غزة مركز حضاري منحت ارض كنعان اسمها ..فلسطين

2009/02/28
Updated 2009/02/28 at 11:14 صباحًا

غزة مركز حضاري منحت ارض كنعان اسمها ..فلسطين

محمد دامو 
المعروف أن سكان غزةالفلسطينيين”  هم الذين أطلقوا اسمهم  على أرض الكنعانيين العرب أو بلاد كنعان، بعد استفحال هجمات القبائل العبرانية على الجانب الغربي لنهر الأردن، فما هي القصة بحسب أسفار التاريخ القديمة؟
كانت مدينة غزة التاريخية تحتل مركز الصدارة الاستراتيجي على طريق تجارة البخور واللبان، فضلا عن كونها مركز حضاري يطل على البحر الأبيض المتوسط كهمزة وصل بين الحضارات القديمة، الشرقية منها والغربية، منذ أن برزت مدنيات بابل ،اشور، ومصر الفرعونية وحتى الحضارة العربية الإسلامية، مرورا بمدنيات الإغريق،  الروم ،والرومان.
 
بعد وقوعها ضمن الحدود الرومانية في زمن القيصر، تحوّلت غزة إلى مركز إشعاع متوسطي تحت الحكم البيزنطي، لكن الأطماع الفارسية عادت لتحوم حولها باعتبارها محطة استراتيجية في مخطط الدولة الاخمينية، ودولة الأكاسرة من بعدها، فاحتلت المدينة خلال حملتها على بلاد الشام عام 618 ميلادية، وكانت الحرب الضروس قد عادت لتشتعل من جديد بين ملك الملوك الفارسي وعدوه اللدود الإمبراطور البيزنطي، لكن هرقل عاد وألحق الهزيمة ببلاد فارس حتى وصل عاصمة أنوشروان واحتل المدائن، ولم يغادرها إلاّ بشروط من بينها استعادة بلاد الشام، وألحق القطاع وعاصمته غزة من جديد بالامبراطورية البيزنطية في العام 629 .
 
وكان على غزة انتظار ثماني سنوات قبل أن تستقبل طلائع الفاتحين العرب في مطلع العام 637 وتعود بذلك إلى جذرها العربي الأصيل الذي استمرت عليه حتى يومنا هذا.
 
تذكر كتب المؤرخين القدامى أن مدينة غزة ظهرت كمركز حضاري في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، وكان سكانها الفلسطينيون بمثابة العائق المتصدي للهمجية العبرانية التي انصبت على الكنعانيين سكان الداخل الفلسطيني وأبناء عمومة أهل الساحل الفلسطيني من أصول تعود لشعوب البحر، وتربطهم أواصر القربى أيضا بعرب الجنوب سكان النقب وجواره. وقد اتحد الجميع في وجه الهجمة العبرانية، فانصهروا وأصبحوا شعبا واحدا متحدا يسكن أرض فلسطين التاريخية.
 
هذا ما يقوله الرب (يهوه) بسبب خطايا غزة ثلاثا ورباعا، فإن إرادتي لن تنكسر لأنهم أخذوا منكم أسرى وسلّموهم إلى أدوم، لذلك سأرمي أسوار غزة بالنار لكي تلتهم القصور…”.
 
هذه الأيات الحاقدة الواردة في أحد أسفار الحقد التوراتي، أوحى بها (يهوه) إلى الكاتب العبراني في مطلع الألفية الثالثة قبل الميلاد، وبالتالي لا علاقة لها بما يجري في مطلع الألفية الثالثة بعد الميلاد، وتحديدا ما تعرضت له غزة الفلسطينية من تدمير وحشي، كما لو كان تنفيذا لأمر الإله (يهوه) الحاقد.
 
وتستمر التوراة في ذات السفر على لسان الوحي اليهووي: ”سأبيد أهالي أسدود وعسقلان وحاملة الصولجان (غزة) وأضع دي على عقرون، فيختفي بقية الفلسطينيين، هكذا يقول الرب (يهوه ”.
وبهذا يختتم الكاتب العبراني سلسلة أحلامه الحقادة،معبرا  عما كان شيوخ القبائل العبرانية يتمنونه لخصومهم الفلسطينيين،الذين كانوا يشكلون على الدوام العقبة الكأداء في وجه شعب ( يهوه ) المحتار في أمره.

  وإذا كان القسم الأول من الوحي المزعوم الذي يتحدث عن الأسرى، وضرب أسوار المدينة الآمنة وقصورها بالنار، يعيد إلى الأذهان حادثة الجندي الإسرائيلي الأسير (جلعاد شليط)، فيما آلة الحرب الإسرائيلية مستمرة في حصار قطاع غزة الصامد، الأمر الذي قد يجد الارتياح المطلوب لدى جنرالات إسرائيل وساستها، فإنه من غير المتوقع أن يعترفوا ببقية الدعاوى الموحى بها، والتي تتحدث عن قطاع غزة التاريخي وعن إبادة أهله بالجملة، خاصة وأن القطاع انكمش في وقتنا هذا بحيث انحصر في جزء صغيرمن الفضاء الذي  كان يضمه تاريخيا من مدن وقرى، مثل: عسقلان وأشدود، وعقرون التي أصبحت (إسرائيلية) منذ أن سلختها عصابات (الهاغانا) الصهيونية عن القطاع الفلسطيني المنكوب عام 1948 .

 السّلخ الذي تعرضت له كل أنحاء فلسطين لصالح الدولة العبرية، طال قطاع غزة التاريخي أيضا، فأصحبت مدن: عسقلان وأسدود وبير السبع إسرائيلية لمجرد نطق حرف السين شينا وتشويهات أخرى في النطق واللفظ: أشكالون، أشدود، وبير شيفا..
 
هكذا هي حال عملية تهويد فلسطين المستمرة حتى يومنا هذا، والتي لا يمكن فهم ما يجري اليوم من عمليات تهويد تطال الخليل، نابلس، بيت لحم و..خاصة مدينة القدس اليبوسية العتيقة ، زهرة المدائن ،وعاصمة فلسطين الأبدية.

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً