لا تفرطوا بنضالات الحركة العمالية الفلسطينية
بقلم النقابي / محمد العرقاوي
كم هي الحركة العمالية الفلسطينية مترهلة إلا أنها لا زالت وستبقى الكفّة الراجحة في المشروع الوطني على اعتبارها أنها تمثل ما يقارب حوالي 60% من نسبة التعداد السكاني في فلسطين. وكم هي الحركة العمالية بنظر الأطراف الأخرى ضعيفة إلا أنها ستعمل حتماً على تقويم الاقتصاد الوطني والمساعدة في تعزز قوامه الوطني والاقتصادي . من هنا فإننا في الحركة العمالية ذات السواد الأعظم. هذه القوى التي تعكس الوجه الحقيقي لانعكاسات اجتماعية واقتصادية منسوجة بخيوط سياسية وثقافية متينة وصلبة . ونحن لا نقول هذا الحديث اعتباطاً بل إننا نسترسل في هذا الحديث مستندين إلى الامتداد التاريخي لعمال فلسطين منذ عام 1910 ومنها لعام 1925 وحتى عام 1945 ومن ثم عام 1948 وعام 1937 وعقد السبعينات والثمانينات وانفراجها في التسعينات ووصولها إلى ذروتها بعد هذا الفاصل التاريخي بعد كل هذه المحطات التاريخية . هذه الحركة التي قدمت ولا زالت تقدم التضحيات ولا زالت تتبوأ موقعاً مهماً لها في الحركة النضالية التحررية والوطنية في فلسطين والشتات . وها هي تزرع كواكبها وامتداداتها في مختلف دول العالم . من الشرق حتى الغرق ومن الشمال إلى الجنوب . ودون حياء نقول بان الاتحاد العام لعمال فلسطين استطاع أن يرسم الصورة الحقيقية لنضالات هذه الطبقة العاملة الشريفة والمناضلة والمكافحة . وتمكنت فروع هذا الاتحاد المناضل من خلال كوكبة من العمال الشهداء منهم والأحياء المتقاعدين منهم والفاعلين أن توصل الرسالة الفلسطينية بأبهج صورها وأنقى قنواتها إلى العالم واستطاعت أن تلهب مشاعر وسياسات الاتحادات الدولية والعربية والإقليمية وتوجه البوصلة بشكل متوازن وفاعل وحقيقي إلى القضية الفلسطينية وأبعادها النضالية والوطنية والتي تستند إلى ثوابتها الوطنية التي تعمل تحـت إطار الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني وهو منظمة التحرير الفلسطينية . من هذا المنطلق وتحت إطار هذه المعطيات فإننا نسأل أنفسنا هل يجوز لأي من كان أن يضيع هذا التاريخ وهذه النضالات وهذه المكانات لهذه الحركة ؟؟ وهل من حقنا أن نهضم حق كل من قام وساهم في رسم هذه الصورة المشرقة للطبقة العاملة الفلسطينية ؟ . وبالفعل الإجابة يجب أن لا تغفل كل ما سبق ذكره. وعلى أساسه فإننا نقول لا يجوز لأي فينا أن يقوم بدفن هذه الذكريات الحية لهذه الطبقة العاملة الفلسطينية صاحبة الباع الطويل في البناء الوطني وعلينا أن ندرك تماماً بأن أهي انقاص من حقها سيكون في مصلحة الإمبريالية الجديدة وسيكون حتماً في خدمة أعداء مشروعنا الوطني . وما أحوجنا إلى أن نكون موحدين تحت مظلة هذه الحركة العمالية وما أشدنا حاجة إلى التمسك بثوابت من سبقونا في النضال النقابي لكي نصل معاً ونحقق الحدود الدنيا من طموحات أبنائنا العمال الفلسطينيين الكادحين . وليس من حقنا أن نعمل على وضع هذه الشريحة الكبيرة في ملفات النسيان وعلى رفوف الإهمال وعدم المتابعة. وإلا ما ذا نفسر رزوح أكثر من ثلاثمائة ألف عامل تحت طائلة البطالة التي باتت تستشري في سوق العمل الفلسطيني ! وإلا ما ذا نقول لحكوماتنا المتعاقبة التي لم تقدم الشيء اليسير لهذه الفئة والشريحة الواسعة . خاصة وأن حكوماتنا هذه تدعي بأنها تبني الاقتصاد ولكنها تبنيه دون الرجوع والاهتمام بشريحة لها ثقلها في الإنتاج وبدونها لم يتحقق أي تقدم اقتصادي وبالتالي ستحرم هذه الفئة من حقها الاجتماعي خاصة وأنهم يعيشون في أجواء يسودها الكساد وضياع الحماية الاجتماعية ومؤهلات العمل اللائق . بل على العكس تماماً أصبحنا نشاهد قوافل هذه العمالة المتعطلة تنجرف إلى حافة الهاوية التي يملؤها الفقر الذي يمثل المستنقع الاجتماعي الذي أصبح عمالنا يغرقون فيه . وهذا ما يقودنا إلى التساؤل عن الخطط التنموية التي يتم إعدادها هل تم وضع العمال المتعطلين في حسابات هذه الخطط وتلك الاستراتيجيات التي نسمعها كل يوم من الحكومة أو من بعض المؤسساتي التي تجعل من نفسها وصية على هذه الشريحة القوية اليائسة والمتينة الضائعة ؟ . خاصة وأنه تطل علينا يومياً مؤسسات ترفع شعار محاربة الفقر والبطالة. وهل الندوات واللقاءات هي كفيلة بحماية العامل من الذل والهوان ؟ أم إن الإعلام الذي يهمش عمالنا هو من سيأخذ بأيدي عمالنا إلى شاطئ النجاة ؟ . من هنا فان علينا جميعاً أن نلزم الحكومة وعبر قنوات الضغط المختلفة في إرساء كافة أشكال الحماية الاجتماعية والعمل على إعداد خطة مستدامة للتنمية وليس العمل على الإسراع على إرسال المساعدات الوضعية وذات المفعول البطيء والقصير . وعلينا إعداد واستصدار التشريعات الكفيلة بإرساء معالم الثبات لعمالنا سواء التشريعات الوقائية أو التشريعات العلاجية أو التشريعات التعزيزية أو القوانين التي من شأنها أن ترفع من وتيرة الحياة الكريمة لعمالنا وأطفالنا ونسائنا وشيوخنا . وان الحكومة وكل المؤسسات الشعبية وغير الرسمية والفصائل والقوى والأحزاب السياسية والمجتمعية والنقابية بشكل خاص مطالبة الآن بالعمل معاً وبجدية مطلقة بعيدين عن التجاذبات السياسية والفئوية والحزبية والعرقية والدينية وتلتفت إلى المصلحة العمالية الوطنية من أجل بناء مجتمع متكامل يحمي كافة شرائحه وألوانه من غول النظام الاقتصادي الحر والمطلق ومن تداعيات الثورة الصناعية التي باتت تعمل على تعزيز النظام الرأسمالي والخصخصة على حساب الفرد والمواطن الفلسطيني
محمد العرقاوي
Mohammed_yahya2007″yahoo.com