوير وتفعيل دوائر ومؤسسات المنظمة، وان تنتظم اجتماعاتها وفق التخصص، وعلى الفصائل الخارجة عن المنظمة وخصوصا حركتي الجهاد وحماس أن تسارعا إلى إنهاء كل التجاذبات وان تنضما للمنظمة كممثل شرعي ووحيد لانتخاب مجلس وطني جديد داخل الوطن وفي الشتات حيثما أمكن ،وفق التمثيل النسبي الكامل لتستمر المسيرة النضالية لشعبنا تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني.
إن منظمة التحرير الفلسطينية هي الإنجاز التاريخي الأهم الذي تحقق للشعب الفلسطيني، وهذا الإنجاز يستحق بأن يحافظ عليه وبأن تتراكم وتتوحد كل الجهود الوطنية من اجل الإبقاء عليه شامخا وسليما من كل أذى، وقد تجلى هذا الحرص بأروع صوره في العديد من المرات وما زال بالتفاف جماهير الشعب الفلسطيني حول قائدة نضالهم الوطني وحامية الثوابت الفلسطينية، وعلى من يدعو لتشكيل مرجعية بديلة بأن يقرأ التاريخ ليدرك إن كل المؤامرات وكل المحاولات قد فشلت في السابق وتكسرت كل الأوهام المدعومة بأجندات البعض على صخرة ممثلنا الشرعي والوحيد ،وأن يعتبر ويتراجع عن مثل هذه التصريحات والتلميحات التي لن تتحقق بقدر ما تضر بقضية التحرر الوطني والخلاص من الاحتلال وتحقيق الأهداف الوطنية.